الحياة الفطرية لـ «عكاظ»: قــتـل الـقـرود لـرفع الضرر وتصدير لحومها للخارج
أكد أن إمكانيات هيئة حماية الحياة الفطرية محدودة

عبد الله اليوسف ـ بريدة

أوضح صاحب السمو الأمير بندر بن سعود بن محمد آل سعود الأمين العام للهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها أن قتل النمور والضباع والذئاب أدى ـ عكسيا ـ إلى زيادة أعداد القردة في المناطق الجنوبية والجبلية، واعتبر قتل القردة بطريقة منظمة لدفع الضرر ـ بعد أخذ رأي الشرع ـ حلا للتخلص من الأعداد الزائدة عن الطاقة الاستيعابية للبيئة الطبيعية «وهوإجراء معمول به فى كل دول العالم» للاستفادة من لحومها لإطعام الحيوانات المفترسة بالحدائق والمحميات وتصدير الفائض. وبرر في حديث لـ«عكاظ» تكاثر أعداد الذئاب قرب المناطق المأهولة بالسكان ببحثها عن قوتها من الماشية، ودعا وسائل الإعلام إلى غرس مفاهيم المحافظة على الحياة الفطرية في نفوس النشء منذ الصغر، مؤكدا أن التوعية تعد حجر الزاوية لإنجاح استراتيجية الهيئة في المحافظة على البيئة وحماية الحياة الفطرية، لافتا إلى أن «إمكانيات الهيئة محدودة ولا تساعدها على تنفيذ الحلول بمفردها». وكانت الذئاب قد تزايدت في الفترة الأخيرة وهاجمت أعداد كبيرة منها قطعان الماشية في مناطق شمالي القصيم والحدود الشمالية، مما أثار فزعا كبيرا لدى الرعاة وعشاق الرحلات البرية، كما انتشرت القردة في المناطق الجنوبية و بدأت تهاجم السكان والمدارس وشكل تنامى أعدادها قلقا للأهالى. وإلى الحديث:
شهدت الفترة الأخيرة ظهورا لافتا لحيوانات مفترسة فى مناطق مختلفة، منها الذئاب في المناطق الشمالية وفي أطراف منطقة القصيم، مما أثار مخاوف رعاة الماشية وسكان الصحاري والمتنزهين. هل تراقب الهيئة ما يحدث، وما الحلول المتوقعة، وألا يمكن للمحميات الطبيعية أن تكون بيئة مناسبة لتلك الذئاب ؟
- تجري الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها من خلال الإدارة العامة للدراسات والأبحاث ومراكز الأبحاث التابعة لها مسوحات ميدانية لكافة أنواع الحياة الفطرية من الحيوانات والنباتات، خاصة في المناطق المحمية المعلنة والمناطق المحمية المقترحة، والذئاب كغيرها من أنواع الكائنات الفطرية تخضع لمثل هذه المتابعة والدراسة، وأعداد الذئاب كغيرها من المفترسات مثل النمور والضباع والقطط البرية في تناقص وليس في ازدياد، كما يتخيل البعض، وذلك لأسباب عديدة نذكر منها تقلص بيئاتها الطبيعية، بسبب سرعة عجلة التنمية الاقتصادية بأشكالها المختلفة، وقلة عدد الفرائس الطبيعية المتاحة لها من ظباء وأرانب وغيرها وكذلك اقتحام الإنسان لبيئتها الطبيعية ومنافسته لها، إلى جانب التعدي عليها بالقتل بمختلف الوسائل ولعدد من الأسباب المشروعة وغير المشروعة.
ويضيف سموه : والزيادة الظاهرية في أعداد الذئاب نتجت عن اقترابها من المناطق المأهولة بالسكان بحثا عن قوتها من بين الماشية الأهلية، ولذلك زادت حوادث قتل الذئاب التي انتشرت خلال هذا الشتاء. أما عن إمكانية استغلال المناطق المحمية كبيئة مناسبة للذئاب فهي كذلك، ولكن المساحة الجغرافية لهذه المناطق وأعداد الفرائس الطبيعية المتاحة فيها لا تكفي حاليا لسد حاجة هذه المفترسات، والحلول المتوقعة معروفة، وما علينا إلا أن نتبع الهدي السماوي الذي شرعه لنا الخالق سبحانه وتعالى، ولا نقتل أي حيوان من مخلوقات الله إلا بحق سواء أكان صيدا أم كان من المفترسات، وأن نطيع ولي الأمر، فنلتزم بتنفيذ ما أصدره من أنظمة للمناطق المحمية والصيد والمراعي والغابات ولا نتعدى بالمخالفة على المناطق المحمية أو حيوانات الصيد، وذلك حتى يتسنى لنا أن نحافظ على ما تبقى من بيئتنا الطبيعية وأنواعها الفطرية لتستقيم الحياة.
