الرياض - واس : كشف أستاذ في مجال الدراسات الجيولوجية أن الكهوف المنتشرة في صحاري المملكة كنوز تحت الأرض لا تزال بحاجة للدراسة بغرض استثمارها سياحيا.




وأكد أن الكهوف أو كما في اللهجة المحلية - الدحول - معالم طبيعية نادرة ما يجعلها مقصدًا للسياح والهواة والمتنزهين.

وأبرز أن "الدحل الأخضر" في منطقة الصمان -شمال شرق المملكة- أحد المواقع الأكثر روعة لجماله الداخلي ومتدلياته البديعة ذات الألوان الزاهية التي تنخرط من سقف قاعة الكهف الكبرى مشكلة تكوينات فريدة من نوعها عن سائر الدحول الموجودة في المملكة.

وقال أستاذ الجيولوجيا بجامعة الملك سعود البروفيسور عبد العزيز بن لعبون لوكالة الأنباء السعودية: الدحل متميز نمت على جوانبه نباتات وطحالب في دلالة واضحة على أن الدحل غني بالمياه أو الرطوبة التي تنبعث منه على هيئة بخار ماء.



ولم يكن الكهف يعرف باسم "الأخضر" من قبل إذ أطلق البروفيسور بن لعبون هذا الاسم لعدم وجود مسمى بغرض الدلالة عليه والتعريف به لحين حمايته وتهيأته سياحيًا.

وقام فريق متخصص المزود بآلات التصوير برحلة استكشافية للدحول المنتشرة في منطقة الصمان، ووقف أمام مدخل الدحل الأخضر الذي بدأ مميزًا عن بقية آلاف الدحول المنتشرة بالصمان.

ولفت بن لعبون الانتباه إلى أن مهمة الدخول كان صعبة وخطيرة بسبب قلة الأوكسجين ووجود غازات سامة واحتمالية حدوث انهيارات صخرية.

وقال : قد تكون بعض الصخور أو الأسطح رطبة أو تكسوها طحالب فتسبب الانزلاق وهناك فتحات لا يرى إلى أين تُفضي، وقبل المرور من مدخل لابد من التأكد من إمكانية العودة إليه والمرور من خلاله، فثمة رمال تسبقك وقد تتبعك إلى الداخل، إلى جانب إمكانية مصادفة أحياء خطرة.



ووصف بن لعبون فتحة الدحل بأنها رأسية ضيقة مع كميات من الرمال تستقر فوق الناتيء من الصخور بداخله وهذا ما جعل النزول صعبًا للغاية لما تسببه الرمال من انهيارات وانزلاق.

واستدرك قائلا : إلا أن حب الاستكشاف والمغامرة جعل من النزول أمرًا محتمًا فنزل الفريق واحدًا تلو الآخر عبر ممرات وعرة ضيقة رأسية حادة الجوانب.

وكشف الفريق أن هناك من سبقهم للمكان بدلالة جود أشرطة قصيرة ملونة مربوطة على صخور وأشرطة طويلة تمتد إلى داخل الكهف ، تبين فيما بعد أن فريقًا من المتعاونين مع الهيئة ووحدة الكهوف قاموا بزيارة لهذا الدحل ووضعوا الكهف تحت المراقبة عبر جهاز خاص لقياس "غاز الرادون" المشع.



ووفقا للفريق فإن الدحل يتميز بوجود المتدليات التي تظهر في الدحل تشبه الحبار (السيبيا) إلا أنها كانت إلى حد كبير تعيق الحركة.

وتفرد الدحل عن سائر أمثاله بقاعة المسرح وصفها الفريق أنها من عجائب خلق الله.

وقال ابن لعبون : جاءت نوازل بأشكال بديعة، وأحجام متفاوتة، وألوان زاهية، تتدلى من سقف "القاعة".

مهمة اكتشاف الدحل لم تنتهي بعد الدخول والتصوير والتوثيق، وبدا أن مهمة الخروج بين الصخور كانت أصعب، وتتبع حزم الضياء التي بالكاد تُرى.

وأهاب البروفيسور ابن لعبون بالجهات ذات العلاقة، وخاصة هيئة المساحة الجيولوجية السعودية والهيئة العامة للسياحة العمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على هذه المعالم وتهيئتها للاستثمار سياحيًا.



وأبان أن المملكة تزخر بتنوع كبير في تراثها الطبيعي الجيولوجي والجيومورفولوجي المتمثل في انتشار ظاهرات مختلفة تتنوع بتنوع الصخور، والأقاليم الجيولوجية، والمناخية القديمة والحديثة، مشيرًا إلى أن هناك عوامل ساعدت في تشكيل ظاهرات عجيبة الأشكال والتكوينات ومنها الكهوف التي وجد الإنسان القديم وإنسان الصحراء في هذه الظاهرات الملاذ من العوامل الجوية من حرارة وبرودة وعواصف، كما وجد فيها المسكن ووجد فيها الماء وعندها الصيد.

وفسر ابن لعبون كثرة الدحول في منطقة الصمان بسب العصور المطيرة قبل آلاف السنين التي عملت في إذابة الصخور وظهور شبكات من القنوات والفجوات تحت السطحية على هيئة ما يعرف بالدحول، كما عملت العصور المطيرة التي تعرضت لها جزيرة العرب على إذابة طبقات من الصخور الجيرية (الكربوناتية) القابلة للذوبان بالمياه وخاصة الحمضية منها، لذا تم إذابة كميات من أحجار الجير التابعة لمتكون أم الرضمة في الطبقات تحت السطحية في هضبة الصمان، مسببة فجوات وقنوات مختلفة الأبعاد والأشكال، وهي المعروفة اليوم بالدحول.

وتمثل مئات الدحول المنتشرة في هضبة الصمان مثال على فعل المياه في العصور المطيرة التي تعرضت لها المنطقة في طبقات الصخور الجيرية لمتكون أم رضمة المتكشفة إلى الشرق من كثبان رمال الدهناء.