منى (واس) يتجه حجاج بيت الله الحرام في اليوم الثامن من ذي الحجة والمسمى (يوم التروية) محرمين على اختلاف نسكهم - متمتعين - وقارنين - ومفردين - إلى صعيد منى اقتداءً بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.



ويستحب التوجه إلى منى قبل الزوال - أي قبل الظهر - فيصلي بها الحجاج الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً للصلاة الرباعية وبدون جمع، ولا فرق في ذلك بين أهل مكة المكرمة وغيرهم، والسنة أن يبيت الحاج في منى يوم التروية.

وعندما يصلى الحاج فجر التاسع من ذي الحجة ينتظر حتى طلوع الشمس فيتجه صوب عرفات بهدوء وسكينة ملبياً ومكبراً وذاكراً لله تعالى.


يوم التروية
(اسلام ويب) : ما معنى التروية في الإسلام؟ الإجابة: فإذا كانت الأخت السائلة تعني ما معنى يوم التروية، وهو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، وهو اليوم الذي يذهب فيه الحجاج إلى منى للمبيت بها، فقد ذكر ابن قدامة في المغني سبب تلك التسمية فقال: سمي بذلك لأنهم كانوا يتروون من الماء فيه يعدونه ليوم عرفة، وقيل: سمي بذلك لأن إبراهيم عليه السلام رأى تلك الليلة في المنام ذبح ابنه فأصبح يروي في نفسه أهو حلم؟ أم من الله؟ فسمي يوم التروية. انتهى. وذكره أيضا عثمان بن علي الزيلعي في تبيين الحقائق وغيره. وإن كانت تعني غير ذلك فلتبينه لنا.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (فإذا كان يوم التروية، أحرم، فيفعل كما فعل عند الميقات، إن شاء أحرم من مكة، وإن شاء من خارج مكة، هذا هو الصواب، وأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أحرموا كما أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- من البطحاء، والسنة أن يحرم من الموضع الذي هو نازل فيه، وكذلك المكي يحرم من أهله، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من كان منزله دون مكة، فمهله من أهله"، حتى أهل مكة يهلون من مكة) انتهى.

(مناسك) : يوم التروية الثامن من ذي الحجة، هو أحد أيام العشر الفاضلة التي أقسم بها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم إذ قال: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1، 2]. والعمل فيها أفضل من العمل في غيرها، كما روى ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما العمل في أيام أفضل منها في هذه» (يعني عشر ذي الحجة). قالوا: ولا الجهاد؟ قال: «ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه، وماله فلم يرجع بشيء» (رواه البخاري).

وفي هذا اليوم يبدأ الحجاج بالاستعداد لهذا النسك العظيم، ويتأهبون فيه للوقوف غدًا بين يدي الله الكريم في يوم عرفة.. يوم المغفرة والمباهاة والعتق من النيران.

معنى يوم التروية :
معنى التروية ذكرها صاحب المصباح المنير، قال: "ويوم التروية ثامن ذي الحجة من ذلك؛ لأن الماء كان قليلاً بمنى، فكانوا يرتوون من الماء لمِا بعد. ورَوَى البعير الماء يروِيه، من باب: رَمَى حَمَلَهُ فهو راويةٌ، الهاء فيه للمبالغة، ثم أطلقت الراوية على كل دابة يُستقى الماءُ عليها. ومنه يقال: رَوَيْتُ الحديث إذا حملته ونقلته، ويُعدَّى بالتضعيف، فيقال: رَوَّيت زيدًا الحديث، ويُبنى للمفعول فيقال: رُوِّينا الحديث"(1).

فهذا سبب لتسميته بيوم التروية وهو قويّ، وهناك سبب آخر يذكره بعضهم، يقول مصطفى السيوطي الرحيباني الحنبلي -رحمه الله-: "سُمي الثامن بذلك؛ لأنهم كانوا يتروون فيه الماء لما بعده، أو لأنّ إبراهيم أصبح يتروى فيه في أمر الرؤيا"(2).

