الدمام (واس) يعد "مسجد جواثا" في محافظة الأحساء، رمزاً تاريخياً ثقافياً إسلامياً لأولى دور العبادة في شرق الجزيرة العربية، وأحد أبرز المعالم الدينية والتراثية التي يعود بناؤها إلى 1400 عام، لبدايات العصر الإسلامي، بعد أن شيدهُ بنو عبد قيس وحلفاؤهم بنو تميم وبكر بن وائل التي كانت تقطن آنذاك بالمكان نفسه، حيث يقع المسجد على بعد عشرين كيلو مترًا باتجاه الشمال الشرقي لمدينة الهفوف، وإلى الشمال من الحليلة والكلابية والمقدام، وفي سهل جبل الشعبة الشرقي.



ويتشكل المسجد من خلال تصميمه ومبناه الذي يعد نواة أساس لـ دور العبادة في الإسلام لوجود بيت الصلاة، من أروقة ثلاثة مع تمحور ضلع القبلة مع اتجاه الكعبة ووجود المحراب وبقايا آثار مكان المنبر ومركى اليد، حيث جرى تطوير الموقع بقيام مدينة جواثا السياحية بمساحاتها الشاسعة ليمثل المسجد مدخلاً وموقعاً تاريخيا يقصده الزوار والسواح من مختلف الجنسيات؛ والتعرف عليه بما يحمله من صورة إسلامية رمزاً وتراثا لـ 14 قرناً.



ويحتل "مسجد جواثا" الذي يرجع بناؤه إلى السنة السابعة للهجرة، مكانة كبيرة في وجدان المسلمين، إذ يعد أول مسجد أسس في شرق الجزيرة العربية، وثاني مسجد في الإسلام صليت فيه صلاة الجمعة، بعد المسجد النبوي في المدينة المنورة، وشُيِّد بعدما اعتنق بنو عبد قيس الإسلام طوعاً، وسارع حاكم عبد القيس المنذر بن عائد الملقب بالأشج فور علمه بظهور الرسالة في المدينة أن أوفد رسولاً لاستجلاء الأمر، وحين وصل بالعلم اليقين أسلم وأسلم جميع أفراد قبيلته، وأقام مسجد جواثا، التي لا تزال قواعده قائمة، فيما تآكل بعضها مع مرور الزمن، ونتيجة للأحداث التي مرت في شبه الجزيرة العربية.



ووفق دارسة معمارية تاريخية، جرى ترميم المسجد وإعادة أجزاء متساقطة منه، وذلك عام 1430هـ، مع تحديد نوعية الأسقف المستخدمة في البناء الأصلي، وشكل الأبواب والنوافذ، وإعادة بناء الأجزاء المُنهارة من المسجد، ويأتي "برنامج إعمارالمساجد التاريخية" الخيرية إلى ترميمها وتوثيق تاريخها وإعادة الحياة والصلاة إليها.



وكانت أرض جواثا قديماً مقصدًا للقوافل التجارية نتيجة لمركزها التجاري، وتعود محملة بالبضائع والتمور والمنتجات الزراعية والعطور وتعد سوقاً تجارية "لموقع الأحساء الإستراتيجي"، وتتبادل التجارة جنوب الجزيرة العربية وشمالها ووادي الرافدين، لموقعها على طريق القوافل التجارية القديم المتنقلة من الساحل إلى وسط الجزيرة العربية، وقد استمر عمرانها خلال الفترات الإسلامية المبكرة.



وأوردت الكتب التاريخية اسم "جواثا" لأهميتها، وقد ذكرها الهمداني في وصفه جزيرة العرب، وذكرها البكري، واشتهرت في كتب التاريخ والجغرافيا والأدب بمدينة الرخاء، فيما يقول الشيخ حمد الجاسر في كتابه "المعجم الجغرافي للمنطقة الشرقية" وبعض أقوال شيخ المؤرخين جواد الرمضان: "إن اختفاء آثار المسجد يعود إلى زحف الرمال حتى مع كونه على مرتفع، مشيراً إلى أن طول المسجد يبلغ 20 ذراعاً وعرضه 10 أذرع، ويوجد في الجهة الغربية عين جواثا، وفي الجنوب الغربي آثار مقبرة يعتقد أنها لعدد من الصحابة، الذين استُشهدوا في حروب الردة."









تم تصويب (10) أخطاء في استقلال ( " )