بناة - فينيسيا : ليس معتاداً وأنت تشاهد وتتأمل صور هذا المشروع أن تستوعب مباشرة أنه مشروع حفاظ على التراث .. أو أعادة أحياء وتأهيل ... فهذه الصور لمبنى ينتمى للمستقبل .. فلا يأتى فى ذهنك أن هذا المبنى يأتى من أمد بعيد ... تحديداً من ثلاثينيات القرن الماضى!!.



هنا البندقية ... مدينة نمت بطريقة طبيعية عشوائية، تغمرها مياه البحر لمدة ست ساعات، وتنحسر لمدة ست ساعات أخرى من البحيرة التي تحيط بالمدينة .. فتجد المياه المالحة تختلط بالمياه العذبة بهذه البحيرة، لتخلق نظاماً بيئياً فريد من نوعه، فتندهش لقدرة الإنسان على البناء ضد طبيعة المكان مثلما بنيت أبنية هذه المدينة.


© Daniele Domenicali

وفي هذه المياه الخضراء - والتى تلونت بهذا اللون بطابع الحياة البيئية لقاع البحيرة- ينعكس عليها كل شيء ... وأولها السماء التي توفر تنوع فى الألوان على مدار اليوم، والمواسم والظروف الجوية فتجد الألوان في حركة متغيرة دائماً أبدا.


© Daniele Domenicali

وفي قلب هذه المياه - إضافة إلى السماء - تنعكس العمارة البيزنطية ( Byzantium ) وعمارة بالاديو ( Palladio )، ولكن أيضا تجد طرز معمارية لأبنية أقل شهرة قادمة من القرن العشرين.


© Daniele Domenicali

مثلاً مبنى "سنترال مازوني" (Centrale Mazzoni) والذى كان المحطة المركزية للسكك الحديد سابقاً لسانتا لوسيا فينيسيا ، والتى صممها في ثلاثينات القرن الماضى المعمارى ذو الرؤى المستقبلية "أنجيولو مازوني" (Angiolo Mazzoni) فهو واحد من المباني القرن العشرين التى كان لها قيمة ثمينة رسميا ورمزيا في قلب المدينة القديمة.


© Daniele Domenicali

والوضع الحالى الذى كان وصل له المبنى اليوم عبارة عن مربع كبير فارغ ومهجور في هذه الأيام ... فقط الواجهات ... وتم الحفاظ عليها بعناية عن طريق مشروع للترميم، كدليل على الثورة الصناعية فى مدينة البندقية.


© Daniele Domenicali

الجدير بالذكر أن "الجوهر الفكرى" لهذا المبنى كان يخفى سراً ... لقد كان كل خط وكل نقطة فيه فى أشكاله الهندسية مرتبطا بالنسبة الذهبية (golden ratio) فتجد الشكل الحلزونى بالنسبة الذهبية يربط بين النقاط فى التصميم .. لتكتشف فينيسيا التى نمت بطريقة طبيعية عشوائية بعداً جديداً من العقلانية.


© Daniele Domenicali

ولأن التصميم كان يهدف للحفاظ على هذا الإرث التاريخ فلقد تم تنظيم وتوزيع الفراغات على شكل سلسلة من التصورات الحسية واللونية، فلا تتكرر أبداً، حيث يتم إستغلال الضوء الطبيعي ليتغير اللون دائماً خلال ساعات النهار والليل والفصول المختلفة من العام .. فكل نافذة لها لون مختلف، وكذلك الشرفات الخارجية، ولكن تم ذلك من خلال تكوينات لا تعطي علامات للعقل تخرجه من النسب العقلانية النظامية للنسبة الذهبية، ولكن تحاول أن تجعل هذه النسب الصماء الثابتة تندمج بشكل تلقائى مع الألوان المتغيرة لتكون فضاء من المشاعر.


© Daniele Domenicali

الزجاج يقوم بتلوين الضوء الطبيعي والاصطناعي على حد سواء، وحتى خلال الليل، لكنه أيضا يصبح كالمرآة التى تعكس السياق المحيط بها، وأيضاً القدرة على أن يعكسوا أنفسهم بألوانهم على الماء، وصولاً لقلب المبنى، حيث يسود في كثير من الأحيان صمت سريالي يصعب أن تجد مثيل له فى أى في بلدة سياحية قبل الآن.


© Daniele Domenicali

الألوان والزجاج والحجارة والطوب والخشب والضوء والأشكال العضوية الطبيعية تنشئ معاً نظاماً واحداً، وكلها كانت تمثل مرجع للمشروع ... فهذه المواد تجدها دائما حاضرة في المدينة، فى كل زاوية لون ... والزجاج هو جزء أساسى للتراث الصناعي لهذه المدينة.


© Daniele Domenicali

شاهد المزيد من صور مشروع مبنى "سنترال مازوني" (Centrale Mazzoni) بفينيسيا.