أعمال يوم التروية :
1- إذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة استحب للذين أحلوا بعد العمرة، وهم المتمتعون أو من فسخوا إحرامهم إلى عمرة من القارنين والمفردين، أن يحرموا بالحج ضُحى من مساكنهم، وكذلك من أراد الحج من أهل مكة. أما القارن والمفرد الذين لم يحلوا من إحرامهم فهم باقون على إحرامهم الأول.

لقول جابر -رضي الله عنه- في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم: "فحل الناس كلهم وقصروا، إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هَدْي، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى، فأهلّوا بالحج" (رواه مسلم). قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فإذا كان يوم التروية أحرم وأهلّ بالحج، فيفعل كما فعل عند الميقات، وإن شاء أحرم من مكة، وإن شاء من خارج مكة هذا هو الصواب، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إنما أحرموا كما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم من البطحاء، والسّنّة أن يُحرم من الموضع الذي هو نازل فيه، وكذلك المكيّ يحرم من أهله"(3).

2- يستحب لمن يريد الإحرام الاغتسال، والتنظف، والتطيب، وأن يفعل ما فعل عند إحرامه من الميقات.

3- ينوي الحج بقلبه ويلبي قائلاً: لبيك حجًّا، وإن كان خائفًا من عائق يمنعه من إتمام حجه اشترط، فقال: فإن حبسني حابس فمحلّي حيث حبستني، وإذا كان حاجًّا عن غيره نَوَى بقلبه الحج عن غيره، ثم قال: لبيك حجًّا عن فلان، أو عن فلانة، أو عن أم فلان إن كانت أنثى، ثم يستمر في التلبية "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"، وإن زاد: (لبيك إله الحق لبيك) فحسن؛ لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

4- يستحب للحجاج التوجه إلى منى ضُحى اليوم الثامن قبل الزوال والإكثار من التلبية.

5- يصلي الحاج بمنى الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وفجر التاسع قصرًا بلا جمع، إلا المغرب والفجر فلا يقصران؛ لقول جابر رضي الله عنه: "وركب النبي صلى الله عليه وسلم إلى منى، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس" (رواه مسلم). ويقصر الحجاج من أهل مكة الصلاة بمنى، فلا فرق بينهم وبين غيرهم من الحجاج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس من أهل مكة وغيرهم قصرًا ولم يأمرهم بالإتمام، ولو كان واجبًا عليهم لبيّنه لهم.

6- يستحب للحاج أن يبيت بمنى ليلة عرفة: لفعله صلى الله عليه وسلم. فإذا صلى فجر اليوم التاسع مكث حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت سار من منى إلى عرفات ملبيًا أو مكبرًا: لقول أنس رضي الله عنه: "كان يُهِلّ منا المهلّ فلا يُنكر عليه، ويكبِّر منا المكبِّر فلا يُنكر عليه" (رواه البخاري بلفظه، ومسلم). وقد أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، لكن الأفضل لزوم التلبية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لازمها.

7- ما تم ذكره من أعمال اليوم الثامن يسن للحاج فعلها تأسيًا بالرسول صلى الله عليه وسلم، وليست واجبة، فلو قدم إلى عرفة يوم التاسع مباشرة جاز، لكن لا بد أن يقف بعرفة محرمًا، سواء أحرم يوم الثامن أو قبله أو بعده. قال الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله-: "ثم يخرج إلى منى من كان بمكة محرمًا يوم التروية، والأفضل أن يكون خروجه قبل الزوال، فيصلي بها الظهر وبقية الأوقات إلى الفجر، ويبيت ليلة التاسع،؛ لقول جابر رضي الله عنه: "وركب النبي صلى الله عليه وسلم إلى منى، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس" (رواه مسلم)، وليس ذلك واجبًا بل سُنّة، وكذلك الإحرام يوم التروية ليس واجبًا، فلو أحرم بالحج قبله أو بعده، جاز ذلك، وهذا المبيت بمنى ليلة التاسع، وأداء الصلوات الخمس فيها سنة، وليس بواجب".

اللهم اهدنا وسددنا، وألهمنا رشدنا وقنا شر أنفسنا، والحمد لله رب العالمين.