عادات وقناعات
( 1 )



بعد أن طعمت لحم العجل في شهر رمضان المبارك وجدتني أهجر لحوم الضأن والماعز إلى لحوم العين وكلمة العين هي مثنى وجمع مفرد البقرة والثور فبعد مشهد طبخ تلفزيوني وكان الطباخ أو مايعرف بالشيف يشوي على الفحم ريش من أضلع عجل يسيل لها اللعاب حيث تغيرت قناعاتي في أكل اللحوم الحمراء حيث كانت لاتتجاوز لحوم الضأن فأضفت إليها لحوم العين

وبمناسبة الحديث عن القناعات في عادات الأكل والشرب عند الشعوب فاليابانيين وإلى عهد قريب توارثوا معتقدا شعبيا خاطئا بأن مصادر الحليب
هي غدد مقززة في ضروع الماشية وكل المواشي على مطلقها

وفي بلادنا على سبيل المثال أهل البوادي والسهول لايأكلون لحوم العين إلا فيما ندر وإن أكلوا منها فهم لايأكلون أكبادها أبدا ويأكلون إلى جانب لحوم الضأن لحوم الجمال ويحبونها حبا جما في الوقت الذي لايأكله سكان المنطقة الغربية في معظمها وسكان مرتفعات عسير

يعني البدو ياكلون الضبان والجرابيع وكثير مما تنبت الأرض من بصلها البري والجرجير البري والحواء والحميض وشوي طيور الفخاخ وبلعها واهل الشرقية وجدة يحبون السمك ويعرفون اساميها وكيف ياكلونها

وذات مرة قدم على أحد أهالي نجد ضيف من جدة واشترط الضيف على المضيف اكلة سمك وراح المضيف واشترىكوم كبر الذبيحة وطلب من المسيكينة ام العيال تسوي الطبخه اللي ماقد سوتها وحارت في ورطتها وصارت عشرها حيص بيص ولكنها حسمت المسألة وقربت القدر والمركب وشبت النار وحطت السمك بقشره وخيرات بطنه في القدر مع الماء الحاروكبست الرز عليه وقدمت الخبصة للضيف ابو سمك

اشتهر أهل مصر بأكلة الفسيخ التي ربما لو طعمها أحد غيرهم لسقط شهيدا مبطونا من فوره بسبب عدم القناعة بطعمها وماهيتها وطريقة إعدادها و لاتزال تلك الأكلة قائمة إلى اليوم ولقد دفع الفضول أحدهم لمحاولة أكلها غير أن منظرها ورائحتها أدخلا الرعب في معدته التي أخرجت مافي جوفها وكادت تلحق بما دفعت قرفا وهلعا وعاد المش المصري وما أدراك ما المش

في التسعينات الهجرية وأوائل القرن الخامس عشر الهجري كان أصدقائنا الكوريين يتواجدون في بلادنا بكثافة لإنجازبعض المشاريع وعلى رأسها التمديدات الكهربائية وقد توافق تواجدهم مع ظاهرة غريبة جدا حيث افتقدنا جيوش الكلاب الجوالة في شوارعنا

وكنا نعتقد أن بلدياتنا برجالها المغاوير هم سبب فناء معظم الكلاب ولكن تبين لنا أخيرا أن أصدقائنا الكوريين هم الذين قاموا بهذه المهمة الإنسانية وكانوا هم الأشجع فالتهموا الكلاب وليتهم التهموا كل الكلاب

وعلى طاري الكوريين وعلى المستوى الدبلوماسي كان أحد سفراء كوريا الجنوبية في بريطانيا قد أنهى فترة عمله هناك فاستضافه وزير الخارجية البريطاني آنذاك في منزله وعند دخول السفير الكوري لمنزل الوزير شاهد جروين من الكلاب صغيرين وهما من فصيلة نادرة وثمينة جدا فأخذ الأخ الكوري يداعبهما ويمسح عليهما بيديه فسر الوزير سرورا شديدا وهو يرى كل هذا التقدير الكلابي المفعم بالحب والإعجاب من السفيرالكوري تجاه جرويه
وفي المطار ودع الوزير السفير وقدم إليه الجروين هدية له ومع السلامة سافر الكوري لبلاده وبرفقته الجروين الإنجليزيين

وبعد نحو خمسة أشهر جاء وزير الخارجية إلى كوريا في زيارة خاصة فاستضافه السفير الكوري في منزله وعند دخوله إلى المنزل داعب السفير قائلا كيف حال الجروين وهل أعجباه ؟؟ فأجابه أنهما جيدين جدا فسأله الوزير بلهفة وأين هما ؟؟
فأجابه لقد أكلتهما وطعمهما لذيذ جدا
فسقط الوزير مغشيا عليه