صيدا أون لاين : كانت زوجة الأردني محمد الديسي تعاني من مشاكل نفسية وعصبية مزمنة، ولم تشفَ على الرغم من تلقيها عدة علاجات. ويوم 20/6/2007، شاهد محمد برنامجاً تلفزيونياً يبث على قناة «شهرزاد» التي كانت تستضيف س. ع.، معرّفة عن نفسها بالشيخة سناء، وبأنها عالمة روحانية باستطاعتها حل المشاكل المستعصية، ولا سيما العائلية منها. اتصل محمد بـ«الشيخة سناء»، وشرح لها معاناة زوجته، فقالت له إن أمراً غير طبيعي يلاحق الأخيرة، مؤكدة له قدرتها على حل المشكلة. ثم طلبت منه الحضور إلى بيروت وزيارة القناة. بعد يومين، حضر محمد إلى بيروت، وتوجه إلى مركز «الشركة العالمية للطب البديل» في كورنيش المزرعة، حيث قابل محمد ض.، منسق الاتصالات والمواعيد مع «المشايخ الروحانيين».

herbs332-saidaonline.jpg

في الشركة، دفع محمد الديسي لـ«المنسق» 500 دولار أميركي عمولةً للشركة، ثم أجريت المقابلة مع الشيخة سناء التي وعدته بأن تحل مشكلته وتعيد زوجته المريضة إلى حالتها الطبيعية، مقابل أن يدفع لها عشرين ألف دولار أميركي لشراء المواد اللازمة لذلك، ومنها البخور. وبعدما تفاوض معها على هذا المبلغ، وافقت على خفضه إلى النصف، فحوّل المبلغ المتفق عليه إلى حساب مصرفي عائد لأحمد ن. الذي يتلقى أموال الشركة في حسابه.

بعد الدفع، انتظر الديسي حلاً لمشكلة زوجته، لكن الأيام مرت من دون أن يتحقق شيء من ذلك، ما حَمَلَه على المطالبة باستعادة ما قد دفعه، إلا أن طلبه هذا لم يلقَ تجاوباً.

بالتزامن مع ما تعرّض له محمد الديسي،

حضر حبيب الضحاك إلى لبنان، بهدف مقابلة «الشيخ الدكتور» علي ش. لاستشارته في علاج شقيقه فتحي الذي يعاني من تخلف عقلي. وصل حبيب إلى مطار بيروت، وسأل أحد السماسرة عن عنوان الشيخ المذكور. السمسار أرشد حبيب إلى سائق سيارة أجرة، قائلاً له إن الأخير سيقله إلى المكان المطلوب. وبعدما أجرى الأخير اتصالاً هاتفياً، نَقل حبيب إلى فندقٍ حيث قابل مديرَ الاستقبال أ. أ، وأخبره أنه يريد مقابلة «الدكتور» علي ش، فتكفّل المدير إرشادَه إلى «الشيخ». بعد يومين، أخبر المديرُ حبيب أنه اتصل بالشيخ المطلوب وأطلعه على وضعه، وأن الشيخ المذكور طلب 500 دولار أميركي لإجراء المقابلة، على أن يحدَّد ثمن الدواء لاحقاً. رفض حبيب دفع المبلغ، وقصد فصيلة الدرك في البرج التي طلب محققوها منه أن يلتقي الشيخ. عاد حبيب واتفق مع أ. أ. على إجراء اللقاء.

وعلى أثر هذا الاتفاق، حضر سائق سيارة الأجرة ذاته واصطحب حبيب إلى مركز «الشركة العالمية للطب البديل والتداوي بالأعشاب»، حيث قابل كاوا ح. الذي يعمل لدى قناة «كنوز»، بعدما نسّق اللقاء محمد ض.

بعد دخول حبيب إلى مركز الشركة دهمت دورية من فصيلة البرج المكان وأوقفت كاوا ح. ومحمد ض. إضافة إلى عدنان م. الذي يعمل مساعداً لمحمد في تنسيق الاتصالات بين الزبائن و«المشايخ الروحانيين».

ولدى التحقيق مع كاوا ح. أفاد بأن سناء تدّعي أنها يمكنها معالجة الأمراض عبر التعامل مع الجن، في حين أن دوره هو تحليل شخصية الزبون من خلال الأبراج وقراءة الأحرف العربية والكف. بدوره أفاد محمد ض. بأن «الشيخ» علي خ. قابل رجلاً تونسياً يعاني من مرض في البطن، وركّب له ثلاث علب من الأعشاب لقاء مبلغ 5100 دولار أميركي.

