لماذا استأسد ضعاف النفوس على النساء؟

محمد عبدالله بن عبيد
تزايدت مؤخراً بشكل لا يمكن تجاهله، أو السكوت عنه، قضايا حالات التعدي والتحرش بالسعوديات من قبل بعض ضعاف النفوس من المقيمين بالمملكة، حتى أنه لا يكاد يمرّ أسبوع إلا ونقرأ في الصحف الورقية والالكترونية، خبر إلقاء القبض على مقيم (عربي) حاول التعدي على سعودية، أو عربي يبتز سعودية، أو عربي يتحرش بسعودية،، إلخ، في حين أن مثل هذه القضايا يدينها الشرع، ولا يقبلها المجتمع المتحضر، بل إن المجتمعات الغربية تعدّها من أشنع الجرائم البشرية، ويُعاقب مرتكبوها بأشد العقوبات، وأنا هنا لا أتحدث بوجه العموم، ولكن مثل هذه القضايا لو لم يتم معالجتها، قد تصبح ظاهرة لا قدر الله. ومن خلال قراءة لحيّثيات كل قضية يتم نشرها، يتبيّن أن هذه الحالات ساند وقوعها عملية الاحتكاك المباشر مع النساء بمنافذ بيع (الملبوسات النسائية، والمطاعم، وسيارات الأجرة الخاصة، وغيرها)، فعامل الملبوسات يستهل مخططه ضدّ الفتاة، ببحث نقاط الضعف لديها، من خلال أحاديث البيع والشراء بالمحل، حيث يرمي باسقاطاته بغية كشف مكامن الشخصيّة، ويبرمج الردود في تفكيره السلبي بمعان أخرى، ليكتشف ما إذا كانت الضحية قويمة أو انهزامية، أما عامل المطعم، فتسانده خدمة توصيل طلبات الطعام إلى المنازل مجاناً، حيث يضيف إلى طلب الضحيّة طلبات أخرى وذلك لخداع العميلة، وإيهامها بتودّده لها، وفي الوقت ذاته يستطلع وضع المنزل وساكنيه ليتم اتقان الخطة، بينما سائق الأجرة الخاصة، يسانده في تخطيطه الدنيء (عدم السؤال له عن نظاميّة عمله)، فيقوم بتوصيل الفتيات إلى المدارس والجامعات، والأماكن العامة، ويتفرغ في المساء للمشاوير النسائية الخاصة، دون حسيب أو رقيب، بل إنني قرأت في صحف التابلويد الإعلانية لدينا، إعلاناً يقول (سائق عربي يبلغ من العمر 26 عاماً، لديه سيارة خاصة، ويرغب في العمل بالفترة المسائية في نقل العوائل فقط)، فهل هذا سخف إعلاني أم استخفاف بمجتمعنا؟.
فما هي الأسباب التي جعلت البعض من المقيمين يستغل عمله في بلادنا في تحقيق مآربه الدنيئة، ويستأسد على أعراض الناس، ضارباً بعرض الحائط مخافة الله ، واحترام أنظمة البلاد ومجتمعها، هل هذه الأسباب هي نتيجة سلوكيات شاذة تربى عليها في وطنه قبل مجيئة إلينا، ومجتمعنا كان ضحية احتضانه تحت مسمى "عامل"، أم أن البعض لديه تصوّر أن الحُكم لدينا في مثل هذه القضايا سينتهي إلى السجن والتسفير، ومن ثم فإن العودة إلى المملكة فيما بعد ميسرة بطريقة التهريب، وعلى قدر ما أبحث عن الأسباب، على قدر ما أطبطب على من وقعت في شباك غدر مثل هؤلاء، وألومها في الوقت ذاته كونها سلّمت خصوصيتها لهم، ثم قالت: انجدوني!، معلقة الأسباب على الأسرة والمجتمع.
يجب أن يكون لدينا كمجتمع وجهات مختصة وقفة صادقة وحازمة أمام مثل هذه القضايا، ويكفينا تنطعا مجتمعيا، ووضع مبررات غير منطقية لإيقاف قرار نسونة محلات الملبوسات النسائية، فحجم مايجري الآن من قضايا عبرها، أكبر مما يظنه البعض من تطبيق النسونة، ويكفينا استغلال من قِبل بعض التجار لبناء أسواق نسائية مغلقة وضرب الأسعار فيها في 3 و4، كما كفانا تشكيكاً في سلوكيات رجالنا بالأسواق، وغض النظر عن المتواجدين في المحال النسائية، فهل يعقل محل لبيع العباءات النسائية لاتتجاوز مساحته 4 في 3 ، ويبيع فيه 4 مقيمين.
إنني أجزم أن سقوط بعض النساء في براثن مثل هؤلاء السلبيّين يعود لحالة اللامبالاة التي تولدت لديهن وتمكن الشخصيّة الانهزامية منها، وذلك نتيجة ضعف الوازع الديني، وسلبية الدور التربوي في المدارس، وغياب روح ولي الأمر في المنزل، فهما في حالة سبات شديد لا يستيقظا منه، إلا مع حدوث الكارثة، كما أن وزارة العمل تتحمل دوراً في هذا الجانب، فهي متأخرة في تهيئة مجالات أوسع لعمل المرأة السعودية، وتطبيق قرار نسونة المحال النسائية بشكل إيجابي يقبله المجتمع كي لا يقودنا تجاهلنا تجاه هذه القضايا، إلى التحوّل من معالجة مشكلة فرديّة، إلى معالجة إشكال ظاهرة، ثم إلى معالجة معضلة تفتك بالأسرة والمجتمع.


الرياض


((( التعليق )))


أول شي أنتوا وش تقولون ؟؟