قصة كتابة القرآن الكريم (7)

الطبعات المبكرة للمصحف الشريف

في أوروبا:

يقول الدكتور يحيى محمود جنيد
عن طبعات ثلاث
للمصحف الشريف
في أوربا
في القرنين 16 و17 الميلاديين، هي:
طبعة البندقية عام 1537م أو 1538م،
طبعة هامبورج عام 1694م،
وطبعة بتافيا عام 1698م.

كانت الطبعة الأولى
يلفها الغموض في تحديد تاريخها
ومكانها والجهة المشرفة عليها ومصيرها
قيل في تاريخ طبعها:
كان في 1499م، وقيل:
كان في 1508م، وقيل:
كان في 1518م، وقيل:
كان في 1530م، وقيل:
كان في 1538م،

أي أن هذه النسخة
طبعت في الفترة
ما بين 1499م و 1538م،
دون الاتفاق على تاريخ محدَّد

أما مكان الطبع فاختلف فيه أيضًا:
فقيل: في البندقية.
وقيل: في روما.
وكذلك المشرف على طبعه
قيل: باغنين،
وقيل: بافاني،
وقيل: باجانيني،

ورغم ما يتردد من شك
حول اكتشاف نسخة من هذه الطبعة
في مكتبة الدير الفرنسسكاني
القديس ميخائيل بالبندقية
على يد أنجيلا نيوفو
Angela Novo

إلا أن هناك اتفاقًا

على أن هذه الطبعة أتلفت بأمر من البابا

يرجع بعض الباحثين
سبب إتلافها
إلى رداءة طباعتها
وعدم تقيدها
بالرسم الصحيح للمصحف
حسب ما اتفق عليه علماء المسلمين
مما جعل المسلمين يحجمون عن اقتنائها

إلا أن تدخل البابا
وأمره بإتلافها
يوحي بأن هناك
دافعًا دينيًا أيضًا
وراء إتلاف هذه الطبعة

أما طبعة هامبورج
Hamburgh
في عام 1125 هـ الموافق 1694م
قام بها مستشرق ألماني
ينتمي إلى الطائفة البروتستنتية
هو إبراهام هنكلمان
Ebrahami Hincklmani
وقد حدَّد أن هدفه من هذه الطبعة
ليس نشر الإسلام بين البروتستانت
وإنما التعرف على العربية والإسلام

استغرق نص القرآن في هذه الطبعة
خمسمائة وستين صفحة
كل صفحة تتكون من
سبعة عشر إلى تسعة عشر سطرًا
وطبعت بحروف مقطعة
وبحبر أسود ثخين
على ورق كاغد أوربي
يعود إلى القرن 11 الهجري
(17 الميلادي)
مليئة بالأخطاء
بعضها تبديل حرف مكان آخر
وبعضها سقوط حرف من كلمة
(أخطاء تقنية)
تغيَّر المعنى المراد منها
أخطاء أخرى بأسماء السور
وعدم إتقان القائم على الطبعة للعربية
محاولة تشويه النص
القرآني الكريم
وراء هذه الأخطاء

يقول الدكتور يحيى:
أن بعض المكتبات في العالم
تضم نسخًا من هذه الطبعة
منها نسخة في دار الكتب المصرية
برقم 176 مصاحف
ونسخة في مكتبة جامعة الملك سعود بالرياض

طبعة بتافيا:
صدرت من مطبعة السمناريين 1698م
وهي على قسمين:
الأول يضم نص القرآن الكريم
وترجمته وتعليقات
وقد قام بإعداد هذا القسم
الراهب الإيطالي
لود فيكو مراشي
Ludvico marracei Lucersi
وتمتاز هذه الطبعة
بتطور حروفها مقارنة بالطبعتين السابقتين

في روسيا
طبع المصحف الشريف في
سانت بترسبورغ
عام 1787م
أشرف على هذه الطبعة
مولاي عثمان وفي 1848م
ظهرت طبعة أخرى في
قازان
أشرف عليها
محمد شاكر مرتضى أوغلي
وتقع في 466 صفحة
بمقاس 351 × 189مم
التزم فيها بالرسم العثماني
لم يلتزم بذكر أرقام الآيات
كتبت علامات الوقف فوق السطور
ألحق بهذه الطبعة
قائمة بما فيها من الأخطاء
وبيان الصواب فيها

في عام 1834م
ظهرت طبعة خاصة
للمصحف الشريف في مدينة
ليبزيغ
أشرف عليها فلوجل
Flügel
رغم اهتمام الأوربيين بها
وإقبالهم عليها
إلا أنها لم تحظ بعناية المسلمين
لمخالفتها قواعد الرسم العثماني الصحيح

في إيران
طبع المصحف
طبعتين حجريتين
في طهران
1244هـ الموافق 1828م
في وتبريز
1248هـ الموافق 1833م

ظهرت طبعات أخرى في
الهند وفي
الآستانه بداية من عام 1887م

الملاحظ
على جميع تلك الطبعات
عدم التزامها بقواعد الرسم العثماني
الذي حظي بإجماع صحابة رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وجرت على قواعد الرسم الإملائي الحديث
إلا في نزرٍ يسير من الكلمات
كتبت بالرسم العثماني

استمر هذا الوضع
حتى عام 1308هـ الموافق 1890م
عندما قامت المطبعة البهية بالقاهرة
لصاحبها
محمد أبو زيد
بطبع المصحف
كتبه الشيخ المحقق
رضوان بن محمد
الشهير بالمخللاتي
التزم فيه بخصائص الرسم العثماني
واعتنى بأماكن الوقوف
مميزًا كل وقف بعلامة دالة عليه
التاء للوقف التام
الكاف للكافي
الحاء للحسن
الصاد للصالح
الجيم للجائز
الميم للمفهوم
قدّم له بمقدمة
ذكر فيها أنه
حرر رسمه
وضبطه على ما في كتاب
"المقنع" للإمام الداني
وكتاب "التنزيل" لأبي داود
ولخص فيها
تاريخ كتابة القرآن في العهد النبوي
وجمْعه في عهدَي أبي بكر وعثمان
رضي الله عنهما
كما لخص فيها مباحث الرسم والضبط

عُرف هذا المصحف بـ:
مصحف المخللاتي
كان المقدم على غيره من المصاحف
إلا أن رداءة ورقه
وسوء طباعته الحجرية
دفع مشيخة الأزهر إلى تكوين لجنة تضم:
الشيخ محمد علي خلف الحسيني، الشهير بالحداد
والأساتذة:
حفني ناصف،
ومصطفى عناني،
وأحمد الإسكندري؛
للنظر فيه،
وفي ما ظهر من هنات في رسمه وضبطه
فكُتب مصحف
بخط الشيخ محمد علي خلف الحسيني
على قواعد الرسم العثماني
وضُبط على ما يوافق رواية حفص عن عاصم
على حسب ما ورد في كتاب:
الطراز على ضبط الخراز
للتَّنَسي
مع إبدال علامات الأندلسيين والمغاربة
بعلامات الخليل بن أحمد وتلاميذه من المشارقة
وظهرت الطبعة الأولى منه
عام 1342هـ الموافق 1923م
تلقاها العالم الإسلامي بالقبول

بعد نفاذ هذه الطبعة
كوِّنت لجنة بإشراف شيخ الأزهر
وعضوية عدد من علمائه:
الشيخ عبد الفتاح القاضي
والشيخ محمد علي النجار
والشيخ علي محمد الضبّاع
والشيخ عبد الحليم بسيوني
راجعت المصحف
على أمهات كتب
القراءات والرسم والضبط والتفسير وعلوم القرآن
وصححت ما في الطبعة الأولى من
هفوات في الرسم والضبط
وطبع طبعة ثانية مدققة ومحققة

بعدها
توالت طبعات
المصحف الشريف
في مدن مختلفة من العالم الإسلامي
مع تطور آلات الطباعة وانتشارها
بما فيها المغرب العربي
الذي لم يتأخر كثيرًا في
طباعة المصحف الشريف
عن المشرق
وإن لم يُعرف على وجه الدقة
تاريخ بدء الطباعة فيها
إلا أنها التزمت في علامات الضبط بما جاء عند الخراز

يبقى الباب أخير
في هذا الموضوع
قصة كتابة القرآن الكريم:

طباعة المصحف الشريف في المملكة العربية السعودية
أرجو من الله العلي القدير أن يوفقني لإتمامه