أبو فهد أيضا وأيضا
خلف ابو فهد أمد الله في عمره رجلين وثلاث سيدات وكلهم متزوجون ولأبو فهد منهم حفدة وحفيدات جميعهم على مستويات علمية رفيعه

فالإبن الأكبر لأبو فهد معلم متقاعد وهو ملازم لوالده لايكاد يفارقه إلا وقت النوم أو لقضاء بعض المصالح والإبن الثاني يشغل وظيفة مرموقة في إحدى القطاعات الأهلية المرموقة أيضا
أما بناته فاثنتين منهن ربات بيت والكبرى منهن دكتورة متميزة وهي والله كبيرة في مركزها الوظيفي
وكبيرة في أدوارها الإنسانية و الأخلاقية بعلاقتها المسؤلة والمسؤلة جدا عن والدها ومعه

ورغم أنه في غناة من الله من حيث المال السائل والعيني إلا أنها أنكرت ذاتها في سبيل رضى والدها
بعدرضى الله أقول ذلك تأدبا مع الله ولا أزكي نفسي عليه ولكني أستحضر قوله تعالى وهو الذي أشرك رضى الوالدين والإحسان إليهما برضاه حيث يقول عز من قائل

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ }
( وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) النساء36
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً }الإسراء23
{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً }الإسراء24

فكم أغبط هذه السيدة الفاضلة التي خصصت لوالدها دورا مجهزا بالكامل في فيلتها الخاصة وبمباركة من شقيقيها وشقيقتيها وقد جعلت في خدمة والدها ممرضتين
متفرغتين للوقوف على احتياجاته الصحية من تحضير أدوية وغيارات أنبوب الغذاء الطبي عبر أنفه فلله درك يا أم أنس وهنيئا لك هنيئا لك رضى الله عليك في برك بوالدك

وحسن رفقته وصحبته في هذه الدنيا والحرص على الرفع من روحه المعنوية المرتفعة أصلا بين جوانحه من واقع ماتتميز به شخصيته الفذة في معاملاته مع زواره وممازحتهم والإحتفاء بهم
وأذكر ذات زيارة من زياراتي المتقطعة له أن مدخل الرجال كان من عدة درجات ومدخل آخر للسيارة

وبعد أن ودعته إلى لقاء إن شاء الله وقبل أن أستقل السيارة فوجئت بأبو فهد على عربيته بقيادة الممرضتين وقد سبقني من الباب الآخر ينتظرني عند السيارة ليودعني وبقدر مافي هذه الحركة من دعابة وخفة ظل إلا أنها هزتني من الأعماق فتأثرت والله تأثرا بالغا وأنا أنحني على رأسه ويديه مقبلا ومودعا إلى حين إن شاء الله تعالى

رحم الله من رحل من والدينا وأمد في أعمار من بقي منهم بين ظهرانينا فوالله ليس هناك متعة من متع الدنيا تعدل متعة صحبة ورفقة الوالدين وبرهما والإحسان إليهما
فنسأل الله أن يهدي كل من كان والديه أو أحدهما على قيد الحياة لتذوق هذه المتع الوجدانية الماتعة بمثل هذه الصحبة والرفقة المباركه