بسم الله الرحمن الرحيم ..

أحبتي ..
[ العقيدة والفقه ] هما العلمان اللذان يقوم بهما حياة كل فرد منا ..
ولذلك كان لا غنى لنا عن السعي في تعلمهما ..

ومن أهم المواضيع الفقهية ..
موضوع الشروط في البيع ..
وهي الشروط التي يشترطها أحد المتبايعين في البيع ..

مثال ذلك :
أن يشتري منه سيارة ويشترط أن تكون سوداء ..
أو يبيع بيتاً ويشترط أن يسكنه لمدة شهر حتى يجد بيتاً آخر ..

هذه الشروط .. ما حكمها في الفقه الإسلامي ؟
قمت بتلخيص تلك الشروط وأحكامها من بحث الشيخ [ د. علي السالوس ] أستاذ كلية الشريعة في جامعة قطر ..
وجعلتها في نقاط تيسيراً للطالبين ..

أقول :
سأقوم بذكر كل شرط .. ثم رأي المذاهب الأربعة فيه [ الحنفية - المالكية - الشافعية - الحنابلة ] .. وسأقتصر على القول الذي يرجحه علماء كل مذهب في مذهبهم ..

الشروط في البيع [ عند المذاهب الأربعة ] :
1- الشروط الموافقة لمقتضى العقد والمقصود منه ..
مثالها : إذا اشترى سيارة واشترط أن يملكها .. أو باع بيتاً واشترط أن يأخذ البائع ثمن البيت ..
فهذا صحيح باتفاق المذاهب الأربعة .. لأن هذا هو المقصود من البيع .

2- الشروط التي فيها مصلحة للعقد (ويسمى: الشرط الملائم) ..
مثالها : إذا اشترى شخص سلعة ولم يدفع الثمن، فاشترط البائع أن يأتي المشتري بكفيل..
فهذا صحيح باتفاق المذاهب الأربعة .. لأنه يؤدي إلى إتمام البيع والتوثق منه .

3- الشرط المصاحب للعقد ..
مثالها: إذا اشترى سيارة واشترط أن تكون سوداء ..
فهذا صحيح باتفاق المذاهب الأربعة .. وقد حكاه عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية .

4- الشروط المحرمة .. أو التي تؤدي إلى محرم.. ( كالغرر والربا ) ..
مثاله : إذا اشترى عصيراً واشترط على البائع أن يجعله خمراً ..
فهذا فاسد باتفاق المذاهب الأربعة ..

5- الشرط المنافي لمقصود العقد ..
مثاله: إذا اشترى سلعة واشترط ألا يملك البائع الثمن .. أو باع سيارة واشترط ألا يركبها المشتري.
فهذا فاسد باتفاق المذاهب الأربعة.

6- اشتراط عقد في عقد .
مثاله: إذا اشترى سيارة واشترط على البائع أن يؤجره بيته .. أو باعه أرضاً على أن يقرضه عشرة آلاف ريال .
فهذا فاسد باتفاق المذاهب الأربعة إذا كان المصاحب للعقد سلف [قرض] ، لحديث لا يحل سلف وبيع ..
أما إذا كان المصاحب للعقد عقد آخر فعند المذاهب الأربعة أنه فاسد، ويرى شيخ الإسلام صحة البيع إذا لم انتفى الغرر المؤدي للنزاع، وهو الراجح .

7- اشتراط تعليق البيع .
مثاله : إذا قال : بعتك سيارتي بخمسين ألفاً إذا قدم زيد .. [ حيث علّق تمام البيع على قدوم زيد ] ..
فهذا فاسد عند المذاهب الأربعة، ويرى شيخ الإسلام صحة البيع لعدم وجود محظور في ذلك، وهو الراجح.

8- اشتراط بيع العبد بشرط أن يعتقه المشتري.
مثاله: إذا قال رجل: بعتك عبدي .. على أن تقوم بعتقه مباشرة ..
فهذا صحيح عند الجمهور ( المالكية - الشافعية - الحنابلة ) .. وعند الحنفية أنه فاسد ، والراجح قول الجمهور .

9- إذا اشترط منفعة معلومة في المبيع .
مثاله : إذا باع بيته على أن يسكنه البائع لمدة شهر، أو اشترى ثوباً على أن يقوم البائع بخياطته .
فهذا محل خلاف بين العلماء ..

# الحنفية : أن الأصل في هذه الشروط الفساد، إلا إن جرى بها عرف فهنا يصح استحساناً .

# المالكية: فيه تفصيل :
أ- إن كان الشرط في المعقود عليه : كما لو باع أرضاً واشترط أن يبنيها المشتري ..
فهنا يصح العقد إن كان على جهة بر ( كما لو اشترط أن يبني الأرض مسجداً ) .. ولا يصح العقد إن كان على غير جهة البر ( كما لو اشترط أن يبنيها بيتاً ) ..
ب- إن كان الشرط منفعة لأحد العاقدين ( كما لو اشترط البائع أن يسكن البيت شهرا )
فهنا يصح إن كانت المدة يسيرة كعدة أشهر ..

# الشافعية : قالوا : لا يصح الشرط مطلقاً .

# الحنابلة : يصح إذا كان اشترط شرطاً واحداً ، وهناك رواية : أنه يصح مطلقاً ..

والراجح: ما اختاره شيخ الإسلام وهو صحة الاشتراط مطلقاً .. لحديث ( المسلمون على شروطهم ) .. وحديث ( أن جابر باع جمله للنبي صلى الله عليه وسلم واشترط أن يركبه إلى المدينة) .. ونحوها من الأحاديث التي تدل على صحة ذلك الاشتراط ..


10- اشتراط ما ليس فيه مصلحة لأحد العاقدين أو للمعقود عليه.
مثاله : إذا باع بيتاً ، واشترط البائع أن يصوم المشتري يومين .
فهذا الشرط فاسد عند الجمهور ( الحنفية - المالكية - الشافعية ) ، وهو صحيح عند الحنابلة، وهو الراجح.


-----------------


فهذا ملخص للشروط في البيع وأحكامها عند المذاهب الأربعة .. أتمنى أن تكون مفيدة لطلبة العلم وللباحثين في أحكام الشروط ..

وبالله التوفيق ..

محبكم:

ابو فيــصل