يحيى توفيق حسن

ماذا أريد ؟ نوع القصيدة : فصحى


[poem=font=",6,white,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.doraksa.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/1.gif" border="ridge,10,skyblue" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
أتيت إلى الدنيا ألوك على فمي= صراخ وليد بادي البؤس باكيا
كأني أرى في صفحة الغيب شقوتي= مسطرةً والحزن يرسم ذاتيا
أبي كان فذاً في الرجال نهاره= كفاح ويحيى دابر الليل داعيا
يكد ويشقى في الحياة منافحاً= وليس له من سطوة الدهر واقيا
فقيرٌ ولكن بالشموخ موشحٌ= فلا ينحني مهما يعاني المآسيا
ويصبر إن جار الزمان بعزمةٍ= تغالبُ رغم الفقر بؤس اللياليا
يجوعُ , فإن جاء الطعام َرأيتَهُ= تناءَى ….وأدنى للصغار الأوانيا
ويحرم في ليل الشدائد نفسه= ويؤثرنا حتى وإن بات طاويا
كريمٌ فلا يأسى لخير يفوتهُ= وإن نال فضلاً كان براً مواسيا
وأقبل يومٌ كالحُ الظل مثقلٌ= رأيت أبي يدنا إلى القبر ساجيا
عرفتُ جلال الموتِ وهو حقيقةٌ= تغافلتُ عنها حقبةً من زمانيا
وأيقنتُ أنا راحلون وأنني= وإن طال بي عمري سأصبحُ فانيا
وكنتُ طري العود مازلت يافعاً= غريراً قليلَ الحول أخشى العواديا
وحيدا ولا مالٌ وحولي صبيةٌ= يتامى تضاغو جائعين ِحيالِيا
فأيقظني من غفلة العمر بؤسهم= وأشعل في ذاتي وئيد حماِسيا
فشمرت تَشميرَ الكريم إذا غدا= إلى الحرب لايخشى من الموت عاديا
وأقبلت أسعى في الحياة وقدوتي= أبٌ….صارع الأيام كالليث ضاريا
فلماعجمتُ النفس والتف ساعدي= تلفت حولي ارقب الكون حائرا
توهمت أن المجد إحراز ثروةٍ= أصون بها وجهاً رأى الفقر َسافراً
فرحتُ بعزمٍ لايكل وهمةٍ= أحاول جمع المال بالكد صابرا
سنينٌ وأعوام من العمر أُهدرت= تغربتُ عن أهلي وعشتُ مُهاجرا
وطفتُ بأرض الله والمالُ غايتي= وضاع شبابي في الحياة ُمغامرا
حرمتُ عيوني من لذيذُ رقادها= وكم عذب الحرمان من بات ساهرا
وبعد سنين الصبر أمسيتُ موسراً= وأصبح عندي نادرُ المال وافرا
فرحتُ بعيني أحكمتْها تجاربي= أردد طرفي في الخلائق ساخرا
أفي المال- بئس المالُ- أفنيت زهرتي وحولي جمال الكون ينبض ذاخرا
وأحسست أني والحياة تلف بي= أفتش عن أشياء لا أعي ماهيا
فسائلت نفسي والضياعُ يحيطني= وليلٌ من الحرمان يُفرغُ ذاتيا
لعلي ولا أدري أفتش عن هوى= يعيد لإحساسي صهيل شبابيا
ومرت سنين العمر ثكلى رتيبة= وقلبي يذوى بين جنبي صاديا
وجئتِ .. كما تأتي النسائمُ في الضحى= يضم رداء الحسن عودكِ حانيا
تسللتِ نحو القلبِ كالطيفِ كالسنَى= فأيقظتِ عمري بعد ما كان غافيا
وعاد وجيبُ القلبِ يخفقُ صاخباً= وعاد شبابي راكض الخطْوِ طاغِيا
وقلتُ لنفسي والضبابُ يلفني= أفيقي فليلُ الحب يمحو المآسيا
وأغرقت عمري في الهوى وجنونه= وفي ناره أحرقتُ روحي وذاتيا
ومرت ليالي العمر تمضي سريعةً= وقلبي يلهو عابثا متصابيا
تنقلتُ بين الروض ألثمُ زهرهُ= ورحتُ أعب الشهد عذباً وصافيا
فلم أدر إلا والصبا كاد ينقضي= وريعان عمري بالشجى بات ذاويا
فرحتُ أعزي النفس بالصبر حائراً= وقلبي حزينٌ هام خلف الامانيا
وأدركت أن الحب يذوى أوارُهُ= وأن لهيب الشوق لاشك خابيا
وعدتُ أجيل الطرف حولي يائساً= أكفكفُ دمعي دامي الروح شاجيا
وقلتُ لعلي كنتُ أبحث عن أخ= على الدهر معوان وللجرح آسيا
فعشتُ بإحساسي أحاول أن أرى= صديقاً يواسيني ويرحمُ حاليا
فخالطتُ أقواماً وجربتُ معشراً= فلم ألقى بين الناس خلاً مواسيا
تكاثر خلاني وحظي وافرٌ= فلما كبَا حظي تلاشو تلاشيا
وفكرتُ في أمري ويأسي وحيرتي= فلم أرى غيرالله أرجوه هاديا
فعدتُ كما عاد المحاربُ مثخناً= إلى بابه أشكو إليه عذابيا
فما ثم عندالله أقرب من فتى= يقومُ بجنح الليل يقنُتُ باكيا
ولاشيء أولى من تقربنا له= بإطعام محرومٍ واشباعُ طاويا
وألفيتني أرنو إليه مسلماً= أحاول فعل الخير مادمتُ باقيا
هناك أضائت في فؤادي سكينةٌ= وطهرني الايمان من سوءِ مابيا[/poem]