جدة، علي عسيري (واس) يعد التجول في أسواق جدة التاريخية بمحلاتها ودكاكينها القديمة التي تحتضنها مبانيها العريقة وشوارعها وأزقتها العتيقة، تجربة ثرية لكل زائر بما تحمله داخلها من قصص وحكايات ونبض الحياة والتراث العريق لسكان جدة التاريخية، وتقف شاهدة على ذكريات تقاليدهم الثقافية وفنونهم التراثية.



وتشكل أسواق جدة التاريخية عنصر جذب سياحي لكثير من زوار محافظة جدة، وتتجلى فيها لمسات الحياة الاجتماعية والتجارة التقليدية، تحمل شيئا من بقايا الأمس والحنين الى الماضي، فهي تضم العديد من الأسواق الأثرية والتراثية التي جعلت من جدة مركزاً تاريخياً للتجارة والتسوق منها سوق شارع الذهب، وسوق الندى، وسوق البدو.

وتجولت "واس" داخل سوق "الندى" الذي يعود تاريخه إلى 150 عامًا وكانت بدايته داخل أسوار مدينة جدة القديمة، واشتهر بمطاعم ذائعة الصيت تقدم الأكلات الشعبية التي تشتهر بها جدة التاريخية، كذلك يتميز هذا السوق عن باقي أسواق جدة أنه الوحيد الذي يعرض كافة أنواع الأكلات الشعبية والسلع الغذائية الطازجة، إلى جانب كل ما يبحث عنه المتسوقون من ملابس وأحذية وأغطية رأس وعباءات وأقمشة في أكثر من 500 منفذ تجاري بالإضافة إلى عشرات البسطات على جانبي طريق السوق الرئيسي.



وعلى امتداد مسافة لا تزيد على ألف متر يقع سوق "الندى" وتحديدا من مسجد الباشا شمالا وحتى عمارة الملكة، وكان في يوم من الأيام من أهم أسواق جدة القديمة، ورغم مساحة السوق المحدودة إلا أنه يزخر بالعديد من النشاطات التجارية، فكانت تنتشر فيه أماكن الحلاقين والمكتبات وعدد من دكاكين الخرازين والصناعات الجلدية ومطاعم الأسماك، إضافة إلى عدة أحواش لبيع فحم الحطب الذي كان له سوق رائجة في الماضي، وكان يأتي به أبناء البادية من المناطق المجاورة لجدة وبيعه داخل السوق الذي ما زال يحتضن بعض هذه المحلات حتى يومنا هذا وتعتبر هي الصورة الوحيدة المتبقية من تاريخه التي تذكرنا بالسوق قديما.

أما سوق "شارع الذهب" فبدأت قصته قبل 57 عاماً في مطلع عام 1381هـ عندما بدأ العمل على توسعة وفتح شوارع جديدة بمنطقة البلد بمحافظة جدة، واقتضى ذلك الأمر أن يتم هدم عدد كبير من المباني القديمة في تلك المرحلة والتي انتشرت خلالها قصة "كنز جدة" الذي عثر عليه في تلك الفترة.



وتحدث عدد من قدامى سوق "شارع الذهب" عن هذا الموضوع وقصة تسميه بهذا الاسم حيث أفادوا بأنه أثناء عملية هدم المباني والتوسعة من مدخل طريق الملك فهد بشارع الستين الى دوار البيعة وتفريغ حمولة الردميات من أنقاض المباني في الشاحنات المخصصة لنقل الردمية لاحظ أحد العمال قطعاً من العملات الذهبية "جنيهات إنجليزية" بين انقاض المباني التي تم هدمها فأنطلق تجاه الأنقاض ليجمع ما يجده، فتجمع العمال حول المخلفات ينبشون بأيديهم ويلتقطون ما يجدونه من هذه العملات الذهبية.

وقالوا خلال سرد القصة: "سمع سكان مدينة جدة بهذا الحدث رجالاً وأطفالاً ونساء وذهبوا للبحث عن بقايا هذا الكنز المتناثر بين أنقاض المباني القديمة، وتحصل عدد منهم على الجنيهات التي كانت سببا في تسمية الشارع بهذا الاسم لكون الذهب قد تناثر من أحد مبانيه القديمة التي تم هدمها لأجل التوسعة، حيث يعتبر شارع الذهب الآن أحد شرايين منطقة البلد وبه العديد من المحال التجارية والفنادق ذات الفئة المتوسطة."



