فاينانشال تايمز - إدوارد لوس من واشنطن : عندما سئل عن أثر الأزمة المالية في المفاهيم الأجنبية عن الولايات المتحدة، أجاب ديفيد ريثكوبف، المسؤول السابق في إدارة كلينتون، بسخرية قائلا: "إذا تم القبض على ليندسي لوهان مرة أخرى غدا، إلى أي مدى سيتغير رأيك فيها؟". إن الهاوية المالية هي أزمة محلية تأتي بالاختيار وليس بالضرورة، لذا ما زال هناك سبب لمعاملة الأمر على أنه ليس ذا أهمية. لكن لا يمكن أن نقول الشيء نفسه حول صندوق البريد الخارجي لأوباما.



في إحدى اللحظات الحادة في واشنطن، يواجه أوباما سلسلة من التهديدات المشؤومة من مختلف أنحاء العالم. وسواء كان عام 2013 هو عام إيران، سورية، مصر، كوريا الشمالية، أو أفغانستان، أو خليط مما سبق، فهؤلاء يتوجهون ناحية عصرهم الخاص. لكن واحدة أو اثنتان، خصوصا إيران، تعدان بمثابة قنبلة موقوتة. والمؤسف أن الشجار حول انسحاب سوزان رايس من السعي لأن تكون وزيرة للخارجية، الأسبوع الماضي، يشير إلى أن أوباما سيكون مشتتا لبعض الوقت جراء ساعة واشنطن العالقة عند 11.59 قبيل منتصف الليل.

من المرجح أن يعلن أوباما هذا الأسبوع عن اختياره جون كيري ليحل محل هيلاري كلينتون. لكن حتى هذا الترشيح السلس لن يمر من خلال مجلس الشيوخ حتى كانون الثاني (يناير) المقبل. والدبلوماسيون الأجانب المستاءون من لافتة "ممنوع الإزعاج" المعلقة خارج البيت الأبيض خلال معظم أوقات العام، يدركون أن هناك أيضا ستة أسابيع بعد الانتخابات. وحتى لو كان الثمن إبعاد أكثر مستشاري السياسة الخارجية ممن يثق بهم، يحاول أوباما الاحتفاظ بكل قوته من أجل الهاوية المالية وما بعدها. والأهم من ذلك أنها تبتلع وقته.

وبالنسبة لإيران على وجه الخصوص، لم يعد هناك كثير من الوقت لتضييعه. ومن بين مشاهير السياسة الخارجية في واشنطن، من الصعب أن تجد أحدا يدعي أنه يعرف استراتيجية إدارة أوباما. بعضهم يتكهن بأن البيت الأبيض ربما أسس بالفعل محطة حوار أخرى مع طهران يترأسها شخص مثل توماس بيكرينج، موفد وزارة الخارجية المخضرم. ولو كان الأمر كذلك لكان مطمئنا، لكن ذلك يعد بمثابة أمل أكثر منه استنتاجا. ويشعر آخرون بالقلق لافتقار أوباما لاستراتيجية حقيقية للتحاور.

وهذا ليس قلقا حول انجراف حميد. فعلى الأرجح ستتم خلال الشهر المقبل إعادة انتخاب بنيامين نتنياهو رئيسا لوزراء إسرائيل بتفويض يضمن أن يكون 2013 "العام الذي سنواجه فيه إيران" ـ كما كرر في كلماته الأسبوع الماضي. وخلال الانتخابات الأمريكية تمكن أوباما بطريقة ما من إقناع نتنياهو بأن يلاحظ لافتة ممنوع الإزعاج. ومن الأسلم أن نفترض أنه سيزعج نوم أوباما ابتداء من الشهر المقبل فصاعدا. ومع ذلك ليس واضحا ما إذا كان الرئيس الأمريكي سيكون في وضع يسمح له بتخفيف تطور الأحداث بالوتيرة التي يرغب فيها نتنياهو أم لا.

