تداول الأسهم السعودية .•°•. الأحـــد °•.•°

• مؤشر (تاسي) الرئيسي • إغـلاق 12,198.38 نقطة • إنخفاض 0.06 نقطة • بنسبة 0.00% • ارتفاع اسهم 60 شرِكة • إنخفاض اسهم 160 شرِكة • القيمة المتداولة 4.4 مليار ريال سعودي • الكمية المتداولة 200 مليون سهم
النتائج 1 إلى 10 من 47

العرض المتطور

  1. #1
    عضو شرف فخري
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    111
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    الحلقة الخامسه


    لقطات من حياة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم )

    ينتمي النبي محمد ( ) لقبيلة قريش العريقة في منطقة الحجاز بالجزيرة العربية والتي تعيش في مكة ، والتي لها أسماء أخري منها أم القرى و بكة ، القبيلة كانت لها الزعامة الدينية بين القبائل العربية باعتبارها تنتمي الي نسل إسماعيل ابن إبراهيم خليل الرحمن ، واللذان بنيا البيت العتيق أو الكعبة هناك كأول بيت عبادة وضع للناس في الأرض ، كانت قريش قبيلة تجارية تنظم لنفسها رحلتان تجاريتين أساسيتين في العام ، واحدة للشام وواحدة لليمن ، كان مكة البلدة وقريش القبيلة تمثلان نوعا من المركزية الدينية في الجزيرة ، كان العرب في معظمهم عبدة للأصنام ، لم يكن الإله الخالق غائبا عن وعيهم تماما ، ولكنهم كانوا يشركونها معه في العبودية ، أي أن الله الذي نادى به موسى والأنبياء غيره كان هو رب الأرباب ،

    المكان كان يعيش فيه نسل لإبراهيم يحملون في قلوبهم إجلالا للبيت الذي بناه وابنه ، وإجلالا لهما كجدين . كان العرب قد مالوا لعبادة الأصنام بعد قرون من عصر إسماعيل ، واغلب الترجيحات تشير إلى أن الفكرة كانت منقولة عن الشام الذي كان ينظر له كمهد للديانات ، لم تكن مكة مدينة روحية بالمعني الحرفي للكلمة ، إنها بلدة ثرية بها كل شيء ، أصنام ومجالس شعر وصفقات تجارية وأماكن لهو وعدد كبير من السراة الذين اغتنوا بسبب الموقع التجاري الوسيط للبلدة ، والقليل من الباحثين عن الحقيقة الذين يشعرون بالنفور من عبادة الأصنام المقتنعون تماما بأن الجدين الكريمين لم يكونا الا موحدين ،

    بلدة حية ولكن بدون عواصف ، فالمكانة بين العرب متميزة ، وعلي غير حال البلاد التي تجاور الدول العظمي لم يكن سكان مكة يشعرون بالخوف من الزمن ومن جيوش غازية ، وكانوا في أمان من طيش القبائل البدوية العنيفة نظرا للمكانة الخاصة .

    لم يدم استمرار المكيين في العيش في هذه البراءة ، إذ قرر قائد حبشي يحتل اليمن بجنوب الجزيرة ، أن يغزو مكة الوقورة الآمنة ليهدم الكعبة ، صدمة قوية وخوف من عار الهزيمة المؤكدة ، فقد قدم القائد ( أبرهة ) بجيش قوامه 60000 جندي ومعهم قطيع صغير من الفيلة ، هاهي مكة المتحصنة بالصحراء والبعيدة عن أطماع ونزق الحكام في وجه عاصفة هادرة تقترب منهم لتقتلع بيتا بناه إبراهيم منذ 2500 عام ، التاريخ والدين والشرف علي وشك الزوال ،

    لكن وبينما أبرهة وجيشه علي مشارف مكة إذا بالجيش يتعرض لموت مباغت ومفاجئ ، لم يتبق إلا القليل من الرجال الذين قروا إلى صنعاء باليمن ومنهم أبرهة ، وماتوا هناك بعد أن حكوا عن مأساتهم ، القصة معروفة تاريخيا وأيما كان تفسيرها بجدري أو تشوهات جلدية ظهرت فجأة أو طيور ظهرت من جهة البحر رمتهم بحجارة ألهبت أجسادهم ، فإن ما حدث كان غريبا ومعجزا ، ورسًخ وضعية البلدة بين العرب ولدى الجوار أيضا .

    ولد النبي محمد ( ) سنة 571م من هذه القبيلة العريقة ، وٌلد يتيما ، اذ مات أبوه قبل ميلاده ، وذهبت أمه به لجده لأبيه كي تبشره بالمولود ، فسماه اسما فريدا لا يعرفه العرب قبل ذلك ( محمد ) أي المحمود جدا ، ولما بلغ السادسة أخذته أمه لزيارة قبر أبيه ( عبد الله ) علي بعد 500 كم ، ويشاء الله أن يشعر الطفل بيتم كامل ، إذ ماتت والدته في طريق العودة ، وكفُله جده لأبيه ( عبد المطلب ) ، وتوفى الجد بينما محمد في الثامنة .

    وكفله بعدها عمه ( أبو طالب ) ، وكان الطفل اليتيم ابيض شديد الوسامة ، مما ذكره احد الرجال الذين ذهبوا لزيارة مكة في تلك السنوات ، وكانت البلدة تعيش في قحط بسبب عدم نزول الأمطار ، وكان العم ( أبو طالب ) هو سيد وقور من سادات البلدة ، في هذه الحالات كانت العرب تستسقي ، أي تطلب من الله أن ينزل الغيث ، ويُفضل أن يكون ذلك عند الكعبة

    وطلب الناس من أبي طالب أن يستسقي لهم ، ويقول الرجل الزائر أن أبا طالب خرج ومعه طفل كالشمس ( محمد ) الصق ظهره للكعبة بيد بينما الطفل متعلق بأصابع اليد الأخرى للعم ، وعلي الفور تجمعت السحب وأمطرت أهل البلدة ، وفي هذا هناك شعر معروف عن العم منه بيت شعر يقول فيه العم ( وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ) .
    في سن الثانية عشر خرج في تجارة مع عمه إلى الشام ، وفي الطريق نادى على القافلة العربية راهب اسمه جرجيس ولقبه ( بحيرى ) واستضافهم وأعد لهم وليمة ، ولفت انتباهه هذا الغلام ، وتفرس فيه علامات النبوة ، وأطلعهم على ذلك .

    في سن الخامسة والعشرين خرج محمد في تجارة في أموال لسيدة أعمال شريفة وقورة من نساء القبيلة اسمها ( خديجة ) كانت تكبره بخمسة عشر عام ، وعاد محمد من رحلته التجارية بمكاسب جيدة جدا ، تبين لها منها انه أمين ، كما أن مساعدها ( ميسرة ) الذي رافقه في الرحلة عاد منبهرا بشخصيته ، بحكم أن المعايشة في السفر والعمل كفيلة بالتعرف العميق على الناس ، واخذ ميسرة يعدد لها مزاياه ، وشخصيته الوقورة الصادقة ، لم يمارس محمد أثناء تأدية عمله التجاري أي عملية غش بسيطة ، كان واضحا وملتزما ويٌطلع المشتري علي مستوى جودة البضاعة ، وفوق هذا لم يخسر ، كما أنه لم يهمٍش لنفسه أي مكاسب من ورائها ، كانت المرأة الأرملة يتقدم لها أكابر القبيلة ، ولكنها فكُرت في محمد رغم فقره ، وتزوجها محمد ، وعاش معها مخلصا لها كل الإخلاص وأنجبت له ستة أبناء ، ذكران ماتا في طفولتهما ، وأربع بنات .

