دويتشه ﭭيله : ما يزال دور قطر إزاء التنظيمات الإرهابية على غرار "الدولة الإسلامية" يثير الكثير من الجدل والحيرة. وبين المواقف المعلنة وسياساتها الخفية يرى خبراء أن الدوحة تلعب أدوارا مزدوجة من أجل كسب نفوذ ووزن سياسي دولي.
تتسم المواقف إزاء دولة قطر ودورها في منطقة الشرق الوسط بالتضارب: فمن جهة، نجحت قطر بمظهر الدولة العصرية التي تريد تنظيم مونديال 2022 رغم الانتقادات التي تواجهها، ومن جهة أخرى، ما انفكت تدعم جماعة الإخوان المسلمين في مصر والأحزاب الإسلامية المستلهمة لأيديولوجيتها على غرار حزب النهضة في تونس.
ومن جهة أخرى، تتزايد الاتهامات لهذه الدولة الخليجية الصغيرة بدعم الجماعات الإسلامية المتشددة في سوريا والعراق على غرار "الدولة الإسلامية". وفي سياق متصل يقول الدكتور حسن نافعة أستاذ في العلوم السياسية في جامعة القاهرة "هناك دلائل كثيرة على أن هذه الاتهامات صحيحة على غرار علاقة قطر القوية بمعظم التيارات الإسلامية في العالم العربي، فبعد الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين في مصر، استضافت قطر العديد من قيادات هذه الجماعة. وكذلك تحولت قناة الجزيرة وشبكة الإعلام ومركز البحوث والدراسات الموجود في قطر إلى منابر إعلامية للإخوان المسلمين". ويضيف في حوار مع DWبالقول: "لكن طبيعة العلاقات بين قطر وبين الجماعات التي تحمل السلاح وتمارس الإرهاب على غرار داعش لاتزال محل خلافات ولا أحد يستطيع أن يقدم دليلا ماديا على أن قطر تقدم السلاح والعتاد لهذه المنظمات".
مستثمر في العالم وداعم للإرهاب؟
وقد تسبب دعمها للإخوان المسلمين في سحب دول مجلس التعاون الخليجي لسفرائها من الدوحة وفي علاقة جمود مع مصر تحت حكم عبد الفتاح السيسي. أما عن الاتهامات الموجهة لقطر بدعمها للتنظيمات الإرهابية في المنطقة العربية على غرار "الدولة الإسلامية" أو "جبهة النصرة"، فقد شدد أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على رفضها قطعيا. وقال الأمير القطري الذي يزور ألمانيا عقب محادثات مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل اليوم الأربعاء (17 سبتمبر/ أيلول): "قطر لم ولن تدعم منظمات إرهابية أبدا". أما ميركل فقد ردت بالقول إنه "ليس لديها أي سبب لعدم تصديق الأمير القطري"، مؤكدة أن قطر انضمت للتحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية".
من يقف وراء تمويل ودعم تنظيم "الدولة الإسلامية"؟ اتهامات لقطر بدعمها للإرهاب..
وعن موقف كبار الساسة الألمان، رغم الاتهامات التي لا تزال قائمة لقطر بدعم تنظيمات إرهابية، فيفسره الصحافي شتيفان بوخن والخبير في شؤون الشرق الأوسط بحذر هؤلاء إزاء الثقل الاقتصادي لقطر التي تعتبر أكبر مستثمر عربي في ألمانيا والتي حرصت على شراء أسهم في أكبر الشركات الألمانية على غرار شركة السيارات "فولكس فاغن" ومصرف "دويتشه بنك" وشركة "سيمنس" للصناعات الإلكترونية. ويرى بوخن أن قطر تلعب دورا مزدوجا بحيث يقول: "من جهة تبرز نفسها كدولة حديثة متطورة اقتصاديا ولها علاقات متميزة على الصعيد الديبلوماسي، ومن جهة أخرى تدعم جماعات إسلامية متشددة". ولعل وساطة قطر في الإفراج عن رهينة أمريكي و45 جنديا أمميا اختطفوا على يد جبهة النصرة على الحدود المحاذية للجولان المحتلة يبرز هذه الازدواجية في الأدوار بين الجهة الداعمة للجماعات ولعب ورقة الوسيط. ويرى بوخن أن هذه الوساطة "تبرهن" عن "وجود" علاقات بين قطر وتنظيم جبهة النصرة ذراع القاعدة في سوريا .
"محاربها داعش رسميا ودعمها خفيا"
أما ما أعلنته المستشارة الألمانية من انضمام قطر إلى الائتلاف الدولي لمحاربة "الدولة الإسلامية" في العراق، فيعرب بوخن عن تشكيكه في نية القطريين الحقيقية، مستبعدا موافقة الدوحة على الانضمام إلى التحالف الدولي ضد داعش بشروط غربية. ويوضح قائلا: "لقطر مصالح سياسية: فهي تعارض نظام الأسد في سوريا والحكومة العراقية وتسعى إلى إضعافهما (...) وقد تشترك في الائتلاف رسميا وفي الوقت نفسه تحافظ على علاقات خفية مع جبهة النصرة والدولة الإسلامية".
قطر - حليف الغرب ضد الإرهاب والداعم للتنظيمات الإرهابية في الوقت ذاته؟
وحسب حسن نافعة، فإن البحث عن النفوذ ولعب دور ريادي في منطقة الشرق الأوسط هو ما يدفع القطريين إلى لعب مثل هذه الأدوار المزدوجة، الذي أوضح أيضا: " نفوذ قطر عبر الإعلام من خلال قناة الجزيرة ومن خلال المال. والدعم القطري لم يقتصر فقط على أطراف معينة مثل الإخوان المسلمين وإنما امتدت لكل من تتوسم وترى أنه يستطيع أن يساعدها في أن تلعب دورا وتمارس نفوذا (...) وتستخدم في ذلك أموالها لإقامة شبكة من العلاقات السياسية مع القوة التي تستطيع أن تحدث تأثيرا في المنطقة".
مواقع النشر