منى الموجي (مصراوي) هي رعشة البرد التي دخلت إلى قلوبنا في عز الصيف لترسم البسمة على الوجوه، ونقطة الحر التي فاتت على دنيانا في عز البرد لتلقي السلام، وتكون أيقونة لحب الحياة والأمل، هي الشحرورة التي لم تخجل يوما من حبها للحياة ورغبتها في أن تعيش كل لحظة باقية من عمرها سعيدة مبتسمة، دون الالتفات لشائعات سخيفة انتشرت طوال سنوات عمرها الأخيرة، تسأل لماذا لم تمت صباح حتى الآن؟، وكأنها هي من اختارت لنفسها أن تبقى حتى هذا العمر، دون أن يأخذوا في الاعتبار أنها مشيئة الله لها، وأن حبها للحياة هو إيمان منها ورضاء بما قسمه الله لها، هي إحدى نجمات زمن الفن الجميل التي أحبت وعشقت الحياة، فأصبحت شمسا لا تغيب يوما رغم الرحيل..



''مصراوي'' التقى جانو فغالي ابنة شقيقة شحرورة الوادي ''الأسطورة'' صباح، لتحدثنا عن اللحظات الأخيرة في حياة خالتها، وكيف كانت تستقبل شائعات وفاتها، وماذا عن الشائعات التي لاحقتها حتى بعد الوفاة...

بداية.. حدثينا عن أخر اللحظات في حياة صباح، وبماذا أوصتكم؟
صباح كانت عاشقة للحياة ولديها أمل في الحياة، وكانت وصيتها الدائمة لنا أن نظل على تواصل بعد رحيلها ببعضنا البعض، خاصة وأن أفراد العائلة يسكنون بلدان مختلفة وكانت هي السبب في تجمعنا في المناسبات لنلتف حولها، فكانت دائما تقول ''لما أموت اوعوا تنسوا بعض دايما خليكم مرتبطين''، وطوال الوقت كان معها بنات خالاتي وجوزيف غريب مصفف الشعر الخاص بها، والذي أصبح أكثر من أخ بالنسبة لنا، وكان معها ممرضة وصديقاتها.



الفنانة جانو فغالي، ابنة شقيقة الشحرورة صباح - مقيمة في مصر

هل كانت تعلم بشائعات وفاتها، وكيف كانت تستقبلها؟
علمت طبعا ببعض منها، وكانت تتسائل لماذا يستعجلون موتي؟، لكن بعدما زادت الشائعات في الفترة الأخيرة وأصبحت تخرج بصوة يومية، رأينا ان من الأفضل عدم إخبارها، فالإنسان في هذا العمر يصبح طفلا يريد أن يحنو عليه الآخرون، وبالنسبة لي كنت أشعر بالأسف والحزن لوجود أشخاص سيُجنوا ويريدون الموت للصبوحة، وإلى الآن هناك من لا يعزي في وفاتها بل يحمد الله على رحيلها، والذي أريد فهمه ما الذي فعلته فيهم الصبوحة حتى يكون هذا شعورهم تجاهها، فإذا كانوا لا يحبونها فهم أحرار لكن عليهم أن يحترموها، أليس لهم أم أو أخت أو خالة أم أنهم متأكدون من عدم بلوغهم هذا العمر، فمن كثرة الشائعات عندما ابلغوني بخبر وفاتها لم أصدق وظننت أنها شائعة.


وماذا عن الشائعات التي طاردتها بعد الوفاة؟
بعد وفاتها لم يتركونها ويتركوننا في حالنا وخرجت شائعات أخرى منها أخبار تحمل صورة قبر به زجاجات خمر زعموا أنه لصباح، وقد كذّبت هذا الخبر، فهذا القبر لا يخص صباح وأنما هو لإمراة إنجليزية، وما أحب توضيحه أن صباح طوال حياتها لم تشرب الكحول ولم تدخن السجائر، ودفنت في مدفن عادي جدا في مقبرة العائلة في الضيعة بلبنان، وإلى جوارها عمها ووالدها وشقيقاتها، ارحموها وارحمونا.




وكيف رأيتي شائعة إنتحارها؟
كلام فارغ أطلقه إناس مرضى، صباح لم تفكر يوما في الانتحار طول عمرها تحب الحياة، وعندما توفيت والدتي شعرت انا باليأس وأن الحياة لن يكون لها معنى، فكان ردها أن الحياة جميلة وأن طالما هناك حياة سيكون هناك أمل، فكانت سيدة مؤمنة جدا وماتت والسبحة في يدها فاستحالة تفكر في الانتحار.