    استقامة محمد وصدقه في كل أحواله وبعده عن المهاترات ، وترفعه عن الصغائر ، وعن الكلام فيما لا طائل منه ، كل هذه الصفات جعلته شخصا محل ثقة للجميع ، وكان له احترامه بين السادة بسبب هذه الرزانة والحلم والأمانة وهو لازال في سن الشباب ويبدو انه أنضج من الكل ، وفي تلك الفترة كان محمد عازفا بالكلية عن التعبد للأصنام ، ولا ينظر لها إلا بكل تقزز واحتقار ، كما لم يشرب الخمر ولم يلعب القمار ، ولم يعرف اي امرأة قبل زوجته خديجة ، ولم يكن انصرافه عن عبادة الأصنام ليسبب له مشاكل ، المهم الا يتعرض لها بشكل علني بسوء .

    وعاش حياة أسرية جيدة ، لم يكن محمد يفكر في الجدال مع أي شخص بسبب موضوع عبادة الأصنام ، ولم يكون أي خلية من الشباب الذين يجد فيهم رفضا لهذه العبادة ، كان محمد ميالا للعزلة ، ولم يكن يمتلك أي خطة من أي نوع ، لكن فطرته النقية تأبى عليه أن يسجد لصنم ، أو يرتكب أي حماقة ، وهذا كل ما في الأمر

    ومنذ وصل لسن السابعة والثلاثين بدأ يعتكف لمدة شهر في العام ، تحديدا في رمضان ، في غار يطل علي البلدة ، بعيدا عن ضجيج البلدة وصراعاتها وأمنياتها وملذاتها وحماقاتها ، ينظر للكون الفسيح وللسماء ، ويشعر براحة نفسية لهذا الإنفراد ، ولما وصل للأربعين كان يحدث معه أمر عجيب ، إذ كلما رأى رؤية جاءت بحذافيرها ، تكرر معه ذلك كثيرا ، وبعد ستة أشهر من الرؤى التي تتحقق حدث حادث تاريخي فارق ، اذ بدأ اتصال جبريل بمحمد في عام 610 م .

    واضطرب محمد لرؤية جبريل ولكلامه معه ، ونزل إلى زوجته يرجف ، وطمأنت زوجها ( كلا ، ابشر فوا لله لا يخزيك الله أبدا ، انك لتصل الرحم ، وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق) ورأت هي أن يستشيرا ابن عمها المئوي الكفيف الذي اعتنق النصرانية ، الذي أكد بدوره بأن ما نزل علي محمد مثل ما نزل علي موسى ، وأن محمدا ( ) هو هذا النبي لهذه الأمة

    وبدأ محمد ( ) يمارس دوره الدعوي بلا كلل في العاصمة الدينية للعرب ، بلا كلل ولكن بدرجة عالية من السرية ، آمنت به الزوجة المحبة الوفية وابن عمه الصبي علي بن أبي طالب ، وصديقه المقرب أبو بكر ، وبدأت الدائرة تتسع شيئا فشيئا وبحذر ، استمر الحال علي هذا المنوال ومحمد ( ) يعلم ويدعو ويتلو عليهم القرآن الذي ينزل عليه ، ثم بدا محمد ( ) يظهر الدعوة ، بدأ يعلن وحدانية الله ويدعو للأخلاق الحميدة ويحط من شأن الأصنام وعبادتها ويحذر الناس من الآخرة ، ارتجت قريش القبيلة ومكة البلدة بسبب دعوة محمد الجريئة والصادمة التي تهدد عبادة الأصنام وبالتالي مركز مكة وقريش بين العرب ، ومما أزعجهم أنها جاءت من رجل لا مجال للطعن فيه ، ولكن الإختلاف كاف لتوليد العداوة مهما كان الرصيد ومهما كان الإنطباع المستقر عند الناس ، ولم يغفر لمحمد ( ) أنه كان الرجل المحبوب الموقر الذي سموه ( الأمين ) ،

    ومن الناحية العملية كانت أحوال الغالبية من تجار البلد علي خير ما يرام ، بحيث أن كل ما كانوا يتمنونه هو أن يستمر الحال علي ماهو عليه ، فطالما انه يسير فيجب التصدي بقوة لكل من يهز القارب .

    بدأوا في التحدث إلى عمه أبي طالب ليمنع محمدا من الإسترسال في هذه الدعوة ، ولم يكن محمد ( ) يرد علي عمه الا بأدب ، ولكن هيهات ، وبدأت سلسلة من المضايقات اتخذت في البدء طابع الإعلام المضاد من استهزاء وتشويه وإثارة شبهات ، ثم بدأت اضطهادات أكثر نال منها محمد ( ) تطليق ابنتيه من ابني عم أبيهما ، ونال بعض السباب ورمي القاذورات في طريقه أو عليه ، أما الضعفاء من المسلمين فقد ذاقوا الويل ومورست ضدهم فنون التعذيب ، ولم تستثن امرأة من هذا الويل ، وكانت أول شهداء الدعوة عامة هي امرأة اسمها سمية ، فقيرة وعجوز عذبوها وضغطوا عليها لتعود إلى عبادة الأصنام وهي ترفض حتى أن تنطق بالكفر لتتخلص من العذاب ولما يأسوا منها طعنوها بخسة ونذالة في منطقة حساسة من جسدها فماتت .

    في السنة الخامسة من دعوة محمد ( ) وكان المسلمون قد أُرهقوا إرهاقا شديدا هاجر مجموعة منهم إلى الحبشة بإيعاز من محمد فارين بدينهم ، وقد أحسن حاكم الحبشة استقبالهم ،وأرسلت القبيلة وفدا إليه لاسترداد الفارين ولكنه رفض تسليمهم.
    محمد( ) لازال هناك في مكة وسادة القبيلة في حالة غليان ولازالوا يضغطون علي العم ليضغط علي ابن أخيه ولكن لا جدوى ، ولعل من المواقف الصعبة التي تعرض لها محمد ( ) شخصيا هي موقف ( عتيبة ) ابن عمه الشاب ومطلٍق ابنته ( أم كلثوم ) بسبب دعوة محمد ،

    جاء لمحمد( ) فاقدا لأعصابه وتحدث إليه بطريقة غليظة جدا رغم القرابة اللصيقة وسابق المصاهرة وفارق السن حيث كان محمد في منتصف الأربعينات ، واستخف بآيات القرآن وشق قميص محمد ( ) بل وتفل في وجهه إلا أن البزاق لم يأت علي وجه محمد ، كل هذا ومحمد ( ) كان من قبل هذه الدعوة رجلا محترما رزينا مهيبا ، وكان من قبلها حما هذا الشاب يعامله الشاب بأدب ، فقال محمد له ( سلط الله عليك كلبا من كلابه ) ، وكل ما حدث بعدها أن الشاب سافر مع مجموعة للتجارة في الشام ونزلوا وخيموا في (الزرقاء ) ، وحام حولهم أسد ، وقد كانت بعض الأسود تسرح في براري الشام والعراق في تلك الآونة ، فزع الرجال من منظر الأسد الذي بدا كمهاجم يبحث عن ثغرة وغفلة ، وشعر عتيبة أن الأسد قادم له هو تحديدا وقال لهم ( يا ويلي هو والله آكلي كما دعا محمد عليً ) وبالأخير وبهدوء انقض وتناول عتيبة من رقبته ، وترك باقي المجموعة .

    وبعد إيذاء محمد ( ) عدة مرات ، بدأوا في مساومته بعرض المال والملك عليه ولكنه رفض تماما

    وكانت كل المؤشرات تشير إلى أن محمدا ( ) قد يغتال في أي مساء ، لذا تعاقد العم الذي يوفر الحماية لمحمد مع أفراد العائلة التي تمثل بيتا من بيوت القبيلة ليحموا ابنهم ، كان الإتفاق يشمل التيارين داخل العائلة من المسلمين والوثنيين ، وأساسه حماية القريب بصرف النظر عما يؤمن به ويدعو إليه ، ولم تسكت القبيلة التي عرفت بتعاهد عائلة محمد ( ) علي حمايته ، بل سجل رجالها وثيقة مقاطعة تامة ضد العائلة استمرت لمدة ثلاث سنوات جوعوا فيها هذا الفرع جوعا شديدا ، كان محمد هناك ، وكانت هناك خديجة الثرية أيضا مع زوجها

    وبعد ثلاث سنوات شعر البعض بالشفقة علي حال هذا الفرع من القبيلة الذي يكاد يموت جوعا ، وبعد شد وجذب تم نقض الوثيقة .
    وفي السنة العاشرة من دعوته مات عمه أبو طالب وبعده بقليل ماتت زوجته خديجة فيما سمى هذا العام بعام الحزن حيث فقد فيه من يبثها همومه ومن يوفر له الحماية .

  2. #2
    المشرف العام الصورة الرمزية محمد بن سعد
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    الدولة
    السعودية، الرياض
    العمر
    71
    المشاركات
    10,549
    مقالات المدونة
    2
    معدل تقييم المستوى
    10

    شاعر

    أخي الأستاذ محمود توفيق يحفظكم الله

    ما شاءالله تبارك الله
    عطاء موفق بإذن الله

    بنت مريم في الضوءالخافت
    وأتحمل هذا الجهد النفسي الذي أتوقعه
    أود أن أهديكم محتوى هذا الرابط : تيار الوعي في القصة السعودية القصيرة - من تأليف د. صالح بن غرم الله بن زيَّاد، جامعة الملك خالد بأبها
    [line]-[/line]
    يقول ملخص بحثه:
    تتناول هذه الدراسة ( تيار الوعي ) بوصفه تكنيكاً في القصة يؤكد على إبراز بنية اللغة السردية وتشكيلها تشكيلاً يقصد إلى الموضوعية من خلال تقديم العالم كما تراه شخصيات القصة للدلالة على محتواها الذهني والنفسي وهو في طور انسيابه وفيضانه وتشتته ومن خلال أعماقه التي لا يحدها منطق.

    وقد قامت الدراسة على جانب نظري يحكي المفهوم الاصطلاحي لـتيار الوعي ويرصد تكوينه الفني وتفاعلاته في السياق الأدبي والمعرفي والتاريخي العالمي، وعلى جانب عملي تطبيقي يحاول أن يقرأه في القصة السعودية القصيرة من حيث هو ممكن إبداعي لا يقف بوظيفة اللغة، أدبياً، عند صفة الوسيلة المباشرة لخدمة الواقع وتصويره والتعبير عنه، بما ينزع عنها خاصية الأدبية ويكرس عمليتها ونفعيتها.
    [line]-[/line]
    ونقول نحن بأن مسألة القصة القصيرة في السعودية تمر بتحديات عديدة رغم إحتضان منتديات الإنترنت لها، ومع هذا قد نخالف الدكتور صالح بن زيَّاد فيما يراه من التحول إلى مستوى متطور من التقنيات، والتي قال عنها: فارقت بها القـصة السعودية طرق السرد التقليدي.

    الإختلاف ،، فقط في قلة قراء العربية مالم تستحوذ القصة القصيرة على دور الممثل والمخرج ولحلقات القصصية القصيرة !!

    ربما قد نسند القول بالتجربتين المصرية والكويتية التي يكتمل فيهما أكثر عوامل النضج، هذا مجرد رأي شخصي من جانب شخص مثلي غير متخصص في أدب القصة القصيرة.

    هذا وبدون مجالمة ،، بدأت قراءة حلقات قصصكم ،، ومازلت اتمتع بإعادة قراءتها مثتنى وثلاث ،، شاكرا لكم حسن النصيحة.

    تحياتي لكم
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة
    كل شيء غير ربك والعمل
    لو تزخرف لك مرده للزوال

    ما يدوم العز عز الله وجـل
    في عدال ما بدا فيه امتيـال

  3. #3
    عضو شرف فخري
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    111
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    الحلقة السادسه


    بدأ بصيص من الأمل الذي ينقب محمد ( ) في جدر الواقع ليرى نوره ، إذ بايعه بعض الناس من المدينة واسلموا ، وهي تعني أنه أصبح للإسلام ارض أخرى بديلة تستعد لاستقباله بدلا عن الأرض التي وُلد فيها ، بمقتضاها سيهاجر محمد ( ) وقتما يريد إلى المدينة وعليهم توفير حماية له والدفاع عنه ضد أي قوة تفكر في تصيده ، ويبدو الأمر غريبا جدا لأول وهلة إذ كيف توفر للغرباء هذا القدر من الإهتمام بهذه الدعوة بينما الأهل الذين عرفوا محمدا وكبر بينهم كانوا في اغلبهم معاندين لها اشد العناد ، وأول ما يمكن أن يقال هو أن مكة كان لديها شيء لتخسره ، بينما كانت المدينة قد خسرت الكثير في حروب داخلية قبل ظهور دعوة محمد ( ) ولعله يستطيع أن يعيد الوئام ، ولعل الأمر مرتبط بكلمة المسيح ( لا كرامة لنبي في وطنه ) (1)، لكن كان هناك سبب آخر يتعلق بكون أهل المدينة مهيئين لاستقبال دعوة جديدة مما سمعوه من اليهود بقرب ظهور نبي سيخرج من مكة ، وهي قبل كل شيء إرادة الله .

    إذن بدأ المسلمون يتسللون إلى المدينة ، ولم يتبق في مكة إلا القليل من المسلمين ، لم يكن ما حدث باعثا لسرور أهل مكة علي أساس أنهم تخلصوا من ضجيج الدعوة الجديدة ، كانت هناك حسابات ، فالمدينة ستصطبغ بصبغة إسلامية ، وستتحول إلى بلدة معادية بدينها الجديد لمكة وقريش ، وهي ( المدينة ) محطة علي طريق قوافل مكة المتجهة من والي الشام .

    عقد رؤساء القبيلة اجتماعا في دار الإجتماعات لاتخاذ قرار نهائي ، فخروج محمد ( ) إلى المدينة سيكون له قوة التحام قائد الثوار بمجموعته ، واتخذوا قرارا باغتياله علي أيدي رجال من فروع عدة من القبيلة حتى ترضى عائلته بالدية ، لأنها لن تستطيع أن تعادي كل الفروع التي ستشرك في اغتياله ممثلة برجل واحد منها ، وجاء جبريل لمحمد ( ) ( لا تبت في فراشك ) ، وتحرك محمد ومعه صاحبه أبو بكر إلى المدينة ، إذن فشلت خطة الإغتيال

    بعد احد عشر يوما من تحرك محمد وصاحبه - وقد كان المسلمون يخرجون ينظرون للطريق منتظرين قدومه بلهفة – إذا بيهودي من سكان المدينة يصيح من علي برج له ( يا معشر العرب ، هذا جدكم الذي تنتظرون )

    وارتجت المدينة فرحا ، وكان يوم قدومه أعظم كثيرا من أي يوم مر على سكان المدينة ، ابتسامات علي الوجوه ودموع فرحة وأناشيد ، ونسوة علي الأسطح يتزاحمن لرؤيته ، أنه نبي ! ، مؤكد أن فكرة وجود نبي يمشي بين الناس شيء مدهش ومثير للبكاء ،

    هذه أشياء قد يشعر بها الناس باستثناء من ترعرع بينهم ، مثلما حدث مع المسيح حينما قال مواطنيه طبقا لمتى (أليس هذا ابن النجار.أليست أمه تدعى مريم و إخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا) (2). وقد بدأ التقويم الهجري من يوم خروج محمد من مكة .
    اسس علي الفور محمد مجتمعا جديدا في المدينة وآخي بين المهاجرين المكيين والأنصار أهل المدينة ، وعمل ميثاق بين طوائف المدينة ومنهم اليهود ليحقق الوئام والسلم الإجتماعي .
    بدأت قريش تهدد هذا المجتمع وتتوعده بحرب مبيدة في بلده ، وأرسلت رسائل محذرة من إيواء المسلمين .

    وقعت سلسلة من المعارك بين المسلمين والوثنيين ، أهمها بدأت في السنة الثانية للهجرة واسمها بدر ، وانتصر فيها المسلمون علي قلة عددهم وعتادهم نسبيا (1: 3) ، ثم غزوة احد في السنة الثالثة التي كان شوطها الأول لصالح المسلمين أيضا ، إلا أن البعض قد خالف أوامر القائد ( محمد ) ( ) فانقلبت نتيجة المعركة لصالح الوثنيين ، وتخلصوا من إحساسهم بمهانة الهزيمة الأولي التي طاحت فيها رؤوس أكابر منهم ، في السنة الخامسة للهجرة والثامنة عشر من بدء دعوة محمد( ) نشطت قريش ومكة كلها في دعوة القبائل العربية لعمل خرب خاطفة علي عقر دار المسلمين ، ولم يكن هناك مانع لدى القبائل البدوية ، فيبدو لهم العرض وكأنهم دعوا إلى وليمة سيستفيدون منها الغنائم ، وتجمع جيش ضخم قوامه 10000 رجل ، وقدموا إلى المدينة لينهوا الأمر الذي يؤرقهم منذ سنوات طوال بهجمة قوية ، ووجدوا مفاجأة في انتظارهم ، فقد نفذ المسلمون تكتيكا دفاعيا غريبا علي العرب ، حفروا خندقا حول المدينة ، وفي هذه الأجواء العصبية نقضت قبيلة يهودية اتفاقها مع محمد ومالت لصالح الوثنيين ، كان الوضع حرجا جدا و أصيب المسلمين بإحباط ، لم تحدث إلا مناوشات قليلة بسبب الخندق الذي يمنع مرور هذا الجيش الكبير ، ومرت الأيام بلا جديد ، ودبت الخلافات في صفوف الوثنيين ، وهبت رياح عاصفة علي هذا الجيش الذي يخيم أمام المدينة ، وكان الجو شديد البرودة ، كانت الريح مربكة جدا في معسكر الوثنيين ، تقلب كل شيء بما فيها قدور الطعام وتخلع الخيام ، والعدد ضخم يحتاج لتموين ضخم أيضا ، وكل يوم يمر هو كلفة في كل شيء ، ارتبك الناس وتململوا ، فوضى وبرودة وعدم تجانس بين كتائب الجيش وطعام يقل يوما بعد يوم ، ارتحلوا بليل ، في الصباح كان المنظر بديعا في أعين المسلمين فالخطر زال ،

    كانت المشكلة بالنسبة للوثنيين أنهم وصلوا إلى سقف التعبئة و الإحتشاد وليس في مقدورهم عمل تحسين آخر في المستقبل ، بالنسبة لمحمد ( ) فقد مرت اخطر اللحظات بسلام ، والدين ينمو ويزداد أتباعه ، لقد شعر محمد بأن هذه النهاية العجيبة للحرب تعلن بشكل أو بآخر أن الزمن في صالح الإسلام ، وان الوثنية ستبدأ في فقدان رفضها الصارخ للأمر الواقع ، كانت المشكلة أنه ليس لديهم أخطاء ليتعلموا منها حتى ينتصروا المرُة القادمة ويحققون أمنيتهم الغالية باستئصال هذا الدين وهذه أكبر مشكلة تتعلق بالخطط المستقبلية

    وقال محمد ( الآن نغزوهم ولا يغزونا ) ..
    في السنة السادسة للهجرة قرر محمد( ) والمسلمون الذهاب لعمل عمرة ( زيارة المسجد الحرام ) ، بدون أن يناوش أهل مكة ، وأصروا المكيون علي الرفض ، حتى لا يعيروا بها بين العرب ، وتم عقد صلح الحديبية الذي يوقف الحرب بين الطرفين لمدة عشر سنوات ، ويعود المسلمون في عام الإتفاق إلى مدينتهم ، وتؤجل زيارة المسجد إلى العام القادم . ولم يسترح محمد( ) ، بدأ في إرسال رسائل للملوك والأمراء .ملك الحبشة وملك مصر وملك فارس وملك الروم وغيرهم .

    في السنة السابعة وحسب المتفق عليه ذهب محمد للعمرة مع المسلمين وزاروا البيت الذي حُرموا من رؤيته منذ سبع سنوات ، وكان الوثنيون علي الجبل بعيدا حيث تم الإتفاق علي عملية إخلاء أمنية لمنع الإحتكاك وينظرون بغيظ تجاه المسلمين .
    في السنة الثامنة للهجرة حدث خرق لصلح الحديبية الذي تم إبرامه ، الخرق كان من جانب قريش وحلفائهم ضد حلفاء محمد ( خزاعة ) الذين يعيشون في مكة ، فجمع محمد جيشا قوامه 10000 رجل واتجه لمكة وفتحها بدون إراقة دماء وحطًم الأصنام التي حول الكعبة .

    بدأت الوفود من القبائل العربية تتتالي علي المدينة وتعلن إسلامها ، لقد كان الإنتصار علي أهل مكة وتحطيم الأصنام حول الكعبة لهو الدليل الذي جعل العرب تؤمن بأنه نبي حقا ، وقد كانت معظم العرب في حيرة بين التقليد وما سمعوه من فضائل الدين الجديد واختاروا أن يشاهدوا الصراع حتى نهايته ، ولما عاد محمد( ) فاتحا بعد خروجه من مكة متسللا وذلك بعد ثماني سنوات آمن الناس بأنه مؤيد من الله .

    وتغيرت الجزيرة العربية ، تغيرت القيم وأعاد الدين الجديد هندسة المجتمع ، وزاد إحساس العرب بالألفة بينهم وتطورت مفاهيمهم عن المجد والنجاح والبطولة والتضحية والنظام والرشد .

    وفي السنة العاشرة من الهجرة أعلن محمد ( ) نيته في الحج حتى يرافقه من يريد أن يهتدي بهديه في تأدية المناسك بعد إزالة العادات الوثنية التي ارتبطت بها ، جاء الكثير من الناس إلى المدينة ليحجوا مع الرسول وقد خطبهم في الحجة خطبة منها ( أيها الناس، اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدًا.. إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع من ربانا ربا العباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله. فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ) ، لقد الغي استحقاق ثأر لعائلته ، وكذا استحقاق ربا لعمه العباس .

    ونظر للجمع الغفير حوله وقال لهم ((وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟)) قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: ((اللهم اشهد)) ثلاث مرات.

    ونزلت عليه في هذه الحجة آخر آية نزلت في القرآن (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) وكانت إيذانا برحيله عن الحياة
    كان حاضرو هذه الحجة وهذه الخطبة حوالي مائة وأربعين ألف مسلما ! .
    د
    بعد مرور اقل من ثلاثة شهور علي هذه الحجة كان محمد ( ) قد مات ، بعد رحلة كفاح استمرت 23 سنة
    في حجرة في بيته متواضعة منخفضة السقف رغم أنه كان يحكم الجزيرة ، وبعد سنوات قليلة فتح أتباعه مصر والشام وفارس واليمن والعراق ، وبعد عقود قليلة كونوا أقوى وأزهى دولة في العالم .

    ________________________________________
    (1) متى 13 : 57 (2) متى 13 : 55

  4. #4
    عضو شرف فخري
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    111
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د/ محمد بن سعد مشاهدة المشاركة
    أخي الأستاذ محمود توفيق يحفظكم الله

    ما شاءالله تبارك الله
    عطاء موفق بإذن الله

    بنت مريم في الضوءالخافت


    أود أن أهديكم محتوى هذا الرابط : تيار الوعي في القصة السعودية القصيرة - من تأليف د. صالح بن غرم الله بن زيَّاد، جامعة الملك خالد بأبها
    [line]-[/line]
    يقول ملخص بحثه:
    تتناول هذه الدراسة ( تيار الوعي ) بوصفه تكنيكاً في القصة يؤكد على إبراز بنية اللغة السردية وتشكيلها تشكيلاً يقصد إلى الموضوعية من خلال تقديم العالم كما تراه شخصيات القصة للدلالة على محتواها الذهني والنفسي وهو في طور انسيابه وفيضانه وتشتته ومن خلال أعماقه التي لا يحدها منطق.

    وقد قامت الدراسة على جانب نظري يحكي المفهوم الاصطلاحي لـتيار الوعي ويرصد تكوينه الفني وتفاعلاته في السياق الأدبي والمعرفي والتاريخي العالمي، وعلى جانب عملي تطبيقي يحاول أن يقرأه في القصة السعودية القصيرة من حيث هو ممكن إبداعي لا يقف بوظيفة اللغة، أدبياً، عند صفة الوسيلة المباشرة لخدمة الواقع وتصويره والتعبير عنه، بما ينزع عنها خاصية الأدبية ويكرس عمليتها ونفعيتها.
    [line]-[/line]
    ونقول نحن بأن مسألة القصة القصيرة في السعودية تمر بتحديات عديدة رغم إحتضان منتديات الإنترنت لها، ومع هذا قد نخالف الدكتور صالح بن زيَّاد فيما يراه من التحول إلى مستوى متطور من التقنيات، والتي قال عنها: فارقت بها القـصة السعودية طرق السرد التقليدي.

    الإختلاف ،، فقط في قلة قراء العربية مالم تستحوذ القصة القصيرة على دور الممثل والمخرج ولحلقات القصصية القصيرة !!

    ربما قد نسند القول بالتجربتين المصرية والكويتية التي يكتمل فيهما أكثر عوامل النضج، هذا مجرد رأي شخصي من جانب شخص مثلي غير متخصص في أدب القصة القصيرة.

    هذا وبدون مجالمة ،، بدأت قراءة حلقات قصصكم ،، ومازلت اتمتع بإعادة قراءتها مثتنى وثلاث ،، شاكرا لكم حسن النصيحة.

    تحياتي لكم

    دكتور محمد بن سعد
    أسعد الله أوقاتك

    يشرفني أن اكون هنا في جوار رجل مثلك متعدد الإهتمامات
    أشكرك شكرا جزيلا على رابط الموضوع القيم ، فموضوع تيار الوعي موضوع هام جدا لكتاب الرواية أو نقادها على ح سواء .

    ولكم سعدت برأيك أيضا في المذكرات التي أتشرف بنشر بعضها هنا في المنتدى الكريم .

    فشكرا لك على مثابرتك على قراءتي ، مثك لا يعد قارئا ، بل جمهورا !!

    والشكر موصول لمن أتعبته معي ، ونسأل الله له الأجر عن نشر هذه الحلقات ، إنه العم نجم سهيل ، الذي يتولى نشرها في المنتدى

    أسعد الله أوقات الإخوة جميعا .

  5. #5
    عضو شرف فخري
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    111
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    الحلقة الثامنه

    لماذا كره البعض محمدا( صلى الله عليه وسلم ) ؟

    لعلي أشير صراحة إلى أن من أول المشاكل التي تحكم تقييماتنا للرسول محمد( ) ورسالته هي مشكلة لا تتعلق بعملية الدراسة والتحليل والإستنتاج ، ولا تتعلق أيضا بتوفر كم معين من المعلومات عنه وعن تعاليمه التي تمثِّل مدخلات لعملية التقييم ، الأمر قبل ذلك ، إنها ليست مشكلة معرفية تماما ، بل تبدو أحيانا وكأنها ظاهرة أنثربولوجية ، ويمكن تحليل ذلك ببساطة ، بأن مشكلتنا تنبع من التوقيت الذي ظهر فيه محمد( ) ، لو كانت سيرته تحمل تاريخين هكذا ( ... - ... ) ق .م لكان الأمر أفضل كثيرا ، لو ظهر محمد قبل المسيح بقرن أو أكثر ما كانت هناك مشكلة ، و لربما تفهمنا ظهوره كأي نبي كأنبياء العهد القديم ، ويا حبذا لو أكد المسيح أن هذا الرجل قد كان نبيا حقا ظهر بين العرب ، لم يكن الأمر ليحتاج أن نعرف عنه أكثر من اسمه لنعتقد انه نبي حقا ، مثل إيماننا ببعض الأنبياء القدامى دون أن نعرف عنهم إلا القليل، وبما أن محمدا( )جاء بعد المسيح فلا يجب توقع أفضل من ذلك ، رغم أننا ندري أن احد أهم المعوقات التي واجهت المسيح هي ببساطة أنه جاء بعد موسى في شعب موسى .

    إن هذا الرفض هو ما كان سيحدث ليوحنا المعمدان بشحمه ولحمه ودعوته لو تأخر قليلا وظهر بعد المسيح ، نعم ، نفس هذا النبي المعمدان الذي نجله كنا سنتناوله بالطريقة التي نتناول بها محمد لو لم يدعو إلا بعد غياب المسيح .

    وبسبب هذا يوجد من يقوم ب ( تفلية ) سيرة محمد( ) للبحث عن أخطاء ، ولم يكن هذا إلا رفضا مبدئيا وسابقا لعملية البحث لأي رسالة ستأتي بعد المسيح ، هناك تفسير إيماني لأي رسالة لاحقة للمسيح باعتبارها عمل عدواني ، هذا هو الأمر في اعتقادي ، رغم أنه ولا يمكن تفسير السبق في المجيء باعتباره عبقرية شخصية ، ولا تفسير اللحاق باعتباره تقصيرا .

    والبعض يقول لو لم يأت هذا الرجل لاعتنقت تلك الشعوب المسيحية ، وهذا احتمال وارد ، لكن التفكير بطريقة ( لو ) سيهدر الكثير من الوقت ، رغم أنها في جانب منها لعبة ذهنية مثيرة ، يمكن تنويع أطروحاتها ، ما هي دياناتنا لو لم يأت المسيح ؟ كيف كانت ستكون الملامح الأساسية للعقيدة المسيحية لو آمن اليهود بالمسيح ( مسيحية بدون خلاص وصليب واستحالة للخمر والخبز ) ؟ ، كيف كانت ستكون اليهودية لو آمن فرعون وشعبه برسالة موسى ؟ هل كان موسى سيرفض قبولهم حتى يظل الوعد محصورا في بني إبراهيم ؟

    أنا شخصيا وحتى أجعل الأمر اقل احتقانا اطرح ( لو) أخرى بسيطة غير قائمة على النفي ، ماذا لو كان النبي محمد والمسيح متعاصرين ؟ وسمع المسيح من احد الحواريين : يا معلم ، لقد حطّم محمد( ) الأصنام في بلاد العرب وهاهم العرب تحولوا عن الوثنية للتوحيد ، وأوقف حمامات الدم بين القبائل ، أقول – وبتحييد للإيمان الإسلامي وبحصر الكلام في مضمون ما فعل محمد بدون كلام عن هوية محمد( ) - ماذا ستكون ردة فعل المسيح ؟ هل سيخبط جبهته بباطن يده منزعجا ؟! .. السؤال لا يمثل تحديا للخيال الشخصي والقدرة على استنطاق المسيح فحسب ، ولكن يمثل أيضا تحديا لضيق الأفق .

    على أية حال لا تمثل النظرة الغرب-مسيحية للنبي محمد وللإسلام شكلا غريزيا ثابتا كما يوضح مكسيم رودنسون ، ففي القرون الأولى لظهور الإسلام كان هناك تجاهل غربي مسيحي من دلائله شيوع لفظ Saracens لتوصيف العربي المسلم حتى القرن الحادي عشر ، وتبعت ذلك الحملات الصليبية ومحاولة نشر المسيحية في بلاد الإسلام ، وسادت في العصور الوسطى المسيحية وفي عصر النهضة أيضا نظرة معتدلة للمسلمين باعتبارهم أندادا مساوين إن لم يكونوا متفوقين علميا وثقافيا ، وكان فولتير في القرن الثامن عشر يعتبر محمدا( ) شخصية تقدمية ومثلا روحانيا أعلى ، وبعد مرور قرن وبتغلغل الغرب في العالم العربي الإسلامي راح الإحساس بالمساواة والإحترام (1) .
    لكن يمكنني أنا أن أقول أن النهر العام الذي حكم التصورات والأحكام الشهيرة كان منبعه هذه النظرة للدين الجديد باعتباره خيانة وانشقاق – رغم أن محمدا( ) لم يكن كاردينالا – هذه النظرة والنهر العام من الأحكام كانا هما الأصل منذ عهد يوحنا الدمشقي وحتى العصر الحالي . وبينما سمحت الروحية العقلانية التي سادت في الغرب لدى مفكرين وعلماء غير متعصبين على ظهور كتابات موضوعية عن الإسلام ورسوله ، بحيث بدا هذا الإتجاه كسباحة عنيدة ضد التيار في النهر تسمح به الثقافة الحديثة التي لا تأبه للمسلمات ، إلا أن النظرة لشخصية محمد( ) ظلت واقعة تحت تأثير أمور جديدة رفدت النهر الذي بدأت قوة اندفاعه تضعف كنتيجة طبيعية لضعف تأثير الدين مقارنة بالشعور الديني القروسطي فمدًته بمصادر قوة جديدة ، منها تأثير الإنطباعات الإستعلائية الناتجة عن تفوق الغرب وسيطرته علي الشعوب العربية والإسلامية بدءا من القرن التاسع عشر وحالة الإنحطاط الحضاري الشديدة التي ألمًت بهذه الشعوب ، ومن ناحية أخرى أحداث هامة ومؤثرة كأزمة النفط ، وثورة الخميني ، واحتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية ، وفتوى إهدار دم ( سلمان رشدي ) وتجاذبات الصراع العربي الإسرائيلي ، والعمليات الإرهابية ، كل هذه الأشياء جعلت الأصل في التعامل مع شخصية النبي محمد هو الإتهام والتشويه والكراهية والإستهزاء ، إلا أن هناك تيارا مستقلا ومتفتحا وغير خاضع للمناخ العام استطاع أن يكتب عن النبي محمد( ) والدين الإسلامي بوازع من ضميره الشخصي فقط وتحت تأثير ضعيف أو منعدم للأنثروبولجيا، ولم يكن هذا التيار خاصا بالغرب وحده ، وإن كانت الأصوات الغربية أكثر لفتا للإنتباه ، لأنها أصوات غربية يسمع لها العالم كله من ناحية ومن ناحية أخرى فهي جاءت من الغرب الذي يعيش حالة خوف مستمر وابدي من الإسلام تغذيه السياسة وكتابات متعصبة ومواد استهلاكية إعلامية شديدة الإختزال تداعب غرائز الجماهير
    وقراءة تقييماتهم وتقييمات بعض المسيحيين الشرقيين لها اعتبار عالٍ عندي ، باعتبارها تأكيدات لما أتلمسه .
    ________________________________________
    (1) مكسيم رودنسون جاذبية الإسلام

  6. #6
    عضو شرف فخري
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    111
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    الحلقة التاسعه

    تواقيع
    عن النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم )


    (( أواخر جميع الأنبياء كان يعتقد المسلمون هو محمد ( ) الذي ولد في مكة لعشر ليال مضت من ابريل سنة 570 للميلاد ، وكانت عائلته شرف عائلة في قريش ، وهى إحدى القبائل الشهيرة في بلاد العرب ، وصاحب النسب المرتقي إلى إسماعيل بن إبراهيم الخليل ، وقد كان جده متولياً سدانة الكعبة ، وكانت دار حكومتهم ، معبد ديانة العرب الوثنية ، وتوفي والده عبد الله قبل ولادته ، و توفيت أمه وهو ابن ستة أعوام ، وكان على أعظم ما يكون من كرم الطباع وشريف الأخلاق ، ومنتهى الحياء ، وشدة الإحساس ، وقد كفله جده وهو ابن ست سنوات وأثناء كفالته بدأت تظهر من محمد( ) علامات الذكاء ورجاحة العقل ، ومر بصبيان يلعبون فدعوه للعب معهم ، فأجابهم أن الإنسان خلق للأعمال الجليلة ، والمقاصد الشريفة ، لا للأعمال السافلة والأمور الباطلة ، وكان على خلق عظيم ، وشيم مرضية ، شفوقاً على الأطفال ، مطبوعاً على الإحسان ، غير متشدق في نفسه ، و لا صلف في معاملته مع الناس ، وكان حائزاً قوة إدراك عجيبة ، وذكاء مفرط ، وعواطف رقيقة شريفة ))
    (1) القس الفرنسي لوازون

    (( شب محمد ( ) حتى بلغ ، فكان أعظم الناس مروءة وحلماً وأمانة ، وأحسنهم جواباً، وأصدقهم حديثاً ، وأبعدهم عن الفحش حتى عرف في قومه بالأمين ، وبلغت أمانته وأخلاقه المرضية خديجة بنت خويلد القرشية ، وكانت ذات مال ، فعرضت عليه خروجه إلى الشام في تجارة لها مع غلامها ميسر ، فحرج وربح كثيراً ، وعاد إلى مكة واخبرها ميسرة بكراماته ، فعرضت نفسها عليه وهي أيم ، ولها أربعون سنة ، فأصدقها عشرين بكرة، وتزوجها وله خمسة وعشرون سنة ، ثم بقيت معه حتى ماتت )) (2)

    المستشرق البلجيكيالفريدالفانز


    ( أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر.. لقد أصبحت مقتنعا كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف. بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول وجدت نفسي أسفا لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة ) ( 3)

    المهاتما غاندي

    ( إن محمداً ( ) كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينين ، ويصدق عليه أيضاً بأنه مصلحاً قديراً وبليغاً وفصيحاً وجريئاً مغواراً ومفكراً عظيماً ، ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينفي هذه الصفات ، وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الادعاء) (4) زويمر


    ( إننا لم ننصف محمداً ( ) إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا. فلقد خاض محمد ( ) معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية، مصراً على مبدئه، وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين، فأصبحت شريعته أكمل الشرائع، وهو فوق عظماء التاريخ ) (5)

    سنرستن الآسوجي

    ( لقد صبر النبي( )وتجلد حتى نال النصر (من الله). كان طموح النبي موجهًا بالكلية إلى هدف واحد، فلم يطمح إلى تكوين إمبراطورية أو ما إلى ذلك. حتى صلاة النبي الدائمة ومناجاته لربه ووفاته وانتصاره حتى بعد موته، كل ذلك لا يدل على الغش والخداع بل يدل على اليقين الصادق الذي أعطى النبي الطاقة والقوة لإرساء عقيدة ذات شقين: الإيمان بوحدانية الله، والإيمان بمخالفته تعالى للحوادث. فالشق الأول يبين صفة الله (ألا وهي الوحدانية)، بينما الآخر يوضح ما لا يتصف به الله تعالى (وهو المادية والمماثلة للحوادث). لتحقيق الأول كان لا بد من القضاء على الآلهة المدعاة من دون الله بالسيف، أما الثاني فقد تطلّب ترسيخ العقيدة بالكلمة (بالحكمة والموعظة الحسنة). (6) &
    هذا هو محمد الفيلسوف، الخطيب، النبي، المشرع، المحارب، قاهر الأهواء، مؤسس المذاهب الفكرية التي تدعو إلى عبادة حقة، بلا أنصاب ولا أزلام. هو المؤسس لعشرين إمبراطورية في الأرض، وإمبراطورية روحانية واحدة. هذا هو محمد ( )
    بالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية، أود أن أتساءل: هل هناك من هو أعظم من النبي محمد( ) ؟ ) (7)


