المدينة المنورة (واس) انطلقت اليوم بجامعة طيبة بالمدينة المنورة، فعاليات ندوة "المدينة المنورة في عيون المستشرقين"، التي نظمها قسم الاستشراق بكلية الآداب بالجامعة.

1353.jpg
- 07 جمادى الآخرة 1435هـ

وهدفت الندوة التي حضرها معالي مدير جامعة طيبة بالمدينة المنورة د. عدنان بن عبد الله المزروع وعدد من المتخصصين والباحثين إلى إبراز دور المدينة المنورة وفضلها وأثرها الحضاري والثقافي في العالم والتواصل الحضاري مع العالم الغربي ، وبناء جسور فعالة للتعاون وتقييم ما أفرزته الحضارة الغربية تجاه الشرق بالقرآن الكريم.

وفي بداية الجلسة الافتتاحية ألقى معالي مدير جامعة طيبة كلمة رحب فيها بالحضور، وقال: لا يخفى على أهل الاختصاص أن الدراسات العربية الإسلامية تحتل منزلة مهمة في الحوار العقلي والعلمي الدائر بين الشرق والغرب، مبيناً أن الغرب اهتم بالإسلام وحضارته ورسوله صلى الله عليه وسلم منذ التقاء الإسلام بالغرب في العصور الوسطى، وتنامي هذا الاهتمام إلى أن أصبح اتجاهاً وظاهرة وعلماً أطلق عليه المتخصصون مصطلح الاستشراق.

وأضاف معاليه أن المسؤولين في التعليم العالي بالمملكة أدركوا أهمية الدراسات الاستشراقية وضرورة أن ينطلق الاهتمام بها من خلال مؤسسات علمية تُعنى بالبحث والدراسة العلمية لهذه الظاهرة الاستشراقية بمختلف تخصصاتها واهتماماتها، مؤكداً أن هذه الندوة تُضيف بُعداً جديداً لقسم الاستشراق الذي استؤنفت فيه الدراسة قبل سنوات وتخرجت منه دفعة جديدة من المتخصصين في الدراسات الإسلامية عند المستشرقين بعد أن أُعيدت هيكلته وطورت الجامعة خططه ومناهجه بما يتناسب مع معطيات المرحلة العلمية والحضارية المعاصرة.

وعبر الدكتور المزروع في كلمته عن أمله أن تكون الندوة بداية انطلاقة جديدة لهذا القسم الذي تتميز وتعتز باحتضانه جامعة طيبة عن غيرها من جامعات المملكة بل وربما عن الجامعات العربية والإسلامية.

عقب ذلك قدم رئيس قسم الاستشراق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية الدكتور طلال بن عبدالله ملوش تعريفاً بقسم الاستشراق كشف خلاله عن توجه القسم لفتح مسار خامس للدارسة يُعنى بالاستغراب ليُضاف إلى مسار الدراسات الإسلامية عند المستشرقين ومسار المراكز والمؤسسات الاستشراقية ومسار الدراسات اللغوية عند المستشرقين ومسار المراكز التنصيرية .



وفي الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور على النملة، استعرض فيها العالم البريطاني المسلم الدكتور ياسين داتون أهداف الرحالة الغربيين الذين حطت رحالهم في طيبة، وقسمهم إلى فريقين منهم المسلمون من بلاد الغرب والأندلس كإبن جبير وابن بطوطة راموا وتطلعوا لزيارة مهابط الوحي ومعاقل الرسالة، ومنهم الغربيون بالمعنى المعاصر للكلمة من المستشرقين وعلماء الغرب الذين وفدوا على طيبة.

وقال الدكتور داتون: إنه لا سبيل للبحث في معرفة أهدافهم إلا ما سطّروه في كتبهم عن تلك الرحلات حينما قفلوا منها راجعين إلى بلادهم، مبيناً أن تلك المصادر أدبية أكثر منها تاريخية.

وطرح الدكتور داتون خلال الجلسة بعض النماذج لما كُتب في هذا الشأن باللغة الإنجليزية لتمحيص ما يقولونه عن مقصود رحلاتهم إلى المدينة المنورة.

وتحدث الدكتور داتون عن سبعة من هؤلاء الرحالة ليذكر نماذج من أعمالهم وعرضاً لأغراضهم التي رتبها حسب تواريخ صدورهم على مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مفيداً أنه وبالرغم من قلة عددهم مقارنة بمن نزل المدينة المنورة وكتب عنها إلا أنه كاف لإعطاء فكرة عامة واضحة عن أهداف الرحالة الغربيين الذين وطأت أقدامهم طيبة المباركة.

