بسم الله الرحمن الرحيم


• المصالح الإيرانية في فلسطين في ضوء الأوضاع الحالية:

في هذا الوجود المخضوب بألاعيب السياسة، تبدو إيران حريصة على المصالح الفلسطينية والمقدسات الإسلاميَّة فيها، ولقد كان من بين الشعارات الأخاذة لنظام الثورة الإيرانيَّة بعد أن طوَّحت بنظام الشاه، وأخذت على عاتقها مبدأ تصدير الثورة، وتزامنوا مع مبدأهم ذاك برفع شعار " اليوم إيران وغداً فلسطين" وهو الشعار الذي دغدغ مشاعر وعواطف المسلمين، يوم أن رأوا الأمَّة المسلمة قد هزمت في حروب سابقة، لكنَّ جمعاً من المراقبين كانوا يعلمون أنَّ إيران تسعى لكسب نفوذ لها في منطقة الشام وبالذات في فلسطين، باعتبارها منطقة ذات حق عادل، ومحتلة من قبل بني صهيون، ولهذا فإنَّهم يركزون في خطاباتهم وكثير من ندواتهم ومؤتمراتهم بضرورة استرداد القدس والأقصى وفلسطين، والدندنة على كراهية ما يسمَّى بـ (إسرائيل)!

وفي الحقيقة فإنَّ سعي أي دولة لدعم القضايا العادلة، أو الحقوق القانونيَّة الصحيحة، أمر لا غبار عليه ولا غضاضة فيه، فكيف الحال إذا كان الوضع متمثلاً بدولة ذات ثقل سياسي كإيران ولها عقيدتها التي تنطلق منها وأجندتها الخاصة بها، ثمَّ تقوم بنصرة قضية فلسطين كواجب ديني يدعو ساستها لكي يحرروها من براثن اليهود، ولكن أن يكون هذا مدخلا لتسويق الأفكار والمبادئ، فمن خلال هذه الزاوية ينبغي أن يكون لكل طرف يعتقد عقيدة ، أن يكون على خبرة وعناية فائقة بمآرب القوم، ذلك أنَّ المؤمن كيِّس فطن، كما أنَّه ليس بالخب وليس الخب يخدعه.


• مغزى الدعم الإيراني... أبعاد بلا حدود!

هناك من يحمد إيران ليل نهار لأنَّها كانت وراء دعم الفلسطينين، للمقاومة(العادلة)، أو الحكومة الفلسطينية، ويظنَّ أنَّهم يدعمون القضية الفلسطينيَّة لأجل النصرة الإسلامية، بيد أنَّ المسألة لها أبعاد من الأهمية بمكان أن يدركها كل من تهمه القضية الفلسطينية، ومن المعلوم أنَّه ليس كل من دعمك بمال أو رأي، أنَّه يحبك أو يؤيدك، بل هناك من تكون لهم دوافع وخلفيات ومساحات واسعة يستطيعون من خلالها تحقيق مكاسب سياسية واجتماعيَّة، فهل كانت دولة أمريكا ساعداً مهماً في كسر شوكة الدب الأحمر الروسي محبَّة للفصائل الأفغانية المقاومة للاحتلال السوفيتي، أم انَّها كانت تستخدم تلك النصرة لتحقيق مكاسبها الشخصيَّة التي أدركها الجميع، وكذلك الحال مع إيران الدولة العقائديَّة التي أخذت على عاتقها نصرة العقيدة الشيعية وتصدير الثورة الإيرانيَّة الخمينيَّة، وذلك لكي يقولوا للعالم الإسلامي: هل هناك دولة عربية تدعم فلسطين كما تدعمها إيران؟! كما صرَّح بذلك: أحمدي نجاد في حديث له في تلفزيون العراقية.