كما علينا أن نتذكر دوما أن المفترسات كغيرها من الكائنات الفطرية خلقها الله عز وجل لتؤدي دورها في التوازن البيئي والصحة العامة ولم تخلق عبثا، ولذلك فإن قتلها بدون حق هو من قبيل التعدي والتجني على هذه الكائنات وهو مخالفة للشرع الحنيف والأنظمة والتشريعات الوطنية والدولية، وفيه إضرار بالإنسان نفسه الذي سخر الخالق سبحانه وتعالى له هذه المخلوقات لتساعده على البقاء واستمرار الحياة.
المزعجة في الجنوب
المعاناة نفسها تصاب بها قرى ومدن في المنطقة الجنوبية يشكو سكانها من هجوم على المنازل والمدارس، آخرها على مدرسة في خميس مشيط. ألم تتوصل الهيئة إلى حل للتنامي المزعج لتلك ؟
- تنامي أعداد القردة يعد وجها آخر لظاهرة انتشار الذئاب، فالزيادة الواضحة في أعداد وتحولها إلى آفة فطرية يعود لعدة أسباب، يأتي مقدمتها التجني بالقتل على الحيوانات المفترسة التي تشكل القردة فرائسها الطبيعية حيث تناقصت إلى حد كبير أعداد النمور والضباع والذئاب وغيرها في مناطق انتشارها بفعل الإنسان، والنتيجة ازدياد فرائسها من القردة بشكل واضح خاصة وأنها لا تتعرض للقتل من قبل الإنسان. أضف إلى ذلك أن قيام الإنسان بتقديم الغذاء لها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مثل إلقاء النفايات والقمامة في الأماكن غير المخصصة، الأمر الذي ساهم في تزايد أعدادها وشجعها أكثر وأكثر على الاقتراب من المناطق المأهولة بالسكان.
التعقيم والصيد المنظم
وهناك عدد من الحلول التي توصلت إليها الهيئة وأعلنتها في عدد من الاجتماعات التي عقدت لدراسة هذا الموضوع، ومن أهمها المؤتمر الذي عقدته الهيئة بمشاركة جامعة الملك خالد وإمارة منطقة عسير، وتم الاتفاق على عدد من الحلول منها: تعقيم الذكور وصيد بعض القردة لاستخدامها في الدراسات والأغراض العلمية، وتكثيف حملات توعية المواطنين عبر وسائل الإعلام بالتعاون بين كافة الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية، بهدف استقطاب تعاون المواطنين والمقيمين في عدم إطعام القردة، والإلتزام بوضع النفايات والقمامة في أماكنها المخصصة لذلكـ، بالإضافة إلى الامتناع كلية عن قتل المفترسات الكبيرة من النمور والضباع والذئاب، للحد من تكاثر القردة وانتشارها وإعادتها إلى بيئتها الطبيعية، ومن الضروري هنا أن تتعاون جميع الجهات المعنية في العمل على تنفيذ هذه الحلول لأن إمكانات الهيئة محدودة ولا تمكنها من التنفيذ بمفردها.
ويواصل أمين الهيئة الوطنية عرض الحلول: وهناك حل مهم آخر وهو التخلص المنظم من أعداد القردة الزائدة عن الطاقة الاستيعابية للبيئة الطبيعية وذلك بالقتل المنظم، وهو إجراء معمول به في كل دول العالم التي تعاني من زيادة في مثل هذه الآفات الفطرية، مع الاستفادة من لحوم القردة في تغذية الحيوانات المفترسة في حدائق الحيوانات وكلاب الحراسة والصيد والقطط المنزلية، وتصدير الفائض إلى الخارج ولكن من المهم هنا معرفة رأي الشرع الحنيف في إجازة القتل المنظم للأعداد الزائدة من لدفع الضرر.
