(( 17 ))

((( يوم الثلاثاء الحزين )))



----------------------------------------------------
كان ذلك يوم الثلاثاء 19/ 6/ 1382هـ حيث وجد الغلام نجم إبن الخامسة عشرة والطالب في الصف الصف السادس وجد نفسه أمام مسؤلية ضخمة نتيجة وفاة والده المفاجأة التي وقعت عليه كالصاعقة ونقلته بصورة مفجاة أيضا من مجرد تلميذ وغلام غض العود لتقذف به خارج مقاعد الدراسة في تجاوز قسري لواحات الصبى ليجد نفسه رب أسرة مكونة بعد والدته وأشقائه الذين يصغرونه وعددهم أربعة أولاد وفتاة صغيرة وكان أصغرهم سنا إبن شهرين فقط

كان نجم هادئا جدا أثناءغسل والده وتكفينه مما لفت انتباه خاله ابو فايز وبعض الأقرباء الذين كان من بينهم أبو فهد
كان هم نجم كبيرا تجاه مصير أسرته الذي كاد أن يكون أكبر من حزنه الدفين على رحيل والده الذي أديت عليه صلاة الميت عقب صلاة الظهر في مسجد الديرة الكبير في الرياض ( الإمام تركي )حيث أم المصلين فضيلة العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى

كان نجم ثابتا متماسكا عند موارة والده التراب وأثناء الوقوف على قبره وتقبل التعازي فيه
فرغم حبه الشديد لوالده لم يصدرمنه عويل أو بكاء في بداية الأمر كما كان يتوقع أبو فهد الذي كان قد وجه سؤالا استعراضيا مستفزا من كابينة الوانيت المقل لبعض المشيعين
في صندوق الوانيت أثناء الذهاب إلى مقبرة العود وعلى مسمع من نجم قائلا بنبرة باردة
ولهجة استفزت نجم كثيرا
هاه شفتوا الولد ؟؟

ورغم أن هذه العبارة قد جرحت كبرياء نجم إلا أنه تجاهلها وكضم غيضه فالموقف بالغ الصعوبة والمصاب جلل فقد كان نجم يمر في حالة صدمة مزدوجة برحيل والده أولا وثانياصدمة تلك المسؤلية الضخمة التي أحس بثقلها على عاتقه الطري ولما يحملها بعد

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ }
{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }البقرة156
{أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }البقرة157
إنا لله وإنا إليه راجعون
-------------------------------------------------------------------

[align=right]الإنسان ميسر لماخلق له ويستطيع بأمر الله وتوفيقه ثم الأسباب التكيف والتأقلم بسرعة فائقة مع الظروف والمواقف والأحداث الكبرى وخاصة الطارئة منها ولعل من الأسباب ظروف الحياة والبيئة ومستوى المعيشة والشخصية حسب أساليب التربية فكان نجم من النوع الذي مر بظروف حياتية معيشية صعبة وأسلوب تربوي خشن جعله مهياء للطواريء كهذا الطاريء

وأيقن نجم أثناء تأملاته السريعة أن والده قد أعده فعلا لمثل هذا الطاريء من خلال أسلوب تربيته وتكليفه بمهام كبرى قياسا على سني عمره فمنذ سن السابعة علمه بعض المهن والحرف اليدوية كما علمه كيف يعتمد على نفسه وأهم ماجعله متأكدا وواثقا من أن والده كان يهيئه لهذا الأمر هو وصيته له شفهيا قبل أيام من وفاته
حيث كانت وصاياه تتمحور حول أمور جوهرية ومنهجية هامة جدا ومن واقع هذا الموقف وبنظرة واقعية أكبر من استيعاب من هوفي سنه كان لسان حاله يقول بحزم وواقعية الحي أهم من الميت

وكان شديد الصرامة مع نفسه وعليها وهو يقدم مبداء الأهم قبل كل مهم متناسيا ومتجاوزا مايجول في فكره من صغائر الأمور مثل الإستهانة بقدره الذي لايعرفه أحد سواه فقد كان هناك من يقلل من شأنه في تحمل مسؤليات أسرة كاملة قياسا على سني عمره وقلة خبرته

باشرنجم مسؤلياته على الفور كان أول دور قيادي مسؤل مارسه هو تهد ئته لوالدته وحثها بحزم على تجاوز أحزانها والتفرغ للقيام بمسؤلياتها كأم لاحتواء أطفالها ورفع روحهم المعنوية بعدم الإغراق في الحزن وعدم إشعارهم بأنهم أيتا م

لم تكن أم نجم ذات البضع وأربعون عاما من عمرها تجهل حجم مسؤليتها في هذا الظرف العصيب وماهي مقبلة عليه من صعاب تجاه أطفالها بمافيهم الطفل الرجل نجم ولكن مصابها الجلل زلزل كيانها وأخل بكل توازناتها العقلية والعصبية

فالمرأة عادة في مثل هذه المواقف الصعبة تطلق العنان لعواطفها على حساب عقلها الذي تحيده إلى حين حتى لو عصفت ببرجه عواصف هذه العواطف رغم وعيها وإحساسها بثقله وهو يضرب نواقيسه في رأسها إلا أنها تتجاهله إلى حين فتنقاد طائعة لعواطفها كعملية طبيعية جدا وهي حكمة إلهية بالغة
ربما تكون من حيث لانعلم وقودا لعقلها فيما بعد والشواهد التاريخية الدالة على حنكة المرأة وعبقريتها وقدراتها العقلية كثيرة حتى وهي تنحني حزينة ومقهورة أمام عواصف المحن والكوارث الأسرية

كان نجم يتحدث إلى والدته وعيناه مثبتتان في عينيها وكأنه يحثها من خلال عينيهاعلى قراءة مابداخله وليصل من خلال عينيها إلى عقلها قبل قلبها فلاحت على محيا والدته وملامح وجهها الحزين طيف ابتسامة باكية وهي تعانق ابنها وتقبله بحنو يخالطه الإعجاب والإشفاق عليه مما ينتظره من مهام جسام مع الرجاءأن يكون على قدر المسؤليه


يتبع [/align]