هذا غيض من فيض أساليب الاختطاف التي مُني بها تعليمنا العام والعالي منذ عقود، ولو أنه في الآونة الأخيرة أُعيد ترتيب بعض من مساقاته؛ إلا أنه مع خالد الفيصل سيعود في التعليم العام كاملاً رُغم مواجهات خفافيش الظلام..



الماذا ندُّس رؤوسنا في التراب عندما تكون الجُرأة في الطرح هي الكاشفة لحقيقة أن تعليمنا كان مُختطفاً من قبل فئة نصبَّت نفسها وصيِّة على كل شئونه؟ لماذا تواجه الشفافية بكيل من الاتهامات غير الموضوعية ونحن من عشنا وعايشنا –قولاً وممارسة– هذا الاختطاف الذي أدى إلى مُنتجات ذات بُعد إقصائي إلا من رَحِمَ الله؟ مَنْ يستطيع أن يُنكِر الأُحادية التي جثمت على التربية رَدحاً من الزمن، وكانت القاسم الذي لا يقبل القسمة على اثنين؟

أسئلة سبقتها إجاباتها من خلال اجترار الماضي المؤلم الذي حصد زهرة بعض شبابنا نتيجة اعتناقهم لأفكار مُعلمين وبرامج لا تعترف إلا بمبدأ فرعونلا أُريكم إلا ما أرى” الأمر الذي أدى إلى نشوء لوبيِّات –إن صح التعبير– تحكمها توجهات متماثلة، وتحمل رؤى اقتنعوا بها ودَعَمَهُم فيها إما نفوذهم لتحقيق مآربهم تارة، أو سطحية التفكير لأتباعهم تارة أخرى؛ مما أدى إلى انحراف التعليم من كونه غاية تسعى لضبط توجهات المُجتمع ككل إلى أجندة خفيِّة يحُّثُ الخُطى لتحقيقها أناسٌ رأوا بثاقب بصيرتهم المُحدودة أنهم يقومون بعمل يخدم الأمة ويُعيد أمجادها المسلوبة، ولكنهم لم يعووا أنهم بَعدوا عن المسار الصحيح بُعد الثرى عن الثريا.

لن أُطيل في التأطير لهذا الاختطاف الذي لا تُحْجَب تداعياته السلبية غرابيل الحماسة الجوفاء التي انبرى لها فلول قادته في السابق بعد تصريح الوزير الجريء الأمير خالد الفيصل الذي وضع بمبضع الطبيب الماهر يده على واحد من الأسباب الجوهرية التي سببت انكفاء المُجتمع على ذاته، وقطعت وتيرة التواصل الإيجابي مع مثيلاته –علاقة النِّد للنِّد– بل جعلت منه تابعاً لا متبوعاً ومتأثراً بسلبياتها لا مؤثراً فيها؛ نتيجة عدم امتلاكه للأدوات التي تُمكِّنه من القيام بهذا الدور المحوري الذي يجب أن يمتلكه أي نظام تعليمي مفتوح، فإليكم بعض أساليب الاختطاف:


1- المنهج الخفي الذي أسس لمسار تعليمي داخل قاعة الدرس بعيداً عن الرقابة الخارجية وفي غياب الرقابة الذاتية، وتسلل من خلال مُفرداته الأفكار المُناهضة للنظام المُعتمَد، وتسربت بفعل محدودية الوعي لدى الطلاب ويقابلها قدرة المعلمين على امتلاكهم لمهارات التأثير أفكار أدت إلى اعتناقهم لسلوكيات بعيدة كل البعد عن المأمولة من التعليم.

2- الأنشطة والمُخيمات اللاصفيِّة التي صُممت بهدف نقل المعرفة المُجردة إلى ممارسة تطبيقية، إضافة إلى إكسابهم لمهارات الحياة التي تتفق مع ما يواجهونه من مواقف في حياتهم العامة، ولكنها للأسف الشديد خرجت هي الأخرى عن أهدافها واستُغِلت لتمرير المزيد من الأفكار التي لم تتسع لها حُجرة الدرس، ووجد القائمون عليها فرصة سانحة –خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أنها مدعومة مالياً من الدولة–.

3- تعطيل الابتعاث الخارجي بعد عودة طلائع الابتعاث الأولى في التسعينيات الهجرية بأفكار تُعرِّي تعاطيهم مع كثير من الإسقاطات التي أسسوا لها؛ لأنهم رأوا أن مثل هذا الفكر القادم من ”دِيار الإفرنجة” يُهدد قيم ومبادئ المجتمع، ويؤدي إلى تغريبه وانسلاخه من ثقافته، وهم مُحقون في ذلك؛ لأنهم متأكدون تماماً من غرسهم الأحادي الذي زرعوه في بنات أفكار أتباعهم المُغرر بهم.

4- مناداة قادة هذا الفكر للتقليل من فتح الأقسام والكليات التي تُدرِّس العلوم الدنيوية –على حد تعبيرهم– في الجامعات، والتوسع في العلوم الشرعية التي تُعَّدُ الأصل وغيرها فرع، ومع إيماني التام بأهمية وجود العلوم الشرعية وضرورة الوسطية في تدريسها سواءً أكان ذلك في التعليم العام أم في التعليم العالي؛ إلا أن الانتقاص من العلوم الأخرى يُرسِّخ إقصاءً مُتعمداً لا يُمْكِن أن يُفسَّر إلا هكذا.


هذا غيض من فيض أساليب الاختطاف التي مُني بها تعليمنا العام والعالي منذ عقود، ولو أنه في الآونة الأخيرة –وبعد تكشُّف الأقنعة– أُعيد ترتيب بعض من مساقاته؛ إلا أنه مع خالد الفيصل سيعود في التعليم العام كاملاً رُغم مواجهات خفافيش الظلام وأرباب المصالح الممكيجة.

المصدر : زارة التربية والتغلين (وات WAT)