    لامارتين


    ( إن استعداد هذا الرجل لتحمل الاضطهاد من أجل معتقداته، والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه واعتبروه سيدا وقائدا لهم، إلى جانب عظمة إنجازاته المطلقة، كل ذلك يدل على العدالة والنزاهة المتأصلة في شخصه. فافتراض أن محمدًا ( ) مدع افتراض يثير مشاكل أكثر ولا يحلها. بل إنه لا توجد شخصية من عظماء التاريخ الغربيين لم تنل التقدير اللائق بها مثل ما فعل بمحمد ) (8)
    مونتجومري وات

    (من المستحيل لأي شخص يدرس حياة وشخصية نبي العرب العظيم ويعرف كيف عاش هذا النبي وكيف علم الناس، إلا أن يشعر بتبجيل هذا النبي الجليل، أحد رسل الله العظماء، ورغم أنني سوف أعرض فيما أروي لكم أشياء قد تكون مألوفة للعديد من الناس فإنني أشعر في كل مرة أعيد فيها قراءة هذه الأشياء بإعجاب وتبجيل متجددين لهذا المعلم العربي العظيم. هل تقصد أن تخبرني أن رجلاً في عنفوان شبابه لم يتعد الرابعة والعشرين من عمره بعد أن تزوج من امرأة أكبر منه بكثير وظل وفيًا لها طيلة ستة وعشرين عامًا ثم عندما بلغ الخمسين من عمره ـ السن التي تخبو فيها شهوات الجسد ـ تزوج لإشباع رغباته وشهواته؟! ليس هكذا يكون الحكم على حياة الأشخاص. فلو نظرت إلى النساء اللاتي تزوجهن لوجدت أن كل زيجة من هذه الزيجات كانت سببًا إما في الدخول في تحالف لصالح أتباعه ودينه أو الحصول على شيء يعود بالنفع على أصحابه أو كانت المرأة التي تزوجها في حاجة ماسة للحماية ) (9)

    آن بيزيت

    ( عرف محمد( ) بخلوص النية والملاطفة وإنصافه في الحكم، ونزاهة التعبير عن الفكر والتحقق، وبالجملة كان محمد( ) أزكى وأدين وأرحم عرب عصره، وأشدهم حفاظاً على الزمام فقد وجههم إلى حياة لم يحلموا بها من قبل، وأسس لهم دولة زمنية ودينية لا تزال إلى اليوم ) (10)


    إدوار مونته

    (كانت تصرفات الرسول في أعقاب فتح مكة تدل على أنه نبي مرسل لا على أنه قائد مظفر؛ فقد أبدى رحمة وشفقة على مواطنيه برغم أنه أصبح في مركز قوي، ولكنه توّج نجاحه وانتصاره بالرحمة والعفو) ويقول ( برغم انتصارات الرسول العسكرية لم تثر هذه الانتصارات كبرياءه أو غروره، فقد كان يحارب من أجل الإسلام لا من أجل مصلحة شخصية، وحتى في أوج مجده حافظ الرسول على بساطته وتواضعه، فكان يكره إذا دخل حجرة على جماعة أن يقوموا له أو يبالغوا في الترحيب به وإن كان قد هدف إلى تكوين دولة عظيمة، فإنها كانت دولة الإسلام، وقد حكم فيها بالعدل، ولم يفكر أن يجعل الحكم فيها وراثيًا لأسرته) (11)


    واشنطون ايرفنج

    (إن محمداً ( ) نبي المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه وحسن سلوكه ، ومهما يكن هناك من أمر فإن محمداً ( ) أسمى من أن ينتهي إليه الواصف ، ولا يعرفه من جهله ، وخبير به من أمعن النظر في تاريخه المجيد، ذلك التاريخ الذي ترك محمداً في طليعة الرسل ومفكري العالم ) (12)


    السير موير

    ( لا يمكن أن ننكر على محمد ( ) في الدور الأول من حياته كمال إيمانه وإخلاص صدقه، فأما الإيمان فلن يتزعزع مثقال ذرة من قلبه في الدور الثاني ـ الدور المدني ـ وما أُوتيه من نصر كان من شأنه أن يقويه على الإيمان لولا أن الاعتقاد كله قد بلغ منه مبلغًا لا محل للزيادة فيه، وما كان يميل إلى الزخارف ولم يكن شحيحًا، وكان قنوعًا خرج من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير مرة في حياته، تجرد من الطمع وتمكن من نوال المقام الأعلى في بلاد العرب ولكنه لم يجنح إلى الاستبداد فيها، فلم يكن له حاشية ولم يتخذ وزيرًا ولا حشما، وقد احتقر المال..) (13)

    هنري دي فاستري

    ( منذ استقر النبي محمد ( ) في المدينة، غدت حياته جزءًا لا ينفصل من التاريخ الإسلامي. فقد نقلت إلينا أفعاله وتصرفاته في أدق تفاصيلها. ولما كان منظمًا شديد الحيوية، فقد أثبت نضالية في الدفاع عن المجتمع الإسلامي الجنيني، وفي بث الدعوة. وبالرغم من قتاليته ومنافحته، فقد كان يعفو عند المقدرة، لكنه لم يكن يلين أو يتسامح مع أعداء الدين. ويبدو أن مزايا النبي الثلاث، الورع والقتالية والعفو عند المقدرة قد طبعت المجتمع الإسلامي في إبان قيامه وجسّدت المناخ الروحي للإسلام. وكما يظهر التاريخ الرسول قائدًا عظيم ملء قلبه الرأفة، يصوره كذلك رجل دولة صريحًا قوي الشكيمة له سياسته الحكيمة التي تتعامل مع الجميع على قدم المساواة وتعطي كل صاحب حق حقه. ولقد استطاع بدبلوماسيته ونزاهته أن ينتزع الاعتراف بالجماعة الإسلامية عن طريق المعاهدات في الوقت الذي كان النصر العسكري قد بدأ يحالفه. وإذا تذكرنا أخيرًا على الصعيد النفساني هشاشة السلطان الذي كان يتمتع به زعيم من زعماء العرب، والفضائل التي كان أفراد المجتمع يطالبونه بالتحلي بها، استطعنا أن نستخلص أنه لابدّ أن يكون محمد ( ) الذي عرف كيف ينتزع رضا أوسع الجماهير به إنسانًا فوق مستوى البشر حقًا، وأنه لابد أن يكون نبيًا حقيقيًا من أنبياء الله ) (14) &
    (... ما أكثر ما عرض محمد ( ) حياته للخطر انتصارًا لدعوته في عهده الأول بمكة، وهو لم ينفك عن القتال في واقعة أحد حتى بعد أن جرح جبينه وخده وسقطت ثنيتاه، وهو قد أوجب النصر بصوته ومثاله في معركة حنين، ومن الحق أن عرف العالم كيف يحيي قوة إرادته ومتانة خلقه وبساطته، ومن يجهل أنه لم يعدل ـ إلى آخر عمره ـ عما يفرضه فقر البادية على سكانها من طراز حياة وشظف عيش؟ وهو لم ينتحل أوضاع الأمراء قط مع ما ناله من غنى وجاه عريض. وكان حليمًا معتدلاً، وكان يأتي بالفقراء إلى بيته ليقاسمهم طعامه، وكان يستقبل بلطف ورفق جميع من يودّون سؤاله، فيسحر كلماؤه بما يعلو وجهه الرزين الزاهر من البشاشة، وكان لا يضج من طول الحديث، وكان لا يتكلم إلا قليلاً فلا ينمّ ما يقول على كبرياء أو استعلاء، وكان يوحي في كل مرة باحترام القوم له. ودلّ على أنه سياسي محنّك...) (15)

