دويتشه ﭭيله : حتى الخضروات يمكن أن يكون لها تعبير فني أيضا. هذا ما يظهره مشروع مشترك لفنانة وباحث زراعي في معرض دوكيومنتا في نسخته 13 في مدينة كاسل الألمانية. مشروع طبيعي لا يشكل استثناءً في علاقة الفن بالعلم في هذا المعرض العالمي.



في معرض دوكومنتا الفني13 في مدينة كاسل جنوب ألمانيا ينمو الكرنب والبنجر والذرة في مشد مصنوع من قضبان الحديد التي تبلغ حوالي مترين من العلو، تسمح بزراعة متكاثفة في مساحة صغيرة. فكرة توحي بالأهمية المتزايدة للفضاء الشاسع في ضوء النمو السريع الذي يشهده عدد سكان العالم. وهو ما يؤكده يورغن هيس، أستاذ العلوم الزراعية العضوية في جامعة كاسل: "يعيش سبعة مليار إنسان على هذا الكوكب، وقريبا سيصبح عدد سكان الأرض تسعة ملايير". هذا ما يشغل أيضا الكثير من الباحثين الذين يفكرون في كيفية توفير الغداء الكافي لجميع الناس في المستقبل. ولكن ليس فقط العلماء والباحثون من يفكر في حل هذه المشكلة، بل أيضا الكثير من الفنانين مثل الفنانة الأمريكية كلير بينتيكوست التي تبحث هي الأخرى عن سبل وحلول للأمن الغذائي تراعي البيئة وتزايد عدد السكان. هكذا انبثقت فكرة المشروع المشترك مع الباحث الزراعي هيس يورغن. مشروع مثير للانتباه يعرض في فعاليات معرض دوكيومنتا 13.


سماد على شكل سبائك ذهب

من خلال أعمدة الخضروات النباتية تحاول الفنانة الأمريكية والباحث الألماني تقديم بعض الحلول الممكنة. فهذه الأعمدة تحتاج فقط لأساس يبلغ مترا مربعا، ولكنها تقدم مساحة زراعية تقدر بـ 7 أمتار مربعة. لكن الباحث يشير في نفس السياق أيضا إلى ضرورة "تغيير أنماط الحياة والعادات الغذائية في البلدان المتقدمة". كما أن سكان الدول النامية بحاجة إلى تحسين فرص الحصول على الموارد الزراعية خاصة مثل التربة والأسمدة، التي تستغلها الدول المتقدمة بحكم غناها وقوتها السياسية.


أسمدة على شكل سبائك ذهب من ابتكار الفنانة الأمريكية كلير بينتيكوست

و من أجل التعبير فنيا عن هذه المشكلة قامت الفنانة كلير بينتيكوست بابتكار سماد في شكل سبائك الذهب، تعبيرا منها عن أهمية الموارد الطبيعية والأسمدة في مجال التقدم الزراعي. ولهذا الغرض أخذت بينتيكوست السماد، الذي تم تطويره من قبل في إطار مشروع في جامعة كاسل. وفي هذا الصدد يشير البروفيسور هيس إلى أن التعاون بين العلم والفن أمر غير مألوف ولكنه عمل مثمر، لأن " بعض الفنانين والباحثين الزراعيين لديهم نفس الآراء في هذه القضية". و لكن الفنانين لهم مناهج ومنافذ مختلفة للتأثير على المجتمعة ولفت انتباهه. لذا يرى البروفيسور الألماني أن معرض دوكيومنتا 13الذي يمتد حتى منتصف شهر سبتمبر القادم، يُعد "فرصة رائعة لتقديم أفكارنا العلمية في حلة فنية لتصل إلى الكثير من الناس".

ويعود الفضل لهذا التعاون الناجح بين العلم والفن في معرض دوكيومنتا 13 إلى رئيسة المعرض كارولين كريستوف باكارغيي، التي تحاول أن تعطي للفن بعدا ومفهوما واسعا. ولهذا فإنها تحاول من خلال الفن كسر القيود السياسة وخلق فضاءات واسعة للنقد الاجتماعي والفلسفة والعلم. ويظهر هذا أيضا بوضوح من خلال مشروع آخر تشارك فيه جامعة كاسل الألمانية أيضا.


إشراك السكان

بشراكة مع مبادرة للفنانين "And And And". يقوم مصممون للمناظر الطبيعية وعلماء الاجتماع بتحويل الأراضي البور في المناطق الحضرية إلى حدائق نموذجية. "الهدف من ذلك ليس فقط إنشاء حديقة"، كما تقول لينا ايكارت، باحثة في قسم العلوم الإنسانية، بل يكمن الهدف الأساسي من هذا المشروع المشترك في إيصال رسالة مفادها "أن الإنسان بإمكانه أن يؤثر على بيئته ومحيطه"، ذا فهو يعتمد أيضا على إشراك سكان مدينة فيه. فذلك على حد تعبير ايكارت أمر مهم جدا وتقول "يجب أن يشاركوا في تصميم الحدائق النموذجية في أحيائهم الممثلة في المعرض".


سيباستيان تسينتل على يسار الصورة وهو يزرع صحبة جيرانه بعض الشجيرات النموذجية

وهذا ما يفعله سيباستيان تسينتل،الذي يسكن في إحدى البنايات الشاهقة بجوار بعض المروج البرية العشوائية في مدينة كاسل. ولكنه إذا نظر الآن من نافدة شقته في المعرض فإنه يرى الخضروات المتنوعة. الأمر الذي جعل تسينتل يأتي بانتظام للمعرض لكي يسقي الخضر والنباتات ويزرع أشياء جديدة. وبهذه الطريقة استطاع أيضا أن يتعرف على بعض الجيران، الذين لم يكن يعرفهم من قبل. وهو يأمل الآن أن تبقى حدائق حي دوكيومنتا 13 لوقت طويل. ووفقا لمخططات الباحثين المشاركين فإن المشروع سيبقى مستمرا. مشروع الحدائق كما يؤكد الفاعلون ليس مشروعا يقتصر على 100 يوم خلال فعاليات دوكيومنتا 13 بل هي فقط الشرارة الأولى.