المدينة المنورة - واس : يستعيد المسلمون في السابع عشر من شهر رمضان من كل عام ذكرى إسلامية عظيمة تتمثل في غزوة بدر الكبرى التي وقعت يومَ الأحد 17 رمضان في العام الثاني من الهجرة، الموافق 13 مارس 624 م , وهي عنوان لانتصار الحق بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم على الباطل من مشركي قريش ومن حالفها من العرب.



وتُعد غزوةُ بدر أولَ معركةٍ من معارك الإسلام الفاصلة، وبدأت المعركة بمحاولة المسلمين اعتراضَ عيرٍ لقريشٍ متوجهةٍ من الشام إلى مكة يقودها أبو سفيان بن حرب، ولكن أبا سفيان تمكن من الفرار بالقافلة، وأرسل رسولاً إلى قريش يطلب عونهم ونجدتهم، فاستجابت قريشٌ وخرجت لقتال المسلمين, وسميت بهذا الاسم نسبةً إلى منطقة بدر وهي بئرٌ مشهورةٌ تقع بين مكَّة المكرمة والمدينة المنورة.

وبلغ عددُ المسلمين في بدر ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، معهم فَرَسان وسبعون جملاً، وتعدادُ جيش قريش ألفَ رجلٍ معهم مائتا فرس، أي كانوا يشكِّلون ثلاثة أضعاف جيش المسلمين من حيث العدد تقريباً.

وانتهت غزوة بدر بانتصار المسلمين على قريش إذ أيدهم المولى سبحانه وتعالى بجنود من عنده وبالنصر المبين وقتل قائدهم عمرو بن هشام مع سبعين رجلاً وأُسر منهم سبعون آخرون، أما المسلمون فاستشهد منهم أربعة عشر رجلاً، ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار.

وتمخَّضت عن غزوة بدر عدة نتائج نافعةٍ بالنسبة للمسلمين، منها أنهم أصبحوا مهابين في المدينة وما جاورها.

ومن المآثر لغزوة بدر الكبرى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لما طلع المشركون لمقابلة المسلمين في معركة بدر " اللهم هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها جاءت تحادك وتكذب رسولك اللهم فنصرك الذي وعدتني اللهم أحنهم الغداة " وقام عليه الصلاة والسلام ورفع يديه واستنصر ربه وبالغ في التضرع ورفع يديه حتى سقط رداؤه وقال "اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض بعد".



وذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان عن بدر أنها ماء مشهور بين مكة والمدينة في أسفل وادي الصفراء وبين هذا الماء وبين ساحل البحر ليلة واحدة وهناك رواية أخرى ذكرت أن مدينة بدر سميت بهذا الاسم نسبة لشكل أرضها التي تحاط بالجبال من كل الجهات مما جعل أرضها تشبه القمر عند اكتماله بدراً, و "بدر الصفراء" نسبة لوادي الصفراء وتسمى أيضاً "بدر الكبرى" نسبة لغزوة بدر الكبرى وتسمى كذلك "بدر حنين" نسبة لعين الحنين التي كانت تسقي خيف إدمان .

وتقع محافظة بدر جنوب غرب منطقة المدينة المنورة, متميزةً بموقعها البارز بين أربع من أكبر مدن المملكة هي (مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وجدة، وينبع الصناعية)، وتقدر مساحتها بنحو" 8186 " كيلو متر مربع، فيما يبلغ عدد سكان المحافظة ومراكزها أكثر من مائة ألف نسمة.

ويستقبل موقع الغزوة الكثير من الزوار من مختلف أنحاء المعمورة, لزيارة مسجد العريش وهو من أبرز معالم المحافظة إذ كان بمثابة مركز قيادة المسلمين أثناء معركة بدر وهو المكان الذي صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء غزوة بدر تحت عريش من النخل فبني المسجد وسمي بالعريش, ومن أبرز معالمها "مقبرة الشهداء" التي تضم شهداء معركة بدر, ويبرز فيها "العدوة الدنيا" وهو مكان قدوم المسلمين من المدينة المنورة و"العدوة القصوى" وهو مكان قدوم المشركين من مكة المكرمة, و"جبل الملائكة" و"الواجهة الساحلية على البحر الأحمر" وغيرها من الشواطئ.

واشتهرت محافظة بدر منذ عصر الجاهلية بموقعها الاستراتيجي على طريق القوافل التجارية المتجهة للشام من مكة والطريق القادم من المدينة إلى ميناء المدينة القديم على البحر الأحمر مما جعلها أحد الأسواق المشهورة عند العرب آنذاك, فكانت تقام في بدر سوق مشهورة للعرب من الأول من ذي القعدة إلى الثامن منه.

وتتميز محافظة بدر بتعدّد التضاريس والبيئات الطبيعية المختلفة حيث يحيط بها جزء من سلسلة جبال السروات من جميع الجهات وتتميز بالبيئة الصحراوية بوجود بعض الكثبان الرملية, والبيئة الزراعية فتنتشر مزارع النخيل فيها, فضلا عن وجود الوديان حيث تقع المحافظة في نهاية مصب " وادي الصفراء" ويمر بها وادي " بدر ذو الخشب " و يبعد السهل الساحلي " الخبت " قرابة 6 كلم عن المحافظة, و يبعد البحر عن المحافظة " 35 كلم " .