أملج.. جمال البحر يأسر القلوب

تنتظر المستثمر والزائر بشواطئ بكر وأجواء ساحرة..و«السياحة» تتفرج!



املج : مختصر ( أم اللج )


جريدة الرياض - أملج، جولة- سالم مريشيد
بدأت نسمات الهواء المنعشة تداعب وجهي وأنا أسير على كورنيش أملج -الذي يمتد جنوباً من شاطئ الأصداف وحتى شاطئ الدقم في شمالها-، وأرجو أن يمتد حتى أقصى الشمال لما بعد منطقة الحرة عند اكتماله حتى يكون أجمل وأطول كورنيش على ساحل البحر الأحمر الشمالي..



في شاطئ الدقم ( أرحنا مطايانا) على شاطئ بكر تتعانق فيه الرمال الناعمة مع مياه البحر تحت ظلال النخيل التي نبتت على الشاطئ منذ مئات السنين بشكل يجعلك تحس بأنك على شواطئ لاس بالماس (الكناري)، بينما تحلق على مقربة منك طيور النورس، وبين الحين والأخر تقذف بأجسادها إلى البحر للفوز بسمكة تأخذها في منقارها من أعماق الماء وتطير بها إلى أعلى إحدى أشجار النخيل لتستمتع بالتهامها بعيدا عن مشاركة الطيور الأخرى.

البحر المفتوح يمتد أمام الزوار والسكان لم تلوثه مصبات مياه الصرف الصحي، ولم تخفه عن الناس، وتستولي عليه أسوار شاليهات المتخمين والمستثمرين الذي يريدون كل شيء لهم ..البحر البكر النقي ومياهه الزرقاء الصافية تحتضن المدينة والناس وتمد أجواءها بالأوكسجين واليود المنعش، وتهدهد أحلامها وتملأ فضاءها بالسحر والجمال.. وتستعيد وأنت تتأمل الفضاء البعيد الممتد أمامك أغاني البحارة وأهازيج الصيادين وهم ينطلقون في مراكبهم الشراعية بالأمس ومراكبهم التي تعمل اليوم بالمحركات والبنزين بحثاً عن لقمة العيش مع كل صباح.

إن الأجمل في هذا الشاطئ البكر؛ هو هذه المساحات المفتوحة على طول البحر والتي يجد فيها السكان والزوار والمصطافون فرصة كبيرة في الاستمتاع بالبحر، وممارسة السباحة في آماكن آمنة تجعلك تقضي سويعات وسويعات على البحر دون ملل وتكتشف في كل لفتة موقعا جديدا للجمال المحيط بك من كل جانب.

حملة التطوير

ربما لم تحظ أملج حتى وقت قريب بنصيبها المفروض والمطلوب من الميزانيات والاعتمادات المالية التي تمكنها من تنفيذ الكثير من المشاريع التي تحتاجها ..ولكنها اليوم قد بدأت تحصل على جزء مماتحتاجه من مشاريع خاصة بالخدمات ..وقد لمست خلال جولتي في أنحاء مختلفة من المدينة العديد من المشاريع التطويرية والتجميلية، ومن أهمها مشروع تنفيذ شبكة الصرف الصحي، وشبكة مياه الشرب والترصيف والإنارة لعدد من الأحياء، كما أن البلدية تولي اهتماماً خاصاً بتجميل وزراعة المنطقة المحيطة بالكورنيش، وإقامة العديد من الجلسات المزروعة بالعشب الأخضر والنباتات المزهرة بتصاميم مختلفة دائرية ومربعة ومستطيلة وخماسية وسداسية، بالإضافة إلى وضع العديد من ألعاب الأطفال على امتداد الكورنيش ليجد فيها الأطفال مكاناً لممارسة لهوهم في مدينة حتى الآن لا تتوفر فيها مدينة للترفيه والألعاب؛ لأن معظم المستثمرين في بلادنا لاتتجه بوصلة مشاريعهم إلاّ للمدن الكبرى..وتحاول بلدية أملج بجهودها أن تعوض هذا النقص والقصور وأعتقد أن البلدية إذا استمرت بهذا الحماس والجهد والعمل فإن أملج ستكون أجمل مدينة على ساحل البحر الأحمر الشمالي.

وما أرجوه من البلدية أن تلتفت إلى الحدائق التي داخل الأحياء وتضع خطة عاجلة لتشجيرها وزراعتها وتجميلها، وأن لا يقتصر تركيزها على الأطراف فقط، فما أجمل أن تكون الأطراف والقلب لوحة واحدة متكاملة الجمال.. وهذا مايتمناه كل من قابلته من سكان المدينة والذين يرون أن مدينتهم الغافية في أحضان البحر يمكن أن تصبح وجهة سياحية مهمة للمملكة لو حظيت بما تستحقه من المستثمرين في المجال السياحي؛ لما توفر لها من مقومات سياحية خاصة «جبل حسان» الذي يقع وسط البحر ويمكن أن تقام فيها العديد من المشاريع السياحية، بالإضافة إلى المساحات الشاسعة من الكثبان الرملية الناعمة التي يمكن أن تكون مكانا مميزا لممارسة التزلج على الرمال بالإضافة إلى العديد من الجزر البحرية التي يمكن أن تشكل منتجعات سياحية ومناطق للتداوي بمياه البحر.