ومن خلال استعراض طريقة تعامل كثير من المسلمين مع الأحداث ، أخذ كثير منهم تلك التحولات السياسية والاستراتيجية بمبدأ إحسان الظن، وطيبة القلب الزائدة، مع أنَّ الملاحظ والمتابع للمآرب الإيرانيَّة في دعم القضيَّة الفلسطينيَّة لن يجدها تخرج عن هذه الأسباب التالية:
1) سبب ديني: فهم بلا ريب ينظرون لليهود على أنَّهم كفرة محتلون لفلسطين، وأنَّ واجبهم الديني يقوم على تحرير فلسطين من الاحتلال اليهودي، مع أنَّ خلف الكواليس تمازجات إيرانيَّة يهوديَّة تقوم على المصالح التي يستفيد منها كلا الطرفين، ولكن كمبدأ فإنَّ إيران تتمنَّى أن يطرد اليهود من فلسطين، ليحلو لهم الحال لتصدير" الثورة الإيرانية الشيعية" ومحاولة إشعار الناس أنَّه لا أحد يهتم بالقضية الفلسطينية كدولة كما تهتم بها إيران، ولأجل زرع نواة للتشيع في فلسطين،لانخداع الناس بخطاباتها ودعمها ومهرجاناتها نصرة للقدس والقضية الفلسطينية، ولهذا تعقد لها الندوات والمؤتمرات العالمية لنصرة القدس، والإيرانيون يقومون كما هو معروف في آخر جمعة من شهر رمضان بالقيام بمؤتمر عالمي عن القدس وما إلى ذلك، فقد ينخدع بعض المسلمين من أهل السنة بمثل هذه التوجهات الإيرانيَّة ظانين أنَّ إيران تمثِّل الإسلام الحقيقي، مع أنَّ الذي ينبغي أن يكون حاضراً في الذهن أنَّ المشروع الإيراني كما هو معروف عنه مشروع توسعي استعماري يريد غزو العالم العربي والإسلامي بعقيدته ودعمه وماله، ليكون له موطئ قدم ينشر من خلاله عقيدته التي يؤمن بها ويبشر بها.
ومن ضمن الأمور التي يسعون لها أنَّهم يؤمنون بعقيدة عودة المهدي الذي دخل إلأى سرداب في سامراء يوم أنَّ كان طفلاً وأنَّه سيكبر ويخرج من ثقب من السرداب، ويكون نصيراً وظهيراً للشيعة على عدوهم ويحكم مهديهم العالم، وتكون لهم السيطرة التامة على الأرض وليقاتلوا اليهود لتخليص العالم من شرهم وليكون العالم تحت سيطرتهم، وللشيعة عقيدة مفرطة بالغلو والتطرف حيث إنَّ من عقائدهم أنَّ المهدي سيقوم بقتل النواصب من أهل السنَّة، وأنَّ الله سيحيي عائشة رضي الله عنها ليقوم المهدي بتطبيق حد الزنا عليها والعياذ بالله !

2) سبب سياسي استراتيجي: وذلك بتحقيق مكاسب سياسية ولفت نظر المقاومة أنَّ الدولة التي يمكن أن تحتضنهم وترعاهم هي إيران، كما يطمح الإيرانيون أن تكون هذه الفصائل ورقة تستطيع أن تلعب بها وتخيف بها تلك التيارات الأخرى الموجودة في المنطقة من اللوبي الصهيوني، ولتكون هذه المقاومة فزَّاعة تستطيع أن تحقق إيران من خلالها مكاسب سياسية وحقيقية، فهي تريد أن تفرض نفسها وبقوة تجاه العدو الأمريكي لها، فهناك مشروع إيراني صفوي فارسي توسعي امتدادي أخطبوطي تجاه المشروع الأمريكي الاستعماري، ودولة إيران تحاول قدر الإمكان أن تلعب مع دولة اليهود الصهاينة بالعصا والجزرة، فهي لا تعترف بها دولة في فلسطين، ومع هذا قد تتعاون مع اليهود سراً لأسباب اقتصادية وبراغماتية كبيع الفستق الإيراني لدولة اليهود وما إلى ذلك، وكذلك ما حصل من فضيحة (إيران غيت) حيث كانت تتلقَّى إيران من الولايات المتحدة الأمريكية إبَّان حربها مع العراق بعض الأسلحة المتطورة والصواريخ بعيدة المدى، وكانت هذه مأسأة يتمنَّى الإيرانيون أن يتناساها العالم الإسلامي، ولا ننسى ما اعترف به رئيس إيران في عهد الخميني(أبو الحسن بني صدر) على قناة الجزيرة بتلقيه دعماً عسكرياً من (إسرائيل) وبعلم الإمام الخميني!

منقول من صيد الفوائد
خبَّاب بن مروان الحمد