(( 9 ))

((( أبو فايز )))

-------------------------------------------

أبو فايز رحمه الله كان جوكر بلدية الرياض ( أمانة مدينة الرياض ) ورجل المهمات الصعبة الذي يعتمد عليه رئيس بلدية الرياض في السبعينيات وأوائل الثمانينات الهجرية الأمير فهد بن فيصل الفرحان
آل سعود رحمه الله وكان أبو فايز هو الرجل الميداني الأول في بلدية الرياض منذ عام 1358هـ
لم ( أخلق بعد ) مرورا بالسبعينات الهجرية ( كنت طفلا )

وكان من ضمن المهام المتعددة لجوكرالبلدية أبو فايز تفقد المكائن الضخمة التي تضخ المياه من الآبار العميقة في أودية الحائر و نمار ولبن عبر أنابيب ضخمة يصل قطرها إلى أكثر من 20بوصة لإيصال مياه الشرب إلى الرياض وأحيائها بواسطة خزانين عملاقين أحدهما جنوب شرق عتيقه والآخر شمال غرب أبو مخروق في الرياض

ليس هناك وقت محدد لدوام أبو فايز فأغلب الأحيان يمتد عمله إلى مابعد منتصف الليل ووسيلة الإتصال الوحيدة هي جهاز لاسلكي بينه وبين الأمير مباشرة وحين تهطل الأمطار على الرياض كان أبو فايز هو الجوكر للإشراف على تصريف السيول وإغاثة وإيواء المنكوبين

وبعد رحيل الأمير وقيام أمانة الرياض وبعد أخذ ورد نسق على مرتبة متواضعة لاتليق أبدا بماقدمه لأهالي الرياض فألقي بأبو فايز كرئيس بلدية فرعية في منفوحة ثم الملز كان ذلك في أواخ الثمانينات الهجرية وبقي فيها حتى أحيل على التقاعد وكأن لم يكن له أي دور يذكر

أعتقد أن هناك من الرجال الأوائل في كافة مرافق الدولة من أنكروا حتى الذات وأرخصوا أوقاتهم
وصحتهم وهم يستشعرون عظم المسؤلية الملقاة على عواتقهم من واقع حساسية وأهمية مواقعهم فتفاعلوا بوازع من دين وأخلاق وضميرلخدمة هذا الوطن وأهله ومنهم من امتدت بصمات خدماته إلى يومنا هذا وربما غدنا وحاضر جيل الغد

هؤلاء الرجال العظما الذين كان الواحد منهم يتحمل من المسؤليات الجسام ماينؤ بحمله فريق مع الإحتياط والفنيين والخبراء من الموظفين في أيامنا هذه ويؤدون من الأعمال الصعبة والمضنية مايرجون به وجه الله بضمائرهم

لاأطالب بمجرد تكريم لهؤلاء الوطنيين بحق ولكني أطالب بلجنة على غرار لجنة حقوق الإنسان بمسمى لجنة الحقوق الأدبية لقدامى الموظفين المميزين لانريد أن تقدم لذويهم مكافئات مالية ولا أن تطلق أسمائهم حتى على الشوارع الخلفية أو الأزقة

نريد فقط فقط التعامل مع ماقدموا لهذا الوطن بأخلاقيات العرفان بالجميل لهؤلاء العظماء الذين جائت عظمتهم على قدر جهدهم وعطاءاتهم لهذا الوطن والتي لاتقدر بثمن نريد أن تكتب أسمائهم في سجلات الشرف في دوائرهم التي غادروها أحياءا أو أمواتا بدون أدنى تكريم وأن تكتب أسمائهم بالحجم والمكان اللائق بهم في دواوين وصدورومداخل هذه المصالح ولكننا نرفع أسماءا بعضها لم تقدم شيئا وندفن أسماءا قدمت كل شيء




