القيمة التاريخية لقلعة مارد في مدينة دومة الجندل في منطقة الجوف شمال السعودية، دفعت عددا كبيرا من السائحين والمؤرخين إلى زيارة الموقع في فترات متقطعة، لتسجيل الأحداث التاريخية التي عاشتها هذه القلعة خلال ألفي عام مضت، كما دفعت الجهات الحكومية في السعودية إلى الالتفات إليها وترميمها وإقامة فعاليات وندوات في موقع يعد من أهم وأبرز المواقع والمعالم السياحية الأثرية في السعودية.

ربط بناء أجزائها بقوم ثمود.. و«السياحة» تنهي مشروعا لتأهيلها


أعمال تأهيل وترميم قلعة مارد في دومة الجندل في منطقة الجوف شمالي السعودية

ويعود تاريخ هذه القلعة الأثرية إلى أكثر من ألفي عام عندما ورد ذكرها في مدونات من العصر الأشوري، خصوصا أن هناك نصوصا مكتوبة ومفصلة تتحدث عن الجوف وتعود إلى القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد، وتحدثت تلك النصوص عن مدينة دومة الجندل، فيما لم يحدد بعضها الزمن الذي بنيت فيه أو من قام ببنائها.

ومع ازدياد أعداد الزائرين إليها وإقامة فعاليات تراثية وسياحية فيها أصبحت قلعة مارد في منطقة الجوف أحد أبرز المعالم السياحية والأثرية في المنطقة. وتعلو أسوار قلعة مارد بيوت المنطقة التاريخية بدومة الجندل، لتشكل منظرا جماليا يحلو للكثيرين تصويره، خاصة وقت الغروب، كما أن من يصعد أعلى القلعة فإنه يشاهد المدينة من جميع الجهات.

وقد أنهت الهيئة العامة للسياحة والآثار مشروعا لترميم القلعة وتأهيلها، لتتحول بعد ذلك إلى مقصد للسياح، كما خصص فرع الهيئة في منطقة الجوف عددا من المهرجانات والفعاليات السياحية التراثية لتقام بجوار القلعة.

كما تعمل الهيئة على الصيانة الدورية للقلعة وتأهيلها ضمن مشروع وسط دومة الجندل التاريخي الذي دشنه الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العام الماضي. كما أنها أصبحت وجهة سياحية لعدد من المقيمين من الشخصيات القيادية بالشركات العاملة في السعودية وأعضاء السلك الدبلوماسي.

وقلعة مارد عبارة عن قلعة مسورة تنصب على مرتفع يطل على مدينة دومة الجندل التاريخية، وأعيد بناء بعض أجزائها، إلا أن القسم الأكبر منها ظل على حالته منذ إنشائها في قديم الزمان، وشكل البناء الأصلي مستطيلا، إلا أن بعض الإضافات بما فيها أبراج مخروطية أحدثت في أزمنة متأخرة والجزء السفلي من هذا البناء بني من الحجارة، أما الجزء العلوي فهو من الطين، وقد كشفت الحفريات التي جرت على الجزء الأسفل من القلعة في 1976 عن بعض الخزفيات النبطية والرومانية التي ترجع إلى القرنين الأول والثاني بعد الميلاد.

وفي كتابه في شمال غرب الجزيرة العربية، قال حمد الجاسر علامة الجزيرة العربية عن قلعة مارد: "لقد تجولت بكل ما يحيط بالحصن من بنايات فشاهدت أن هذا الحصن يقع على جبل أو تل صخري، بمعنى أصح يطل على الجوف من الجهة الغربية، ممتدا نحو الشرق، حيث تقع شرقه وشماله أرض منخفضة تنتشر فيها بساتين البلد وبعض قصوره القديمة وتقع بجوار الصحن، والحصن يسيطر على الأمكنة الواقعة حول الجوف، بحيث يشاهده كل من يقدم إليه من أي جهة من مسافات بعيدة، والحصن مرتفع ارتفاعا شاهقا وهو مبني من الصخر القوي".



فيما يذكر عبد الله التميم في كتابه صور تاريخية عن حضارة الجوف، أن عصر بناء قلعة مارد هو عصر حياة أمة تتصف بقوة جبارة، وقد يكون لثمود قوم صالح عليه السلام دور في بناء بعض منه، والحصن عبارة عن أبنية وقلاع وحصون، وشيدت أبراج المراقبة على امتداد الحصن من قطع حجرية صلبة تستطيع الاحتفاظ بلونها الأحمر الفاتح لأزمنة طويلة من دون أن ينالها أي تغيير، والمنطقة كانت محصنة بسور من الحجر لصد هجمات الغزاة والدخول إليها يتم عن طريق مدخليها الرئيسين، أحدهما قرب الحصن في الجنوب، والآخر من جانب البرج في الشمال، ولهما بابان قويان أقفالهما حديد وشدت حولهما سلاسل حديد.

وقال لـ "الاقتصادية" حسين الخليفة المدير التنفيذي لفرع هيئة السياحة والآثار في منطقة الجوف في وقت سابق: "إن هيئة السياحة أعادت ترميم خمسة محال كمرحلة أولى لإعادة السوق كاملة، وتفتح للمرة الأولى بمشاركة الحرفيين، مبينا أنه يوجد في هذه المحال أركان لجميع أنواع الحرف، فهناك النجار والحداد وصانع الخوص والفخار، وصانع الأواني المنزلية والأحذية، كما توجد مشاركات داخل متحف النويصر لعدد من سيدات المنطقة بالمأكولات الشعبية التي تشتهر بها منطقة الجوف من الجريش والمرقوق والكبسة والبقل والسمن وخلافه.

المصدر : الإقتصادية - أيمن الرشيدان - الرياض

قلعة مارد : يرجع اقدم ذكر القلعة الى القرن الثالث الميلادي عندما غزت ملكة تدمر زنوبيا دومة الجندل وتيماء ولم تستطع اقتحام القلعة فقالت مقولتها الشهيرة ( تمردمارد وعزالأبلق ).