البيت مقابل تجارة النقل
اقتباس:
ولذلك اتخذ المشاغب قرارا خطيرا وكان أسواء قرار اتخذه في حياته

(( 40 ))

(( البيت مقابل تجارة النقل ))





كان قراره هو بيع منزل أحلامه هو وزوجته منزل مستقبل أبنائه ورغم النصائح من زوجته وأخواله ركب رأسه
واستبد برأيه وكان الغرض هو رفع مستواه التجاري فبعد أن باع منزله سارع بشراء شاحنتين تريلا كاسرا بذلك كل المباديء التجارية التي اكتسبها و دون أدنى دراسة جدوى أو سابق خبرة أو معرفة في مجال النقل ومن سؤ الطالع أنه تورط في سائقين سودانيين لاذمة لهما ولاضمير وكان صاحبنا ساذجا جدا إذ افترض فيهما حسن النية وحسن الخلق والأمانة قياسا على تعاملاته وعلاقاته مــع بني جلدتهما من رجال الأعمال في السودان

وكانت صدماته متتالية من هذه الفئة من الناس التي أظهرت وحشيتها وسؤ أخلاقها منذ البـدايــه
حيث بدأت تلاحقه الخسائر وتطل بأوجاعها من كل صوب وكان قد بداء العمل بين المنطقة الشرقية والرياض وقد اكتشف فيما بعد أن السائقين كانا يغيبان نحو أسبوع ثم يأتيانه بفواتير صيانــة وقطـع غيار كلها وهمية مع مطالباتهما بمايزعمان أنهما دفعاه من جيبيهما زاعمين أنهما لم يستطيعا إلا نقل عملية واحدة فقط وبالواسطة على حد زعمهما الباطل وهذا ما اكتشفه بعـد حين

وماهو إلا شهر واحد حتى انقلبت إحدى الترللتين في حادث شنيع بين ابقيق والرياض انتهى بإعاقـة دائمة للسائق وموت دماغي للتريلا بعد تعرضها لموت محقق على إثر تهشم رأسها وانفصال عمودها الفقري عن مؤخرتها فكانت تكاليف نقل أجزائها المحطمة أكثر بكثير من بيعها جثة هامدة في مكانها حيث نفقت آليا فكان خيار بيعها في مكانها بثمن بخس هو الذي فرض نفسه تحت منطق ولغة الأمــر الواقـــع

أما الأخرى فقد تسبب سائقها بغبائه وغفلته بتغريم صاحبنا تكاليف إصلاح ما تحطم من سقف
محطة وقود في مكة المكرمة بداية طريق مكة المكرمة جدة القديم إلى جانب دفع قيمة الحاوية
الفارغة التي كانت فوق ظهر التريلا

لم يستسلم فبعد أن طرد السائق سليم جاء بسائق سوداني آخر ولكنه رجل كبير في
السن حتى أن صاحبنا كان يناديه ( بالعم عمر ) وكان هذا إسمه ولكن ذلك العجوز لم يكن أفضل
من سابقيه فقد تسبب في تحطم أجزاء المكنة الداخلية نتيجة التحميل الجائر لكميات كبيرة من
حديد التسليح وأخيرا أوقف العمل في هذا المجال بعد أن أعاد توضيب مكنة الشاحنــة
وباعها بمبلغ أربعين ألف ريال في الوقت الذي باع فيه المقطورة الجديدة التي كانت كلفتها ثلاثة
وسبعون ألف ريال بمبلغ ستون ألف ريال

وأخيرا عاد لممارسة التجارة إستيرادا وتصديرا حيث استأجر مكتبا راقيا في مبنى مركزالفيصلية التجاري بداية شارع الملك عبد العزيز في جده حيث ركز أعماله في التخليص الجمركي مع توظيف أعمال النقل من الباطن كدعم لوجستي لعمله الأساسي وقد حقق في عمله هذا أرباحا مجزية

وبعد أن حقق نجاحا ميدانيا ممتازابفضل الله ثم بفضل بناء علاقات شخصية متينة مع عدد كبير من رجال الأعمال الذين تربطه بهم المصالح التجارية المشتركة في مجال عمله وكـان أساس نجـاحــه ومحافظته على علاقاتــه مــع عملائه هـو صدقه معهم حتى في حالات فشله في مواعيد إنجاز معاملاتهم أو تعطلها بسببه أو لأسباب أخرى

ولكنه ارتكب خطئا استراتيجا في مجال أعماله حيث توسع في فتح أربعة فروع لمؤسسته في كل من حايل والجوف والطائف وأبها ولكن اتساع رقعة أعماله جعلته يعيد الثقة مجددا فيمن ليسوا أهلا لها فكثرت الإختلاسات المالية وتنفيذ بعض العمليات لحسابهم من خلف ظهره مستغلين غيابه بين فروع مؤسسته ونتيجة حسن النية وسؤ التخطيط والتوظيف الإداري وأثناء تنفيذه عملية تفريغ باخرة خاصة في جيزان وتحميل مشمولها من أعمدة الكهرباء إلى أبو عريش بواسطة التريلات لمصلحة إحدى الشركات الكبرى وحين عاد إلى جدة بمكاسب تجاوزت المائتا ألف ريال خلال خمسة أيام وجد حساباته مكشوفة في البنوك

أضطر لإقفال مركزه الرئيسي في جدة مع فروع حائل والجوف والطائف وأبقى على فرع أبها الذي اضطر إلى إقفاله في وقت لاحق بعد أن اضطر إلى بيع تسع سيارات وأثاث جميع مكاتبه وخرج بخسائر مالية تجاوزت الستمائة ألف ريال ولكنه واجه دائنيه بالحقيقة فمنهم من طالبه بإشهار إفلاسه الذي سيعفيه من الديون ولكنه رفض بشدة مفضلا أن يحتفظ بسجله التجاري كماهو وخير دائنيه بين التقدم بشكاوى أو التفضل بالصبر حتى يحدث الله أمرا وكان لهم الفضل بعد الله أن تفهموا الموقف وكان لسان حال أكثرهم يقول لافائدة من السجن ولكن لعل الصبر يعيد لنا بعض شيء من أموالنا وفي ذات الوقت لانخسر صديقا وأخيرا خرج صاحبنا من جدة إلى أبها مبقيا معه سيارة كرسيدا م 83 وفلص صغير على هيئة غرفة مجهزة وشاحنة دينا كونتر م 79 كان قد ابتاعها من شركة كوداك على أساس أنها حديد خردة بمبلغ ألفي ريال ولكن بحكم خبرته أعاد تشغيل هذه الشاحنة التي ظن مالكوها أنها لاتصلح للعمل حيث اكتشف أن خللها بسيط جدا تركز في البواجي والأ بلاتين وفطعة سلك مفصول
وكل ماخسره في تشغيلها هو بطارية وبواجي وابلاتين وسلك صغير مقطوع كان هو سبب
ظنون الشركة بعدم صلاحيتها

كان قد سرح جميع منسوبي المؤسسة وأبقى على أحدهم وهو مكفوله السوداني مبارك الذي رافقه في البداية لتقل العفش الشاحنة وخلفها المقطورة وفي أبها وبعد وصولهما إلى الفرع الذي لم يقفل بعد والمكون من شقة من أربع غرف يمنافعها ومن فرط التعب طيلة النهار من جدة إلى أبها تركا الشاحنة بعفشها ولم يقويا على إنزاله وناما حتى إذا كان الصباح وجدا العفش غارقا بمياه الأمطار التي لم يكونا يتوقعانها
وكان يوما عبوسا وهما ينقلان العفش المبلل إلى الشقة الأمر الذي أجل عودته إلى جدة لجلب عائلته


يتبع