وفي الجزء الثاني من الجلسة الأولى تحدث أستاذ التاريخ والحضارة بجامعة طيبة وأحد مؤرخي المدينة المنورة الدكتور سليمان الرحيلي في بحثه عن المدينة المنورة في عيون الرحالة الغربيين (نظرة تقويمية) وقال: كانت للرحالة الغربيين الذين وطئوا المدينة صولات وجولات فهم يقطعون الفيافي والقفار صادرين وقافلين تستغرقهم الرحلات وتُجهِدهم المفاوز ثم ما يلبثون أن يلقوا بأنظارهم على مجتمع المدينة المنورة وهم قد ملأهم الشوق والتطلع واجترت عقولهم قراءات منها الصائب ومنها المغرض وهم يتمرسون حياتهم على غير أنماط أهل المدينة، ثم يلقون العنان لأقلامهم لتعمل في الوصف والنقد والتحليل، وربما يظن القارئ أنهم مكثوا على ملاحظاتهم سنين ودهور ولكنها نظرات وخطرات وجولات.

ثم بدأت بعد ذلك فعاليات الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور محمد الخطيب ونوقش فيها محور الصورة السلبية والإيجابية في الاستشراق والحديث حول الحضارة الإسلامية، حيث قدم الباحث في الدراسات الإسلامية والتنمية البشرية الدكتور محمد نذير محمد سرور الصورة السلبية في الاستشراق الحديث حول النبي صلى الله عليه وسلم "الرسوم الكاريكاتورية أنموذجاً" وقال: في هذا العصر الحديث تفنن أعداء الإسلام في الإساءة إلى المقام الشريف، والجناب الكريم، فكان بعض المستشرقين طلائع سوء لمن خلفهم، فطعنوا في سيرته وسريرته وحرفوا سنته وأحاديثه صلى الله عليه وسلم، كما أسهموا بشكل كبير وعن قصد في رسم صورة سلبية عنه صلوات الله وسلامه عليه وعن دينه وأمته في خيال الفرد الغربي، فضلاً عن المجتمعات الغربية عموماً.



وقال الدكتور سرور أنه وتبعاً لذلك، فقد أوجدوا لدى أفراد تلك المجتمعات حساسية وتوجساً مفرطين من الإسلام وأهله، عاداً تلك الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لشخص النبي عليه الصلاة والسلام أصالة ولدينه وشريعته تبعاً من أبرز صور الإساءة التي حصلت في العقد الأخير من القرن الحالي (2001-2010).

وتحدث في الجزء الثاني من الجلسة الثانية مستشار معالي مدير جامعة طيبة الدكتور مصطفى بن عمر حلبي حيث قدم بحثاً بعنوان "الصورة الإيجابية في الاستشراق.. الحديث حول الحضارة الإسلامية" كشف خلالها المفارقات بين حقبتيّن زمنيتين في تاريخ الغرب المسيحي ونظرته إلى الإسلام والحضارة الإسلامية، والمتغيرات التي أحدثتها عوامل عدة في تغير نظرة الغرب المسيحي إلى الحضارة الإسلامية.

وأبان الدكتور حلبي خلال الجلسة أوجه التباين بين موقف أوروبا والغرب المسيحي إلى الإسلام ونبيه والمسلمين بوجه عام خلال حقبة العصور الوسطى وفي مراحل الاستشراق الحديثـ وقال: أكدت الدراسة التغير الجوهري في موقف كلٍّ من الحضارتين الإسلامية والغربية في القرنين السادس عشر والسابع عشر إذْ بدأت أوروبا عصر نهضتها وقوتها، كما ظهرت بدايات الإنهيار والتفكك في الحضارة الإسلامية، وانتهى بذلك الخوف من الحضارة الإسلامية، وحل محله عصر الندِّية والتفوق.

واستعرض الدكتور حلبي الشهادات الإيجابية لعدد من المستشرقين عن الإسلام وحضارته، التي تتطلب إبرازاً، لأنها تمثل إقراراً من أولئك المستشرقين وتأكيداً على ما تضمنته الحضارة الإسلامية من عناصر الجذب والقوة حملتهم على الإدلاء بشهاداتهم الإيجابية، التي جاءت شهاداتهم لتؤكد تأثير الإسلام في أوروبا والغرب في جميع الميادين المعيشية والتجارية والاقتصادية والتقنية والآداب والفلسفة والعلوم والدين، حتى أن بعضهم قد بلغ به الأمر أن عَنوَنَ لدراسته "كيف صنع الإسلام العالم الحديث"، فيما أقر بعضهم بأن تأثير الإسلام كان عظيماً على العالم أجمع، وأنه من أعظم وأقوى الحضارات المستمرة في التاريخ، فيما أكد بعضهم على الصفات الحسنة وخلق التسامح الذي يتمتع بها المسلمون، وكذلك أشار عدد منهم إلى أن الحضارة الإسلامية أشعلتْ مصابيح العلم والمعرفة، وبددت بنورها ظلامَ العصور الوسطى في العالم كله.

وفي ختام الجلسة طرح الحضور تساؤلاتهم واستفساراتهم على الباحثين، لتنعقد بعدها الجلسة الختامية التي كرم خلالها معالي مدير جامعة طيبة عدداً من المشاركين والمسهمين في إنجاح الندوة التي شهدت حضوراً كثيفاً من الباحثين والمهتمين في موضوعها.













باب السلام حوالي عام 1320هـ


باب الرحمة


الباب الشامي في المدينة المنورة


باب العنبرية عام 1321هـ