--------------------------
الحمد لله الواحد الأحد الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولد ولم يكن له شريك في الملك { وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً } ( الإسراء111 )
أحمدك اللهم وأنت أهل أن تحمد اللهم لا رب سواك فندعوه ولا إله غيرك فنرجوه فيسر لي أمري واشرح لي صدري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي . اللهم من كان من السامعين موحدا فتقبل منه واغفر له ذنبه ومن كان من غير الموحدين فاهده إلى توحيدك واتباع هدي نبيك محمد – صلى الله عليه وسلم –

أحمدك اللهم حمد من عرف وحدانيتك فشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك { شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ( آل عمران18 ) اللهم إني أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، اللهم إني نستودعك هذه الشهادة ليوم تشخص فيه الأبصار فترحمنا بها وتنقذنا بها من العذاب فتزحزحنا عن النار وتدخلنا الجنة بسلام وتجعلنا ممن ترضى عنهم ويرضون عنك ويُمتعون بالنظر إلى وجهك الكريم .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبده وابن عبده وابن أمته ومن لا غنى له عنك طرفة عين {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } ( الحشر22 )

وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله أرسله الله رحمة للعالمين { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } (الأنبياء107 )
صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واهتدى بهديه واقتفى أثره إلى يوم الدين وبعد .
أيها الأخوة
أيتها الأخوات
أحييكم بتحية الإسلام
السلام الله عليكم ورحمته وبركاته
لقد دأب أعداء الإسلام على كراهية الإسلام وأهله واعتادوا الكذب على الله ورسوله ورغم يقينهم بمصداقية الإسلام ومعرفتهم برسول الإسلام إلا أنهم يكيدون له ويدبرون المكائد وينظمون الحملات المسمومة والمسعورة بغية تشويه الإسلام والتشكيك في مصداقية رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام .

لقد أخبر الله سبحانه وتعالى أنهم يعلمون صدق نبي الإسلام محمد – صلى الله عليه وسلم – :
{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } ( البقرة146 )

(الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه) أي محمدا (كما يعرفون أبناءهم) بنعته أي بصفته في كتبهم

قال عبدالله بن سلام: لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني ومعرفتي لمحمد أشد

(وإن فريقا منهم ليكتمون الحق ) نعته (وهم يعلمون) وهم يعلمون أنهم كاذبون في رفضهم الحق بعدما تبين وهم يعلمون أن ما منعهم إلا الكبر .


وبعد رفضهم الحق بعدما تبين وبعدما انتشر الإسلام وعم أرجاء المعمورة ولم تعد هناك بقعة في الأرض إلا ووصلها الإسلام ذكرا أو اتباعا جندوا جنودهم وسخروا أقلامهم للنيل من هذا العملاق القوي لأن أتباعه لا يرتدون وبه مستمسكون وفي خدمته متفانون وتحت رايته يعملون متى رفعت رايته في أرض لا تنكس فعمدوا إلى إعلان الحرب بكل صورها على هذا العملاق الذي هو الإسلام ، وعلى من تمسك به ، ودعا إليه ، بحجة أنهم يريدون إنقاذ العالم منه .
وما العالم الذي يريدون إنقاذه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ألعلهم يريدون إنقاذ الرأسمالية السافرة أو الشيوعية المنهزمة أم البوذية المدحورة أم الطغاة العتاة وأحلافهم والضالين وأنصارهم والمغضوب عليهم وأشياعهم .

