[BIMG]http://www.dd-sunnah.net/images/Image/db6ce5d77a0b5549289f5e650facdf89.[/BIMG]

مصدر إيراني: خامنئي يريد وضع حد لتحركات رفسنجاني.. والصدام بينهما محتمل
أضيف في :23 - 7 - 2009


هاجم المحافظون في إيران بشدة دعوة الإصلاحيين لإجراء استفتاء شعبي حول نتائج الانتخابات الإيرانية، ووصفوا المقترح الذي تقدم به محمد خاتمي الرئيس الإيراني السابق وأحد أبرز وجوه الإصلاحيين، بأنه «مؤامرة غربية» تهدف إلى إشاعة مزيد من «الفوضى». ويأتي ذلك فيما تظاهر أمس الآلاف من الإصلاحيين في ميدان «هفت تير» بوسط طهران احتجاجا على نتائج الانتخابات التي جرت في 12 يونيو (حزيران) الماضي، مرددين «الموت للدكتاتور» و«أحمدي نجاد.. استقل.. استقل». وقال شاهد عيان إن شرطة مكافحة الشغب الإيرانية اعتقلت عشرات من المحتجين من مؤيدي الإصلاح في وسط طهران. وأضاف: «كان رجال شرطة مكافحة الشغب يقتادون عشرات من المحتجين إلى داخل العربات ثم يبتعدون»، مشيرا أيضا إلى أن شرطة مكافحة الشغب الإيرانية اشتبكت مع مئات من المحتجين. وقال الشاهد لـ«رويترز»: «كان هناك المئات من شرطة مكافحة الشغب ورجال الشرطة السرية يوسعون الناس ضربا ممن تجمعوا لتأييد زعيم المعارضة مير حسين موسوي». وفيما زال الوضع السياسي متوترا في إيران بعد الانتخابات، فإن الأوضاع زادت توترا بعد خطبة الجمعة التي ألقاها رئيس مجلس الخبراء علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وقال فيها: إن «إيران في أزمة»، موضحا أن هناك حلا يبحثه مع أعضاء مجلسي تشخيص مصلحة النظام والخبراء. ولم تظهر مقترحات رسمية بعد من قبل الإصلاحيين، إلا أن خاتمي دعا، أول من أمس، لإجراء استفتاء شعبي على نتائج الانتخابات، مما أثار غضبا شديدا بين المحافظين في إيران، فيما بحث رفسنجاني الأزمة مع كبار آيات الله في مدينة مشهد، وهو ما أثار استياءً شديدا لدى خامنئي، بحسب ما قال مصدر إيراني إصلاحي لـ«الشرق الأوسط»، موضحا أن خامنئي يريد أن يضع حدا لتحركات رفسنجاني استباقا لأي مقترحات من قبل الإصلاحيين حول الأزمة الحالية.

وكان خامنئي قد حذر، أول من أمس، من أي إجراءات يمكن أن تزعزع استقرار الدولة الإسلامية التي أقيمت قبل 30 عاما. وتابع خامنئي: «إن أي شخص، مهما كانت رتبته أو لقبه، لن يلقى سوى استياء الناس إذا ما قاد المجتمع نحو عدم الاستقرار». وأضاف أن «على قادتنا التيقظ. وأي كلمة أو عمل يساعد (الأعداء) سيكون ضد مصالح شعبنا». وكرر خامنئي، الذي يتولى السلطة منذ 20 عاما، مرة أخرى اتهاماته لدول غربية بالتدخل في الأحداث العنيفة التي أعقبت الانتخابات، والسعي لزعزعة استقرار إيران. وفهمت تعليقاته على أنها موجهة إلى رفسنجاني تحديدا. وكان رفسنجاني قد قال في خطبة صلاة الجمعة إن النظام فقد ثقة الشعب وإن البلاد تعاني من «أزمة». وقال: «هذه أوقات مريرة. لا أعتقد أن أي شخص من أي طرف كان يرغب في ان تصل الأمور إلى هذا الحد».

وقال المصدر الإصلاحي لـ«الشرق الأوسط» إن خامنئي يريد بتصريحاته هذه أن يضع حدا لتحركات رفسنجاني. وأوضح المصدر، الذي لا يستطيع الكشف عن هويته بسبب حساسية الأوضاع في إيران: «خطبة رفسنجاني يوم الجمعة شكلت أكبر تحدٍ لخامنئي منذ الأزمة، فكل ما قاله خامنئي في خطبة الجمعة، تحدث رفسنجاني بعكسه. يمكن القول إنه في هذه الأزمة لم يتفقا سوى على شيء واحد وهو العمل عبر مؤسسات النظام، ومن خلال القوانين، لكن أهدافهما مختلفة تماما. خامنئي يريد إغلاق ملف الانتخابات وتثبيت أحمدي نجاد، ورفسنجاني يريد إعادة بحث كل ما حدث وإجراء تحقيق، ومحاولة إقالة أحمدي نجاد. ربما الصدام لم يقع بعد بين خامنئي ورفسنجاني، لكنه قد يقع خلال الأسابيع المقبلة».

