دكتور حسين عبد الله هاشم يماني (جمعية القلب السعودية) : كنت نائماً وإذا بجرس التليفون يدق عند الساعة الثالثة صباحاً فأستيقظت مذعوراً وسألت نفسي ياترى من يكون المتصل في هذا الوقت المتأخر من الليل وأنا لست مناوباً هذا الإسبوع... ورفعت السماعة.



فإذا بصديق يكلمني من إسعاف المستشفى التي أعمل بها وفي صوته نبرة خوف وقلق. ويناديني: تعال يادكتور وأنقذ زوجتي إن قلبها يرتجف ويدق بسرعة رهيبة ويكاد أن يخرج من صدرها. حاولت أن أهدئ من روعه وتحدثت لطبيب الإسعاف للإطلاع على الموضوع وإعطائه بعض التعليمات إلى أن أصل وفي أقل من ربع ساعة كنت وصلت إلى الإسعاف حيث المريضة زوجة صديقي. فإذا بي أفاجاء بأن عدد كبير من العائلة يرافق المريضة وفي حالة توتر وقلق، وتحدثت الى زميلي طبيب الإسعاف وذهبنا سوياً لرؤية المريضة التي كانت في حالة عصبية وتوتر شديدين وفجأة دخلت علينا والدتها وأثنين من إخوتها وخالتها كل يريد أن يدلي بدلوة. وسرد قصة ماحصل في نفس الوقت تقريباً رغم أنني لم أسأل أحد منهم بل أنني فوجئت بحضورهم خلال رؤيتي للمريضة وتهيئتها للفحص الإكلينيكي. فطلبت من الجميع مغادرة المكان وأبقيت الممرضة وطبيب الإسعاف. ونظرت الى السيدة فتبين لي شدة عصبيتها وأرتعاش يديها وقليل من الجحوظ في عينيها رغم أن رقبتها تبدوا طبيعية ولايوجد تضخم في مكان الغدة الدرقية. ثم قمت بفحص النبض الذي بدى لي سريعاً جداً وغير منتظم أما باقي الفحص الإكلينيكي السريري فلم يظهر أي علامات مرضية أخرى.

نظرت إلى تخطيط قلبها وشاهدت عدم أنتظام في ضربات القلب وظهور أرتجاف أذييني سريع. تحدثت مرة ثانية للمريضة وأخبرتها أن مشكلتها يمكن حلها ولا ينبغي لها أن تنزعج خاصة أنها ليست مصاحبة بألم في الصدر أو ضيق في التنفس وأن وضعها الصحي العام مستقر وطلبت من فريق العمل التحرك بسرعة وتم أعطائها علاجاً بالوريد ساعد في خفض النبض إلى سرعة معقولة رغم وجود الأرتجاف الأذييني.


- قالت السيدة: يادكتور أشعر بتحسن كبير وكأنني طبيعية.

- قلت نعم: لقد تم التحكم في سرعة النبض لكن يجب إدخالك المستشفى لمراقبة النبض وعمل بعض الفحوصات اللازمة لمعرفة سبب هذا التسارع والأرتجاف الأذييني.

- قالت السيدة: ألا يمكنني الذهاب إلى البيت والحضور لعمل الفحوصات اللازمة وأنا خارج المستشفى.

- قلت لها: يجب علينا أعطائك بعض الأدوية التي تزيد من سيولة الدم كما أننا نرغب في ملاحظتك ملاحظة دقيقة ونود معرفة سبب الأرتجاف الأذييني.


أقتنعت المريضة. وتم أدخالها المستشفى وبعد عدة أيام وبعد ظهور الفحوصات اللازمة أتضح أن السيدة زوجة صديقي تعاني من إزدياد نشاط الغدة الدرقية وتم أعطائها العلاج المناسب وقد أنتظم نبضها وأنتظمت سرعته. وقبل خروجها من المستشفى سألتني السيدة هل تم التأكد من أنني لاأعاني من مرض بالقلب؟


- قلت : صحيح إن مثل هذه الحالات قد تصاحب كثيراً من أمراض القلب العضوية وخاصة روماتيزم القلب المزمن وأمراض الصمامات وتصلب الشرايين وقصور الدورة التاجية. لكن كثير من الحالات تحدث لأسباب مرضية خارج القلب كنشاط الغدة الدرقية والألتهاب الرئوي والإلتهاب للغشاء المبطن للقلب وفي بعض الأحيان تحدث مثل حالتك في قلوب طبيعية تماماً ودون سبب آخر عضوي. قد يعجل بحدوثها الإنفعال النفسي وزيادة شرب القهوة والشاي والتدخين وأضطرابات الجهاز الهضمي.

- قالت السيدة : وهل يمكنني الإطمئنان على حالتي يادكتور وعدم تكرار مثل هذه الحالة مرة أخرى.

- قلت لها : قد ترجع الحالة مرة أخرى، لكن إذا واظبت على أخذ علاج الغدة الدرقية مع علاج ضبط ضربات القلب. وأبتعدت عن الإنفعالات والتقليل من شرب الشاي والقهوة فإن النبض سيستمر طبيعياً لمدة سنوات أو تتباعد حدوث مثل تلك الأزمات.

- قالت : أليس من الممكن أن يحدث هبوط بوظيفة القلب نتيجة لسرعة النبض.

- قلت : أبداً فالقلب الطبيعي في معظم الأحوال يستطيع أن يتحمل سرعة النبض لفترات طويلة جداً بدون أي آثار على القلب أو الدورة الدموية. وفي خلال هذه الأثناء دخل زوجها إلى الغرفة وشكر العاملين ممن بذلوا وقتهم وصحتهم لأجل صحة المرضى. وغادر هو وزوجته المستشفى مستوعبين كل ماقيل ومقرريين أتباع تعليمات الطبيب ونصائحة والإنتظام في مراجعة الطبيب حسب المواعيد.