إن الإسلام ليس خطرا على أمة بعينها أو جنس بذاته ، إنما هو خطر داهم على من يذل عباده ، وعلى من يتعصب لجنس دون آخر ، وعلى من يفرق بين الأبيض وبين الأسود من عباد الله ، وعلى من يستعبد الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ، وعلى من يأكل أموال الناس بالباطل ، وعلى من يسخر الآلاف من الطبقات الكادحة لخدمته .
وما يخاف شعب شريف الغاية من عودته ، ولا جنس نقي النية من دولته ، وإنما نجزم أن كل عائق يوضع في طريق هذا الدين الكريم إنما هو لحساب القوى الغاشمة ، والسلطات العفنة مدنية كانت أو كهنوتية . ( التعصب والتسامح للشيخ محمد الغزالي 3 – 4 )
إن الإسلام الذي سوى بين السادة وبين العبيد وبين الفقراء وبين الأغنياء فقدم فيه سلمان الفارسي وبلال الحبشي وصهيبا الرومي على أبي الحكم ابن هشام وعلى عتبة وشيبة ابنا ربيعة هو الإسلام الذي جعل من زيد بن حارثة وهو الذي كان من العبيد قائدا لجيش الإسلام في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – وعلى من ؟ على جعفر بن أبي طالب وعبدالله بن رواحة وخالد بن الوليد وكبار الصحابة - رضوان الله عليهم –
إنه الإسلام الذي جعل من أسامة بن زيد بن حارثة – رضي الله عنه - قائدا لجيش فيه كبار الصحابة – رضوان الله عليهم – بل خرج أبوبكر الصديق – رضي الله عنه - يودع الجيش بنفسه ماشيا على قدميه ويتحرج أسامة من أن يكون راكبا وخليفة المسلمين ماشيا ويهم بالنزول ويأبى أبو بكر فيشير إليه أن كما أنت يا أسامة وماذا يضير أبو بكر أن يغبر قدميه بالتراب في سبيل الله .
وكان مبدأ الإسلام منذ بدايته : من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه

إن الأحقاد الطائفية والحروب الدينية غريبة على أرض الإسلام ، فقد ألف هذا الدين منذ بدأ أن يعاشر غيره على المياسرة واللطف ، وأن يرعى حسن الجوار فيما يُشرِّع من قوانين ، ويضع من تقاليد ، وهو في ميدان الحياة العامة حريص على احترام شخصية المخالف له . ومن ثم لم يفرض عليه حكمه ، أو يقهره على الخضوع لشرائعه بل ترك أهل الأديان وما يدينون .

خذ مثلا الخمر والخنزير ، إنهما - بالنسبة للمسلم – لا يعدان مالا له قيمة بل الحكم بحرمتهما ورجسهما معروف . ومع ذلك فالمذاهب الفقهية ترى أنهما بالنسبة للنصارى مالا متقوَّم يصح تملكه وتمليكه ، ومن ثم تعترف بالتعامل فيهما .

ومن مظاهر التسامح في الدين الإسلامي الاعتراف بأنكحة غير المسلمين وأن لها حكم الصحة لأننا أمرنا بأن نتركهم وما يدينون به حتى بلغ من احترام الحرية الدينية عند غير المسلمين أن يقبلوا زواج المجوسي بابنته مادامت شريعته تبيح له ذلك .

وفي كتاب المغني لابن قدامة وغيره : مجوسي تزوج ابنته فأولدها بنتا ثم مات عنها فلهما الثلثان .

والعجيب أنك ترى أولئك الحاقدين على الإسلام يتغافلون هذا التسامح ويلبسون الحق بالباطل ويشوهون صورة هذا الدين القويم الذي جعله الله كلمته الأخيرة إلى خلقه على يد معلم البشر وخاتم النبيين محمد بن عبدالله الذي أرسله الله رحمة للعالمين .

ولقد اختلف أعداء الإسلام فيما بينهم في كل شيء واتفقوا على شيء واحد ألا وهو مواجهة الإسلام وعداوة أهله .
ولقد وقف هذا العملاق العظيم في مواجهة أعدائه صامدا بأصوله قوياً بدستوره شامخا بعقيدته وما ذاك إلا لأنه الدين الحق الذي لم يبدل ولم يغير ولا سبيل لبشر أن ينال من أصوله يعطلون أحكامه ولا يلغونها يسكتون عن شرائعه ولا يحذفونها ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) .

لقد واجه الإسلامُ أعداءه وما زال يواجههم وسيظل إلى أن تقوم الساعة لأن الصراع بين الحق وبين الباطل سمةٌ من سمات هذه الحياة لأن الإسلام دين الله الذي ارتضاه لعباده وكلمته الأخيرة إلى خلقه والله حي لا يموت ولأن قوى الشر يتزعمها إبليس اللعين الذي أخذ وعدا من رب العالمين يوم أن طرده من رحمته وأهبطه إلى الأرض مذموما مدحورا أن ينظره إلى يوم يبعثون.

