قبل أكثر من إحدى عشرة سنة مضت ونزولا عند رغبة الأبناء والبنات وكلهم كانوا حينها حفنة من المراهقين حزمنا أمتعتنا أعني لمينا قشنا وحملنا جمسنا المستور وقررنا السفر عليه إلى بلاد الشام في رحلة سياحية أسرية تقليدية وعادة من طبعي أني أحرص أشد الحرص على التخطيط والتنظيم ورسم الخطط وبرمجة السير ومحطات التوقف والمبيت


حتى السيارة دائما أخضعها للصيانة الدورية والطارئة فالإطارات أحرص أن تكون من النوع المتين والممتاز في مواصفات الجودة والأمان والغالية في سعرها مع تفقد تاريخ انتاجها يضاف إلى ذلك التشييك مع الوسواس الخناس على الأذرعة والمقصات والمساعدات وتأمين لوازم الغيار من الخراطيش والسيور والابلاتين الكتروني والبواجي وحتى طرمبة الماء وغطاء الديلكو وصندوق العدة والمفاتيح والله لو اني

(رايح الربع الخالي )
ولكنها عادة لازمتني منذ الصغر


وبالمناسبة أكره سفر الليل لقلة الأمان فيه وفلسفتي الدائمة

( النهار بحر من العيون والليل أبو نص عين عوراء )

نمنا ليلتنا في بيتنا وكانت سيارتنا جاهزة للسفر وفي الصباح قمنا من النوم وسوينا القهوة والشاهي في الترامس وشخطنا بسرعة هادئة بين 100و110كم إلى المدينة المنورة حيث صلينا صلاة العصر في الحرم النبوي الشريف وأتممنا الزيارة وبتنا ليلتنا السفرية الأولى في المدينة المنوره


وفي الصباح الباكر ذهبنا إلى بدايات شارع الملك عبد العزيز حيث عميلنا بياع الفول فقط وجاره بياع التميز فقط هوه روخر وبعد أن أفطرنا واطمأنت قلوبنا على بطوننا توكلنا على الله في طريقنا إلى حالة عمار على الحدود الأردنية مرورا بتبوك حيث استراحة ساسكو فحطينا الرحال وبعد صلاة المغرب طلبنا غدائنا عشائنا في آن واحد وفي الصباح الباكر عبرنا حدودنا ولكننا ذقنا الأمرين في جمارك وجوازات الأردن حيث الإجرآت فيها بيروقراطيات متعفنة جدا وصلف وشينة نفس ووجوه عابسة من كل الموظفين وبكل جلافة وخشونة غير مبررة وغير مقبولة رغم أني أعرف الواجب ولكن !!


دخلنا العاصمة الأردنية وعبرناها مباشرة إلى الحدود السورية وهناك إنبرى لنا أحد الشجعان وعرض علينا إنهاء إجرآت الجوازات فقبلت بشرط أن أرافقه أعني ألازمه والدفع بعد إكمال اللازم حسب المتفق عليه وفعلا أنهى ذاك البطل إجرآتنا بسرعة فائقة فدفعنا له المعلوم وزياده وانقلعنا وفي طريقنا إلى دمشق لاحظنا سيارات صغيرة تطاردنا وتتسابق نحونا فضننت أنهم لصوص فأخذت أجدعهم ذات اليمين وذات الشمال وساعدني في ذلك ضخامة الجمس مقارنة بسياراتهم فكانو يهربون ولكن أحدهم كان ذكيا فأخرج لوحة إعلانية ذات أحرف كبيرة فعلمنا أنهم سماسرة تأجير الشقق فاتفقنا مع أحدهم فذهب بنا إلى مرتفع في مشق راق في مبانيه وشوارعه وكنا نسير خلف السمسار فاعترضنا عدد من المسلحين ذوي الوجوه الحليقة والبدل النظيفة والكرافتات وهم يحملون في أيديهم الرشاشات فقد كنا نمر من جوار حافظ الأسد



وسألني أحدهم لماذا لم تتوقف على الفور فقلت له بصدق ظننتك سمسار شقق تنافس السمسار في السيارة التي أمامي فرد قائلا الله يسامحك وكأنني أهنته إهانة شديدة فاعتذرت إليه فهم ينظرون إلى السماسرة نظرة ازدرائية حمراء ويعتبرونهم مثل السماسرة الآخرين فبعضهم يجمع بين السمسرتين الباهتة والحمراء


كنت أعرف في دمشق قديما حي المهاجرين وهو حي إسلامي محافظ سكنت فيه خمسة أيام عام 1974م أيام حرب الإستنزاف أو كما كان يطلق عليها حرب التسعين يوما فكنا نسمع دوي المدافع طيلة الليل ولذلك استوقفت السمسار وسألته عن حي المهاجرين فقال أنه حي فقير لايصلح لسكنى السياح وأخيرا عثرنا على شقة في حي الكهرباء وبعد سكنانا فيه علمنا أن الحي يتمتع بسمعة حمراء حيث أن اغلب سكانه من الخليجيين ذوي الإستقامة ( z )


وبعد الإستقرار في الشقة علمت أننا نقيم في سوريا بدون أدنى معرفة لما يناسبنا من معالمها السياحية وأين نذهب ليلا ونهارا يعني ماهنا علم ولا برنامج حتى سيارتنا أوقفنا التجول فيها لجهلنا بشوارع البلد


يتبع