"العقوبات البديلة" مشروع جديد تسعى الجهات القضائية والتنفيذية في السعودية إلى صياغة آلية لتطبيقه على المتهمين والضالعين في جرائم ومشكلات لا تتطلب إيقاع العقوبة المعتادة عليهم كالسجن أو الجلد. وقد أفسح هذا المشروع المجال أمام القضاء والسّجون في ملتقى عقد في العاصمة الرياض لبحث عددٍ من الأحكام البديلة عن الأحكام التقليدية لتحقيق الغاية من العقوبة.


لا يشمل أحكام الحدود والقصاص

وقال محمد عبدالكريم العيسى، وزير العدل السعودي، إن العقوبة البديلة هي من باب التجوز في المصطلح وإلا فإن ما يصدر من القضاء هي عقوبة أصلية ولها ثباتها ولها نفس مستوى العقوبة الأخرى من جهة الحجية ومن جهة الأساس ومن جهة الدليل والمستند والتكييف، لاشك أن النظر في العقوبات البديلة لاسيما في عقوبة السجن يحتاج بعض المراجعة في القضايا اليسيرة، أما القضايا الكبيرة والتي تهدد الأمن الوطني وتهدد الكيان الاجتماعي والسلم الاجتماعي فهذه لها ظروفها ولها ملابساتها الأخرى ولا تدخل في هذا الإطار.

ويؤمل تطبيق العقوبات البديلة أن يسهم في تخفيف أعباء السجون في البلاد وانخفاض أعداد السجناء إلى 50%، بحسب مدير عام السجون، الأمر الذي سيحد من صرف ميزانيات طائلة على المتهمين.

ويؤكد اللواء الدكتور علي حسين الحارثي، مدير عام السجون في السعودية، أن اللجنة عملت على إنهاء عملها ورفعت وطبعاً كان مقرها في مركز أبحاث الجريمة وانتهى الموضوع من قبل اللجنة ورفع لمقام وزارة الداخلية لتنظر فيه الحقوق العامة والخاصة لا يكون مرتبط بمواد مخالفة لمواد أخرى وألا يكون هناك بينها تعارض وبين بعض الأنظمة الأخرى اتخاذ قرار عليها أو رفعها لجهات أخرى. وتضمنت آلية التطبيق والتنفيذ والإشراف عليها.

ويتطلع المساهمون في صياغة مشروع العقوبات الجديد إلى أن يتم عزل مرتكبي الجرائم غير الخطرة بالآخرين الخطرين وفي أن تسهم العقوبات البديلة في تأهيل مرتكبي الجرائم عبر ربط العقوبات بخدمات النفع الاجتماعي والتنظيف والإعمار والبناء وخوض الدورات الدراسية والتدريبية وغيرها، كما أطلقت برامج تقنية لخدمة هذا المشروع الجديد.

أما المقدّم ماجد السعيّد، مدير مشروع تواصل الإلكتروني، فيرى أنه من ضمن البدائل وضع إسورة إلكترونية لوضع الموقوف بين أهله بدل إقامته ومتابعته في منزله بدل أنه يكون داخل السجن.

وأكد أن وزارة الداخلية في أتم الاستعداد الآن ونحن جاهزون للتطبيق، هذي إسورة إلكترونية تحتوي على وسائل أمان وتوضع في كاحل الشخص المطلق سراحه لتقييد تحركاته في نطاق حي معين ولا يغادر المنطقة هذه إلا بإذن من الجهات الأمنية.
4 معوقات ضد تطبيق البدائل
ومن جهته، أوضح القاضي في وزارة العدل السعودية الدكتور عيسى الغيث أن العقوبات البديلة موجودة في البلاد العربية والإسلامية وفي العالم أجمع، ولا مشاح في الاصطلاح، ونحن متفقون على جواز العقوبات البديلة.

وأكد أنه لا بديل للحدود والقصاص، فلا بديل لحد السرقة أو المسكر أو القذف والزنا، ولا بديل أيضاً لحد القصاص في النفس وفيما دون النفس.

وتابع: ولا بديل أيضاً للجرائم الكبيرة، فمن غير المعقول أن يتم القبض على مروّج للمخدرات وإحالته للعقوبات البديلة، ولا بديل أيضاً لأرباب السوابق، فمن غير المعقول أن يأتي شخص عنده 5 أو 6 سوابق ثم نطبق عليه حكماً بديلاً.

ومثَّل الغيث لتطبيق حكم بديل بقوله: "لو فرضنا أن هناك مشاجرة في مكان عام، وحصل توقيف لكلا الأطراف، فلا يسوغ حين إذنٍ أن يكون هناك توقيف أثناء التحقيق، ويكون هناك توقيف أيضاً أثناء المحاكمة، وتنفيذ الحكم بعد ذلك، فيجب أن لا يُدخل في القضايا الصغيرة اليسيرة طرف القضية إلى السجن عند التوقيف أو أثناء المحاكمة أو التنفيذ؛ لأن لا تلحقه المعرة والمضرة هو وأسرته". وتابع: هناك بدائل كالكفلاء والأساور اليدوية لمتابعة هؤلاء الشخص.

وأضاف: "أيضاً لو تم القبض على شخص وجدت معه حبة مخدرة مثلاً وليس له أية سوابق فليس من اللائق أن يُسجن 6 أشهر، وقد يكون عمره 24 سنة وعنده زوجة وأولاد، فيمكن أن تكون هناك أحكام بديلة ضده كغرامات مالية أو نحو ذلك".

وأشار إلى أنه ليس المقصود بتطبيق الأحكام البديلة التخفيف على الدول من الأعباء المالية للسجون، ولكن القضية هي: هل السجين سيستفيد من سجنه أم ستنتقل المشاكل الأخرى الموجودة في محيط السجن إلى هذا الشاب، الذي قد يكون صغيراً أو ليست عنده سوابق.

وذكر الغيث أن هناك 4 معوقات تقف أمام تطبيق هذه البدائل، وهي عدم وجود ضوابط للبدائل، وعدم وجود أنظمة للعقوبات تجيز هذه البدائل، وعدم وجود مبادرة من المدعي العام، وعدم وجود إدارة لتنفيذ البدائل.


العربية - الرياض - عبدالإله الخليفي