َ( قالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ{13} قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{14} قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ{15} قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ{16} ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ{17} قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ{18} ( الأعراف )

لقد وقف الإسلام في مواجهة أعدائه وهم :
1. الصهيونية العالمية التي تمثلها إسرائيل وكل المجامع الماسونية والنوادي اليهودية في العالم مثل ( الروتاري ) و ( الليونز ) و ( البني بريث ) و ( المائدة المستديرة ) وكل الجمعيات والأشخاص والجهات التي تعمل على تحقيق أهداف اليهود .
2. الصليبية العالمية والتي يمثلها الغرب النصراني بزعامة أمريكا وإنجلترا والفاتيكان وسائر الكنائس المنتشرة في العالم من كاثوليكية وأرثوذكسية وبرتستانتية .
3. الشيوعية الملحدة ( المنهزمة والفاشلة ) وتمثلها روسيا وسائر دول الشرق الشيوعي والوثني في الهند والصين واليابان وكل الأحزاب اليسارية والاشتراكية في بلاد العالم .

ولكن ما الأسباب التي دعت هذه القوى إلى معاداة الإسلام ؟

أما عن اليهود والنصارى فعداوتهم قديمة بدأت منذ ظهور الإسلام والأسباب معروفة لا تخفى عليكم ولعل من أهمها :
1. ظهور الإسلام على يد نبي من العرب .
2. أنهم كانوا يظنون أن النبوة حكرا على بني إسرائيل فنزعها الله من بينهم بعد أن فقدوا أهليتهم لهذا الشرف العظيم .
3. أن الإسلام كشف خداع وزيف عقائدهم الباطلة وكتبهم المحرفة وأن هذه الكتب التي بأيديهم لم يعد لها صلاحية القبول والتعبد بها .
4. أن الإسلام كشف حقيقة الآلهة المزيفة والمتمثلة في الأحبار والرهبان والقساوسة الذين نصبوا أنفسهم آلهة لأتباعهم فيغفرون لهم ويبيعونهم الجنة بصكوك الغفران ويهددونهم بالنار مقابل ابتذاذ أموالهم وعرقهم .
5. ثم كانت القاصمةُ لهم والفاجعةُ حين علموا أن الإسلام ليس دينا خاصا بالعرب وإنما هو دين الإنسانية كلها ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (سـبأ:28)
وأنه بعد مجيء الإسلام لم يعد هناك دين صحيح يتبع وأنه الناسخ لجميع الأديان السماوية :
( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85)
ومعنى هذا أنه لا يهودية ولا نصرانية وإنما على أتباعها أن ينقادوا تحت راية :
لا إله إلا الله محمد رسول الله .

( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (آل عمران:19)
ومن هنا بلغ بهم الحقد والكراهية مبلغا عظيما حتى تمنوا أن لو ارتد أتباع هذا الدين كفارا وهذا ما أخبر به القرآن الكريم : ( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة:109)
إلا أن اليهود كانوا أشد ضراوة وأكثر عداوة وأخطر على الإسلام من غيرهم وهذا أيضا ما أخبر به القرآن الكريم ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (المائدة:82) وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ{83} وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ{84} فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ{85} ( المائدة )

ذلك أن اليهود لا تقتصر عداوتهم للإسلام على المواجهة المادية الظاهرة بل على العكس فهم أضعف وأجبن وأخس خلق الله وإنما تتمثل عداوتهم فيما هو أبعد من ذلك : في التآمر والكيد والدس في الخفاء والطعن من الخلف وهم العدو الماكر الذي لا تستطيع أن تستكشف حجمه ولا حقيقته كما أن اليهود هم مخترعوا كل المذاهب الهدامة في تاريخ الإسلام مثل الماركسية والثورة البلشفية الشيوعية وهم الذين ألبوا النصارى في الحروب الصليبية وهم الذين أنشأوا البهائية والقديانية وهم الذين يملكون المال والذهب ووسائل الإعلام والتوجيه وهم وراء كثير من الحركات الفكرية والسياسية التي تهدم الدين من أساسه ومن هنا نلمس السر القرآني العظيم حين جعل اليهود في مقدمة أعداء الإسلام قبل النصارى وحسبنا أنهم تسببوا في قتل ثلاثة من الخلفاء الراشدين وهم عمر وعثمان وعلي – رضي الله عنهم أجمعين - وما ترتب على مقتلهم من دماء المسلمين التي سفكت بسبب الفتن والحروب .

