درة - محمد بن سعد : في ديسمبر 2011 - كشفت دراستان علميتان عن ارتفاع معدل حموضة المحيطات بسبب زيادة انبعاث ثاني اكسيد الكربون في الهواء والذي يتحلل في مياه البحار ويساعد على حموضتها إلى معدل لم تصل إليه منذ 55 مليون سنه مما يهدد الأسماك. وأوضحت الدراسة الأولى التي أجراها عالم الأحياء المائية الألماني "اندريا – فروميل" فى معهد "ليبنز" للعلوم البحرية فى المانيا انه شهد تدهور فى نوعية من الأسماك تعرف باسم "غادس اسمر" وهى نوعية تعيش على أعماق تتراوح ما بين 200 الى 500 متر.



وأكد أن التدهور يظهر خاصة فى بعض اعضائها مثل البنكرياس والكبد والكلى بسبب ارتفاع نسبة ثاني اكسيد الكربون التي تؤدى إلى حموضتها مما يكون له تأثيرا على الأسماك التي تعيش فيها وقد ارتفع مستوى الحموضة من 1800 جزئي فى كل مليون إلى 4200 جزئى فى المليون.

وأشارت الدراسة الثانية التى قام بها عام الأحياء الأمريكي "كريستوفر – جوبلر" فى جامعة نيويورك ان الكائنات البحرية التي تتعرض لمثل هذه الحموضة تنفق بنسبة 50 في المائة إلى 75 في المائة بسبب ارتفاع مستوى ثاني اكسيد الكربون. كما أفاد العالم بأن هذه الأوضاع من شأنها ان تحدث اضطرابا في السلسلة الغذائية لبعض أنواع الأسماك التي تعيش في المحيط الهادئ والمياه الباردة والمناطق القطبية.

واليوم - نقلا عن كيمبردج / بريطانيا - رويترز : قال علماء يوم الاثنين إن زيادة حموضة مياه المحيطات الناجمة عن تغير المناخ تعوق نمو أصداف المخلوقات البحرية من الرخويات إلى قنافذ البحر وسيكون هذا الاتجاه على الارجح أشد وطأة في المناطق القطبية. وربما يعطل ضعف الأصداف الواقية لبلح البحر والمحار والكركند وسرطان البحر السلاسل الغذائية البحرية من خلال جعل المخلوقات أكثر عرضة لهجمات الحيوانات المفترسة الأمر الذي قد يقلل المأكولات البحرية التي يتناولها البشر.



وقال المركز البريطاني للمسح القطبي في بيان عن النتائج "تشير النتائج إلى أن زيادة الحموضة تؤثر على حجم ووزن الأصداف والهياكل العظمية وينتشر هذا الاتجاه في الأنواع البحرية."

وتشمل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج عن حرق الوقود الاحفوري وينتهي المطاف ببعض ثاني أكسيد الكربون في المحيطات حيث يذوب ليكون الحامض.

وتقول الدراسة التي نشرت في دورية (التغير البيولوجي العالمي) "Global Change Biology" إن زيادة حموضة المحيطات تجعل من الصعب على المخلوقات استخلاص كربونات الكالسيوم - وهو مركب حيوي لنمو الهياكل العظمية والأصداف - وخاصة من المياه الباردة في المحيط المتجمد الشمالي وحول القارة القطبية الجنوبية.



وقال البروفسور لويد بيك من المركز البريطاني للمسح القطبي لتلفزيون رويترز في مقابلة "عندما تزيد البرودة يصعب استخلاص كربونات الكالسيوم من مياه البحر وتصبح الهياكل العظمية للحيوانات أضعف." وقال عن الدراسة التي قام بها علماء في بريطانيا واستراليا وسنغافورة إن تحولا نحو زيادة حموضة المحيط سيجبر الحيوانات على الارجح لأن تكون هياكلها العظمية أصغر حجما. وأضاف "نعتقد أن المناطق القطبية وخاصة القارة القطبية الجنوبية من المحتمل أن تكون في المراكز الأولى حيث تواجه الحيوانات هذه المشاكل الخطيرة لتكوين هياكل عظمية." واشار إلى أن التغييرات الجارية في المياه الباردة ستكون على الارجح علامة على ما يمكن توقعه في المستقبل في المناطق المعتدلة والمناطق الاستوائية.



وعكف الخبراء على دراسة أربعة أنواع من المخلوقات -الرخويات وقواقع البحر وذوات القوائم الذراعية وقنافذ البحر - في 12 موقعا في شتى أنحاء العالم من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي. وقالت الدراسة "حقيقة أن نفس التأثير يحدث باستمرار في جميع الأنواع الأربعة تشير إلى تأثير واسع الانتشار في الأنواع البحرية ومن ثم فإن زيادة حموضة المحيطات ستقلل تدريجيا من توافر كربونات الكالسيوم." وأضافت أن الحيوانات تطورت في الماضي لتكون قادرة على العيش في الأماكن التي يصعب الحصول فيها على كربونات الكالسيوم - مثل ما هو الحال عليه في القارة القطبية الجنوبية - من خلال تكوين هياكل عظمية أخف وزنا.

لذلك هناك أمل في أن تكون قادرة على أن تتطور مرة أخرى من أجل التكيف. وقالت سو آن واتسون من جامعة جيمس كوك في استراليا "عند اعطاء الوقت الكافي وبطء معدل التغيير بدرجة كافية قد يساعد التطور مرة أخرى هذه الحيوانات في البقاء على قيد الحياة في محيطاتنا." نهاية تقرير رويترز



أما عن تزايد حموضة المحيطات، وتلاشي الحياة البحرية - في القرنين الماضيين، وفي عمليات غير مسبوقة في التاريخ الجيولوجي للأرض، تغيرت كيمياء المحيطات. فقد أصبح ماء البحار والمحيطات أكثر حمضية بنسبة 30% تقريباً وبالرغم من أن هذه الحموضة لم تتسبب حتى الآن في حرق جسم الإنسان الذي قد يوجد في هذا الماء، إلا أنها أخذت تذيب الأصداف وغيرها من الهياكل الكلسية الخارجية للعديد من الكائنات الحية البحرية، بما يعني كوارث مستقبلية خطيرة تهدد الأنظمة الحيّة ككل في عالم البحار والمحيطات.

في السنوات الأخيرة، على سبيل المثال، أصبحت أصداف حلازين الماء أكثر رقة، وأخذت الهياكل الخارجية لبعض الحيوانات بالذوبان والتلاشي. وإذا استمرت الحموضة في الارتفاع فإن الأنظمة البيئية التي لم تتأثر حتى الآن، ستصبح مهددة أيضاً، كما سيزداد التأثير على الحيود المرجانية التي تعاني كثيراً في الوقت الحاضر، مما سينعكس سلباً بالتالي على تنوع هائل من الحياة البحرية يعيش في مناطق هذه الحيود.

ويقول العلماء إن سبب زيادة الحموضة هذه غير مفهوم جيداً حتى الآن. ويقولون إنه منذ بداية عصر الصناعة، امتصت المحيطات أكثر من ربع كميات ثاني أكسيد الكربون التي انبعثت إلى الغلاف الجوي. وقد كان الاعتقاد سابقاً أن عملية الامتصاص هذه أمر جيد، إذ تقلل حدة ظاهرة الدفيئة أو ارتفاع درجة حرارة الأرض. لكن يبدو أن ثمن هذه الفائدة كان باهظاً جداً، فعندما يمتزج ثاني أكسيد الكربون مع ماء البحر، فإنه يكون حمض الكربونيك. وفي آخر مرة ارتفعت فيها حموضة مياه المحيطات بصورة كبيرة، وكانت قبل 65 مليون سنة نتيجة نشاط بركاني، حدث الانقراض العظيم للكائنات الحية. والكائنات الحية التي نجت، احتاجت إلى قرون عدة للتكيف مع البيئة الجديدة، وهو وقت لن يكون متاحاً للكائنات الحية البحرية التي تعيش حالياً إذا لم يتم عمل شيء لدرء الأخطار عنها.

حتى الآن لا يوجد حل سهل، فقد اقترح المهندسون الجيولوجيون وضع 300 بليون قدم مكعبة من الحجر الكلسي في البحار المحيطات. لكن الكلفة الباهظة والتأثيرات السلبية المحتملة والنتائج الايجابية المؤقتة تجعل الاقتراح غير مشجع. ويبقى أن الحلّ الأفضل، وربما الوحيد، تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتبعاً لما يقوله هاوك كايت بوويل الباحث في معهد وودز هول لعلوم المحيطات في ماساشوستس، فإن ضريبة الكربون هي الحل الأمثل. فتبعاً لأحد التقديرات، فإن ضريبة مقدارها 5ر12 دولاراً لكل طن منبعث إلى الجو من ثاني أكسيد الكربون، ستقلل من هذه الانبعاثات بنسبة 30%، بما يعني تخليص المحيطات من 214 مليون طن تقريباً من الملوثات كانت ستدخل إليها. وعملية كهذه لن تخلص مياه المحيطات من حموضتها، لكنها ستوفر لها ولنا بعض الوقت للتوصل إلى حل فاعل لهذه المشكلة العالمية.

الصورة المرفقة تشير إلى التغير في درجة حموضة مياه المحيطات منذ عام 1885م إلى ما هو متوقع في عام 2085م إذا استمرت الأمور كما هي عليه الآن. وتبعاً لما يقوله العلماء، فإن الرقم الهيدروجيني (درجة الحموضة) لمياه المحيطات انخفض من 2ر8 (يمثله اللون الأزرق في الصورة) في عام 1885م إلى حموضة أكثر بلغت 8 (اللون البرتقالي) في عام 1985م. وبحلول عام 2085م فإن الرقم سيصل إلى 8ر7، أي حموضة أعلى (اللون الأحمر).