(( 32 ))

(((المعلمين وفرق الصبية الأشاوس )))



في زمننا عند أواسط السبعينات وربما قبلها وفي الثمانينات الهجرية كان للمعلم لدينا كطلبة مهابة واحترام وكانت له هيبة في نفوسنا وأعيننا
ففي داخل المدرسة ننضبط في الفصول إنضباطا يضارع الإنضباط العسكري من حيث طريقة تلقينا للدروس والتركيز على شرح المعلم بكل اهتمام و احترام
وثكلته أمه من يأتي دون حفظ أو فهم للمادة ويشمل ذلك الخط والإملاء والتعبير فجزاء من يتعثر أو يتلعثم أو لايحسن صنعة المادة كما شرحها المعلم علقة خيزرانية تصافح كفيه بحرارة لاذعة مشفوعة بفاصل من التهزيء التربوي الذي يتعرق من شدة وقعه الجبين

كقول أحد أساتذتي رحمه الله تعالى
وش قيمتك إذا أصبحت موظفا ولاتعرف حتى كيف تكتب أو تنشيء خطابا وأخطائك الإملائية والإنشائية مثل وجهك اما صافي والا أخرش
كانت كل العلقات النظرية والعملية تحظى بالدعم اللوجستي المعنوي من آبائنا الذين يؤكدون هذا الدعم أدبيا وأخلاقيا من خلال حضورهم المتكرر طوعا إلى المدرسة فيقدمون دعمهم وتأييدهم للمعلمين ضدنا بل إن من يتجراء بشكوى المعلم إلى والده يحظى بعلقة أشد سخونة

لقد كانت هناك ثقة مطلقة من الأولياء في المدرسة كبيت لطلب العلم والمعلمين الذين هم بحق مربين ومعلمين وكان مصدر هذه الثقة من الأولياء في المعلمين أن المعلمين لم يجعلوا من الضرب غاية بل وسيلة كما أن الضرب في مفهومهم كان تربويا توجيهيا كونهم آباءا قبل أن يكونوا معلمين

واليوم تغيرت المعادلة وانقلبت المفاهيم فبعض الآباء يستأسدون موجهين بالريموت الأتثوي من الأم ضد المعلم الذي فقد هيبته نتيجة تتابع وتداخل التعليمات الصادرة من كل حدب وصوب التي تلاشت في خضم جورها وعشوائيتها وعدم ضبطها أو انضباطها
مكانة المعلم وشخصيته وآدميته

فضاع المعلم بين سندان التعليمات ومطارق غوغائية معظم الآباء المدفوعين عاطفيا بالضغوط غير المباشرة من الأبناء مدعومة ومعززة بتدخلات عاطفية عمياء مؤثرة وفعالة من الأمهات حيث يستأسد من لا لبدة له مدعوما بغطاء معنوي من إدارة المدرسة الموجهة من هناك ومن هناك

هناك فئات عبثت وضربت بعرض الحائط معظم أنظمة ونظريات وقيم التعليم و بكل خصوصياتنا التربوية كعرب وأخذت بالنظريات الغربية المتفسخة في مجال التربية والتعليم والتي تحرم تعنيف الطالب حرصا على النسيج الهش في جدارنفسيته السقيمة

حد إستباحة ماء وجه المعلم في الغرب والجرأة عليه من قبل الطلبة في الحوارات الجنسية الفجة وتبادل القبلات بين الطلبة من الجنسين
في حرم الفصل وأثناء الدراسة بل ومناقشة الطالب للمعلم وهو في أوضاع غير لائقة مثل وضع ساق فوق الأخرى أو برفع قدمه على الطاولة في وجه المعلم

ولاغرابة في الأمر فالمعلم لايجد بأسا في ذلك لأنه قبل أن يكون معلما كان في الأصل طالبا تطبع بطباع بيئته
وبكل أسف تأثر بهذه المفاهيم كثير ممن تلقى تعليمه في بلاد الغرب وعاد إلى المملكة وقد تشربت عقليته بهذه المفاهيم ولازمته في كل مراحل حياته الوظيفية ومنهم من تسنم أدوارا قيادية وهو لايزال مؤمنا بأسلوب ونهج التعليم الغربي فوظف مفاهيمه ورؤاه الشخصية التي تأثر بها تأثرا شخصيا وأدخلها وحشرها ضمن نسيج العملية التربوية ذات الخصوصية السعودية
المستقلة بمبادئها وأهدافها ذات التوجه والطابع العربي العريق في خشونته وسماحته وحتى قسوته وجلافته المستمدة قطعا من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف

نريد تأكيد إستعادة شخصيتنا وتثبيت مبادئنا وقيمنا ومثلنا العليا في كل شيء وأهم شيء فرض شخصيتنا في العملية التربوية
نريد إستعادة دور المعلم وفرض شخصيته وهيبته بدعم وتأييد قاطع من قيادات التربية والتعليم من خلال إعطائه صلاحيات تربوية وتأديبية
ليس بالضرورة أن تكون بالعصاء ولكن بالثواب والعقاب وبالترغيب والترهيب تربويا من خلال الخصم من الدرجات والحرمان من الإمتيازات
على أن يتم ذلك بحزم بحيث تكون كل هذه العقوبات والمكافئات عن طريق المعلم وإقرار إدارة المدرسة لها

مع ضرورة طلب استصدار لوائح عقوبات من وزارة الداخلية شديدة الصرامة ضد من يتطاول أو يعتدي على المعلم والحد من ميوعة تصرفات بعض الأولياء وتجاهل حماقات وعواطف بعضهم التي لاتخدم أبنائهم إطلاقا فمتى يأتي ذلك اليوم الذي نرى الطلبة
فيه يتسابقون لتقبيل رؤوس معلميهم تقديرا واحتراما وعرفانا بفضلهم بعد فضل الله ؟؟؟
بدلا من شج رؤوسهم وإرهابهم وترويعهم