عظة وعبرة

دخل رجل ، على " المنصور " رحمه الله ،
يوم بُويعَ بالخﻼفة، فقال له " المنصور " عِظني
فقال : أعظُك بما رأيت أم بما سمعت؟
قال : بل بما رأيت .
قال : يا أمير المؤمنين !
إن عمر بن عبد العزيز أنجب أحد عشر ولدا ً وترك ثمانية عشر دينارا ً ، كُفّنَ بخمسة
دنانير ، واشتُريَ له قبر بأربعة دنانير وَوزّع الباقي على
أبنائه .
وهشام بن عبد الملك أنجب أحد عشر ولدا ً ، وكان نصيب كلّ ولد ٍ من
التركة الف الف دينار . ( اي مليون )
والله ... يا أمير المؤمنين :
لقد رأيت في يوم ٍ واحد ٍ أحد أبناء عمر بن عبد العزيز يتصدق بمائة فرس للجهاد في
سبيل الله ، وأحد أبناء هشام يتسول في اﻷسواق .
وقد سأل الناس عمر بن عبدالعزيز وهو على فراش الموت : ماذا تركت ﻷبنائك يا عمر ؟
قال : تركت لهم تقوى الله ، فإن كانوا صالحين فالله تعالى يتولى الصالحين ، وإن كانوا
غير ذلك فلن أترك لهم ما يعينهم على معصية الله تعالى .
فتأمل ...
كثير من الناس يسعى ويكد ويتعب ليؤمن مستقبل أوﻻده ظنا منه أن
وجود المال في أيديهم بعد موته أمان لهم، وغفل عن اﻷمان العظيم الذي ذكره الله في
كتابه :
( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ
وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ) . جديرة بالتأمل والقراءة . .
ذُكِرَ أن ابنة عمر بن عبد العزيز دخلت عليه تبكي، وكانت طفلة صغيرة آنذاك، وكان يوم
عيد للمسلمين ..
فسألها : ماذا يبكيك؟
قالت : كل اﻷطفال يرتدون ثياباً جديدة؟
وأنا ابنة أمير المؤمنين أرتدي ثوباً قديماً !!
فتأثر عمر لبكائها وذهب إلى خازن بيت المال .
وقال له : أتأذن لي أن أصرف راتبي
عن الشهرالقادم ؟
فقال له الخازن : ولم يا أمير المؤمنين؟ فحكى له عمر !..
فقال الخازن ː ﻻ مانع، وَ لكن بشرط ؟
فقال عمر : وما هو هذا الشرط؟ !
فقال الخازن : أن تضمن لي أن تبقى حياً حتى الشهر القادم لتعمل باﻷجر الذي تريد
صرفه مسبقا .
فتركه عمر وعاد،
فسأله أبناؤه : ماذا فعلت يا أبانا؟
قال : أتصبرون و ندخل جميعًا الجنة،
أم ﻻ تصبرون ويدخل أباكم النار؟
قالوا : نصبر يا أبانا !
{ يا ليتنا نمتلك الثﻼثة :
الخازن ... و عمر ... وأبناء عمر } يارب الحقنا بالصالحين . امين