ولفت المصدر الإيراني إلى أن تحركات رفسنجاني السياسية تقلق المرشد الأعلى والمجموعة القريبة منه بسبب تأثير رفسنجاني على مؤسسات نافذة في النظام وشبكة علاقاته الواسعة مع كبار آيات الله في إيران. وكان لافتا أن رفسنجاني توجه قبل أيام إلى مدينة مشهد الإيرانية، التي تعتبر العاصمة الدينية لإيران، وثاني أهم مدينة من ناحية التأثير بعد قم، وبها قبر الإمام على الرضا، ثامن أئمة الشيعة. وقال المصدر الإيراني إن رفسنجاني بحث مع آيات الله في المدينة الأزمة السياسية في إيران، موضحا أن هناك توجها لصدور بيان من آيات الله الكبار في إيران حول تصريحات آية الله محمد يزدي بأن «شرعية الحكومة مستمدة من الله لا من الشعب». وأوضح المصدر الإيراني: «لم يدعم خامنئي تصريحات محمد يزدي بشكل علني لأنه يعرف أن هذا الموقف قد تدعمه أقلية من آيات الله. الغالبية العظمى، كما تعرف تعليمات الإمام الخميني، تعتقد أن شرعية الحكومة من الشعب، ولهذا كانت الانتخابات». والتقى رفسنجاني في مشهد آية الله مكارم شيرازي، وآية الله كلبيكاني، ورئيس السلطة القضائية محمد هاشمي شهرودي، وعددا آخر من آيات الله، حيث بحث معهم التطورات السياسية. وكانت مشهد من المدن الإيرانية التي شهدت تظاهرات مؤيدة لموسوي بعد الانتخابات.

إلى ذلك انتقد رئيس تحرير صحيفة «كيهان»، كبرى الصحف المحافظة في إيران، حسين شريعتمداري، في افتتاحيته أمس، مقترح خاتمي إجراء استفتاء شعبي حول نتائج الانتخابات. وقال شريعتمداري «من خلال اقتراح تنظيم استفتاء، يواصل هؤلاء جزءا آخر من السيناريو الذي أعد سلفا من قبل الغرب للتآمر» على النظام الإيراني. وأضاف: «إن دورا مثل هذا السيناريو هو تأجيج التوتر. وهو أمل لن يتحقق لأصدقاء خاتمي.. واقتراحهم غير قانوني وغير عملي». وتابع أن هذه التحركات ستكون نتيجتها «عاصفة كبيرة ستجرف هؤلاء المنافقين الجدد».

كما رفضت صحيفة «خبر» المحافظة كذلك فكرة إجراء استفتاء. وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن «مثل هذه الاقتراحات المثيرة للجدل، ورغم قبولها لدى المحتجين، تتحدى أساس النظام».

وأضافت أن «إجراء استفتاء سيخلق تحديات لا يمكن لبلادنا أن تستوعبها، وسيثير المزيد من الاضطرابات بدلا من بناء الثقة».

من ناحيته، اتهم إسماعيل أحمدي مقدم، قائد الشرطة في إيران، المعارضة الإصلاحية بـ«التحريض على الفتنة» عقب الانتخابات المتنازع على نتائجها، وقال إن قواته ستتحرك بقوة لأعمال القانون.

ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرسمية (إرنا) عنه قوله في مدينة مشهد الشمالية الشرقية «ترفع هذه المجموعة شعار (احترام القانون)، ولكنهم هم من لا يحترمون القانون.. إنهم كذابون». واتهم المعارضة بزرع بذور الشقاق داخل الجمهورية الإيرانية. وأضاف: «على قوات الأمن أن تتحرك بحزم دفاعا عن القانون». وقال الجنرال إسماعيل أحمدي مقدم: «إن بعض الأشخاص الذين لم يحققوا أهدافهم في الانتخابات ينشرون الشك ويحولونه إلى مؤامرة». وأضاف: «في حال لم تدافع قوات الأمن عن القانون، فإن نيران المؤامرة ستحرق الجميع»، واصفا الذين يشككون حول نتائج الانتخابات بأنهم «منافقون». وتابع: «إن الحقيقة حول الانتخابات واضحة جدا اليوم للجميع. ينبغي ألا يطلب الخاسرون إلغاء الانتخابات، ويؤكدون أن الانتخابات لم تجر في ظروف جيدة». وأضاف أحمدي مقدم، من دون ذكر أسماء: «بعض من فشلوا في تحقيق هدفهم من خلال الانتخابات يبثون الشك في نتيجة الانتخابات بأساليب مختلفة، ثم يحولون ذلك إلى تحريض على الفتنة». وكانت جمعية «رجال الدين المجاهدين» (روحانيون مبارز) المؤيدة للرئيس السابق، محمد خاتمي، والتي تضم رجال دين إصلاحيين قد دعت، أول من أمس، إلى إجراء استفتاء في مسعى لإنهاء الاضطرابات التي تشهدها إيران منذ الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 يونيو (حزيران).

وقال خاتمي: «إن مثل هذا الاستفتاء يجب أن ينظمه جهاز مستقل مثل مجلس تشخيص مصلحة النظام» الذي يرأسه الرئيس الإيراني الأسبق المحافظ المعتدل، أكبر هاشمي رفسنجاني. وأضاف خاتمي: «علينا أن نسأل الناس إن كانوا راضين عما حدث؟ وإذا قبلت غالبية الناس الوضع الحالي، فإننا سنقبله أيضا». وكان المرشحان الرئيسيان للمعارضة في الانتخابات الرئاسية، مير حسين موسوي، ومهدي كروبي، رفضا نتائج الانتخابات، وطالبا ـ بلا جدوى ـ بإعادة الانتخابات.

ويأتي ذلك فيما أكد نائب الرئيس الإيراني، اسفنديار رحيم مشائي، أمس، لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا)، أنه باق في منصبه رغم الانتقادات التي وجهت إليه. وقال مشائي «أوجه الشكر للرئيس (محمود) أحمدي نجاد على الثقة التي منحني إياها». وأضاف أنه «سيعمل» إلى جانب الرئيس من أجل «تسريع» عمل الحكومة، لافتا إلى أن «الرئيس طلب مني التركيز على تأمين فاعلية للحكومة ومزيد من التماسك». وأدى تعيين مشائي في منصب النائب الأول للرئيس إلى احتجاج المحافظين الذين ينتقدون تصريحات أدلى بها في يوليو (تموز) 2008، وأكد فيها أن إيران «صديقة للشعب الأميركي والشعب الإسرائيلي»، ما يتناقض مع التصريحات الإيرانية الرسمية ضد إسرائيل. ويعتبر مشائي من الموالين للرئيس أحمدي نجاد، وقد تزوج ابن أحمدي نجاد من ابنة مشائي. وأتى تعيين اسفنديار رحيم مشائي، الجمعة، نائبا للرئيس بعد أقل من شهر على إعادة الانتخاب المثيرة للجدل لأحمدي نجاد بنسبة 63% من الأصوات.

ونفى مشائي معلومات أنه استقال من منصبه. وأكد أيضا أن موقفه واضح جدا من «النظام الصهيوني». وقال مشائي: «لم أتحدث عن النظام الصهيوني المحتل، ما قلته يعني سكان الأراضي المحتلة، ويندرج في الواقع في إطار حرب نفسية ضد نظام إسرائيل». وأضاف أنه، في تلك المرحلة، «أرادت حملة دعائية واسعة تشويه موقف الجمهورية الإسلامية» عبر هذه التصريحات، «لكن الأمر لم يكن على هذا النحو. إن موقف النظام واضح جدا، وهدفي كان أن أخوض حربا نفسية ضد النظام الإسرائيلي». وتابع مشائي: «إن موقفي، ومواقف النظام والحكومة، واضحة جدا، والسيد أحمدي نجاد معروف بأنه شخصية مناهضة للصهيونية». وكانت تصريحات مشائي أثارت استياء رجال الدين والنواب المحافظين الذين طالبوا باستقالته. واضطر المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي إلى التدخل داعيا إلى وضع حد لهذا الجدل.

إلا أن ضغوط البرلمان تواصلت، أمس، على حكومة أحمدي نجاد كي يقيل مشائي. وقال محمد حسن أبو ترابي فرد، نائب رئيس البرلمان، أمس، في تصريحات نقلتها وكالة «اسنا»: «من دون أى تأجيل يجب على الرئيس، أحمدي نجاد، إقالة أو قبول استقالة مشائي فورا». غير أن احمدي نجاد الذي لا يحتاج إلى موافقة البرلمان على تعيين نوابه لم يظهر أي بادرة على أنه سيتراجع عن قراره. ويشير تمسك أحمدي نجاد بمشائي إلى أن الرئيس الإيراني حوله مجموعة صغيرة جدا من المسؤولين الذين يثق فيهم. وإذا تمسك نجاد بمشائي، فإنه من المرجح إن يعاني كثيرا عندما يعرض حكومته على البرلمان، إذ إن أعضاء البرلمان لديهم تحفظات كبيرة على الاختيارات السابقة لأحمدي نجاد، الأمر الذي قد يعطل تشكيل حكومته لأشهر.

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط