البعض منا يجهل أن الجزيرة العربية كانت ولا زالت أصغر من قرية صغيرة من حيث الزمان والمكان لأشهر الشخصيات التاريخية الشهيرة في الحقبتين أوالزمنين الجاهلي والإسلامي ورغم أن في ذلك الأمر خروجا على خط مدونتي ( مواقف وعبر ومشاهدات وذكريات ) ذلك الخروج الذي أجبرني عليه الأخوين الغاليين شيخنا الجليل حكواتي الزمن والدكتور الكريم / أبو نبيل ولكني سعيد جدا بهذا الخروج


وسأدلل على قولي بأن الجزيرة العربية كانت ولازالت أصغر من قرية صغيرة كما العالم بأسره في زمننا هذا ففي حقبة من الزمن الجاهلي جمع التاريخ بين ثلاثة من أساطين ذاك الزمن الجاهلي

وهم عمر بن هند ملك الحيرة في بغداد كما ورد في التوصيف التاريخيفي ذاك الحين وإثنين من شعراء المعلقات هما طرفة بن العبد وعمر بن كلثوم حيث جمعت بين الثلاثة وقائع تاريخية جسيمة وحاسمه

فقد كان من المعروف أن لكل ملك وذي سلطان شاعر بلاط خاصا به حين كان الشاعر واجهة رسمية للبلاط وغالبا متحدثا رسميا عند الخطوب والحروب ونديما وجليسا للملك أو الأمير وكان الشاعر طرفة بن العبد شاعر وفارس وجليس ونديم غير مقيم للملك عمر بن هند وكان طرفة شابا في السادسة والعشرين من عمره فكانا يتنادمان ذات يوم في قصر الملك فلمح طرفة عرضا أخت الملك فعرض بها وكان يجهل أنها أخت الملك فأسرها الملك في نفسه وكان بإمكانه أن يقتله في الحال ولكن طرفة فارس ينتمي إلى قبائل بكر بن وائل فخاف إن هو قتله اقتصت منه قبيلة بكر

وقد كان هناك دستورأدبي يمنع الملوك والأمراء من قتل الشعراء في مجالسهم وديارهم وفي مقدمة بنود هذا الدستور الخوف من ألسنة الشعراء الآخرين الأمر الذي يجعله عرضة للتشهير به وهجائه فكان بعضهم يكتفي بسجن الشاعر أو نفيه وصادف أن كان الشاعر المتلمس وهو خال طرفة حاضرا فأراد الملك التخلص من كليهما الأول كمتشبب بأخته والآخر كشاهد ساقه حظه العاثر لحضور هذا الأمر الذي لاناقة له فيه ولاجمل ولكن بمكيدة تكفل القضاء عليهما بعيدا عن عاصمة ملكه

كان الملك عمر بن هند شديد القسوة واشتهر بأنه لايضحك ولا يبتسم فسمته العرب
( مضرط الحجارة )

كتب عمر بن هند كتابين منفصلين لكل منهما إلى عامله في البحرين موحيا إليهما أنه قد أوصى لهما بأعطية مجزية فذهب الإثنان في طريقهما إلى البحرين وكان خال طرفة حذرا حذقا وكان غير مطمئن لمضمون كتابه فمر ا في طريقهما برجل مسن كان يقضي حاجته في زاوية من الطريق فتعجب المتلمس منه حيث كان يقضي حاجته وهو يقرض بإحدى يديه كسرة ويقصع بالأخرى قملا في رأسه فقال له المتلمس لم أرى في حياتي من هو أحمق منك تأكل وتقصع القمل وتقضي حاجتك في وقت واحد

فرد عليه العجوز قائلا (( آكل طيبا وأخرج خبيثا وأقتل عدوا ) واستطرد ولكني لم أرى أحمق منك وأنت تحمل حتفك بيديك فانتفض المتلمس فرقا وكان لايجبد القراءة والكتابة فلقي غلاما وطلب منه أن يقراء له مافي الكتاب فقال الغلام ويل للمتلمس فقد ثكلته أمه إن في ذلك الخطاب أمرا بقتله ففزع المتلمس إلى إبن أخته طرفة وأطلعه على نص الرسالة طالبا منه فتح رسالته فرفض طرفة بإصرار رغم استعطاف خاله فأصر طرفة على موقفه ففر المتلمس من فوره بحياته إلى دمشق وهو 0لايلوي على شيء



يتبع