الرياض - واس : جاء تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ، بافتتاح معرض "طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور "المقام في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي بالظهران التابع لشركة أرامكو، وإذنه ـ رعاه الله ـ، لانطلاقة المعرض إلى محطاته الجديدة في دول شرق آسيا بدءً من العاصمة الصينية بكين في العشرين من ديسمبر القادم، ليمثل تتويجا للرعاية الملكية الكريمة للمعرض، ودعما إضافيا للمعرض الذي حقق نجاحا لافتا في محطاته التسع السابقة في عدد من المتاحف العالمية في مدن أوربية وأمريكية بعد انطلاقته من متحف اللوفر بباريس في العام 2010م، وهو ما عكسه عدد الزوار الذي تجاوز الثلاثة ملايين زائر في محطاته التسع السابقة، وما صاحبه من أصداء إعلامية أسهمت في إبراز المكانة التاريخية للمملكة، وتعريف العالم بما تتمتع به من بعد حضاري، وما حققه المعرض من تحول لافت في النظرة العالمية لتاريخ المملكة وحضاراتها المتعاقبة، ليحط بعد ذلك في محطته الأولى في المملكة بقطعه الأثرية الفريدة التي تم اختيارها من متاحف مناطق المملكة، وفي مقدمتها المتحف الوطني بالرياض ومتحف جامعة الملك سعود، حيث تمثل هذه المحطة الأولى فرصة مهمة تتيحها الهيئة للمواطن للاطلاع على قطع المعرض المتنوعة والفريدة، والتعرف على ما تتميز به بلاده من بعد حضاري وعمق تاريخي من خلال الحضارات المتعاقبة على هذه الأرض، كما تأتي تحقيقا لرغبة الأمير سعود الفيصل ـ رحمه الله ـ عند افتتاحه للمحطة الأولى للمعرض في متحف اللوفر بباريس في شعبان 1431هـ بأن يقام في المملكة.



كما شكلت موافقة المقام السامي الكريم في جمادى الثاني 1436هـ على استمرار إقامة المعرض في مختلف قارات العالم دعما جديدا للمعرض ورسالته، بعد محطاته التسع، الأربع في أوروبا التي بدأها بمتحف اللوفر بباريس، ثم مؤسسة لاكاشيا في برشلونة، فمتحف الارميتاج في روسيا، ثم متحف البيرغامون في ألمانيا، وانتقاله إلى الولايات المتحدة الأمريكية وعرضه في متحف ساكلر بواشنطن، ثم في متحف "كارنيجي" ببيتسبرغ، ثم في متحف "الفنون الجميلة" بمدينة هيوستن، فمتحف "نيلسون-أتكينز للفنون" بمدينة كانساس، ثم متحف "الفن الآسيوي" بمدينة سان ‏فرانسيسكو.

وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ قد تفضل الخميس 3ربيع الأول 1438هـ، الموافق 1 ديسمبر 2016م بافتتاح معرض "طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور" المقام في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي التابع لشركة أرامكو في الظهران، وذلك في إطار تدشينه ـ أيده الله ـ للمركز، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية.



واستمع ـ حفظه الله ـ، إلى شرح من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني عن المعرض الذي يقام في المملكة بعد محطاته السابقة في أربعة متاحف أوربية، وخمسة متاحف أمريكية، استقبل خلالها أكثر من ثلاثة ملايين زائر.

وبعد أن اطلع ـ حفظه الله ـ، على نماذج من قطع المعرض، أذن ـ أيده الله ـ، بانطلاق المعرض إلى جولته الآسيوية التي تبدأ من بكين في 20 ديسمبر القادم، ثم كوريا فاليابان وبعدها إلى كوريا، وذلك بعد موافقة المقام السامي الكريم في جمادى الثاني 1436هـ على استمرار إقامة المعرض في مختلف قارات العالم.

ويشكل هذا المعرض نشاطا رئيسا في مسار التوعية بالتراث الحضاري للمملكة ضمن مسارات برنامج (خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة) الذي أقر في شهر مايو 2014م في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله، ثم تم تأكيد ذلك بشكل خاص من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ، في سبتمبر 2015م بكونه مشروعاً تاريخياً وطنياً مهماً يعكس التطور في برامج مشاريع التراث في المملكة.