وتبيّن أن مصطفى ض. هو من أسّس «الشركة العالمية للطب البديل والتداوي بالأعشاب»، وأنه يتولى إدارتها. وأفاد بأن شركته كانت تسوّق مستحضراتها عبر قناتي «شهرزاد» و«كنوز»، وبالتعاون مع منجمين و«روحانيين». وكانت الشركة تتقاضى نسبة 25% من الأرباح، فيما تعود النسبة الباقية إلى «المشايخ والعلماء الروحانيين». وأضاف محمد أن المشايخ يمارسون عملهم في مجال الروحانيات في منازلهم، كالشيخ علي خ. الذي يعمل في منطقتي الجنوب والشياح. ونفى مدير الشركة أن تكون مؤسسته قد عينت سائقاً محدداً لنقل الزبائن إليها، مصرحاً بوجود تعليمات في الشركة بدفع مبلغ 200 دولار أميركي لكل سائق سيارة أجرة يوصل زبوناً، وخاصة للسائقين الذين يرسلهم مدير الاستقبال في الفندق.

وأشار الأخير خلال التحقيق الاستنطاقي إلى أنه كان يتصل بمحطة «شهرزاد» بناءً على طلب من نزلاء الفندق الذين يزودونه برقم الهاتف. وأشار إلى أن الشخص الذي يجيبه عادة يطلب منه إرسال هذا الزبون إلى مركز الشركة العالمية للطب البديل والتداوي بالأعشاب في كورنيش المزرعة، التي كان يجهل طبيعة عملها، مدعياً أنه كان يفعل ذلك لتوفير راحة نزلاء الفندق والحصول على عمولة.

وبعد انتهاء التحقيقات، أحيلت القضية على دائرة الحاكم المنفرد الجزائي في بيروت، القاضي زياد مكنا. وخلال جلسة المحاكمة الختامية المنعقدة يوم 10/6/2008، ولدى استجواب سناء ع. أفادت بأنها مستخدمة في الشركة العالمية للطب البديل والتداوي بالأعشاب. وقال مصطفى ض. إنه أسس الشركة المذكورة مع شقيقه محمد وشخص يدعى علي م. وإنه اتفق مع أحد القيمين على قناة «شهرزاد» على السماح لـ«المعالجين» في هذه الشركة، ومن بينهم المدعى عليهما سناء وكاوا بالظهور في برامج تلفزيونية. ونفى معرفته بمدير الاستقبال في الفندق أو بأن تكون له علاقة بسائق سيارة الأجرة.

أما علي خ. فأفاد بأنه كان يعمل معالِجاً لدى «الشركة» وأنه ظهر بصفة خبير أعشاب، لا بصفة عالم روحاني، وقد أفاد المدعى عليه أحمد ن. بأنه فتح حساباً مصرفياً بهدف الاستحصال على تأشيرة دخول إلى بلجيكا، وأنه طلب من مصطفى ض. أن يضع له بعض المال في هذا الحساب، فوافق هذا الأخير وحصل التحويل مرة واحدة.

وقد رأى القاضي مكنا أن ظهور كاوا وسناء وعلي خ. على شاشتي «شهرزاد» و«كنوز» وتقديم أنفسهم على أنهم «شيوخ»، وذلك «للتأثير في نفوس المشاهدين وخداعهم عن طريق إظهار نواحٍ روحانية في علاج بعض الأمراض». وأضاف مكنا أن هؤلاء تمكنوا من خلال هذا الظهور «من خداع بعض الأشخاص الذين يعانون من أوضاع مرضية ونفسية صعبة»، ومن الاستيلاء على مبلغ مالي من محمد الديسي، إضافة إلى المباشرة بعملية الاستيلاء على أموال حبيب الضحاك. ورأى القاضي زياد مكنا أن هذه الأفعال هي في الواقع أعمال شعوذة تمثّل الجنحة المنصوص عنها في المادة 655 من قانون العقوبات.

ومع الإشارة إلى أن الديسي والضحاك أسقطا حقوقهما الشخصية، وبناءً على ما تقدم، أصدر القاضي مكنا أمس حكماً بحبس كاوا ح. مدة 6 أشهر وتغريمه بمبلغ 500 ألف ليرة، على أن تستبدل المدة الباقية من الحبس والغرامة بغرامة مقدارها مليون و500 ألف ليرة، وهي العقوبة نفسها التي نالها كل من سناء ع. وعلي خ. ومصطفى ض.

كذلك حكم مكنا بحبس محمد ض. وعدنان م. وأحمد ن. مدة 4 أشهر وتغريم كل منهم بمبلغ 500 ألف ليرة واستبدال العقوبة والغرامة بغرامة قدرها مليون ليرة. وإضافة إلى ذلك، قضى الرئيس مكنا بتغريم الشركة العالمية للطب البديل والتداوي بالأعشاب مبلغ مليون و500 ألف ليرة، فضلاً عن تبرئة سائق الأجرة ومدير الاستقبال في الفندق.
نهاية الموضوع


ماذا عن النصابين والنصابات عندنا ؟


للإطلاع على تعليقات عن هذه الأخبار إضغط هنا .