تونس - واس : يجمع الكثير من الناس أن فصل الصيف هو فصل الاستجمام والعطل والراحة والركون إلى الهدوء خاصة في الدول التي تعرف صيفًا حارًا مشمسًا غير أن الكثير من العائلات التونسية تعيش خلال هذا الفصل حيوية كبيرة ونشاطًا مكثفًا.



وقد دأبت العائلات التونسية منذ القدم على استغلال أيام الصيف المشمسة التي تتزامن مع أيام الحصاد للشروع في تخزين المؤونة والطعام لأيام الشتاء بعد تجفيفها تحت أشعة الشمس الحارقة وهو ما يعرف بالعولة.

وتشمل العولة عدة مواد وفى مقدمتها (الكسكسي) وهي الأكلة الشعبية الأولى في تونس التي تحضرها النساء جماعيًا بعد طحن القمح باستخدام الرحاة ومن ثم تجفيفه حتى لا يفسد ثم تخزينه في أقداح ضخمة مصنوعة من الطين لوقايته من الرطوبة.

كما تعد العولة من شوربة الشعير العادية التي يكثر استهلاكها على مائدة الإفطار في رمضان وكذلك المخضور الذي يعد من باكورة الشعير الأخضر في بداية موسم الحصاد.

وتتكون العولة من التوابل الرئيسة والضرورية للمطبخ التونسي إجمالا والشعبي خصوصًا كالتابل والكروية والكركم والعفص والزنجبيل والبسباس وكذلك تشريح الطماطم الخضراء وتجفيفها لاستعمالها بدلا من الطماطم المصنعة.



وتقوم العديد من العائلات بتجفيف وتخزين الغلال أيضًا كالمشمش والتين والزبيب المستخدم مع الرمان والتمر والحلوة الشامية واللبن لإعداد الكسكسي المسفوف الذي يكثر استهلاكه أيضًا للسحور في شهر رمضان المبارك.

وتعززت ظاهرة العودة إلى العولة هذا العام بانتشار عدد كبير من الطواحين في مختلف أنحاء الأرياف وبعض البلدات بينما نشطت الكثير من النساء المختصات في إعدادها مقابل أجرة نظرًا لأن معظم نساء الجيل الحالي لا يعرفن كيفية إعداد العولة أو المؤونة من المواد الغذائية التقليدية.

وأرجع العديد من التونسيين هذا الإقبال مجددًا على العولة البيتية لاسيما خلال رمضان هذا العام بمحاولة الأسر التونسية من الطبقة المتوسطة وذوي الدخل المحدود لضغط النفقات ومواجهة غلاء أسعار المواد الغذائية الجاهزة خاصة وأن مناسبات الإنفاق جاءت هذا العام متتالية وشملت موسم النجاحات المدرسية والصيف الذي تخلله شهر رمضان وحلول عيد الفطر المبارك والعودة إلى المدارس.

ومما زاد من عودة الكثير من العائلات التونسية إلى المواد الغذائية التقليدية البيتية أيضًا أن الكثير من هذه المواد تحولت إلى غذاء يشهد طلبًا كبيرًا على الموائد عامة نظرًا لمصدرها البيولوجي الطبيعي ونكهتها الخاصة إضافة إلى ثبوت قيمتها الغذائية مقارنة بالمواد الغذائية المصنعة والمعلبات.