إن التاريخ الذي سترى فيه إسرائيل أن إيران قد تعدت خطوطها الحمراء في تطوير قدراتها في صنع أسلحة اليورانيوم، سيكون أمرا ذا أهمية. والتقديرات الآن تراوح بين آذار (مارس) وكانون الأول (ديسمبر). لكن ما يهم أكثر هو ما إذا كانت إدارة أوباما ستكون قد وضعت بحلول ذلك الوقت حجر الأساس لأي بديل حقيقي عن الحرب. فبخلاف اختيار الضربة العسكرية من قائمة خيارات البنتاجون، لا يستطيع أوباما أن يكبس على الزر لخلق بديل - وتحديدا استراتيجية لاحتواء إيران النووية. ذلك يتطلب دبلوماسية كسينجرية معقدة. وهؤلاء الذين يعرفون أوباما جيدا يجدون من الصعب أن يتخيلوا أنه سيختار الخيار العسكري الذي ألزم نفسه به ضمنيا. فإذا لم تسر هجمة أمريكا على إيران بشكل صحيح، أو إذا خرجت الأمور عن السيطرة، فيمكن لذلك أن يدمر كل شيء آخر على جدول أعماله، ومن ضمنه انتعاش اقتصاد الولايات المتحدة. ويمكن لذلك أيضا أن يدمر المحاولات الجارية لإعادة الاستقرار إلى سورية ودفع الرئيس المصري محمد مرسي على طريق شبه ديمقراطي. ناهيك عما تبقى من وحدة وطنية في العراق وأفغانستان، أو محور آسيا.

وحتى لو تم الهجوم على إيران على النحو المأمول، فسينتج عنه فقط تأخير برنامجها النووي لمدة عامين. ومن المرجح أن يقوِّي ذلك عزم إيران. فكما يقولون لا تستطيع قصف المعرفة. لكن سجل أوباما المتقطع حول دبلوماسية الشرق الأوسط يشير إلى قليل من الطمأنينة بأنه يعدُّ لذلك النوع من الجهد الذي يمكنه من تجنب حرب أمريكية ثالثة مع دولة مسلمة خلال عقد واحد من الزمن. وسينمو هذا القلق جنبا إلى جنب مع الهاوية المالية في الأسابيع القليلة.

والذين يأملون في تفادي الحرب يشيرون إلى سجل كيري ومعارضته لغزو العراق (على الرغم من تصويته بالموافقة على التصريح بها عام 2002). وهم يلقون الضوء أيضا على سيرة تشاك هاجل، السناتور الجمهوري السابق، والرئيس المستقبلي المحتمل للبنتاجون، الذي انفصل أيضا عن إدارة جورج بوش بعد غزوه العراق. ويوجد الملف الحذر نفسه لدى توم دونيلون، مستشار الأمن القومي الخاص بأوباما، الذي من الأرجح أنه سيبقى في وظيفته.

لكن ربما يمكننا ذلك أن نستنتج الكثير من تعيينات أوباما المرجحة في الفترة الثانية. وعلى عكس قرع الطبول للحرب على العراق، الضغط للقيام بضربة عسكرية على إيران لا يأتي من واشنطن أساسا. ومع ذلك الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي لديها قوة لمنع هذه الضربة من الحدوث. إن خلق الموقف الذي سيكون فيه الحوار مع إيران شيئا ممكنا - على الصعيد الثنائي، أو على صعيد المنتديات الأكبر - يفرض اختبارا على أوباما. وضمان الولايات المتحدة لأمن المملكة العربية السعودية، ومصر، وتركيا، وآخرين، في حال قرر الاحتواء النووي، يمثل اختبارا آخر. فلا آية الله خامنئي ولا نتنياهو يمكن التناور معهما والتفوق عليهما بسهولة. وستكون هناك حاجة إلى عمل جاد يؤسس قاعدة للتحرك. وسيعتمد الكثير على مدى سرعة وكفاءة فريق العمل الجديد لأوباما في ممارسة أعماله.