ويأتي النصارى بعد اليهود في عدائهم للإسلام وقد أشار الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى أن الروم النصارى هم أشد الناس على الأمة الإسلامية إلى يوم القيامة أي أكثرهم قوة وعددا وهكذا تكون شدة عداوة اليهود في الكراهية والمكر والعمق وشدة النصارى في القوة العددية والقتالية وهذا ما جاء في صحيح مسلم ( تقوم الساعة والروم أكثر الناس عددا )
والعجب من أولئك النصارى كيف يعادون الإسلام والمسلمين ويصادقون اليهود ؟
كيف يتعاونون مع الصهيونية للقضاء على الإسلام ؟
لقد كان منطق العدل يحتم عليهم أن يتعاونوا مع الإسلام والمسلمين للأسباب التالية :

1. فقد ادعى اليهود أن مريم - أم نبيهم أو أم إلههم كما يزعمون ويعتقدون – زانية وبرأها القرآن بل ضرب بها مثلا للنساء العفيفات وأبطل كل دعاوى اليهود .
2. لقد أنكر اليهود نبوة عيسى بل وصفوه بالكفر والضلال واعترف القرآن بنبوته وورد ذكره في القرآن الكريم باسم عيسى خمس وعشرون مرة وباسم المسيح تسع مرات وابن مريم اثنتين وعشرين مرة كلها ليس فيها مرة واحدة تنتقص من قدره ولا من نبوته شيئا .
3. لقد قال اليهود أن قتل النصارى من الواجبات التي يتقرب بها اليهودي إلى الله وأكبر دليل على ذلك أن اليهود قرروا قتل عيسى عليه السلام والنصارى يعتقدون أن اليهود فعلا قتلوه ومع ذلك سمعنا أن البابا الهالك برأ اليهود من قتل المسيح ولا أدري هل اتهم المسلمين بقتله أم لا ؟ ربما أنها كانت فرصة ليتهم المسلمين بقتل الأنبياء ويلصق بهم إرهابا جديدا كما هو شأنهم ودأبهم وربما لو وجدوا مسوغا زمنيا يناسب هذه التهمة لفعلوا ذلك واعتبروها فرصة .
فعلى الرغم من أن محور عقيدة النصارى أن اليهود صلبوا عيسى عليه السلام وقتلوه ولكن الفاتيكان في سنة 1965م أصدر وثيقة تبرأ اليهود من دم المسيح ويخاطب البابا ( يوحنا ) الثالث والعشرين اليهود بقوله : { أنا يوسف أخوكم أجل إن هناك فرقا بين الذي لا يؤمن إلا بالعهد القديم ( أي التوراة يعني اليهودي ) وبين الذي يؤمن أيضا بالعهد الجديد ( أي الإنجيل يعني النصراني ) ولكن هذا الفرق لا ينقص شيئا من الأخوة القائمة على أصلنا الواحد : ألسنا جميعا أبناء أب واحد في السماوات فيجب أن يكون بيننا حب مشرق حب نشيط فعال }
سبحان الله العظيم
أنظروا إخواني وأخواتي الكرام لهذا البابا الذي يعتبره النصارى ممثلا لله في الأرض الذي يعترف بأن اليهود لا يؤمنون بكتابه ولا بنبيه الذي هو إلهه كما يزعم ويعتبره ابن زنا ومع ذلك يخطب ودهم وحبهم بينما نحن المسلمين نعترف بأصل كتابه ونبيه ولا يصح إسلامنا إلا بالاعتراف بدينه وبكتابه وبنبيه وببراءة مريم وطهارتها ومع ذلك يعادينا ويصالح اليهود على حسابنا إنه الحقد على الإسلام الذي أعماهم عن رؤية الحقيقة والذي جعلهم يتعاونون حتى مع الشيوعيين الذي لا يعترفون بأي دين سماوي إنهم على استعداد أن يتعاونوا مع الشيطان نفسه طالما أنه يشاركهم في عداوة الإسلام .
أقول لأولئك الضالين الذي أعماهم الحقد والكراهية :
لقد فقدتم عقولكم حين اتفقتم مع اليهود وعاديتم الإسلام .
أليس هو الإسلام الذي لعن اليهود وأعلن غضبه عليهم لقولهم على مريم زورا وبهتانا بأنها زانية ( وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً) (النساء:156) ولكن عبَّاد الصليب لا يهتمون بما يخدم عقيدتهم وأنَّ جُلَّ اهتمامهم هو القضاءُ على الإسلام وأهله .

وما أصدق القرآن الكريم حين يقول ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (البقرة:120)
وقال أيضا (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة:217)

وأما عن سر عداء الشيوعية للإسلام فلأن الأساس الفكري للشيوعية هو إنكار الأديان واعتبارها مجرد خرافة وتخدير لبني البشر بينما أساس الإسلام هو الإيمان بالله سبحانه وتعالى كقوة غيبية خالقة ورازقة وحاكمة ومشرعة .

