ارتفع الذهب أمس، لكنه قريب من تسجيل أكبر تراجع أسبوعي في شهر؛ إذ إن تزايد حالة عدم اليقين بين المستثمرين بشأن قدرة الزعماء الأوروبيين على تقديم حل شامل لأزمة الديون أبقى الأسعار قرب أدنى مستوياتها في أسبوعين.



ونظرا للخلاف بين ألمانيا وفرنسا أكبر مساهمين في آلية إنقاذ منطقة اليورو على كيفية هيكلة الصندوق لوقف انتشار الأزمة بشكل فعال أصبح المستثمرون لا يرون فرصة كبيرة للحل في المستقبل القريب.

وزادت رغبة المستثمرين في حيازة أصول غير مقومة باليورو؛ نظرا للتحذيرات الشديدة من مؤسسات التصنيف الائتماني بشأن تداعيات الأزمة على الجدارة الائتمانية لإسبانيا وإيطاليا والبرتغال، بل وفرنسا أيضا؛ مما ضغط على اليورو وجعل أداء الأسهم الأوروبية أضعف من نظيراتها الأمريكية.

وتنامى أداء الذهب كسلعة مرتبطة بالمخاطرة؛ إذ زاد ارتباطه بالأسهم الأوروبية إلى أعلى مستوى في ستة أشهر.

وارتفع الذهب في السوق الفورية 0.3 في المائة إلى 1622.70 دولار للأوقية (الأونصة) أثناء تداولات أمس، لكنه يتجه لخسارة 3.5 في المائة هذا الأسبوع. وارتفعت الفضة 0.7 في المائة إلى 30.71 دولار للأوقية.

من جهته، توقع مختص في الذهب أن "تستمر أسعار الذهب في مستوياتها الحالية في المستقبل القريب، خاصة في ظل حاله عدم الاستقرار الذي تشهده أسواق الأسهم العالمية".

لكن أمجد عطية، مدير القسم العربي في شركة أف أكس دي دي أوروبا الشركة المتخصصة في أسواق المعادن الثمينة، أكد أنه "ليس من المستبعد أن نرى زيادة كبيرة في أسعار الذهب في حاله إفلاس اليونان علي سبيل المثال أو تعرض الاقتصاد الأمريكي لهزه أخري ولكن في حاله استقرار الأوضاع الاقتصادية العالمية فإن أسعار الذهب ستستمر في معدلاتها الحالية أو قد تشهد انخفاضا إضافيا تعتمد نسبته على نسبة النمو الاقتصادي الذي سيشهده العالم".

وكانت أسعار الذهب قفزت لأعلى مستوى في ثلاثة أسابيع مطلع جلسات الأسبوع الجاري مدعوما بتجدد إقبال المستثمرين وتراجع الدولار أمام اليورو بعدما عززت قمة لدول مجموعة العشرين الآمال في أن يتوصل القادة الأوروبيون قريبا لحل لأزمة ديون منطقة اليورو.

وشهدت أسعار الذهب قفزات متتالية خلال الأعوام الماضية، بداية من الأزمة المالية العالمية وتراجع الدولار مرورا بأزمة ديون أوروبا وتصاعد الذهب من 700 دولار في 2008 حتى تجاوز 1900 دولار للأوقية في العام الجاري بنسبة ارتفاع 171 في المائة.

وأضاف مدير القسم العربي في شركة أف أكس دي دي الشركة المتخصصة في أسواق الفوركس "من الناحية التاريخية هناك ارتباط وثيق بين أسعار الذهب بأسعار صرف الدولار الأمريكي، سواء أكان هذا الارتباط عكسيا أم طرديا فهذا أمر يعتمد على الحالة المزاجية في السوق في ذلك الوقت، بعبارة أخرى فإن منظومة الأسواق العالمية في وقت معين هي التي تحدد نوعية العلاقة بين الذهب والدولار الأمريكي, على سبيل المثال شهدت أسعار الذهب و الدولار ارتفاعا قياسيا في خضم الأزمة المالية العالمية في عام 2008-2009، حيث كان الدولار الملاذ الآمن للعملات العالمية والذهب هو السلعة التي تمثل الملاذ السلعي الأمن والوحيد.

واستدرك "في مطلع العام الجاري اختلفت الأمور بعض الشيء، حيث شهدت أسعار الذهب ارتفاعا قياسيا قارب 2000 دولار للأوقية، في حين شهد الدولار انخفاضا لأسعاره؛ نظرا للمشاكل الاقتصادية التي تواجهها الولايات المتحدة والعجز الكبير في الميزانية الأمريكية الذي كاد يؤدي إلى إفلاس الحكومة الأمريكية في آب (أغسطس) الماضي".

ويعيد المختص في المعادن الثمينة تراجع الذهب في الأسابيع الأخيرة إلى "عمليات البيع المربوطة بجني الربح (خاصة للمستثمرين الذين اشتروا الذهب وهو في مستويات سعرية أقل من ألف دولار) أيضا ارتبط انخفاض أسعار الذهب بوصوله لمستويات سعرية عالية غير مسبوقة وغير مبررة، ولا يمكن الحفاظ عليها في وجه نظر الكثير من المحللين الفنيين الذين ربطوا بين الارتفاع الذي شهدته أسعار النفط في بداية عام 2008 الذي وصل إلى 148 دولارا، ثم شهد انخفاضا حادا حتى وصل إلى سعر 35 دولارا أمريكيا في خلال أشهر وما يحدث الآن في سوق الذهب من ارتفاع شديد وسريع قد يعقبه انخفاض حاد بالسرعة نفسها، وهو الأمر الذي أدى إلى هبوط سعر الذهب بمعدل 300 دولار تقريبا في أيام قليلة واستقرار سعره الآن في مستوى 1600 دولار.


المصدر : الإقتصادية - محمد الهلالي ورويترز من جدة ولندن