تمتاز دمشق عن بقية المدن الإسلامية بأنها تمتلك خصوصيةً في الإنشاد الديني، لا تمتلكه أية مدينة أخرى، هذا الإنشاد الذي أسسَّهُ الشيخ «عبد الغني النابلسي» (1641- 1731)، وسار عليه المنشدون الدينيون في دمشق، وحافظوا على تقاليده، ثمَّ جاء من أضاف عليه إضافات قيِّمة، ولكن ضمن سياقه ونهجه، لتترَّسخ تقاليد هذا الإنشاد، ويصبح أحد ملامح دمشق.

62-13-09024058.jpg

الشاعر : عبد الغني النابلسي - القصيدة : بأسماء رب العالمين ابتدائيا - النوع : فصحى


بأسماء رب العالمين ابتدائيا
وبالحمد لا يحصى وبالشكر وافيا

وكم من صلاة مع سلام تبرّكا
أتى بهما عبد الغنيّ موافيا

على خير خلق الله طه وآله
وأصحابه مع من لهم كان تاليا

وبعد فهذا عقد درّ نظمته
لمن كان في نيل الكمالات ساعيا

فخذه بإخلاص وكن موقنا به
ولا تك عن مضمونه متلاهيا

وواظب عليه في الصباح وفي المسا
به تدرك المأمول إن كنت داعيا

وقل فيه يا ألله حقق مقاصدي
وبالعفو يا رحمن كن لي معافيا

وبالرحمة اغفر يا رحيم خطيئتي
ويا ملك اجعلني بحكمك راضيا

وللقلب يا قدّوس قدّس عن السوى
وفي الحشر سلم يا سلام محاميا

ويا مؤمن ارزقني الأمان من الردى
وللحق كن لي يا مهيمن هاديا

وبالعز فارفع يا عزيز مكانتي
وللكسر يا جبار فاجبر مؤاسيا

وكبر عطائي منك يا متكبر
ويا خالق اجعلني عن الشرّ لاهيا

من النار يا باري أنلني براءة
وصوّر مقامي يا مصوّر عاليا

وللذنب يا غفار فاغفر تكرّما
وبالقهر يا قهار فارم الأعاديا

إلى الخير يا وهاب هب لي هداية
تدوم ويا رزاق أجزل عطائيا

وبالعلم يا فتاح فافتح على الذي
لأمرك ألقى يا عليم المراسيا

ويا قابض اقبضني على الحق مسلما
ويا باسط ابسطني وكن لي مصافيا

ويا خافض اخفض قدر من رام لي أذى
ويا رافع ارفعني على الضدّ راقيا

وذلل سريعا يا مذل من افترى
عليّ وعزز يا معز جنابيا

دعوتك فاسمع يا سميع شكايتي
وأنت بصير يا بصير بحاليا

ويا حكم احكم بالذي أنت أهله
ويا عدل كن لي دون غيرك واليا

وباللطف عامل يا لطيف وأنت يا
خبير فحالي لم يكن عنك خافيا

سألتك حلما يا حليم فإن لي
ذنوبا عظاما يا عظيم ضواريا

بمغفرة نك يا عفور مساعدي
وللشكر وفق يا شكور مراعيا

وقدري كبريا كبير من التقى
وبالخير أعل يا عليّ مقامنا

وللقلب فاحفظ يا حفيظ وأنت يا
مقيت فصير قوتي الذكر حاليا

وكن أنت حسبي يا حسيب وأجل لي
أمورا أشابت يا جليل النواصيا

وبالحق حقق لي الكرامة منك يا
كريم وكن لي يا رقيب مناجيا

أجب لي دعائي يا مجيب تفضلا
ويا واسع اجعلني لوجهك رائيا

وبالحكمة افتح يا حكيم عليّ يا
ودود فجد بالودّ لي منك صافيا

ومجد صفاتي يا مجيد لدي الورى
ويا باعث ابعثني غدا منك ناجيا

وحقق شهود القلب يا حق فيك يا
شهيد وكن للوهم عني ماحيا

وكلت أموري يا وكيل إليك يا
قوّي فكن عني الأعادي مقاويا

ومتن فؤادي يا متين على التقى
ووال عطائي يا وليّ تواليا

وكم لك عندي يا حميد محامد
متى احص يا محصي ظننت تناهيا