إذا فكل حقيقة من حقائق الإسلام تهدم باطلا من أباطيل الشيوعية وهذا هو سر العداء .
ومع أن النصرانية دين أيضا إلا أن الشيوعية لا تهتم بها كدين ولا تعيرها أي اهتمام لأن أتباعها قد انحرفوا عن نصرانية عيسى _ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام _ واخترعوا لأنفسهم عقائد لا صلة لها بوحي السماء ومن هنا فالنصارى هاربون من دينهم قبل أي شيء آخر وكنائسهم أصبحت أماكن خربة مملوءة بالصور والتماثيل والصلبان وهي لا تأثير لها عليهم حتى أنهم يحاولون جذب الشباب إليها عن طريق الإغراءات الجنسية حتى تعد صالات الرقص والجنس بعد إقامة الصلوات في أمريكا [ راجع ص 86 وما بعدها من كتاب الإسلام والمشكلات الحضارية للشهيد سيد قطب ]
وبهذا نصل إلى نهاية هذه النقطة إلى أن هذه القوى المعادية للإسلام والتي اختلفت في كل شيء – في العقائد ، وفي الفكر ، وفي السلوك ، ولكنها اتفقت على شيء واحد هو :
• إبعاد المسلمين عن الإسلام من حيث الحقيقة وإبقائهم عليه من حيث الاسم .
• خنق كل الظروف والملابسات التي تؤدي إلى نهضة المسلمين سواء كانت في صورة دعوة أو حركة أو دولة .
إنه الثالوث الجهنمي الرهيب الذي تآمر على أمتنا واصطلح أهله على حسابنا وتم وفاقهم على أن يكونوا هم الجزارون ونحن الضحايا ومن خلال هذه القوى يواجه المسلم بكثير من الفلسفات والنظريات التي تحاول اقتلاع الإسلام من جذوره مثل :
1. نظرية التطور الدروانية التي تحاول هدم الأديان من أساسها ورغم إقرارهم ببطلانها من الناحية العلمية إلا أنهم يحرصون على تدريسها في جامعات الدول الإسلامية لأنها تهدم العقيدة الإسلامية .
2. نظرية فرويد التي تحول الإنسان إلى حيوان ليس له هم إلا إشباع شهوته وأن الحياة في نظره أساسها الجنس حتى أن الطفل يشبع رغبته الجنسية من أمه بالرضاعة ويرد كل تصرف بشري أو حيواني إلى الجنس وما ذاك إلا لأنه حيوان بشري هو ومن وافقه ودعا إلى نظريته الهدامة .
3. الفلسفة البرجماتية النفعية الأمريكية التي تقوم على أساس المصلحة والمنفعة دون اعتبار للقيم والأخلاق .
4. الفلسفة الماركسية الملحدة التي تقوم على أساس إنكار كل ما ليس بمحسوس وإثارة الفتن الطبقية .
5. الوضعية المنطقية وهي فلسفة مادية تنكر وجود الله .
6. الوجودية الملحدة التي تبالغ في حرية الإنسان إلى حد إنكار حرية الآخرين وكرامتهم .
ولا أريد أن أناقش هذه النظريات فليس هو موضوعنا الآن ولكني أردت فقط أن أبين أن الإسلام يقف في مواجهة أعدائه وهم يستغلون أبناءه للنيل منه فيوهمونهم بصحة عقائدهم أو مذاهبهم الفكرية والفلسفية من أجل إصابة الإسلام في مقتل وهذا وإن تحقق لهم جزئيا فلن يبلغوا مرادهم لأن الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظ دينه وإتمام نوره ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (الصف:8)
أيها الأخوة
أيتها الأخوات
هذه مجرد مقدمة أردت أن أجعلها مدخلا لسلسلة محاضرات أرد فيها على أعداء الله مما يرددونه من شبهات في رؤوسهم حول الإسلام سواء في عقائده أو تشريعاته وكذلك ما يرددونه حول شخص نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .

من ذلك ما يثيرونه من شبهات وأباطيل ويروجون لها بالتأليف والنشر والإعلام بكل صوره ظنا منهم أن ذلك قد يصرف الناس عن الإسلام أو على الأقل يثني عزيمة من يريد الدخول في الإسلام من النصارى أو اليهود أو غيرهم .