أسعار مزاجية!


الاستمتاع والارتياح اللذين عشتهما من خلال جولتي على كورنيش أملج وما رأيته من معالم جمالية طبيعية تمتزج فيها متعة المكان والزمان لم «يعكننها» ولم يشوهها؛ إلاّ المغالاة التي صدمت بها عندما توجهت إلى أحد الشاليهات المقبولة من حيث الشكل إلى حد ماء لأسكن فيه يوما أو يومين - هي الفترة التي أتيحت لي لهذه الرحلة وحتى أكون بقرب البحر- ..وصدمت عندما وجدت أجر الغرفة بسريرين مع مطبخ وحمام صغير ب(800) ريال، عداً ونقداً وبالطبع غرفة واحدة لن تكفيني ولا بد أن أستأجر على الأقل ثلاث غرف لي ولأبنائي، ومعنى هذا أنني سأدفع في اليوم الواحد (2400) ريال وهو والله مالا أطيقه، فغادرت ذلك الشاليه، وأنا أردد بيني وبين نفسي «هل أنا في أملج أم أنني على شاطئ نيس أو كان التي لا يقترب منها ولا يذهب إليها إلا المتخمون؟ ..وحتى أطرد هذه الخواطر والهلوسات التي انتابتني توجهت إلى مبنى شقق مفروشة يقع على مسافة من البحر ولكنه ليس على الشاطئ، وفي نفس الوقت لا يوجد مايمنع رؤية البحر منه فقلت على الأقل (ريحة أبو علي ولا عدمها) ..ولكن حلمي بالسكن في ذلك المبنى لم يلبث أن تبخر عندما أخبرني العامل فيه أن اجرة الشقة ثلاثة أسرة ب (700) ريال والشقة سريرين ب (650) ومعنى هذا أنني أيضا سأحتاج شقتين بثلاثة أسرة أو ثلاث شقق بسريرين..وأخبرني أن هذه الأسعار وضعها صاحب المبنى اليوم بخط يده وعلى مزاجه، وأطلعني على الورقة التي كتب عليها تلك الأسعار رغم أن ذلك المبنى لا تتوفر فيه أي اشتراطات سلامة ولا خدمة ولا مصعد كهربائي .. كما أنه مبنى اعتيادي جداً ولا ميزة فيه غير إطلالته على البحر.. وفوق هذا لا توجد شقق متجاورة في دور واحد يمكن أن أستأجرها لأسرتي، وعلينا إذا رغبنا السكن بهذه الأسعار المزاجية أن يسكن مجموعة منا في الدور الثاني ومجموعة في الثالث ومجموعة في الرابع أو مابعده..وهذا في الواقع ناتج عن عدم وجود بدائل عن هذين المكانين على البحر وهو أمر يجب أن تتدخل فيه بلدية أملج لوضع تسعيرة تتناسب مع الدعوة إلى تشجيع السياحة الوطنية، وكذلك إمكانيات الناس المادية والخدمات المقدمة في مثل هذه الشقق التي تفتقر إلى أبسط المواصفات الفندقية، ويجب أن لا تترك عملية تحديد أسعار هذه الشقق إلى مزاجية أصحابها وعلى البلدية أن تضع حداً لهذه المزاجية خاصة في مواسم الإجازات.

مستقبل باهر
كل من التقيت به من سكان أملج متفائل بدرجة كبيرة بمستقبل هذه المدينة وأنها ستشهد طفرة تنموية، -وربما نفطية- كبيرة بمتابعة واهتمام من صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان أمير منطقة تبوك، ومحافظ أملج الأستاذ عبدالله الرقيب، ورئيس بلديتها النشط المهندس محمد راشد العطوي ..ولعل في مقدمة المشاريع الهامة التي تحتاجها المحافظة هو تطوير وتنفيذ مشروع الميناء الذي ينتظر تنفيذه منذ سنوات..رغم أن المشروع قد اكتملت تصاميمه الهندسية وسيحقق تنفيذه نقلة حضارية كبيرة لأملج التي تشتهر بوفرة صيدها من السمك والأستكوزا.

الأستاذ نايف البرقاني من بلدية أملج يؤكد أن المحافظة تمتلك الكثير من المقومات الطبيعية سواء أكانت بحرية أم برية التي يمكن لو أخذت نصيبها من بوصلة المستثمرين ورجال الأعمال في بلادنا فإنها ستجعل لها موقعا هاما في خريطة مدننا السياحية بشكل أكبر، موضحا أن هناك سواحل بكرا وجزرا ومناطق جبلية وسط البحر يمكن أن تكون نواة للكثير من المشاريع السياحية والصناعية الواعدة والمثمرة.[/align]