اسطنبول/بيروت (رويترز) - انتخبت المعارضة السورية زعيما جديدا يوم السبت وسط انباء عن اندلاع قتال بين مقاتلين من المعارضة في علامة على تنامي الانقسامات على الأرض بين الفصائل التي تحاول الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.



واختار الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا رئيسا له بعد جولة إعادة متقاربة مما يعزز نفوذ المملكة العربية السعودية على حركة المعارضة المتشرذمة التي تكافح لاقناع حلفائها الغربيين والعرب بأن مقاتليها مستعدون للحصول على اسلحة متطورة من الخارج.

والجربا شخصية قبلية من محافظة الحسكة في شرق سوريا وله علاقات قوية بالسعودية. وفاز الجربا على مصطفى الصباغ وهو رجل أعمال ينظر إليه باعتباره مدعوما من قطرالتي تراجع نفوذها على المعارضة امام السعودية.

وقال أديب الشيشكلي -وهو مسؤول كبير في الائتلاف الوطني السوري- لرويترز بعد اجراءالتصويت خلال اجتماع للمعارضة في اسطنبول إن التغيير كان ضروريا.

وأضاف أن القيادة السابقة للائتلاف الوطني فشلت في أن تقدم للشعب السوري أي شيء جوهري وكانت مشغولة بالسياسة الداخلية. وقال إن الجربا مستعد للتعاون مع الجميع.

ورأت جماعة الإخوان المسلمين الفصيل المنظم الوحيد في المعارضة السورية منظمتها الأم في مصر يطاح بها من السلطة في القاهرة مع الرئيس محمد مرسي.

لكن ممثل الجماعة فاروق طيفور انتخب كأحد نائبين لرئيس الائتلاف في علامة على ان الجماعة لا تزال تتمتع بنفوذ في المعارضة السورية.

وقال نشطاء يوم السبت إن مقاتلين من المعارضة السورية اشتبكوا مع جماعة معارضة على صلة بتنظيم القاعدة بشمال البلاد في معركة دامية تعكس تصاعد التوتر بين السكان المحليين والفصائل الإسلامية المتشددة.

ووردت انباء عن اندلاع قتال بين مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية في حمص وحول دمشق في الحرب التي حصدت أرواح اكثر من 100 الف شخص حتى الان.

ويأتي اقتتال المعارضين في الوقت الذي حققت فيه قوات الرئيس السوري بشار الأسد مكاسب ميدانية وتنفست الصعداء بعد سقوط جماعة الإخوان المسلمين في مصر الأسبوع الماضي إذ كانت الجماعة تساند المعارضة السورية بقوة في عهد الرئيس المصري المعزول محمد مرسي.

وسرعان ما عملت الدولة الإسلامية في العراق والشام - فرع القاعدة الجديد الذي أعلن عنه زعيم فرع التنظيم في العراق - على تعزيز قوتها في المناطق الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة بشمال سوريا في الأشهر الأخيرة.

وبدأت الوحدات التابعة للدولة الإسلامية في العراق والشام تطبيق رؤيتها المتشددة للشريعة الإسلامية وصورت نفسها وهي تعدم أعضاء في جماعات معارضة منافسة لها تتهمهم بالفساد وتقطع رأس كل من يقول إنه موال للأسد.

ومع استمرار القتال وشح الموارد زاد الاقتتال الداخلي بين جماعات المعارضة وبين الميليشيات الموالية للأسد مما تسبب في محاصرة المدنيين في مناطق تزداد اضطرابا وتشرذما.

وقال نشطاء محليون إن الاشتباكات الدامية الجديدة وقعت في بلدة الدانا قرب الحدود التركية يوم الجمعة. وقالت جماعة معارضة تدعى اتحاد شباب إدلب الأحرار إن عشرات المقاتلين قتلوا أو أصيبوا أو سجنوا.

وذكر تقرير من المرصد السوري لحقوق الإنسان إن جثتي قيادي وشقيقه من لواء الإسلام عثر عليهما مقطوعتي الرأس.