ويعمدون ضمن حملتهم المسعورة على الإسلام إلى تحريف النصوص القرآنية والأحاديث النبوية أو صرف المستمع عن المعنى الأصلي إلى معنى يوافق هوى في نفوسهم يلبسون الحق بالباطل ويذكرون الشبهة لا على أنها شبهة ولكن يقدمونها على أنها قضية مسلمة ولا خلاف فيها وربما يستغلون جهل المستمع باللغة العربية أو بأسباب النزول ويعلنون التحدي لمن حضر معهم من المسلمين وربما إذا وجدوا من يمكنه الرد على شبهتهم لا يتركونه حتى يفرغ من رده ويدخلونه في شبهة أخرى ويظهرونه وكأنه عجز عن الرد في الأولى ، وربما دخل أحد النصارى باسم المسلمين ويحاورهم بأسلوب ضعيف وفي النهاية يظهر انهزامه ويقول هكذا رأيت المشايخ في المساجد يقولون ذلك فقلت بقولهم وهو في الأصل ليس بمسلم وقد حدثني أحد الأخوة ويعمل طبيبا – أخصائي عيون – انه سمع أحد المتكلمين في غرفهم يقول بأنه كان مسلما لفترة طويلة وتنصر لأنه لم يقتنع بالإسلام فقال له هذا الأخ الطبيب أصحيح أنك كنت مسلما ؟ فقال : بلى فقال له الأخ الطبيب : إذا أسمعني الآن التشهد الأول في الصلاة الرباعية . فبهت المشرك ولم يجب على السؤال .

و من ذلك ما ذكروه في غرفة من غرفهم من أن الآية رقم 27 من سورة العنكبوت تفيد رفض نبوة محمد – صلى الله عليه وسلم – قال احدهم واسمه أونلي ولم يقل رفض النبوة كما ذكرتها لكم الآن بل اتهم خاتم النبيين وإمام المرسلين بالكذب في ادعاء النبوة - { مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً } ( الكهف5 ) ودائما يذكرون رقم الآية واسم السورة دون قراءة الآية وذلك لسببين خبيثين :

الأول : لأنه يخشى من قراءة الآية فيخطئ في قراءتها فيصحح له أحد المسلمين فيظهر جانب الضعف عنده فيقول المسلم المستمع له إن كنت لا تعرف كيف تقرأ بشكل صحيح فكيف تفهم ، تعلم أولا كيف تقرأ ، كي تفهم ، ثم بعد ذلك اعترض .
فتراه يتلاشى قراءة الآية أو الآيات ويكتفي بذكر اسم السورة ورقم الآية .

الثاني : في قراءة الآية قد يسهل لخصمه المسلم الرد عليه إذا كان عنده علم باللغة أو كان دارسا لأسباب النزول والتفسير وإلى أن يذهب للمصحف ويأتي بالسورة ويصل للآية ويجهز رده يكون هذا الخبيث قد انتقل إلى فقرة أخرى ويظهر للحضور أنه حقق نصرا في ذلك .
كما لوحظ أيضا أنهم يستشهدون بآية واحدة على تقرير الشبهة وربما بجزء من آية فيكونون كمن يقرأ ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) (الماعون:4) ويستدل بها على أن الويل والعذاب للمصلين دون سواهم .
أو يقرأ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ .............................. ) (النساء:43) ويستدل بها على ضرورة ترك الصلاة وعدم الاقتراب منها . وفي ذلك دليل على جهله وجهل من يستمع له ويوافقه .

ويلاحظ أيضا في طبيعة هؤلاء المغرضين أنهم إذا تم الرد عليهم في شبهة ما ظنوها ثغرة في دين الإسلام وتبين لهم الحق وأن فهمهم الأول غير صحيح يعودون مرة أخرى لإثارتها رغم الرد عليهم واهمين بذلك أنهم يؤثرون على ضعفاء العقول وقليلي العلم بالإسلام وصدق الله العظيم { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ }( الأنعام33 )

ويبقى سؤال :
إذا كانوا كذلك يجادلون في الحق بعدما تبين ويعلمون أن القرآن الكريم كتاب معجز وأن مابين دفتيه هو كلام الله وأن الإسلام هو دين الحق وأنهم على الباطل فلماذا هم كذلك مستمرون على باطلهم إنهم كما وصفهم القرآن الكريم :

{يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } ( التوبة32 )

وقال سبحانه وتعالى :
{ يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } ( الصف8 )

المهم يذكر اسم السورة ورقم الآية دون أن يذكر نص الآية وقد بينا سبب ذلك .