دويتشه ﭭيله : علمت أستاذته في بون أنه يكتب الشعر النبطي، فسألته لماذا لا يترجم هذا الشعر ليطلع عليه القارئ الألماني أيضاً، فلم يتوان الشاعر السعودي مالك الوادعي في تحقيق هذه الفكرة ونشر أول ديوان شعر نبطي باللغة الألمانية.



في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الجاري ظهر ديوان "ترقص الحية والطائر يغني" للشاعر السعودي مالك الوادعي. هذا الديوان صدر باللغة الألمانية ويتضمن قصائد نبطية وغيرها. وقد قرأ الوادعي قصائد من ديوانه خلال مشاركته هذا العام في معرض الكتاب بفرانكفورت، أكبر معرض للكتاب في العالم. DWعربية حاورت الشاعر السعودي وسألته عن كيفية ظهور فكرة نقل شعره النبطي إلى الألمانية والهدف من ذلك والصعوبات التي واجهته وغيرها من الأسئلة.

DW: أستاذ مالك الوادعي ما هو سبب تواجدك حاليا في ألمانيا؟
مالك الوادعي: أعيش هنا في ألمانيا منذ عشر سنوات تقريبا بسبب الدراسة. فأنا أعمل معيدا في قسم اللغة الألمانية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الملك سعود بالرياض، وابتعثت إلى ألمانيا للحصول على الماجستير والدكتوراه. وحصلت على الماجستير وأنا أعمل الآن على أطروحتي للدكتوراه وموضوعها يدور حول "تدريس الترجمة بالجامعات السعودية مع الأخذ في الاعتبار المشاكل الثقافية واللغوية التي يواجهها الدارس السعودي بالنسبة للغتين العربية والألمانية."


كيف جاءت فكرة نشر قصائدك باللغة الألمانية؟
أنا أكتب الشعر النبطي والشعر الغنائي، ولكني أكتب الشعر بالعربية الفصحي أيضاً. وعندما كنت أكتب أشعاري بالعربية في بون، سمعت بهذا أستاذتي الدكتورة داغمار غلاس، أستاذة الترجمة والأدب العربي بجامعة بون، والدكتور سرغون كرم، وهو لبناني. ولما سمعا بعض أشعاري أعجبا بها وقالا لي: لماذا لا تقدمها على شكل كتاب ينشر في ألمانيا؟ وهو ما حدث بالفعل وصدر ديواني "ترقص الحية والطائر يغني" باللغة الألمانية.



الشاعر السعودي مالك الوادعي في أحد المؤتمرات في برلين

هناك من لا يعرف الشعر النبطي فما هو هذا الشعر وأين ينتشر؟
بحور الشعر العربي معروفة منذ أيام الخليل بن أحمد الفراهيدي، لكن بمرور الزمن استنبطت بحور جديدة في الجزيرة العربية غير بحور الخليل. وأطلق على هذه البحور اسم البحور المستنبطة أو النبطية، ويطلق أيضا على الأشعار المنظومة حسب البحور النبطية اسم الشعر الشعبي أو شعر البدو. والشعر النبطي يكتب باللهجات المحلية ويتضمن أيضا ألفاظا فصحى، وهو ليس محصورا في السعودية وإنما موجود أيضا في الأردن والعراق وباقي دول الخليج الأخرى. وأشهر الشعراء النبطيين ابن حثلين، ونمر بن عدوان المشهور عند بعض المستشرقين الألمان. وموضوعات الشعر النبطي هي نفسها موضوعات الشعر الفصيح كالحماسة والفخر والرثاء والهجاء.


وماهي موضوعات ديوانك؟
ديواني هو خليط بين النبطي والعربي الفصيح والعامي والغنائي، وفي ديواني توجد أيضا أشعار منثورة لا تخضع لوزن ولا لقافية تأسيا بالشعر الأوروبي. أما موضوعاته فهي الغربة والمعاناة والحب والحماسة والوفاء.


لماذا أردت أن تترجم أشعارك إلى الألمانية؟
الجمهور الألماني جمهور يعشق الشيء الجميل. وكنت دائما ما اعتقد أن لدينا في الجزيرة العربية أشعاراً جميلة، وأجزم أنها لو وصلت للقارئ الألماني فسيحبها. لذلك كان لدي طموح يراودني بنقل هذه الأشعار إليه، وأن أوصل شعري وبالتالي شعر الجزيرة العربية إلى الأدب الألماني دون أن أخل بالمعاني الأصلية التي تتضمنها القصيدة العربية. كما أنني أحببت أن أساهم في منح الثقافة والأدب الألمانيين فرصة الاطلاع على تراثنا العربي بشكل عام والتراث السعودي بشكل خاص من خلال الشعر سواء النبطي أو الفصيح أو الغنائي. وكنت دائما أتمنى الخروج بالشعر الخليجي من الإطار الإقليمي داخل الجزيرة فقط وأنقله إلى الفضاء العالمي. ولست أنا أول من يحاول نقل شعر سعودي إلى الألمانية فهناك من حاول نقل أشعار الأمير خالد الفيصل إلى الألمانية، لكن السؤال يبقى مطروحا: هل وفق المترجم في نقل مشاعر الأمير الفيصل إلى الألمانية؟


