بســم الله الـرحمــن الرحيــم
السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاته ،،

دراسات طبية تشير إلى علاقة أنسولين اللانتوس بحدوث الأورام السرطانية لدى مرضى السكري

استخلص الأنسولين في عام 1922 ميلادية وأصبح حينها ومازال العلاج الأوحد لمرض السكري النوع الأول المعتمد على الأنسولين واستفاد من اكتشاف هرمون الأنسولين واستخلاصه العديد من مرضى السكري. وقد أظهرت جميع الدراسات العلمية سلامة عقار الأنسولين من أية تأثيرات سلبية خطرة على مدى السنين الطويلة الماضية.

لقد تناقلت مؤخرا بعض الأوساط الطبية والوسائل الإعلامية علاقة بعض أنواع الأنسولين طويلة المفعول بحدوث الأورام السرطانية , خاصة سرطان الثدي , حيث نشرت مجلة السكري التابعة للرابطة الأوروبية لدراسة مرض السكري دراسات طبية أربعة تتحدث عن احتمالية زيادة نسبة الإصابة بالسرطان لدى مستخدمي إنسولين اللانتوس (الجلارجين). حيث أن دراسة ألمانية ضمت أكثر من 127 ألف مريض أوضحت هذه العلاقة وربطتها بجرعة الإنسولين أي أنه كلما زادت جرعة الإنسولين المعطاة كلما زادت نسبة الإصابة بالسرطان. من جهة أخرى نفت دراسة سويدية مشابهة ضمت أكثر من 114 ألف مريض العلاقة بين إنسولين اللانتوس وأنواع الأورام المختلفة كأورام الجهاز الهضمي والبروستاتا إلا أن الدراسة لم تستطع نفي العلاقة بسرطان الثدي نتيجة عدم توفر جميع المعلومات الأخرى اللازمة لدراسة هذه العلاقة كون الدراسة بأثر رجعي وقد تكون هناك عوامل أخرى ساعدت على ظهور سرطان الثدي لدى هؤلاء المرضى غير استخدامهم لإنسولين اللانتوس. ومن جانب أخر أوضحت دراسة بريطانية ضمت أكثر من 62 ألف مريض عدم وجود علاقة واضحة بين استخدام الإنسولين عامة وإنسولين اللانتوس خاصة والإصابة بالأورام. وأكدت في نفس الوقت دراسة اسكتلندية ضمت أكثر من 36 ألف مريض أنه ليس هناك زيادة في نسبة حدوث سرطان الثدي من الناحية الإحصائية بين مستخدمي إنسولين اللانتوس.

ومما يجدر ذكره أنه قد يزيد من صعوبة تحليل نتائج هذه الدراسات كون مرض السكري بحد ذاته وما يصاحبه من زيادة في الوزن مرتبط بحدوث أورام مختلفة كأورام القولون والبنكرياس والثدي.

أنسولين اللانتوس
إن نتائج هذه الدراسات الحديثة دفع العديد من المنظمات العلمية الدولية ذات العلاقة بمرض السكري من إصدار بعض التوصيات الطبية العاجلة ومنها:-

بيان من الرابطة الأوروبية لدراسة مرض السكري دعت فيه إلى الإسراع في عمل المزيد من البحوث العلمية والدراسات الطبية لبحث العلاقة بين إنسولين اللانتوس (الجلارجين) وحدوث الأورام وأكدت على أهمية استمرار المرضى في تناول حقن إنسولين اللانتوس(الجلارجين) حتى ظهور دراسات أكثر دقة وتعمل بأثر مستقبلي وليس بأثر رجعي الذي قد يحد من دقة المعلومات المستنتجة.

كما حذرت الجمعية الأمريكية لأطباء الغدد الصماء وهي أكبر منظمة صحية تطوعية لدعم أبحاث مرض السكري من المبالغة في تحليل البيانات والنتائج المحدودة المستخلصة من هذه الدراسات وأشارت إلى بعض التضارب في نتائج هذه الدراسات وأن مدة المراقبة في بعض هذه الدراسات كان قصيرا وبالتالي فإن النتائج غير مؤكدة ومربكة نوعا ما وأوصت الجمعية أيضا بعدم تغيير استخدام الإنسولين أيا كان نوعه إلا بعد استشارة الطبيب أما بالنسبة إلى المخاوف الشخصية لدى المرضى فيمكن مناقشتها مع أطبائهم المختصين. ونصحت بإجراء المزيد من الأبحاث حول مدى فعالية وسلامة جميع علاجات مرض السكري. وقد قامت وكالة الأنباء السعودية بإعلان توصية الجمعية الأمريكية لأطباء الغدد الصماء في هذا الصدد.

ومن جهتها نصحت إدارة الدواء والغذاء الأمريكية بعدم التوقف عن تناول الإنسولين حتى إتمام مراجعة الدراسات الحالية القائمة. وحذرت في نفس الوقت من أن التوقف عن تعاطي الإنسولين سيؤثر سلبا على التحكم بمستوى السكر في الدم وعلى المرضى مراجعة أطبائهم في حالة ورود أي تساؤل لديهم.

مريض السكري

وذكرت إدارة الدواء والغذاء الأمريكية أن هذه الدراسات الأوروبية الأربعة كانت قصيرة المدى مما يجعل الربط بين السرطان واستخدام الإنسولين غير مقنع. كما أن الإدارة الآن بصدد مراجعة نتائج هذه الدراسات الأربعة وغيرها من الدراسات الأخرى المشابهة والمثيلة لها.

ونصحت الأطباء والمرضى بإخبار الإدارة بأية مضاعفات جانبية من استخدام انسولين اللانتوس مباشرة وذلك عبر موقع الإدارة. وستعلن الإدارة لعموم الناس توصياتها فور توفرها ومناقشتها ومراجعتها.

أما بالنسبة إلى الجمعية الأمريكية لمرض السكري فقد ذكرت أن نتائج هذه الدراسات متضاربة ولا يمكن الاعتماد عليها بوضعها الحالي وحذرت أيضا من ردود الفعل المبالغ بها حتى توفر المزيد من المعلومات.

ونحن بدورنا ننصح بالاستمرار في استخدام حقن الإنسولين حتى صدور دراسات مستقبلية أكثر وضوحا وعمقا يؤخذ فيها بعين الاعتبار جميع العوامل المؤثرة في حدوث الأورام ويستخدم فيها جميع المعايير الإحصائية الدقيقة حتى لا يكون هناك مجالا لحدوث خطأ في النتائج أو الاستنتاجات.... مع تمنياتى للجميع بالصحة والعافية ...والسلام عليكــم ورحمـة الله وبركاته ،،

.

* الدكتور بسام صالح بن عباس.. استشاري الغدد الصماء والسكر بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث