بسم الله الرحمن الرحيم


نظر إلى وجهها نظر المتيّم الولهان وأزاح برفق وحنان خصلة شعر كانت متدلية على وجهها ورفع الغطاء ليغطي كتفيها الجميلتين وفعل كل ذلك برفق ولطافة خشية أن تستيقظ من نومها وخوفا من أن يؤرق نومها؛ فقد كانت سهرة عامرة بالأفراح بينه وبين زوجه كانت سهرة جميلة وأنيقة ورائعة ومع كل هذه الاحتياطات التي اتخذها حتى لا يؤرق نوم زوجته الغالية فتحت زوجته عينيها فوجدت زوجها بقربها يربت على ظهرها رأت فيه النظرة الحانية واليد الحامية والمأمن من غدرات الزمان وداراتِ الأيام؛ ابتسمت ابتسامة خجلى حملت معها كل معاني الرضا والسعادة وحركت أجفانها حركة الرضا فطار لبّ الزوج وكأنّه ملك الكون كله والسعادة بعينها.
مضت تلك الساعات وكأنها قطعة من الجنة اقتُطعت لتُصب في أحضان الزوجين الحبيبن الغاليين؛ وكانا كلما أراد أحدهما أن ينهض من سريره اجتذبه الآخر بقوة ليعيش أكثر وأكثر في هذه الجنة الخلابة؛ لكنّ ساعات الزمان لا تمهل الجمال ولا تنتظر لحظات الصفاء والحلاوة ولا يعكر صفو اللحظات الجميلات إلا كرّةُ الساعات وتقدم الأيام.
انتفض الزوج يريد أن يذهب إلى عمله وأسرع فقالت الزوجة ببرودة: حبيبي أرجو أن تصلح مأخذ الكهرباء قبل أن تذهب فأنا بحاجة له اليوم فقال الزوج: سأفعل ولكن لو أخبرتني قبل الآن؛ لم ترد الزوجة وبقيت مستلقية في فراشها وفجأة سمعت صوت الزوج ينادي من المطبخ ( وين مفك البراغي ) فقالت: في مكانه.
بعد قليل سمعت صوت زوجها بنبرة أشد لم أجد شيئاً أين وضعتيه؟ قالت الزوجة بتململ: أنا لا أعمل به وليس بي له حاجة انظر أين وضعته أنت ؟ غضب الزوج وصاح بصوت عال: قومي يا كسلانة وابحثي عنه معي.
قامت الزوجة تتهادى ببطئ وتبحث مع زوجها بلا خاطر ولا رغبة وهي تتمتم بكلام غير مفهوم.
قال الزوج : ماذا تتكلمين؟
قالت: لا شيء.
قال الزوج بعنف : بل أريد أن أعرف
قالت: أنا شو علاقتي بمفك البراغي هذا عمل الرجال وليس عملي قاطعها الزوج بعنف: اخرسي على الأقل يجب أن تعرفي أين حاجيات البيت.
قالت الزوجة: الحق عليك فأنت لا تعيد الأشياء التي تستعملها إلى مكانها.
قال الزوج وهو يمسك فمها : اسكتي اسكتي لو كنت مهتمة ببيتك لعملت وراء زوجك وأرجعت كل شيء إلى مكانه.
قالت الزوجة: ارفع يدك عن فمي سوف تقتلني ما في قلبك رحمة ولا شفقة ؛ أصلاً أنت هكذا ترمي كل شيء عليّ قال الزوج: اسكتي اسكتي قالت الزوجة: لا أريد أن أسكت.
قلت لك: اسكتي وإلا ضربتك.
قالت الزوجة:والله إن ضربتني لا أقعد لك في البيت رفع يده ليضربها فهربت من بين يده واختبأت في غرفة النوم لحقها بسرعة البرق فأقفلت الباب.
قال الزوج: افتحي الباب. قالت الزوجة: لن أفتح أعاد الطلب منها افتحي الباب فأعادت الجواب لن أفتح قال لها: سأكسر البلور, فسمع صوتها من الداخل يصيح:لن أفتح ضرب بيده الباب فكسر البلور فجرحت يده وسال الدم ولكنه لم يستطع أن يدخل الغرفة ثم قال وهو يرتجف هكذا لم تفتحي الباب فقالت: لن أفتح أبداً قال لها: اذهبي وأنت طالق!!
وقع الطلاق عليها كالصاعقة فمنذ أقل من ساعة كانت الجنة في البيت ما الذي أدخل النار مكانها.
غادر الزوج البيت إلى المشفى وحملت الزوجةُ طفلها النائم وركبت سيارة أجرة وذهبت إلى أهلها.
عاد الزوج إلى البيت بعد أن ضمد جراحه ودخل غرفته يستلقي فيه وهو متعب وما إن استرخى قليلاً حتى رأى مفك البراغي بين ألعاب ولده الصغير.



م. عبد اللطيف البريجاوي