وأضافوا قائلين "كانت الجنيهات الذهبية الموجودة في الردميات هي عملة إنجليزية التي اشتهرت باسم الجنيه، ويطلق عليها أيضا اسم (أبو خيّال) نسبة إلى صورة الرجل الذي يمتطي فرسا في ظهر القطعة النقدية، وبينوا أن معظم هذه العملات الإنجليزية خلال مواسم الحج تصل إلى جدة وأسواقها عن طريق الهند أكبر مستعمرة بريطانية في ذلك الوقت".

وانتقلت جولة "واس" بعد ذلك إلى طرقات وازقة منطقة البلد وتحديدا الى سوق "البدو" الذي يقع في المنطقة التاريخية ويعود تاريخه لأكثر من 140 عاما مضت واشتهر بتوفير السلع المتنوعة من احتياجات أهل البادية، وترجع تسميته الى سكان البوادي القادمين إلى المنطقة وكانوا ينيخون جمالهم على مداخل السوق في الماضي لبيع منتجاتهم من الحليب والسمن، وكانوا يشترون منه ما يحتاجونه من الحبوب والهيل والذهب والفضة والمعادن.

ويتميز سوق "البدو" عن غيره من الأسواق التاريخية بجدة بأنه مسقوف بمظلات تقي رواده من أشعة الشمس، ويتكون من ممر رئيس، وتتفرع منه ممرات أصغر، وعلى جانبي كل الممرات تقع دكاكين كثيرة تصطف إلى جانب بعضها وتشهد حركة كثيفة من المتسوقين الذين يقصدونه خصيصا لشراء بعض السلع التي يعرضها الباعة فيه.



إعداد: علي عسيري
تصوير: عمر أبو سيف وخالد الغامدي


تم تصويب (42) خطأ منها استقلال ( " ، . )


أسواق جدة التاريخية..
تنوع تراثي يجذب الحجاج قُبيل عودتهم إلى بلدانهم

جدة (واس) تشهد أسواق جدة التاريخية هذه الأيام توافد الحجاج المغادرين الذين يقضون أواخر أيامهم في المملكة قُبيل عودتهم إلى بلدانهم سالمين بعد أن منّ الله عليهم بقضاء نسكهم في يسرٍ وطمأنينة.


- 19 ذو الحجة 1444هـ 07 يوليو 2023م

ويحرص حجاج بيت الله الحرام من أقطار العالم على التسوق والتجول في أسواق جدة التاريخية، التي تحتضنها المنطقة التاريخية، حيث تعد زيارتهم للمنطقة التاريخية بجدة من العادات التي تعود لمئات السنين وتزداد خاصة في منطقة البلد المنطقة المركزية لأسواق جدة التي تشهد حركة شرائية لمختلف الهدايا التذكارية والمقتنيات التراثية التي يحرص الحاج إهدائها لأهله وذويه.



ومن أبرز مشتريات المتسوقين الحجاج، السجاد والمسابح وبعض الأحجار الكريمة والذهب خصوصاً التي تحمل صور الكعبة أو المسجد الحرام والمسجد النبوي، كما يرتفع الطلب على أنواع التمور والأقمشة، إلى جانب حرصهم على شراء بعض المقتنيات القديمة السائدة واللوحات القرآنية وصور الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة والتي توثق من خلالها رحلتهم إلى الحج، كما تمثل لهم ذكريات جميلة يتمنون العودة لها في المستقبل.



ويتجه عددٌ من الحجاج لزيارة معالم جدة، والتجول فيها والاستمتاع بقضاء الوقت في الواجهة البحرية، وحضور عدد من الفعاليات المقامة حالياً، ومشاهدة نافورة جدة التي تعد من أبرز المعالم فيها، وتوثيق ذلك بالتقاط الصور التذكارية، ومشاركتها عبر قنوات التواصل الاجتماعي.



وفي لقاءٍ لـ"واس" مع عدد من زوار جدة من الحجيج، الذين عبروا عن سعادتهم بزيارة المملكة لأداء فريضة الحج وزيارة معالمها المتنوعة قبيل مغادرتهم لبلدانهم، متمنين في الوقت ذاته إعادة الرحلة الإيمانية لما لها من وقع كبير في نفوسهم، بجانب حرصهم على استغلال مواعيد جدولة رحلاتهم في زيارة أبرز معالم مدينة جدة التراثية والثقافية وأسواقها ومراكزها التي تزخم بالتنوع التراثي.







تم تصويب أخطاء، منها:
(الحجيج ، الذين) إلى (الحجيج، الذين)