أبو فايز
جوانب إنسانية وأخلاقيه







تميز أبو فايز ببره النادر لوالدته التي أدركها الخرف بعد أن تقدمت بها السن وبلغت من الكبر عتيا
ولأمر يريده الله كانت لاتميز ولا تعرف أحدا سواه ومن فرط خرفها كانت ترتعب وتصرخ إذا دخل عليها
أحد غيره وكانت عاجزة لاتستطيع تدبر شيء من أمورها الشخصية فكان إبنها أبو فايز هو الوحيد المسؤول عن رعايتها بعد الله سبحانه وتعالى فكان يقوم بتنظيفها من الفظلات ومن ثم تنظيف جسمها بتحميمها وتطييبها بأطيابها الخاصة التي يقوم هو بنفسه بتجميعها وتركيبها كما كانت تفعل قبل خرفها

كان يقوم بهذا الواجب يوميا عدة مرات حتى أنه يأتي وقت الظهيرة من أي مكان فقط ليتفقدها
ويقدم لها الطعام بنفسه وكذلك في المساء وقبيل الفجر حيث يغتسل ويذهب للصلاة في المسجد الجامع الذي تكلف هو بإنشائه وكان هذا دأبه إلى أن توفيت والدته فبكاها بمرارة

كان أبو فايز كريما لايكاد يمر يوما دون أن تذبح في داره ذبيحة أو أكثر للضيوف الوافدين على داره
كونه أكبر جماعته مقاما ووجاهة وكان قد أفرد جزءا كبيرا من داره كمجمع سكني لإقامة الوافدين
من جماعته من مختلف مناطق المملكة من الباحثين عن العمل فكان كل يوم يأخذ بضعة منهم
ويدور بهم بين مختلف الدوائر الحكومية حيث يسعى لتوظيفهم إضافة لدائرته

وقد أدركت عمليات التوظيف هذه وأنا غلام وشاب يافع بل إنني من ضمن من استفاد من عمليات التوطيف والتي استفاد منها والدي قبل ذلك بسنين ولقد شمل فضله بعد الله عددا من رجال الأعمال المشهورين في الجنوب وتحديدا في نجران حيث كان معرفا محترما وموثوق فيه بينهم وبين بعض الجهات للفوز بأعمال تجارية كبرى

بعد أن أحيل أبو فايز للتقاعد تراجع مركزه المالي ولم يستفد بريال واحد من وراء هذه العمليات وسقط مريضا ورافقته ذات مرة إلى إحدى المستشفيات الخاصة ولكن المرض اشتدعليه فاضطريت لافتعال إغاضته لغرض في نفسي وأنالم أكن أملك حينها شيئا من المال إذ قدحت في رجلين من رجال الأعمال الذين تكسبوا أموالا طائلة على يديه دون أدنى فائدة له وتجاهلوه وهو في هذه المحنة ومن فرط غضبي التقيت أحدهما
ولم أتردد لحظة في تقريعه ولومه فقلت له يا أخي على الأقل قابلوا الإحسان بالإحسان ولو دينا

وأراد الله أن تصرف مستخلصات عملية قديمة له فشجعته مع إبن خالي جاسر على السفر إلى أمريكا حيث كان إبنه يقيم فيها للدراسة فسافر وجاء بعد تسعة أشهر وكان في حالة تسر من يحبه ونشط في علاقاته الإجتماعية ولكنه سقط ذات مرة وهو يتوضاء وأصيب بشلل جزئي

كان ذات يوم يشارك في تشييع جثمان ابن عمه وهو حافي القدمين بعد أن سرقت حذائه من الحرم وأثناء التشييع ضربته شوكة غليظة في باطن قدمه اليمنى انتزعها بطريقة بدائية وسافر عائدا إلى الرياض حيث تسمم الجرح مما تسسب في وفاته وقد حضرت مراسم الغسل والتشييع والدفن ولكني بكيت هذا الرجل العظيم الذي أغدق على الكثير وأكرمهم ووظفهم وعند موته لم يحضر منهم أحد رغم علمهم بل إن معظمهم لم يكلف نفسه حتى باتصال تلفوني ولكن ما أكثر الأصدقاء حين تعدهم ولكنهم في النائبات قليل


رحمك الله يا أبو فايز فقد ظلمتك الوظيفة وتنكرت لفضلك قطط العشيره