ما هي الصعوبات التي واجهتك أثناء ترجمة أشعارك إلى الألمانية؟
لحسن حظي أني قمت بترجمة ديواني إلى الألمانية بنفسي، لذلك إحساسي كمترجم وكشاعر كان موجودا، وقد حرصت على نقل نصوصي الشعرية إلى الألمانية بدقة، وكنت أحول تفكيري الشخصي العربي إلى الألمانية لأقلل من مشاكل نقل القصيدة الموزونة والمقفاة من العربية إلى شعر موزون ومقفى بالألمانية قدر الإمكان. وقد استعنت على ترجمة قصائدي بالدكتور سيباستيان هاينه أستاذ اللغويات الهندوجرمانية بجامعة بون، وهو لديه خبرة واسعة بالأشعار الألمانية وببحور الشعر الألمانية والأوزان الصرفية، لكن في الحقيقة هناك بعض القصائد الموزونة لم نستطع ترجتمها موزونة فجاءت على شكل الشعر المنثور. وقد استغرقت ترجمة الديوان حوالي شهرين وهناك بعض القصائد من بيتين أو ثلاثة وهناك قصائد طويلة جدا، ولكن لمعرفتي بأن الألمان لن يقرؤوها ولن يستمتعوا بها قمت باختصارها عند ترجمتها.



غلاف ديوان: ترقص الحية والطائر يغني

ومشكلة العثور على دار نشر؟
الحقيقة هو أن ديواني خرج مدعوما بشكل مباشر من جامعة بون. فقد تحدثت الدكتورة داغمار غلاس نفسها والدكتور سرغون كرم مباشرة مع دار النشر "شاكر ميديا" وأقنعاها بإن هناك شاعرا سعوديا ولديه أفكار جميلة تستحق النشر في ألمانيا، فرحبت دار النشر بالفكرة على الفور.


وكيف كان صدى الديوان في الأوساط الأدبية والإعلامية؟
الديوان لايزال حديثا، لكن الملحقية الثقافية السعودية في برلين رحبت به وشجعتني على نشره، ودعتني للقراءة منه خلال معرض فرانكفورت للكتاب 2012. كما أن هناك بعض الصحف في لبنان لديها خبر وكتبت عن الديوان. أما دول الخليج والسعودية فأتوقع أنها لم يعلم به حتى الآن. وبالنسبة للألمان فهناك خليط من الانبهار والاستغراب مصحوبين بالتشوق لسماع هذا الشعر القادم من الجزيرة العربية، فهم لديهم اطلاع على الشعر الفصيح والمنثور ولكن عندما أتت فكرة الشعر النبطي أو الغنائي كان هناك ترحيب وتشجيع منقطع النظير، وهذا شيء يسرني.


كيف كانت مشاركتك في معرض فرانكفورت للكتاب؟
الدكتور عبدالرحمن الحميدي الملحق الثقافي السعودي طرح علي فكرة المشاركة في معرض فرانكفورت مع الوفد السعودي. وقمت بتقديم تجربتي، وقرأت من ديواني، وكنت اتحدث مباشرة مع الجمهور الألماني المشارك في المعرض، وأسألهم ماذا ترغبون؟ هل أقدم لكم قصائدي بالعربية أم بالألمانية؟ فطلبوا مني أولا قراءة القصيدة باللغة الألمانية ثم قراءة نفس القصيدة باللغة العربية، ولمست تفاعلاً جميلاً مع الأوزان والقوافي العربية، واستمر حواري الشعري معهم لمدة ساعة وثلث قرأت خلالها حوالي عشر قصائد من بين 39 قصيدة يضمها ديواني.


هل لديك نية لترجمة أشعار أخرى إلى الألمانية؟
سيكون القادم بالنسبة لي هو إصدار المزيد من الدواوين الخاصة بي أنا شخصيا هنا في ألمانيا. كذلك هناك شعراء لديهم أشعار وأفكار جميلة جدا، على سبيل المثال الأمير خالد الفيصل، والأمير بدر بن عبد المحسن، فله أشعار تستحق الوصول للعالمية. وأنا أتشرف بترجمة دواوين كل مبدع سواء في السعودية أو العالم العربي. لكني أؤمن بالتخصص فأنا متخصص في الشعر النبطي وأتمنى أن استمر في هذا المجال.