"الاقتصادية" تستطلع آراء العقاريين حول مهنة الوساطة العقارية (4)
ضعف الحملات الرقابية يفاقم أزمة المكاتب العشوائية



العوائد المالية الكبيرة من مهنة الوساطة العقارية دفعت الكثير من
غير المهتمين بالجانب العقاري إلى الدخول والعمل به ما تسبب في
فوضى كبيرة تتطلب التنظيم. (تصوير: عيسى الدبيسي)


فيصل الزهراني من الدمام

[align=justify]تواصل "الاقتصادية" في حلقتها الرابعة من ملف "الوساطة العقارية"، سبر أغوار المهنة الأشد تأثيراً في أسعار العقارات باستطلاع آراء العقاريين حول مهنة الوساطة وما آلت إليه بعد انتشار المكاتب غير النظامية.

وطالب عقاريون تحدّثوا لـ "الاقتصادية" في المنطقة الشرقية، الجهات المسؤولة عن تنظيم القطاع العقاري، بتنظيمٍ أكبر لمهنة الوساطة العقارية، وخاصة الإجراءات التي تتعلق بالمكاتب العقارية, والحد من انتشار المكاتب العشوائية التي تتكاثر بشكل لافت في المنطقة الشرقية دون أي مراقبة أو إجراءات تحد من هذا الانتشار.

وأرجع العقاريون هذا الانتشار إلى التساهل الكبير حيال هذه المكاتب وانتشارها وتقليل الحملات التفتيشية التي تتعلق برخصة مزاولة المهنة والعمل فيها من قبل العمالة الأجنبية التي لا يهم كثير منهم تأثر السوق بالعشوائية الزائدة التي تضر بالسوق, حيث يعد عمل العامل الأجنبي في هذه المكاتب أخطر المخالفات التي يعاقب عليها النظام بالغرامة المالية أو بإغلاق المكتب في حال تكررت المخالفات.

وعزا العقاريون ارتفاع أسعار بعض المخططات، وخاصة المنح, والواقعة خارج النطاق العمراني، إلى تسويقها عن طريق هذه المكاتب والتي تسوّق لها وتبيعها بطرقٍ عشوائية لا تتوافق مع حركة السوق الطبيعية في الارتفاع والانخفاض.

فيما قال بعض العقاريون إن الوساطة العقارية أصبحت مهنة مَن لا مهنة له، ولم تعد كما كانت عليه في الوقت الماضي, حيث أصبح بإمكان الشخص أن يزاول مهنة الوساطة من منزله باستخدام الهاتف, دون الحاجة إلى وجوده في مكان معين كالمكاتب, وهذا ما يتسبّب في صعوبة تنظيمها.

دور الجهات المسؤولة

باسويد

أكد طارق باسويد عضو اللجنة العقارية في غرفة الشرقية، أن مهنة الوساطة العقارية يجب أن تكون ضمن النطاق المسموح به, ووفقا لما تتطلبه السوق العقارية، دون المبالغة أو المزايدة في عمليات التسويق التي يقوم بها البعض للحصول على قيمة السعي بعيداً عن المتعارف عليه, مشيرا إلى أن انتشار ووجود أعداد كبيرة من المكاتب العشوائية في المملكة والمنطقة الشرقية بشكل خاص يعد أمرا لافتا للمواطن, وأنه من الأمور البديهية أن تتجاوب الجهات المسؤولة عن مخالفة وإزالة هذه المكاتب للقضاء عليها, وهذا ما لم تقم به الجهات المسؤولة من بلديات وغيرها من الجهات المخولة باتخاذ الإجراءات التي تحد من انتشار هذه المكاتب المخالفة, لأن قيامها في أماكن غير مرخصة يعد مخالفا لنظام العمل كونها تعمل ضمن المجال العقاري دون ترخيص وفي أماكن قد لا تكون ملكا لأصحاب هذه المكاتب, وإزالتها لا تحتاج إلى كثير من الإجراءات لكونها لا تطبق الشروط ومتطلبات إقامة مثل هذه المكاتب في هذه المواقع.

وأضاف باسويد أن وجود مثل هذه المكاتب أثّر وبشكل واضح على حركة السوق ارتفاعا أو نزولا ما دفع كثيرا من المواطنين أصحاب الأراضي إلى الانسياق وراء الشائعات التي قد ينشرها مَن يعمل في تلك المكاتب لتحريك السوق تارة وتوجيه الحركة إلى مخطط بعينه تارة أخرى, وهو ما قد يتأثر به البعض، وخاصة ممن ليس لهم علاقة ولا دراية كافية بالعقار وهمه الوحيد هو الحصول على قطعة أرض أو بيعها.

ويؤكد باسويد أن متابعة المكاتب العقارية، والتأكد من التزامها بالنظام، والتسريع بعملية تصنيف المكاتب ستنظم حركة السوق بشكل كبير, كما أنها ستدفع السوق إلى نوع من الاستقرار في ظل الارتفاعات الحالية.

وطالب باسويد بدراسة وتفعيل جميع المقترحات والدراسات والتوصيات التي تطرح في الجانب العقاري وما يتعلق بتنظيم السوق العقارية, لأن هذا من شأنه أن يدفع الحركة العقارية إلى أكبر قدر ممكن من التنظيم ووضع السوق على الطريق الصحيح للخروج من عالم المضاربات التي تدور في بعض المكاتب العقارية تحت أسماء هذه المكاتب.

غياب المواطن

آل مسبل

من جانبه، بيّن محمد آل مسبل الرئيس التنفيذي لشركة أتاس العالمية أهم المشكلات التي تدور في نطاق الوساطة العقارية ومنها دخول أشخاص لا علاقة لهم بسوق العقار، وممارسة هذه المهنة دون ترخيص أو سجل تجاري أو خبرة عقارية ولديهم مكاتب عقارية ما أدى إلى كثرة الوسطاء في السوق وبالتالي يتسبب في قلة المعلومة الصحيحة والعرض الجاد مما يسيء لسمعة هذه المهنة, مطالبا الجهات المعنية بتوثيق جهة الوساطة رسميا، والتأكد من تقاضي حقوقها بالشكل الصحيح وعدم السماح لغير المرخصين بالدخول إلى هذه المهنة.

[imgl]http://www.aleqt.com/a/545412_165351.jpg[/imgl]وبيّن آل مسبل أن المكاتب العقارية في المملكة بدائية بسبب انعدام التنظيمات والضوابط وعدم تفعيل نظام تصنيف المكاتب العقارية، مع العلم أنها تحقق عوائد جيدة بسبب النمو المتزايد للسكان، ووجود السيولة الجيدة في البلد, مضيفا أن أغلب المكاتب العقارية الخليجية تتخذ تنظيمات أكثر صرامة ووضوحا، مطالبا بتطبيقها على المكاتب العقارية السعودية.

ويشير آل مسبل إلى أن العمالة الأجنبية وجدت نفسها في مهنة الوساطة لأن الشباب السعودي لم يقم بعمله في هذه المهنة بالشكل الصحيح من حيث الانتظام في مواعيد العمل في المكاتب العقارية أو الشركات العقارية، وكذلك استعجال الكثير في الحصول على المردود المالي، وينسون أن الصبر من أهم مقومات النجاح في هذه المهنة لأن المكسب المادي من خلال العمل بمهنة الوساطة العقارية لا يأتي في يوم وليلة، بل يحتاج إلى كثير من المحاولات للوصول إلى الهدف المنشود.

صعوبة السيطرة عليها

بغلف

ويقول محمد عمر بغلف عضو اللجنة العقارية في غرفة الشرقية، إن الوساطة العقارية أصبحت في الوقت الحالي مهنة مَن لا مهنة له, وذلك لصعوبة السيطرة والحد من عمل الكثير ممن لا يملكون الخبرة والدراية الكافية في تسويق العقار, بحيث أصبح مفهوم الوساطة العقارية لدى الكثير هو توزيع العرض الموجود لديه من المالك مباشرة أو حتى من طرف آخر قد لا يمكنه الوصول إلى صاحب العرض مباشرة وبالتالي يبدأ هو وغيره من الوسطاء بتوزيعه بشكل عشوائي في السوق مكونين سلسلة قد لا تنتهي, وفي هذه الحالة قد يفقد العقار المعروض للبيع قيمته الحقيقية نتيجة زيادة السعر من وسيط إلى آخر. وبيّن أن صعوبة السيطرة على تنظيم الوساطة تكمن في سهولة تسويق العروض والعمل فيها.

وأكد بغلف أن أهم صفتين يجب أن توجدا في الوسيط العقاري هما الصدق, والعلاقات الجيدة في السوق, لأن ذلك من شأنه أن يُوجد للوسيط قاعدة جيدة يعتمد عليها في تسويق العرض الموجود لديه, وكذلك تسريع عملية البيع, وضمان حقه بشكل أكبر.

وبيّن بغلف أن انتشار كثير من المكاتب والوسطاء في السوق العقارية دفع الجهات المعنية بتنظيم السوق إلى وضع بعض الشروط والقوانين للحد من انتشارها والسيطرة عليها, من خلال اشتراطات عدة منها رخصة المحل ونوع العمالة التي تعمل فيه، ولكن لم تأت هذه الإجراءات بأية نتيجة, مبينا أنه في حال يريد الجميع أن تكون سوقنا العقارية أكثر تنظيما فإنه يجب علينا كمواطنين أن نمتلك ثقافة كافية تدفعنا للاتجاه إلى القنوات الرسمية المتخصصة في البيع والشراء وعدم الانسياق خلف العروض المغرية أو المصادر التي تقدم عروضا مغرية للطرفين دون النظر إلى كيفية إنهاء وإجراء عمليات البيع والشراء.

العمالة الأجنبية

الجبالي

وعلى الصعيد نفسه أكد علي الجبالي، مستثمر عقاري، أن مهنة الوساطة العقارية تحتاج إلى كثير من التنظيم فيما يتعلق بالعاملين فيها، وخاصة من العمالة الأجنبية التي أثّرت بشكل كبير وواضح على هذه المهنة، ما دفع السوق في بعض الأوقات إلى ارتفاعات وانخفاضات؛ عزاها الكثير من أهل العقار إليهم, موضحا أن عرضهم وتعاملهم مع العروض التي تصل إليهم لا يكون بالطريقة التي تضمن عدم التأثير في السوق.

[imgl]http://www.aleqt.com/a/545412_165349.jpg[/imgl]وبيّن الجبالي أن الحد من عمل هذه الفئة "العمالة الأجنبية" في المكاتب العقارية هو إجراء سيسهم في القضاء على نشاطات هذه المكاتب وسيحد من أثرها وسيخلق صورة جديدة وشفافة عن السوق العقارية, مشيرا في الوقت نفسه إلى أن أبناء البلد هم الأحق بالعمل في هذه المكاتب وهذه المهنة لما لها من عوائد مالية كبيرة قد تساعد على استقرار كثير من الأسر.

وبيّن الجبالي أن للأجانب الذين يعملون في المكاتب المخالفة دورا كبيرا في المضاربات العقارية، حيث يقومون ببيع العقار وتسويقه من جديد بسعر يفوق السعر الأول المباع فيه ما يخلق جوا من المضاربة غير الحميدة والتي لا تعكس الوضع الحقيقي للسوق العقارية في المنطقة, وأبان أن وزارة التجارة تلزم أصحاب المكاتب عند استخراج التراخيص لممارسة المهنة بأن يكون العاملون في المكتب العقاري من مسوّقين ووسطاء سعوديين فقط، وذلك للمساعدة على سعودة الوظائف التي يشغلها أجانب، خاصة الجانب العقاري, مشيرا إلى أن الشاب السعودي متى ما أُعطي الفرصة المناسبة والتشجيع من صاحب العمل، فإنه سيثبت أنه أحق وأجدر بالعمل من ذلك العامل الأجنبي الذي لا يهمه سوى الحصول على راتبه أو عمولته من الصفقات التي تتم في هذه المكاتب والشركات العقارية.

الحد من العشوائية

[imgr]http://www.aleqt.com/a/545412_165350.jpg[/imgr]وأوضح أن إغلاق المكاتب المخالفة سيحد من العشوائية التي تسببت فيها هذه المكاتب، والتي أثرت بشكل مباشر في السوق العقارية، وأن هذا الإجراء سيثبت مصداقية السوق العقارية ما ينعكس على التعاملات العقارية بالإيجاب، وهذا ما ينقص السوق العقارية في الفترة الراهنة, لافتا إلى أن المكاتب المخالفة يديرها عمال أجانب وهذا مخالف لأنظمة وزارة التجارة التي تتطلب أن يكون الموظفون سعوديين.

وأشار الجبالي إلى أن إغلاق المكاتب المخالفة سيسهم كثيرا في أن تكون السوق العقارية أكثر تنظيما ووضوحا ما ينعكس بالإيجاب على وضعها وصورتها التي باتت ضبابية وغير واضحة، نظرا لما أحدثته هذه المكاتب المخالفة من ضرر فيها، مشيرا إلى أن العقاريين ينتظرون من الجهات الرسمية مزيداً من الإجراءات التي تصب في مصلحة وقوة السوق العقارية في المنطقة الشرقية ما ينعكس بالإيجاب على الاقتصاد الوطني نظراً لما يمثله النشاط العقاري من قوة اقتصادية.[/align]