ويهدف المعرض إلى اطلاع العالم على حضارة وتاريخ الجزيرة العربية والمملكة العربية السعودية من خلال كنوزها التراثية التي تجسد بعدها الحضاري، إلى جانب تعزيز التواصل الثقافي بين شعوب العالم، والتأكيد على أن المملكة ليست طارئة على التاريخ ولكنها مهد لحضارات إنسانية عظيمة توجت بحضارة الإسلام العظيمة، حيث تعرض المملكة من خلال هذا المعرض نحو 400 قطعة أثرية نادرة تعرّف ببعدها الحضاري وارثها الثقافي، وما شهدته أرضها من تداول حضاري عبر الحقب التاريخية المختلفة.

ويتبنى المعرض رسالة أساسية تتمثل في التأكيد للعالم بأن المملكة العربية السعودية إلى جانب أبعادها الثلاثة المعروفة، البعد الديني والاقتصادي والسياسي، لها بُعد رابع يتمثل في بعدها الحضاري المهم والمؤثر في الحضارات الإنسانية عبر العصور.



وتغطى القطع الأثرية التي يحتويها المعرض، الفترة التي تمتد من العصر الحجري القديم (مليون سنة قبل الميلاد) منذ عصور ما قبل التاريخ إلى العصور القديمة السابقة للإسلام، ثم حضارات الممالك العربية المبكّرة والوسيطة والمتأخرة، مروراً بالفترة الإسلامية والفترة الإسلامية الوسيطة، حتى نشأة الدولة السعودية بأطوارها الثلاثة إلى عهد الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ.

ويركز المعرض على أثر الطرق التجارية القديمة التي اجتازت شبه الجزيرة العربية في التبادل الاقتصادي والحضاري بين الثقافات الإنسانية المختلفة، التي شكلت الجزيرة العربية حاضنة لها عبر العصور حتى خروج الدين الإسلامي العظيم من هذه الأرض لينير العالم، ويبني على الحضارات القائمة ويحترمها ويهيمن عليها وما تلا ذلك من شواهد حضارية وصولاً إلى قيام الدولة السعودية منذ ما يقارب الثلاثمائة عام.
وقد رعى المعرض في محطاته كل من شركة أرامكو السعودية (التي تستمر في رعاية المعرض في محطاته القادمة في دول شرق آسيا)، وشركة أكسون موبيل، وشركة بوينج الأمريكية لصناعة الطائرات، والشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك"، ومجموعة العليان للتمويل، وشركة خالد علي التركي وأولاده.



وتعيش المملكة في الوقت الحاضر نقلة نوعية مهمة في مجال التراث الحضاري والمشاريع والبرامج المتعلقة به. وقد أثبتت المستكشفات الأثرية حتى الآن أن بداية الاستيطان البشرية في أرض المملكة العربية السعودية يعود إلى العصر الحجري القديم الأسفل منذ مليون و 200 ألف سنة قبل الوقت الحاضر، وفي كل يوم تظهر نتائج التنقيبات الأثرية لـ 32 بعثة أثرية سعودية دولية مشتركة مكتشفات مهمة تؤكد أن المملكة ليست بلادا طارئة على التاريخ وأن المكانة التي تحظى بها اليوم بين دول العالم على المستويات الدينية والسياسية والاقتصادية والحضارية إنما هي امتداد لإرث حضاري عريق، وأن الدين الإسلامي العظيم الذي خرج من هذه الأرض المباركة قد خرج إلى العالم من أرض غنية بتاريخها وحضاراتها واقتصادها.

واهتمت الدولة بدعم التراث الحضاري للمملكة من خلال إصدارها عدد من القرارات والأنظمة لدعم الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني للقيام بمهامها في هذا المجال؛ وتوجت هذه القرارات باعتماد برنامج (خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة) بكونه مشروعاً تاريخياً وطنياً مهماً يعكس التطور في برامج مشاريع التراث في المملكة العربية السعودية ويغطي عدة مسارات من المشاريع مثلها 230 مشروعاً، في مجالات الآثار والمتاحف والتراث العمراني والحرف والصناعات اليدوية والتوعية وغيرها من المجالات من خلال 230 مشروعاً تهدف إلى تحويل التراث الحضاري إلى جزء معاش من حياة الأجيال، ومسار مهم في الاقتصاد الوطني.