بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وهذه الامام الرابع من ائمة المذاهب ونسأل الله ان يرحمهم اجمعين

وان يجعلنا متبعين ليس مبتدعين ...

هو أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي ابن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان [ مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي ص 38 ]. ، ولد عام 164 هجري الموافق 780 ميلادي، في بغداد و أصله من البصر ، توفي والده وهو صغير ، فنشأ يتيماً ، وتولَّت رعايته أمه . وتنقّل بين الحجاز واليمن ودمشق. سمع من كبار المحدثين ونال قسطاً وافراً من العلم والمعرفة، حتى قال فيه الإمام الشافعي: "خرجت من بغداد فما خلّفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفقَهَ من ابن حنبل" . وعن إبراهيم الحربي، قال: "رأيت أحمد ابن حنبل، فرأيت كأنّ الله جمع له علم الأوّلين والآخرين من كل صنف يقول ما يشاء ويمسك عمّا يشاء". ولم يكن ابن حنبل يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا.

نشأتـــه :

نشأ الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في طلب العلم ، وبدأ في طلب الحديث وعمرهُ خمس عشرة سنة ، ورحل للعلم وعمرهُ عشرون سنة ، والـتقى بعدد من العلماء منهم : الشافعي في مكة ، ويحيى القطَّان ، ويزيد بن هارون في البصرة .
ورحل من العراق إلى اليمن مع يحيى بن مُعين ، فلمَّا وصلا إلى مكة وجدا عبد الرزاق الصنعاني أحد العلماء في اليمن ، فقال يحيى بن معين يا إمام يا أحمد : نحنُ الآن وجدنا الإمام ، ليس هناك ضرورة في أن نذهب إلى اليمن ، فقال الإمام أحمد : أنا نويت أن أُسافر إلى اليمن ، ثم رجع عبد الرزاق إلى اليمن ولَحِقـا به إلى اليمن ، وبَقِيَ الإمام أحمد في اليمن عشرة أشهر ، ثم رجع مشياً على الأقدام إلى العراق .

فلمَّا رجع رأوا عليه آثار التعب والسفر فقالوا له : ما الذي أصابك ؟ فقال الإمام أحمد : يهون هذا فيما استفدنا من عبد الرزاق .

* مِنْ عُلوا الهمَّـة عند الإمام أحمد وهو صغير ، يقول : ربما أردتُ الذهاب مبكراً في طلب الحديث قبل صلاة الفجر ، فتأخذ أمي بثوبي وتقول : حتى يؤذِّن المؤذِّن .

مذهبــــه :

مذاهب أهل السنة كلها مذاهب حق لا سيما مذاهب الأئمة الأربعة - أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ، وكل مذهب من هذه المذاهب السنية له مميزات ، ويمتاز مذهب الإمام أحمد من بينها بقربه من النصوص [ ولهذا يعتبر الإمام أحمد من الفقهاء المحدثين ] وفتاوى الصحابة .

كان مذهبه مبنيا على خمسة أصول وهي :

1 - النصوص ، فإذا وجد نصا أفتى بموجبه ولم يلتفت إلى ما خالفه ولا من خالفه .

2 - ما أفتى به الصحابة - فإذا وجد لأحدهم فتوى لا يعرف له مخالف منهم فيها لم يعدها إلى غيرها ، ولم يقل إن ذلك إجماع - بل من ورعه في العبارة يقول : لا أعلم شيئا يدفعه أو نحو هذا .

3 - إذا اختلف الصحابة في المسألة تخير من أقوالهم ما كان أقربها إلى الكتاب والسنة ، ولم يخرج عن أقوالهم ، فإن لم يتبين له موافقة أحد الأقوال للدليل حكى الخلاف ولم يجزم بقول .

4 - الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه ويرجع ذلك على القياس ، والمراد بالحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم من أقسام الحسن ، وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ولا المنكر ولا ما في روايته متهم .

5 - فإذا لم يكن هناك نص ولا قول للصحـابة أو أحدهم ولا أثر مرسل أو ضعيف عدل إلى القياس فاستعمله للضرورة .

هذه الأصول الخمسة هي أصول مذهبه - وقد يتوقف في الفتوى لتعارض الأدلة عنده ، أو لاختلاف الصحابة فيها ، أو لعدم اطلاعه فيها على أثر أو قول أحد من الصحابة والتابعين ، وكان شديد الكراهية والمنع للإفتاء بمسألة ليس فيها أثر عن السلف - كما قال لبعض أصحابه : إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام [ أعلام الموقعين لابن القيم ( 1/ 29 - 32 ) .]أي لم يسبق أن قال بها أحد من الأئمة بشيء .

و بالتالي نستنتج ان مذهب ابن حنبل من أكثر المذاهب السنية محافظة على النصوص وابتعاداً عن الرأي

الإمام أحمد بن حنبل و فتنة خلق القرآن :

اعتقد المأمون برأي المعتزلة في مسألة خلق القرآن، وطلب من ولاته في الأمصار عزل القضاة الذين لا يقولون برأيهم.
وقد رأى أحمد بن حنبل ان رأي المعتزلة يحوِّل الله سبحانه وتعالى إلى فكرة مجرّدة لا يمكن تعقُّلُها فدافع ابن حنبل عن الذات الإلهية ورفض قبول رأي المعتزلة، فيما أكثر العلماء والأئمة أظهروا قبولهم برأي المعتزلة خوفاً من المأمون وولاته.
لمَّا دعا المأمون الناس إلى القول بخلق القرآن ، أجابه أكثر العلماء والقضاة مُكْرهين ، واستمر الإمام أحمد ونفرٌ قليل على حمل راية السنة ، والدفاع عن معتقد أهل السنة والجماعة . استدعى المأمون الأمام أحمد فسار أحمد إلى المأمون فبلغه توعد الخليفة له بالقتل إنْ لم يُجبه إلى القول بخلقِ القرآن ، فـتوجه الإمام أحمد بالدعاء إلى الله تعالى أنْ لا يجمع بـيـنه وبين الخليفة ، فبينما هو في الطريق قبل وصوله إلى الخليفة إذ جاءه الخبر بموت المأمون ، فَرُدَّ الإمام أحمد إلى بغداد وحُبِس ، ثم تولَّى الخلافة المعتصم ، فامتحن الإمام أحمد .

وكان مِنْ خبر المحنـة أنَّ المعتصم لمَّا قصد إحضار الإمام أحمد ازدحم الناس على بابه كيوم العيد ، وبُسِطَ بمجلسه بساطاً ، ونُصِبَ كرسيـاً جلس عليه ، ثم قال : أحضروا أحمد بن حنبل ، فأحضروه ، فلمَّا وقف بين يديه سَلَّمَ عليه ، فقال له : يا أحمد تكلم ولا تَـخَـفْ ، فقال الإمام أحمد : والله لقد دخلتُ عليك وما في قلبي مثـقال حـبَّـةٍ من الفزع ، فقال له المعتصم : ما تقول في القرآن ؟
فقال : كلام الله قديم غير مخلوق ، قال الله تعالى : { وَإنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ } [ التوبة : 6 ].

فقال له : عندك حجة غير هذا ؟ فقال : نعم ، قول الله تعالى : { الرَّحْمَنْ * عَلَّمَ القُرْآنْ }. [ الرحمن : 1 ، 2 ] ، ولم يقـل : الرحمن خلق القرآن ، وقوله تعالى : { يس * والقُـرْآنِ الْحَكِيم } [ يس : 1 ، 2 ] ، ولم يقـل : يس والقرآن المخلوق .