اقتحام المحميات
هل أعلنتم عن مكافأة لمن يبلغ عن مقتحمي المحميات، وهل هناك تفاعل في البلاغات من المواطنين، وكم بلغ عدد التجاوزات هذا العام؟
- غالبية المواطنين يتعاونون مع الهيئة انطلاقا من قناعاتهم بأن الحفاظ على هذه الثروات الفطرية هي لمصلحة الأجيال الحاضرة والمقبلة، ولكن مازالت هناك بعض المخالفات التي سجلت في بعض المناطق المحمية من قلة غير واعية أو مدركة لأهمية هذه الثروة، والجهود الوطنية التي تبذل في سبيل الحفاظ عليها، ويطبق على المخالفين الذين يتم ضبطهم أحكام نظام المناطق المحمية ونظام صيد الحيوانات والطيور البرية، وهي حالات محدودة العدد إلا أن لها خطورتها على جهود المحافظة، أما معظم المخالفات الأخرى مثل قتل المفترسات فهي تحدث غالبا خارج نطاق المناطق المحمية وهؤلاء يطبق عليهم نظام صيد الحيوانات والطيور البرية من قبل وزارة الداخلية.
الوعي البيئي
وما زلنا في انتظار تفاعل المواطنين من ذوي الضمير الحي والحس الوطني المرتفع في الإبلاغ عن المتجاوزين الذين يقتحمون المناطق المحمية، في مخالفة صريحة واضحة لولاة الأمر، ولا شك في أن توافر الوعي والسلوك الإيجابي هو الطريق والوسيلة الأفضل للحد من المخالفات تجاه تراثنا الفطري، وهذا ما تسعى الهيئة إلى تحقيقه من خلال برامج التوعية البيئية بالتعاون مع الجهات الأخرى المعنية، وتبقى على وسائل الإعلام مسؤولية كبيرة في بناء الوعي والعمل على تعزيزه بين المواطنين والمقيمين.
حجر الزاوية
ألا تعتقدون أن هناك ضرورة لزيادة الوعي في المجتمع عن أهمية الحياة الفطرية عبر التأسيس لذلك من الصغر ضمن المناهج الدراسية؟
- بالتأكيد فالوعي البيئي أهم المحاور التي يرتكز عليها نجاح إستراتيجية عمل الهيئة، وهو بمثابة حجر الزاوية لضمان دعم جهود المحافظة على البيئة وحماية الحياة الفطرية، فبناء الوعي البيئي وتعزيزه عملية تحتاج إلى جهود مكثفة ومتواصلة، وإلى سنوات طوال لغرس مفاهيم المحافظة على الحياة الفطرية في نفوس النشء منذ الصغر عن طريق التربية البيئية في البيت والمدرسة خلال جميع المراحل التعليمية، وهذه الجهود تحتاج إلى كوادر بشرية مدربة ودعم مالي كبير وتكاتف كافة الجهات الحكومية والأهلية ذات العلاقة وأيضا تكاتف الأسرة والمجتمع حتى تؤتي ثمارها.
نحميها لتنمو
وعلى المدى القصير فتبذل الهيئة جهودا حثيثة من خلال برامج التوعية البيئية وبرامج التدريب على التربية البيئية التي تقدمها للمعلمين والمعلمات، وتنفذ الهيئة في الوقت الحاضر برنامجا هاما للتوعية البيئية بعنوان «نحميها لتنمو» بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم للعام الثاني على التوالي لطلاب وطالبات المدارس الثانوية والمتوسطة، ونأمل إن شاء الله أن يتم تكثيف جهود التوعية من خلال برامج تغطي كافة مناطق المملكة وإنشاء مراكز للزوار والتوعية البيئية في المناطق المحمية خلال السنوات المقبلة، وإنني انتهز هذه الفرصة وأدعو كافة وسائل الإعلام للقيام بدورها المطلوب في نشر مفاهيم المحافظة على الحياة الفطرية وبيئتها الطبيعية، وتشجيع السلوكيات الإيجابية، ونبذ السلوكيات السلبية تجاه تراثنا الفطري الطبيعي لما فيه صالح الوطن والمواطنين.


لاتعليق على القرود

http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20090113/Con20090113252161.htm