الطائف (واس) يمثل ظهور طائر الهدهد بالنسبة للسعوديين دلالات تتعلق باقتراب انتهاء فصل الشتاء وقدوم موسم الربيع، حتى أصبح ظهوره موروثًا ثقافيًا في المملكة؛ ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمثال الشعبية وبالمزارعين خصوصًا، ليخبر الجميع بالخبر اليقين ورحلة موسمي (الشتاء) و(الصيف).


- 15 شعبان 1445هـ 25 فبراير 2024م

ومنذ أمد بعيد يسبغ طائر الهدهد بدلالات رمزية على عناصر الطبيعة، حيث حظي بمواصفات جمالية لم تحظ بها الطيور الأخرى من الاهتمام، ويزدان بتاج يعلو رأسه وقامته الممشوقة وألوان ريشه الملفتة، التي تأسر الأنظار، وما يمتلكه من طباع وسلوكيات، تفسر المكانة المتفردة التي يحتلها في مملكة الطير.


﴿فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ﴾ - الآية 20 النمل

ويعد الهدهد طائرًا بريًا، يعيش منفردًا، ويهاجر لمسافات طويلة، وهذا ما يضفي عليه بعض الغموض، وفي ذات الوقت هو أقرب الطيور البرية إلى الإنسان، فيدنو منه ولكن بحذر مبرر، ويألف المزارعون مشاهدته في حقولهم، ولعل ثنائية الألفة والغموض هذه، تفسر ما حمّله الإنسان للهدهد من رموز ودلالات ثقافية في كل المجتمعات التي عرفته، وبشكل خاص في ثقافة المجتمع السعودي.



وتصدر الهدهد مبعوث النبي سليمان -عليه السلام- إلى مملكة سبأ، وورد ذكره في القرآن الكريم في مقام واحد فقط، لكنه ذا مقام استثنائي رفع فيه الهدهد إلى ما فوق سائر الطيور، حيث ورد ذكره في مسار تبليغ رسالة التوحيد في رحلته الأولى إلى قوم "سبأ” فكان سببًا في خروجهم من ضلال عبادة الشمس إلى عبادة الله تعالى.



وتحدث لوكالة الأنباء السعودية واس الفلكي خبير مرصد الشمس ورصد الأهلة بقرية المجاردة بثقيف محمد بن ردة الثقفي قائلا: "إن طائر الهدهد يعود هذه الأيام إلى مرتفعات الجنوب الغربي؛ بعد أن قضى فترة الدفء في المنخفضات والسواحل البحرية وتهامة خلال بدايات دخول فصل الشتاء".



وأكد أن من خلال ضوابط تتبع الأنواء الزراعية في التقويم الزراعي بعد مضي شهرين من فصل الشتاء؛ يلاحظ المزارعون ظهور طائر الهدهد ويرصدون تحركاته، وهي بمثابة إشارة ودلائل لدى المزارعين منذ القدم بدخول الأجواء الدافئة وانتهاء أجواء الشتاء الباردة، حيث كان المزارعون يتحدثون في أقوالهم أنه إذا رحل طائر الهدهد إلى المنخفضات دخل الشتاء، وإذا أقبل بعد عودته من المنخفضات إلى المرتفعات؛ قيل أقبل فصل الصيف الزراعي، حيث عرف الهدهد بأنه أبو الأخبار وصديق المزارعين المخلص وناقل الخبر اليقين.