وقال نشطاء محليون يعملون لدى المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له إن رأسي الرجلين قد عثر عليهما بجوار صندوق قمامة في ميدان رئيسي.

ولم يتسن معرفة سبب الاشتباكات بالضبط غير أن الكثير من جماعات المعارضة المسلحة انزعجت من صعود الدولة الإسلامية في العراق والشام.

وطغى فرع القاعدة الجديد على جبهة النصرة التي كانت تهيمن على المعارضة المسلحة. وتعمل جبهة النصرة في نطاق أضيق وتضم مقاتلين مرتبطين بالقاعدة رفضوا دعوات متشددين أجانب بتوسيع نطاق نشاطهم ليتجاوز حدود الانتفاضة السورية ويصبح مهمة إسلامية إقليمية أوسع.

وكان سكان المناطق الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في الشمال رحبوا بالجماعات الإسلامية المتشددة باعتبارها افضل تنظيما وأقل فسادا.

غير أن السكان المحليين باتوا يزدادون حذرا من هذه الجماعات خاصة الدولة الإسلامية في العراق والشام لأنها تطبق رؤيتها المتشددة للشريعة الإسلامية. ويقول البعض إن تلك الجماعات ضربت أو أعدمت السكان الذين تحدوها.

وصارت الاحتجاجات المناوئة للجماعات الإسلامية المتشددة أكثر شيوعا. وقال المرصد السوري إن اشتباكات الدانا اشتعلت في احتجاج مناوئ للدولة الإسلامية في العراق والشام حين أطلق بعض المتشددين الإسلاميين النار على المظاهرة.

لكن نشطاء آخرين في محافظة إدلب التي تضم الدانا قالوا إن الاشتباكات كانت صراعا على السلطة أكثر من كونها مظاهرات.

ويعتقد أن وحدات الدولة الإسلامية في العراق والشام تشتري الأراضي والممتلكات في بعض المناطق بمحافظتي إدلب وحلب وسعوا أيضا إلى السيطرة على إمدادت القمح والنفط في مناطق أخرى يهيمن عليها المعارضون.

ونشرت جماعات إسلامية تدعم القاعدة بيانات على موقعي فيسبوك وتويتر وقالت إنها لم تبدأ الاشتباكات ولم تحاول فرض إرادتها على السكان المحليين.

وفي حمص اندلعت اشتباكات عنيفة في الوقت الذي حاولت فيه قوات الأسد التقدم في المدينة محور الانتفاضة المسلحة.

ووصف النشطاء في حمص الضربات الجوية والهجمات المدفعية بانها "حرب خاطفة" وقالوا انها من اعنف المعارك التي شهدوها.

وتشير تقديرات الامم المتحدة إلى ان ما بين 2500 و4000 مدني محاصرون داخل حمص.

وانتقد بعض النشطاء اجتماع الائتلاف الوطني باعتباره صراعا تافها على السلطة في الوقت الذي احتدم في القتال في حمص ويميل على الارجح لصالح قوات الأسد.

وتساءل نشط على موقع تويتر يدعى نادر قائلا كيف يجرؤ الائتلاف الوطني على اجراء انتخابات ويمضي قدما في جدول اعماله الاعتيادي في الوقت الذي تتعرض فيه حمص للقصف. وقال ان التاريخ لن يكون رحيما بهم.

واندلع قتال ايضا في اثنين من الاحياء الجنوبية في العاصمة وأبلغ نشطاء عن وقوع هجمات بالصواريخ والمدفعية.

وقال المرصد السوري ان صاروخين اصابا مبنى مخابرات القوات الجوية في وسط دمشق.

ونفذت القوات الجوية السورية هجمات عنيفة على معاقل المعارضة في الاطراف الشرقية لدمشق حيث يقول مقاتلو المعارضة ان الجيش يفرض حصارا يمنع وصول امدادات الأسلحة اليهم.