    مارسيل بوازار



    ( هل رأيتم قط أن رجلاً كاذبًا يستطيع أن يوجد دينًا عجبًا، إنه لا يقدر أن يبني بيتًا من الطوب! فهو إذًا لم يكن عليمًا بخصائص الجير والجص والتراب وما شاكل ذلك فما ذلك الذي يبنيه ببيت وإنما هو تل من الأنقاض وكثيب من أخلاط المواد، وليس جديرًا أن يبقى على دعائمه اثني عشر قرنًا يسكنه مائتا مليون من الأنفس، ولكنه جدير أن تنهار أركانه فينهدم فكأنه لم يكن. وإني لأعلم أن على المرء أن يسير في جميع أموره طبق قوانين الطبيعة وإلا أبت أن تجيب طلبته.. كذب ما يذيعه أولئك الكفار وإن زخرفوه حتى تخيّلوه حقًا.. ومحنة أن ينخدع الناس شعوبًا وأممًا بهذه الأضاليل ) (16) &
    ( لوحظ على محمد ( ) منذ صباه، أنه كان شابًا مفكرًا وقد سمّاه رفقاؤه الأمين ـ رجل الصدق والوفاء ـ؛ الصدق في أفعاله وأقواله وأفكاره. وقد لاحظوا أنه ما من كلمة تخرج من فيه إلا وفيها حكمة بليغة. وإني لأعرف عنه أنه كان كثير الصمت يسكت حيث لا موجب للكلام، فإذا نطق فما شئت من لبّ. وقد رأيناه طول حياته رجلاً راسخ المبدأ صارم العزم بعيد الهم كريمًا برًّا رءوفًا تقيًا فاضلاً حرًا، رجلاً شديد الجدّ مخلصًا، وهو مع ذلك سهل الجانب لين العريكة، جمّ البشر والطلاقة حميد العشرة حلو الإيناس، بل ربما مازح وداعب، وكان على العموم تضيء وجهه ابتسامة مشرقة من فؤاد صادق. وكان ذكي اللب، شهم الفؤاد، عظيمًا بفطرته، لم تثقفه مدرسة ولا هذبه معلم وهو غني عن ذلك، فأدى عمله في الحياة وحده في أعماق الصحراء) (17)

    توماس كارلايل




    (إن الشخصية التي حملها محمد ( ) بين برديه كانت خارقة للعادة، وكانت ذات أثر عظيم جدًا حتى إنها طبعت شريعته بطابع قوي جعل لها روح الإبداع وأعطاها صفة الشيء الجديد..) (18)

    اينين دينيه

    ( إن محمدًا ( ) قد بشر بمذهبه للمرة الأولى بحماس لم يفتر ولم تعوزه المثابرة، وبعقيدة ثابتة بأن هذا المذهب يحقق صالح الجماعة الخاصة، وقد كان في ذلك كله مظهرًا لإنكار الذات برغم سخرية الجمهور) (19)
    جولدتسيهر

    (إن محمدا ً ( ) أتم طفولته في الهدوء، ولما بلغ سن الشباب اشتهر باسم الشاب الذكي الوديع المحمود، وقد عاش هادئاً في سلام حتى بلغ الأربعين من عمره، وكان بشوشا نقياً لطيف المعاشرة،) (20) &
    (إن محمداً ( )كان هو النبي والملهم والمؤسس، ولم يستطع أحد أن ينازعه المكانة العليا التي كان عليها، ومع ذلك فإنه لم ينظر إلى نفسه كرجل من عنصر آخر، أو طبقة أخرى غير طبقات بقية المسلمين. إن شعور المساواة والإخاء الذي أسسه (محمد) بين أعضاء الجمعية الإسلامية، كان يطبق تطبيقاً عملياً، حتى على النبي نفسه) (21)

    كارادي فو

    ( إن محمداً( ) رسول الإسلام ولد في حضن الوثنية، ولكنه منذ نعومة أظفاره أظهر بعبقرية فذة انزعاجاً عظيماً من الرذيلة وحباً حاداً للفضيلة، وإخلاصاً ونية حسنة غير عاديين، إلى درجة أن أطلق عليه مواطنوه في ذلك العهد اسم (الأمين).) (22)

    جارسان دي تاسي

    ( هل تراك علمت قط أن رجلاً على غير كريم السجايا مستطيع أن يتخذك صديقًا؟ ذلك أن من عرفوا محمدًا ( ) أكثر من غيرهم، كانوا أشد الناس إيمانًا به. وقد آمنت به خديجة كل حياته على أنها ربما كانت زوجة محبة. فأبو بكر شاهد أفضل وهو لم يتردد قط في إخلاصه. كان يؤمن بالنبي،وكذلك علي فإنه خاطر بحياته من أجل النبي في أحلك أيامه سوادًا... ) & ( حج محمد( ) حجة الوداع من المدينة إلى مكة، قبل وفاته بعام، وعند ذاك ألقى على شعبه موعظة عظيمة.. إن أول فقرة فيها تجرف أمامها كل ما بين المسلمين من نهب وسلب ومن ثارات ودماء، وتجعل الفقرة الأخيرة منها الزنجي المؤمن عدلاً للخليفة.. إنها أسست في العالم تقاليد عظيمة للتعامل العادل الكريم، وإنها لتنفخ في الناس روح الكرم والسماحة، كما أنها إنسانية السمة ممكنة التنفيذ، فإنها خلقت جماعة إنسانية يقل ما فيها مما يغمر الدنيا من قسوة وظلم اجتماعي، عما في أي جماعة أخرى سبقتها( (23) H. G. Wells


    ( بقدر ما أعرف من دينيْ اليهود والنصارى أقول بأن ما علمه محمد ( ) ليس اقتباسًا بل قد (أوحي إليه به)، ولا ريب بذلك طالما نؤمن بأنه قد جاءنا وحي من لدن عزيز عليم. وإني بكل احترام وخشوع أقول: إذا كان تضحية الصالح الذاتي، وأمانة المقصد، والإيمان القلوب الثابت، والنظر الصادق الثاقب بدقائق وخفايا الخطيئة والضلال، واستعمال أحسن الوسائط لإزالتها، فذلك من العلامات الظاهرة الدالة على نبوة محمد( ) وأنه قد أوحي إليه ) (24) لايتنر

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. أيهما أرحم .. جنة الغربه أم جحيم الوطن ؟!
    بواسطة هلالي القرن في المنتدى منتدى الموارد البشـرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: October 22nd, 2009, 00:22
  2. موسوعة طبية
    بواسطة بحـــــر في المنتدى منتدى عـِـلَل صحية
    مشاركات: 42
    آخر مشاركة: October 20th, 2009, 12:48
  3. الجهاز الطبي يمنح الضوء الاخضر لمشاركة خماسي الهلال
    بواسطة المنتقد في المنتدى منتدى مباريات كُــرَة القــدم
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: April 7th, 2009, 13:15
  4. انظر ماذا قدم للدين... فماذا قدمنا لديننا؟؟
    بواسطة ( * غريب الدار * ) في المنتدى حِوارات
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: May 11th, 2008, 14:02

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

تنفيذ شركة تصميم مواقع الانترنت توب لاين
روابط مهمه روابط مهمه تواصل معنا
تواصل معنا