وبالفضل يا مبدي بدأت لناويا
معيد علينا عد بفضلك ثانيا

بك القلب يا محيي فأحى ومنه يا
مميت أمت ما عاقه عنك راعيا

ويا حيّ طيب لي حياتي وقم على
أموري يا قيوم بالرفق كاليا

ويا واجد اسعفني وأوجد لي المنى
ويا ماجد اجعلني بمجدك ساميا

وقلبي من الأغيار يا واحد اختطف
ويا أحد امحق فانيا وابق باقيا

ويا قادر اجل لي على الخير قدرة
ومقتدر اجعل عنك سمعي واعيا

وقدّم مقامي يا مقدّم بالتقى
وللسوء أخر يا مؤخر كافيا

ويا أوّل ارفعني إلى أوج سدرتي
ويا آخر اكشف عن فؤادي التعاميا

ويا ظاهر اجعلني بأمرك ظاهرا
ويا باطن ارفع غفلتي والتلاهيا

وفي الصدق يا والي أنلني ولا ية
ويا متعالي منك هب لي معاليا

ويا برّ جد بالبرّ لي وعليّ تب
بفضلك يا توّاب لاتك خازيا

ومنتقم ابطش في أولي البغي واعف يا
عفوّ عن الجاني وكن متلافيا

إلى الحال فانظر يا رؤوف برأفة
ويا صمد اقض حاجتي والأمانيا

ويا مالك الملك انتصر لي على العدى
ويا وارث اجعلني لغيرك ساليا

ويا ذا الجلال ارفع حجاب بصيرتي
والإكرام أكرمني وكن بي مباهيا

ويا مقسط اجعل قسطي الدين والهدى
ويا جامع اجمعني عليك مواتيا

وكن مغنيا لي يا غنيّ عن الورى
وللفقر يا مغني أزل بك واقيا

رجوتك يا معطي فجد منك بالعطا
ويا مانع امنعني عن السوء حاميا

ويا ضارّ من كل المضرّات وقني
ويا نافع انفعني وعطي المساويا

ويا نور فاكشف عني الجهل والعمى
وذكرك يا هادي لنا اجعله شافيا

وهب لفؤادي يا بديع بدائعا
من الفتح يا باقي وحل المعانيا

وكن مرشد لي يا رشيد إلى المنى
وبالصبر وفريا صبور الدواعيا

وأسألك اللهم يا خالق الورى
ويا آمرا في العالمين وناهيا

ويا باعث الأموات تكتب كل ما
له فعلوا حتى تكون مجازيا

بأسمائك الحسنى العظام التي لنا
نبيك طه عنك قد كان راويا

وما قد تجلت فيه من كل مظهر
سيأتي وما في الحال أو كان ماضيا

وما في حروف الكائنات من الذي
له نورك الفياض لا زال حاويا

أجبني إلى ما قد دعوتك سيدي
ومني تقبل منه ذي القوافيا

وكن للذي يدعو بها حافظا وكن
مجيبا له في كل ما كان ناويا

وصل وسلم كل وقت وساعة
صلاة وتسليما يفوق الغواليا

وشرف وكرّم خير تشريف اعتلى
وأبلغ تكريم يطيب تلاقيا

وفضل وعظم خير تفضيل ارتقى
وأكمل تعظيم تتابع ناميا

وزد في الورى فخرا ومجدا وسؤددا
ورفعة قدر دائماً وتعاليا

وبارك كما تختار أنت وترتضي
مباركة في الهطل تحكي الغواديا

وأعل علوّا دام سرّا وجهرة
وأسعد كذا وامنن وأيد مواليا

على أحمد المخنار من نسل هاشم
ومن حاء يروي بالهداية صاديا

ومن رحم الله الوجود ببعثه
وكرّمنا طرّا قريبا ونائيا

ورضوان رب الناس عن كل آله
وأصحابه جمعا خفيا وباديا

وتابعهم بالخير في كل مدة
ومن في البرايا قد أجاب المناديا

وأهل الصفا بالله في كل مشرب
لدينا ومن خلوا العصور الخواليا

وعمم جميع المسلمين إناثهم
وذكرانهم حتى مطيعا وعاصيا

مدى الدهر ما صال الصباح على المسا
وما كرّت الأيام تتلو اللياليا