وما هو الجرح الذي لم يندمل في حياة صباح؟
رغم حبها للحياة، كان هناك جرح لم يندمل في حياتها ''كان ينغص عليها حياتها''، وهو وفاة شقيقاتها في سن مبكرة.


وكيف كانت علاقتها بصباح وهويدا، خاصة وان البعض تساءل حول سبب عدم حضور هويدا العزاء؟
علاقتهم جميلة جدا، لكن نظرا لظروف فنها لم يسمح لها بالتواجد معهما طوال الوقت، بالإضافة إلى أن صباح سافر مبكرا لدراسة الطب في أمريكا، لكنها حرصت على زيارته بين وقت وآخر وقضت معه في إحدى المرات 10 شهور مرة واحدة، ولم تحرمهم يوما من شيء، وحاولت أن تُدخل هويدا الفن لكن هويدا لم تحب ذلك، والدليل على أن علاقتهم جيدة هو مجيء صباح من أمريكا لحضور العزاء، اما سبب غياب هويدا فهو إصابتها بانهيار عصبي فور سماعها الخبر فنصحها الطبيب بعدم السفر، ربنا يكون في عونها فهي تعيش بأمريكا بمفردها.


ومن كان دائم السؤال على الصبوحة في أخر أيامها؟
لا أريد أن انسى أحد، فهناك عدد كبير من الفنانين كانوا حريصين على الاطمئنان على صحتها والاتصال بها، منهم المخرج عمر زهران، المخرج أحمد يحيي، الموسيقار حلمي بكر، المايسترو ميشيل المصري، مدام لبلبة، مدام رجاء الجداوي، مدام إلهام شاهين، مدام يسرا، أما أكثر فنانة اعتبرها رمزا للإخلاص كانت تسأل عنها كل ثلاثة او أربعة أيام هي مدام نبيلة عبيد، فمن لا يعرفها شخصيا خسر الكثير.

وفي لبنان بدون استثناء كل الفنانين كانوا دائمين السؤال عنها، وكانت أكثرهم الفنانة رولا سعد التي جاءت إلى القاهرة لتحضر العزاء، مقدرة أن الصبوحة سبب شهرتها.


وماذا كانت تذكر صباح الفنانين الذين شاركتهم العمل الفني مثل رشدي أباظة وفريد الأطرش؟
كانت تحب كل من عملت معهم في أفلامها، وتذكرهم جميعا بالخير، ووصفت الأيام التي تعرفت فيها إلى رشدي أباظة بالحلوة، وكانت تتحدث كثيرا عن الفنان فريد الأطرش الذي كانت تحبه كثيرا فكلمتني عن كرمه وحبه للفن وحبه لها، وعندما بدأت العمل معه لم تنس أنه وصف صوتها بأنه مثل المعزة ولا يصلح للغناء عندما تقدمت لتُعتمد كمطربة في الإذاعة، لذلك اشترطت كتابة اسمها بعد ذلك قبل اسمه، لأنها كانت غاضبة منه، فبرج العقرب لا ينسى، لكن بعد ذلك أصبحا صديقين.


وهل ساعدتك الصبوحة في دخولك للوسط الفني؟
بصراحة لأ، عشت في إسبانيا 24 سنة وعندما حضرت إلى مصر منذ أربع سنوات، رغبت أن أبدأ مع الكبار فكانوا يقابلونني في البداية لانني ابنة شقيقة صباح، وأكدوا لي أنهم لن يقدموا لي اعمال غنائية إلا بعد سماع صوتي، ومنهم الملحن الكبير حلمي بكر، والمايسترو ميشيل المصري، والأستاذ إيهاب عبد السلام فجميعهم وقفوا إلى جواري.


وهل تعدين نفسك خليفة لها، وما النصائح التي منحتها لك الصبوحة عند دخولك عالم الفن؟
صباح أسطورة لن يستطع أحد أن يكون خليفة لها، واتمنى أن يكون لي مسيرة فنية خاصة بي، وأن أقدم ولو 10% مما قدمته الصبوحة، دائما أقول عن نفسي إنني نغم في موال الصبوحة، أما عن نصائحها الفنية، فكانت تنصحني أن أكون لطيفة مع الناس، وأظل متواضعة لا أتغير، وأن أحب الفن، وأغني فقط ما يليق عليّ وعلى صوتي.


واختتمت جانو حديثها إلى ''مصراوي'' كاشفة عن وجود أغنيتين سجلتهما الصبوحة مؤخرا قبل رحيلها، رافضة الإفصاح عن اسم الملحن الذي تعاونت معه الصبوحة في العملين، حتى تكون مفاجأة لجمهورها وقت العرض.