تريد القيادة السورية استخدام المصارف الروسية "غازبروم بنك" و"نوفي كوم بنك" في التعاملات النفطية والالتفاف على العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي. هذا ما تؤكده مراسلات المسؤولون السوريون وتنفيه المصارف الروسية.



وتقول صحيفة وول ستريت جورنال، كانت السلطات السورية تبحث امكانية استخدام المصارف الروسية للالتفاف على منع تصدير النفط المفروض من قبل الولايات المتحدة واوروبا. وتشمل الوثيقة الفترة المحصورة بين شهري مارس/آذار ويوليو/تموز من العام الجاري. حيث تتضمن هذه الوثائق كيفية تسيير الاعمال في الوقت الذي انقطعت اتصالاتهم مع الشركاء في الغرب.

وكانت الولايات المتحدة واوروبا قد فرضت في اغسطس/آب – سبتمبر/ايلول عام 2011 عقوبات على قطاع النفط والمؤسسات المالية السورية. لقد حرمت هذه العقوبات سورية من مستهلكي نفطها الاساسيين في اوروبا – ايطاليا والمانيا واسبانيا. وتم تشديد العقوبات عام 2012 ، حيث فرضت على شخصيات مسؤولة وشركات ايضا.

ولا تشمل هذه العقوبات روسيا والشركات التي لا تعمل في اوروبا والولايات المتحدة الامريكية. وتستخدم روسيا والصين حق النقض "الفيتو" ضد أي مشروع قرار لفرض عقوبات دولية ضد سورية في مجلس الامن الدولي.

وتشير الصحيفة الى ان هذا يسمح للشركات السورية بتنفيذ عمليات تجارية دوليا. فشركة النفط السورية الحكومية "Sytrol " تمكنت على الرغم من العقوبات المفروضة، على توقيع 11 اتفاقية لتصدير النفط، وكذلك على عقد لتوريد وقود الديزل (من شركة Sonangol الانغولية) الذي لا ينتج محليا، ولكنه يستخدم في المجال العسكري والصناعي. جاء ذلك في الرسالة المؤرخة في 1 يوليو/تموز والموقعة من قبل ممثل شركة النفط السورية الحكومية واعضاء الحكومة التي كان يرأسها رياض حجاب. ويصر موقعوا الرسالة على ادخال تعديلات تسمح بفتح شركات خارج حدود سورية واستخدامها في التعاملات التجارية.

وجاء في الوثيقة "تشكل الشركات في روسيا وماليزيا وتفتح الحسابات المصرفية بالروبل واليورو في روسيا، وكل شيئ سيكون جاهزا يوم الخميس 5 يوليو/تموز 2012 .. عندها سنتمكن من دفع قيمة الاستيرادات واستلام ثمن النفط المصدر، وان كافة الاطراف المعنية سوف تتخذ الخطوات اللازمة لسرية العمليات وعدم كشفها للاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية، لكي لا يتمكنا من مراقبة عمل هذه الشركات ولكي لا يضيفوها الى قائمة الشركات المعاقبة".

وتضيف، ولا يتضح من الوثيقة فيما اذا كانت هذه المقترحات قد تم اقرارها. كما انها لا تتضمن اسماء الشركات والمصارف الروسية. في حين تبين وثائق اخرى ان السلطات السورية كانت تدرس امكانية التعامل مع "غازبروم بنك".

ويتضمن نموذج العقد الذي ارسلته في شهر فبراير/شباط شركة النفط السورية الى الجهات المعنية بشراء النفط السوري، مقترحا لأن يكون مصرف "غازبروم بنك" المؤسسة المالية التي يتم عبرها تسديد الاموال المستحقة.

وحسب الوثائق التي بحوزة الصحيفة، ان ممثلي المصرف المركزي السوري قد التقوا في شهر مارس/آذار بمسؤولي غازبروم بنك بموسكو، وناقشوا سبل تعزيز التعاون ومن بينها التحويلات المالية الالكترونية.

وتضمنت المراسلات بين شركة النفط السورية الحكومية وشركة نفط "Intertrade " الصغيرة ومقرها دبي في شهر يونيو/حزيران اسم مصرف روسي آخر "نوفي كوم بنك" باعتباره المؤسسة المالية التي تتم عبرها التعاملات المالية.

وتقول الصحيفة ان شركة "Intertrade" اعتذرت عن تأخير غلق العقد بسبب "محدودية المصارف". ولا يتضح من المراسلة فيما اذا تمت تعاملات مالية عبر المصرف. وخلال حديث هاتفي مع الصحيفة نفى رئيس الشركة المذكورة وجود أي علاقات تجارية مع شركة النفط السورية الحكومية او مع سورية. ولكن بعد كشفت امامه الوثائق التي بحوزة الصحيفة قال "لقد بدأنا فقط بوضع اللبنات الاولى للتعاون مستقبلا وهو امر شرعي ومستحسن".

ولم يرد مصرف "غازبروم بنك" على استفسارات الصحيفة فيما اذا كانت الوثائق التي جاء فيها ذكر اسم المصرف اصلية ام لا. بل اكتفى فقط بالقول بانه كانت لديه "علاقات مراسلة" مع المصرف المركزي السوري قبل ان تفرض الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي العقوبات على سورية. " وحاليا لا يتعاون (ولا يجري حسابات دولية) مع المصرف المركزي السوري والمؤسسات المالية السورية". اما مصرف "نوفي كوم بنك" فاعلن انه لا يعلق على "الاشاعات" ورفض الرد على اسئلة تتعلق بزبائن المصرف مستندا في ذلك الى القوانين الروسية.

وتبلغ نسبة النفط المستخرج في سورية 1 بالمئة فقط من الانتاج العالمي (360000) برميل في اليوم. يذهب منها 150000 برميل يوميا لتلبية الاحتياجات الداخلية. وبموجب المراسلات فان سورية على استعداد لبيع البرميل بسعر اقل بـ 10 – 15 دولار من سعر نفط ماركة "برنت" في السوق.

ان تصدير النفط مسألة مهمة بالنسبة لسورية لانها المصدر الاخير للحصول على العملة الصعبة. وحسب الصحيفة يبلغ وارد سورية من النفط شهريا 380 مليون دولار تقريبا.