فتح الرحمن يوسف (الشرق الأوسط) بادرت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية إلى تأسيس أول مدونة للغة العربية تشتمل على أكثر من 700 مليون كلمة على شبكة الإنترنت.



وعن هذا المشروع الطموح، يقول منصور محمد الغامدي مدير البرنامج الوطني للمحتوى الرقمي والمشرف العام على مدونة اللغة العربية بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، إن «هذه المدونة تمثل مشروعا للاستفادة من المحتوى الأدبي أو الثقافي، حتى تكون عاكسة للثقافة والأدب والفكر مع خدمتها للغة في شكل نصوص قصصية أو روائية أو شعرية وغير ذلك».

ويأتي هذا المشروع، كما يضيف الغامدي، محاولة لتدارك التراجع، الذي أصاب اللغة العربية الأخرى في العالم. فهذه اللغة «التي عاشت أكثر من ألف وستمائة عام وهي من أقدم اللغات التي لا تزال حية وتستخدم على نطاق واسع، لم تخدم بشكل جيد من ناحية تقنية، ويدرك كثير من المتخصصين في مجال حوسبة اللغة مدى تأخر خدمة اللغة من هذه الناحية».

وأوضح الغامدي أن أحد أسباب هذا التأخر، هو عدم وجود مدونة لغوية، مما أدى إلى غياب برامج للتحليل النحوي أو التحليل الصرفي أو التراكيب اللغوية، أو مفردات اللغة العربية أو رصد تطور الكلمات عبر الزمن أو تنوع المفردات حسب التخصصات».

ولفت إلى مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية حملت على عاتقها مسؤولية تأسيس مدونة للغة العربية، كجزء من رسالتها في توفير البيانات وقواعدها للباحثين والدارسين والمطورين في مجال اللغة، لمساعدتهم على تطويرها، من خلال البرمجيات والنظم الحاسوبية، منوها بأنها تقدم بوصفها خدمة مجانية مفتوحة للجميع دون قيد أو شرط. وقد بدأ العمل عليها منذ أربعة أعوام، إذ أطلقت في معرض الكتاب في المدينة في عام 2012، لتلافي النقص الفادح في مسألة البرمجيات والنظم التي تخدم اللغة العربية في مجال تقنية المعلومات، كما هو حاصل في اللغات الحية الأخرى مثل اللغة الإنجليزية لها العشرات من المدونات اللغوية، وكذلك الأسترالية والفرنسية والألمانية.. إلخ.



وقال الغامدي إن هذا التوجه العالمي نحو المدونات اللغوية يدل على أهمية مثل هذه المدونات في حياة المجتمع لغويا وتقنيا وعلميا وثقافيا وتاريخيا، ذلك لأن المطورين لا يستطيعون تطوير نظم حاسوبية تخدم اللغة من دون وجود للغة، مبينا أن الذي يعمل على «جوجل»، يلحظ أن هناك نظم ترجمة ونظما لمعالجة النصوص، وبالمقارنة مع هذه اللغات فإن اللغة العربية لم تخدم بشكل جيد أو احترافي يلبي حاجة المستخدمين.

وأضاف المشرف العام على مدونة اللغة العربية: «هذه المدونة من أهم المشاريع التي تطلبها جهات كثيرة بما فيها الشركات والقطاعات المختلفة والمراكز البحثية، بغية الاستفادة منها بشكل رسمي، فضلا أو تلك الجهات والمؤسسات والأفراد، الذين يستفيدون منها مباشرة من الموقع دون شرط أو قيد أو حتى إذن، ومن خلال ثلاثة أوجه:

الوجه الأول هو التاريخ، حيث إنها مصنفة تاريخيا بحسب القرون منذ ما وصل من اللغة العربية من شعر ومعلقات وخطب في العصر الجاهلي وحتى الآن ومن خلالها يمكن متابعة اللغة العربية وتطورها منذ العصر الجاهلي فالفجر الإسلام الأولى فالعصور الوسطى حتى الآن، وبذلك هي مصنفة تاريخيا.

والوجه الثاني هو التصنيف الجغرافي، إذ إن النصوص التي أتت من السعودية، ومصر وتونس والعراق والسودان وغيرها، مصنفة بالدول وبالتالي يمكن لأي شخص أن يدخل الموقع ويطلع على الإحصائيات ويعرف كمية النسبة التي وصلت من كل منطقة جغرافية من العالم بما في ذلك أميركا والصين وبلاد أوروبا وأفريقيا.



وأما التصنيف الثالث فهو وفق مجال المحتوى، كمثل المحتوى الموجود في الفيزياء والمحتوى الموجود في الكيمياء ومحتوى الأدب والجغرافيا والعلوم الدينية إلى آخره، مبينا أن كل محتوى مصنف في المدونة، بحيث يمكن استخلاص كل محتوى على حدة من المدونة، وبالتالي فالشخص الذي يبحث في المحتوى الفيزيائي على سبيل المثال، يستطيع مشاهدة الكلمات التي تستخدم في التراكيب الفيزيائية وعلومها ومصطلحاتها وهكذا دواليك في غيرها من العلوم الأخرى.

والتصنيف الرابع، هو الوعاء، إذ توجد في المدونة أوعية للكتب وأوعية للصحف وللمجلات وأوعية للإنترنت، بحيث يستطيع الشخص أن يبحث عن أي كلمة ويشاهد منذ متى بدأت تبرز هذه الكلمة وكيفية الصياغة لها منذ نشأتها وحتى الآن.

يشار إلى أن العربية تعتبر أكبر لغات العالم من حيث عدد المتحدثين والانتشار، حيث يتحدث بها أكثر من 422 مليون نسمة، ويتوزع متحدثوها في الوطن العربي، وغيرها من البلاد المجاورة مثل مالي والسنغال وإريتريا وإيران وتركيا وتشاد وغيرها.