لنكن حرّاس هذا الوطن ..


يوسف الكويليت

كل من يحمل هوية الوطن يلزمه أن يكون عيناً، وعقلاً، ورجل واجب في كل المجالات، وبيان وزارة الداخلية المنشور الخميس الماضي عن تفاعل اجتماعي متقدم بالإبلاغ عن إرهابيين أو من ينوون تشكيل جماعات تنظيمية، أو بوادر شكوك في أقارب وأبناء، هذا التعاون الجديد والجوهري يؤكد أن وعياً بدأ يأخذ اتجاهه في جعل الوطن وأمنه فوق الابن والعائلة والقبيلة، ومن هنا جاء الشهداء وأصحاب التضحيات الكبرى الذين سجلوا في دفاتر التاريخ عظم أعمالهم وبطولاتهم.
وحين نؤمن بأن مقاصد هذا العمل لا تدخل في التصورات الخاطئة بالتجسس على الغير، أو التشكيك فيهم، وإنما صيانة لمجتمع بريء يُستهدف بالتنديد أو القتل لأفراده ومنشآته، وما بنيناه بعرق طويل طيلة العقود الماضية، تجعلنا مواطنين يحملون شرف وقيم وسلامة هذا الوطن..

وإذا كان الإرهاب يأتي بأولياتنا في رصد أي شخص أو جماعة أو حتى رسائل عبر الإنترنت أو تشكيلات تتلون بشفرات خاصة، توجب كشفها، فإن الموضوع يتسع لأكثر من ذلك في مكافحة جرائم المخدرات والتجسس، والسرقات وحتى الفساد المالي، والإداري في الدوائر والمؤسسات، طالما الهدف أن نكون على درجة تامة في حماية هذا الوطن من أي مخاطر تحيط به أو في داخله..

هذه الواجبات تذكّرني بطالب عربي كان يعيش مع عائلة بريطانية وفي إحدى سفراته جلب سجادة صغيرة، لكنها ثمينة، سألته صاحبة البيت هل قمت بإبلاغ سلطات الجمارك بالمطار؟ قال: لا..عندها فقط استدعت تلك الجهات فسجلت مخالفة على الطالب، تساءل الطالب لماذا وشت به، قالت: إن هذا واجبي كمواطنة تراقب أي مخالفة قانونية، وهناك حوادث مماثلة سواء في حالات تعرض دول للحروب والكوارث، أو أي طوارئ تفرض أن يكون المواطن يمثل سلطة بلده وأمنها في أي مجال..

صحيح أن كثيراً من المواطنين يخشون المساءلات والتحقيقات في حالات مشابهة مثل إسعافات حوادث السيارات، وخاصة من يتوفون أثناء حملهم بالطرق الطويلة، أو حتى القصيرة وتعرضهم للسجن حتى يتبين صاحب القضية، ومثل ذلك حالات الدهس وغيرها، وربما أن موضوع كشف المواقف الإجرامية للإرهابيين أو غيرهم يستدعي مثل هذه المساءلات، إلا أن هذا هو طبيعة أي نظام محلي أو دولي، ولكن لا يجب أن تكون سلطات الشرطة والمباحث تأخذ بالظاهرة، وتنسى الواجب، ولعلنا ونحن أمام مهنية عالية لرجال الأمن، وتقدم وسائلهم، والتي دلل عليها كشفُ أدق حالات الجريمة قبل وقوع الحوادث يجعلنا على يقين أن التعاون بين هذه الأجهزة والمواطن أثبت عكس تلك التصورات، وهذا ما يفترض أن نحسن النوايا أمام واجبات لا تستثني أي إنسان يعتبر نفسه مواطناً حقيقياً لا شرفياً فقط..

النماذج التي ذكرها بيان وزارة الداخلية تعطينا التفاؤل بأن نكون جنوداً بالطبيعة والواجب، وهو حق تفرضه سلامة هذا الكيان على كل من يحمل هويته..